المحتوى الرئيسى

لجان مكافحة الفساد حبر على ورق.. لماذا تتصالح الحكومة مع الفاسدين؟

11/05 17:30

 تحتل مصر مراكز متأخرة في مؤشر مدركات الفساد فمن بين 168 دولة احتلت مصر المركز الـ88 عام 2015، والذي أعلنته مؤخرا منظمة الشفافية الدولية وهو ما يضع عددا كبيرا من علامات الاستفهام حول مدى فاعلية الجهود التى تبذلها الدولة فى مكافحة الفساد والتى أعلنت عنها قيادات الدولة، مؤكدين أن حربهم على الفساد لا تقل أهمية عن حربهم ضد الإرهاب.

ورغم المركز المتأخر لمصر فى مؤشر مكافحة الفساد فإن الحكومة لم تتوقف بين الحين والآخر عن الإعلان عن جهودها فى مكافحة الفساد، ولكن لماذا لا يوجد انعكاس مباشر لهذا التقدم في مؤشر مدركات الفساد، خاصة في ظل تتابع اللجان والهيئات الرسمية التي تشكل من أجل كيفية القضاء على الفساد.

قال الدكتور أحمد الجنزورى المحامى بالنقض، إن مصر لديها لجنتان لمكافحة الفساد، الأولى هى لجنة "استرداد الأموال المنهوبة ومكافحة الفساد"، تابعة لوزارة العدل وتحقق فى كل وقائع الفساد التى وقعت إبان ثورة 25 يناير، ورغم أن اللجنة برئاسة النائب العام وعضوية عدد كبير من قيادات الأجهزة الرقابية فإنها لم تحقق نتائج ملموسة وكل رجال الأعمال تصالحوا أمام جهاز الكسب غير المشروع برد الأموال، لأن محاكمتهم سوف يترتب عليها رد الأموال وغرامة مماثلة لهذه الأموال، يعنى لو كان رجل الأعمال متهما بالاستيلاء على 10 ملايين جنيه فأمام المحكمة يتم تغريمه 10 ملايين أخرى بجانب رد المبلغ المتهم بالاستيلاء عليه.

وأوضح "الجنزورى" فى تصريحات خاصة لـ"التحرير" أن التصالح مع الفاسدين خسارة كبيرة للدولة ولا بد من إحالتهم للمحاكمات، مشيرا إلى أن اللجنة الثانية هى لجنة مجلس النواب ونجحت فى كشف قضية فساد القمح ولكنها أيضا لم تقم بدورها على الوجه الاكمل، لأن الشعب عول عليها كثيرا فى مكافحة الفساد، مشددا على أن فكرة لجنة مكافحة الفساد السعودية فكرة مصرية وتولى تطبيقها مصرى، موضحا أن الفرق أن تطبيق القانون فى السعودية يتم على الجميع ولكن "عندنا فى مصر يوجد ناس أقوى من الحكومة ويقدروا يعملوا اللى هما عايزينه".

ألقى المستشار حسام عبد الرحيم وزير العدل كلمةً الثلاثاء 12 سبتمبر الماضي في ورشة عمل الإدارة المحلية بين الحوكمة ومكافحة الفساد، في إطار تطبيق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، الذى تنظمه وزارة التنمية المحلية، عن مكافحة الفساد، أكد فيها أن دول العالم ومن بينها مصر تواجه ظاهرة الفساد، تلك الظاهرة التى تقف على قدم المساواة في خطورتها وإن لم تكن تزيدها خطورة مع خطر الإرهاب، لأن الفساد من شأنه أن يقضى على المساواة بين المواطنين ويشيع القهر والفقر وعدم الشفافية ويؤدى إلى ضبابية الإدارة وعشوائية التنظيم وانعدام العدالة والمساواة وتعميق الفجوة بين طبقات المجتمع ويسلب المال العام ويؤدى إلى إهدار قدرات الدولة الاقتصادية والتنموية، وهو ما يفقد الشعوب ثقتهم في دولهم وآمالهم في مستقبلهم بل ثقة العالم الخارجى في مصداقية الدولة ذاتها.

أضاف الوزير: "لقد أصبح الفساد يهدد بتلك الصور وغيرها مسيرة الدولة الاقتصادية واستقرارها السياسي والاجتماعى، ولم نعد تملك رفاهية الوقت لمحاربته بل أصبح على عاتقنا ولصالح أجيالنا القادمة المشرقة أن نحمل على الفور لواء مجابهته وشرف مكافحته، ولقد كانت رسالة رئيس الجمهورية واضحة لكل سلطات الدولة التشريعية والقضائية والتنفيذية وأجهزتها الرقابية والسيادية بضرورة محاربة الفساد والقضاء عليه من خلال تشريعات مستحدثة وتعديلات تشريعية وقرارات جوهرية حازمة وضبط الفاسدين وتطهير أركان الدولة منهم".

أوضح أن معركة الدولة مع الفساد تحتاج بلا شك إلى جهود جماعية رقابية وتشريعية وقضائية، ذلك هو السبيل الوحيد للوقوف وجها لوجه ضد الفساد والفاسدين، ولا شك أن العدالة والقضاء هما الركيزة الأساسية في استراتيجية مكافحة الفساد، فمن خلال استقلال القضاء وقوة الجهاز القضائي وعدالة سريعة ناجزة يمكن أن يؤدى القضاء دوره الفعال في مكافحة الفساد من خلال تلك الاستراتيجية، وأشار إلى أن العدالة والقضاء بفروعه الجنائية والإدارية هو الفيصل في جميع قضايا الفساد، فدائمًا وأبدًا كان القضاء في الخطوط الأمامية لمواجهة تلك الظاهرة، وذلك من خلال الملاحقة الجنائية لمرتكبي جرائم الفساد وتحريك الدعوى الجنائية قبلهم ومحاكمتهم محاكمات عادلة، والمشاركة في إدخال التعديلات التشريعية اللازمة لتشديد العقوبات الجنائية وتنقية وتطوير الإجراءات والعقوبات الجنائية لتواكب التطور الإجرامى الذى طرأ على جرائم الفساد ومواكبة الاتفاقيات الدولية في ذلك المجال.

قطاع جديد لمكافحة الفساد بوزارة العدل 

أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى القرار رقم ٣٥٧ لسنة ٢٠١٧ ، بتعيين القاضى زكريا عبد العزيز عثمان النائب العام المساعد مدير التفتيش القضائى للنيابة العامة، رئيسا بمحكمة استئناف القاهرة، ويندب مساعدا لوزير العدل لشئون مكافحة الفساد وشكاوى المواطنين.

ويعد قطاع مكافحة الفساد والشكاوى أحد القطاعات المستحدثة بوزارة العدل، إذ يقوم بشئون مكافحة الفساد بديوان عام وزارة العدل ومصلحة الشهر العقارى ومصلحة الخبراء والطب الشرعى.

كما يختص القطاع بمكافحة الفساد بمحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية وجزئياتها، فضلا عن إعداد الدراسات اللازمة لتحقيق أهداف الوزارة فى مجال مكافحة الفساد وإعداد التقارير الدورية لتنفيذ ذلك، واقتراح أنسب الحلول للقضاء على مظاهر الفساد، وإعداد الدراسات الخاصة بالتجارب الدولية فى سبيل مكافحة الفساد، ووضع التوصيات الخاصة بثقافة النزاهة والشفافية، كما يتلقى القطاع الشكاوى الواردة من جميع جهات الدولة والمواطنين بكافة الوسائل، حيث تتم متابعة بحث الشكوى والرد عليها والعمل على تلافى أسبابها واتخاذ الخطوات اللازمة لحلها.

أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتاريخ 31 أكتوبر 2003 اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وقد دخلت تلك الاتفاقية حيز النفاذ فى ١٤ ديسمبر ٢٠٠٥، ووقعت عليها مصر باعتبارها الاتفاقية الأشمل والأقوى فى مكافحة الفساد على المستوى الدولى، وتنص على مجموعة من البنود، منها تأسيس جهة مستقلة لمحاربة الفساد ووجود قانون لمحاربة الفساد، إلا أن مصر ليست طرفا في اتفاقية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لمكافحة الرشوة واتفاقية الاتحاد الإفريقي لمنع ومكافحة الفساد، وفي شهر أغسطس عام 2014 وقعت مصر على الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، والتي وقعت عليها 19 دولة عربية من إجمالي 22 دولة.

وصدقت على هذه الاتفاقية منذ صدورها وحتى اليوم 180 دولة، وتُشكل هذه الاتفاقية الأساس القانونى الدولى لتعزيز الجهود الرامية لمكافحة الفساد على المستويين الوطنى والدولى، وذلك من خلال مكافحة الفساد فى القطاع العام والقطاع الخاص، حيث تُلزم الاتفاقية الدول الأطراف فيها بتنفيذ مجموعة واسعة ومفصلة من إجراءات مكافحة الفساد والتى بدورها سوف تستوجب تعديلات جوهرية فى تشريعات وممارسات تلك الدول.

قال قيادى بمنظمة الشفافية الدولية -رفض ذكر اسمه- إن ترتيب مصر يتحسن في مؤشر الشفافية الدولية نتيجة الجهود التى تبذلها الحكومة فى مكافحة الفساد والقبض على المتورطين في قضايا الفساد والرشوة، وكان أبرزها قضية "رشوة وزارة الزراعة" وغيرها من قضايا الرشوة والتربح وتبادل وتعارض المصالح والمجاملات والمحسوبية، موضحا أن مؤشر مكافحة الفساد لا يقترب من الفساد السياسي.

أسست وزارة التنمية الإدارية فى عام 2007 لجنة الشفافية والنزاهة بهدف تعزيز الشفافية وجهود مكافحة الفساد في القطاع العام، وأصدرت اللجنة 3 تقارير حددت مظاهر الفساد والطرق المثلى لمكافحته.

وأكد أحد التقارير التي نشرتها لجنة الشفافية والنزاهة تحت عنوان "الأطر الثقافية الحاكمة لسلوك المصريين واختياراتهم" أن أهم أسباب الفساد هى انخفاض المرتبات وضعف أداء الأجهزة الرقابية، وعدم قيام مجلس النواب بجهد كاف لمراقبة الحكومة ونقص المعلومات الصحيحة وتضارب وتعدد القوانين والاختصاصات وضعف المشاركة السياسية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل