المحتوى الرئيسى

تجنيد الجنود! | المصري اليوم

11/05 08:26

يحفل التاريخ بمئات الوقائع التى تشير إلى تجنيد ضباط وقادة وجنود فى الجيوش وقوات الشرطة النظامية فى دول عديدة لمصلحة القوى المعادية، بل إن هناك أيضاً وقائع تثبت تجنيد رؤساء جمهوريات وحكومات لمصلحة أجهزة استخبارات أجنبية.

يحدث هذا فى كل دول العالم تقريباً، إذ لا يمكن تصور أفراد القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية السرية إلا بوصفهم بشراً، يسرى عليهم ما يسرى على أقرانهم فى قطاعات الخدمة الوطنية الأخرى، ورغم أنه من المعروف أن قواعد توظيف الأفراد فى الجيوش ومنظومات الخدمة السرية تكون أكثر صرامة، فإن ذلك لا يمنع وقوع الأخطاء، التى تمنح بعض من لا يستحق شرف الخدمة الرفيعة فى مؤسسات الحماية والدفاع.

نحن نعرف أن تلك الوقائع لا تستثنى أكثر البلدان تقدماً ويقظة وفطنة، ولا يخلو منها جهاز أمنى أو عسكرى مهما كانت درجة احترافيته ومهما بلغ من مكانة وسمعة، وليس أدل على ذلك من اكتشاف الولايات المتحدة، فى عام 1986، أن جوناثان بولارد، المحلل الاستخباراتى لدى البحرية الأمريكية، يتجسس على بلاده لمصلحة إسرائيل، لتقضى المحاكم المختصة بسجنه لمدة ثلاثين عاماً، قبل أن تمنحه إسرائيل جنسيتها، فى اعتراف واضح بأنها جندته للعمل لصالحها.

وفى مصر يكفى أن نتذكر الواقعة المأساوية التى جرت فى السادس من أكتوبر عام 1981، حين قام عسكريون مصريون بقتل الرئيس السادات خلال متابعته العرض العسكرى المقام احتفاء بذكرى انتصار أكتوبر الثامنة آنذاك.

لقد أقدم ضابط المدفعية الملازم أول خالد الإسلامبولى، وبرفقته ضابط سابق، وضابط احتياط، ورقيب متطوع على قتل الرئيس فى يوم احتفاله بالنصر، وقد عرفنا لاحقاً أن هؤلاء الضباط، وغيرهم، تم تجنيدهم أثناء خدمتهم لمصلحة التنظيمات التكفيرية.

فى الأيام الأخيرة، وفى أعقاب حادث الواحات المرير، لم تتوقف الأخبار والتحليلات عن إيراد اسم ضابط الصاعقة السابق هشام عشماوى، ومحاولة تحليل دوره فى ذلك الحادث، وأحداث أخرى مشابهة، رغم عدم ثبوت اشتراكه فيها حتى الآن.

ومع ذلك فإن لدينا الآن معلومات موثقة عن وجود ضابط سابق يدعى هشام عشماوى ضمن صفوف التنظيمات الإرهابية التى تقاتلنا فى سيناء والواحات، فضلاً عن أن ما رشح من بعض التقارير والإفادات الصادرة عن مصادر أمنية يفيد بأن ضباطاً سابقين آخرين، فى الشرطة أو الجيش، يشاركون فى شن الهجمات الإرهابية ضدنا.

إن «تجنيد الجنود» حقيقة واقعة، وهو أمر مكلف للغاية، لأن هؤلاء الجنود يتميزون بامتلاك المعارف والمهارات والقدرات العسكرية المنافسة، وهم أيضاً يعرفون كيف يفكر زملاؤهم فى الصف المواجه، كما يعلمون طبيعة الإجراءات التى تحكم قرارات السلطات خلال المواجهات، وهو أمر يسهل لهم تحقيق الاختراق والفوز فى المنازلات.

إن التكاليف التى نتكبدها لوجود عنصر سابق فى منظومتنا الأمنية ضمن فصيل يحاربنا أكبر من أى تصور، لأن هذا العنصر سيكون ببساطة أكثر قدرة على تقويض قدراتنا وأقل قابلية للوقوع فى أيدينا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل