المحتوى الرئيسى

رئيس مجلس الدولة: البرلمان يستجيب لملاحظاتنا - برلمانى

11/04 11:09

- نسعى لإحداث طفرة تاريخية فى طريقة العمل بالمجلس.. ومشروع الميكنة قيد التنفيذ واقتربنا من توفير فروع فى كل المحافظات

- ندب القضاة يمنح القاضى خبرة ويساعد الجهات الإدارية على تصويب أخطائها.. ويعتمد على شخص القاضى وكيف يمكنه ألا يجعل الندب يؤثر عليه وعلى عمله وحياديته ونزاهته

- مجلس النواب صاحب الاختصاص الأصيل فى التشريع ونمارس دورنا فى الرقابة المسبقة 

- على التشريع طبقا للدستور.. والبرلمان والحكومة يستجيبان لملاحظاتنا

- أتواصل مع الوزراء والمسؤولين بصفتى رئيس مجلس الدولة.. وعلى منصة الإدارية العليا «معرفش حد».. ليس لدينا مانع فى تعيين المرأة قاضية.. ولكن الموضوع يحتاج لدراسات ونصوص قانونية

- لدينا تشريعات منذ الخمسينيات مازالت تحكم والأهم من إقرار القانون تطبيقه

- عملية الخصخصة تمت بالمخالفة للقوانين ولذلك تم بطلانها فى بعض الشركات 

مر ما يقرب من 3 أشهر على اختيار المستشار أحمد أبوالعزم لرئاسة إحدى أهم الجهات القضائية فى مصر، وهو مجلس الدولة، بعد قانون أثار الجدل حول دستوريته، وتوقع الكثير أن طريقة اختيار رؤساء الهيئات القضائية قد تتسبب فى إحداث فتنة بين قضاة المجلس، لكن المستشار «أبوالعزم» أكد فى أول حوار صحفى له، ينفرد به «برلمانى»، أن قضاة المجلس جميعهم احترموا تنفيذ القانون وتطبيقه، والمجلس الآن يدار بانسجام وتوافق بين أعضاء مجلسه الخاص، الذى يضم شيوخ قضاة المجلس.

وخلال حواره مع «برلمانى»، يكشف المستشار «أبوالعزم» عن خطته وقراراته التى اتخذها منذ توليه رئاسة المجلس، خاصة تلك التى تستهدف تحقيق العدالة الناجزة، وسرعة الفصل فى القضايا، واللجان التى شكلها من أجل تحقيق ذلك، والنتائج التى توصلت إليها. يوضح «أبوالعزم» أيضًا رأيه فى عملية ندب القضاة، ويؤكد أن الإشراف القضائى على الانتخابات كان من الضرورة، لكنه يؤيد إلغاءه بعد فترة من الزمن، وبعد استقرار الأوضاع، حتى يتفرغ القضاة لعملهم الأساسى. ويؤكد رئيس مجلس الدولة أن المجلس يتمتع بحرية مسؤولة، ولا يتعرض لأى ضغوط من أى جهة، ويعمل باستقلال كامل، مؤكدًا عدم السماح لأى قاض بأن يصدر أحكامًا مسيسة.

دعنا نبدأ معك بالقرارات التى اتخذتها لتحقيق العدالة الناجزة فى مجلس الدولة.. كيف يتم تنظيم وضبط الكم الهائل من القضايا التى يتلقاها المجلس؟

- نصدر عادة ما يسمى بالإحصائيات، حيث تقدم كل دائرة وقسم بالمجلس عدد القضايا والموضوعات المعروضة عليهما، سواء القضايا قيد التحديد أو المتداولة أو التى تم إنجازها والحكم فيها، وأصدرت قرارى بتشكيل لجنة تسمى «لجنة الحصر الفعلى والإحصاء»، مهمتها حصر وتصنيف عدد الدعاوى والطعون التى بحوزة محاكم مجلس الدولة بدرجاتها المختلفة «قضاء إدارى، وإدارية عليا، ومحاكم تأديبية وإدارية، بالإضافة إلى هيئة المفوضين»، وإعداد بيان شهرى لها، وعرض تقرير مفصل بشأنها على رئيس المجلس، وللأسف الشديد تبين لى أنه ليس كل الإحصائيات التى كانت تقدم صحيحة، ووجدت «العجب».. الإحصائيات التى تقدم كانت على عكس الحقيقة، وبصفتى رئيسًا للمجلس ومسؤولًا أمام الله وأمام الناس عن حقوقهم، أصدرت أوامر مشددة لكل الدوائر بتحديد جلسات لكل القضايا وسرعة إنجازها.

اكتشفنا أيضًا أن العديد من الطعون المقدمة أمام المحكمة الإدارية العليا كانت لا تُضم لملف القضية، وتمكث فى مكانها لشهور طويلة، فشكلت لجنة تحت مسمى «لجنة ضم المفردات» مهمتها ضم ملفات القضايا المطعون عليها، وأدرس حاليًا فكرة أن يكون تقديم الطعون على أحكام القضاء الإدارى بنفس فروع المجلس بجميع المحافظات، فمثلًا لو صدر الحكم فى الإسكندرية، يقدم المطعون ضده طعنه بالإسكندرية، ويرفق الطعن بملف القضية، ثم يتم تحويل كل الأوراق لديوان عام مجلس الدولة بالدقى، لتنظره المحكمة الإدارية العليا.

كانت المفوضين أيضًا تأخذ وقتًا طويلًا لكتابة تقاريرها فى القضايا، فطالبت رؤساء المحاكم بإلزام المفوضين بكتابة التقرير قبل الجلسة، ونسعى أيضًا لتفعيل نص المادة رقم 28 من قانون مجلس الدولة، التى تمنح المفوض الحق فى أن يعرض التصالح على طرفى النزاع، على أساس مبادئ المحكمة الإدارية العليا المستقرة، وهو ما يساعد على إنهاء القضايا فى مهدها.

ونحن بصدد إنشاء دوائر جديدة للقضاء الإدارى، حسب نتائج لجنة الحصر الفعلى، تيسيرًا على المواطنين.

هل المجلس هو المتسبب فى تأخير الفصل فى القضايا، أم أن هناك أطرافًا أخرى قد تؤثر على تطبيق سرعة التقاضى؟

- توجد أسباب كثيرة تؤخر الفصل فى القضايا لا ترجع إلى مجلس الدولة، ويتم إلصاقها بالمجلس، فأحيانًا نطلب من الجهات الإدارية أوراقًا ومستندات معينة، وتتأخر فى تقديمها، مما يجعلنا نضطر للتأجيل عدة مرات، وقررت أن نبدأ فى اتخاذ الإجراءات التى كفلها القانون، كتغريم الجهات الإدارية التى تتقاعس عن تقديم الأوراق، أو تغريم المسؤول فى الجهة شخصيًا، كما أن للدائرة أن توقف نظر الدعوى كعقوبة، وسأخاطب رئيس الوزراء، ووزير العدل، ورئيس هيئة قضايا الدولة، للتنبيه على جميع الجهات الإدارية بالتعاون وسرعة تقديم الأوراق والمستندات المطلوبة، لعدم تعطيل الفصل فى القضايا.

كما أن لدينا ما يسمى بقضايا النماذج، كقضايا البدلات، ورصيد الإجازات، وهى قضايا صدرت فيها مئات الآلاف من الأحكام الواضحة والمستقرة، فلماذا لا تقوم الدولة بإصدار قرار بإنهاء هذه المنازعات وتسويتها، مادامت مبادئ الإدارية العليا فيها أصحبت واضحة، وهو ما سيترتب عليه سحب مئات الآلاف من القضايا، ويتفرع القاضى لقضايا أخرى أكثر أهمية.

أناشد الحكومة تطبيق مبادئ الإدارية العليا المستقرة، وأفكر فى تقديم حصر بها لرئيس الوزراء، لتطبيقها فى القضايا المتشابهة، كالبدلات ورصيد الإجازات، وهو ما يوفر وقتًا وجهدًا ضخمًا، سواء لقضاة مجلس الدولة، أو أعضاء هيئة قضايا الدولة، الممثلين عن الحكومة، وأسعى حاليًا لعرض فكرة عقد دورات تدريبية للشؤون القانونية فى الوزارات.

نحن نسعى لإحداث طفرة كبيرة فى مجلس الدولة، وقبل نهاية العام القضائى الحالى سنحقق إنجازًا لم يسبق فيما يتعلق ببطء التقاضى وإنجاز الدعاوى والطعون.

دائمًا ما ينظر الناس لمجلس الدولة على أنه نصير لهم، هل ترى أن النظرة تأثرت خلال أى فترة من الفترات؟

- منذ نشأته أيام كامل باشا مرسى فى عهد الملك فاروق، وكان من المعروف أن دوره مراقبة ما يصدر من قرارات حكومية وإدارية، وله خصوصية، تتمثل فى إرساء المشروعية، ويتمتع بحرية مسؤولة، ولا يعمل من فراغ، لكنه يعمل فى مجتمع، والقانون نتاج ظروف المجتمع، فالتشريع يأتى وفقًا لاحتياج المواطنين، وقاضى مجلس الدولة يعمل على تطبيق النص القانونى، لكنه أيضًا قاضٍ إنشائى، بمعنى أنه لو لم يجد نصًا قانونيًا لقضية ينظرها، يبتكر الحلول لها، وفى إطار هذه المهمة الموكلة للمجلس، فى ظنى أن نظرة الناس له كما هى لم تتغير.

ومن وجهة نظرى الشخصية، إرساء مبدأ المشروعية ليس من مصلحة المواطن فقط، لكنه أيضًا يأتى لمصلحة الجهات الحكومية والإدارية نفسها، كما أن القوانين تتغير وفقًا لتغيرات المجتمع والعصر الذى نعيشه، فالنص القانونى ليس نصًا جامدًا، لكنه عبارة عن «كائن حى» يتحرك وسط الشارع ليحكم مصالح الناس، ويوازن بين حقوقهم وواجباتهم، وإن لم يؤدِ هذا الغرض فقد فشل ويجب تغييره.

بمناسبة الحديث عن القوانين والتشريعات.. هل تؤيد ما يمكن تسميته بالثورة التشريعية التى يقوم بها مجلس النواب حاليًا على القوانين القديمة؟

- لدينا قوانين وتشريعات مرّت عليها عقود طويلة من الزمان، وتوجد تشريعات لم تعد تساير الزمان، والظروف الاقتصادية والتطورات التكنولوجية الحادثة، وما استجد من أمور لم تكن فى المجتمع المصرى من قبل، كل هذا يستوجب إقرار تشريعات تتواءم مع العصر.. نحن نسير فى هذا الاتجاه بشكل صحيح، وفى فترة رئاستى لقسم التشريع راجعنا 194 قانونًا خلال عام قضائى واحد، معظمها قوانين تهم الدولة والمواطنين بشكل أساسى، كقوانين الاستثمار، والعمل، والخدمة المدنية، والإدارة المحلية، وغيرها.

لدينا تشريعات منذ الخمسينيات مازالت تحكم، فمثلًا قانون إشغالات الطرق يحسم قيمة الإشغال بالمليم، وبصفتى عضو لجنة الإصلاح التشريعى المُشكلة من قِبل رئيس الجمهورية، نقترح القوانين والتشريعات التى تحتاج للتعديل، أو تلك التى تحتاج لقوانين جديدة لمسايرة العصر، وأدرس كتابة تقرير سنوى بحالات الفراغ والنقص التشريعى التى تواجهنا فى مجلس الدولة خلال نظر القضايا، وإرساله لرئيس الجمهورية، ورئيس مجلس النواب، ورئيس الوزراء، تطبيقًا لقانون مجلس الدولة.

أحيانًا نرى هجومًا من بعض النواب على مجلس الدولة وملاحظاته على بعض القوانين.. ما تعليقك؟

- مجلس النواب هو صاحب الاختصاص الأصيل فى التشريع، ولدينا كفاءات قانونية وتشريعية كبيرة فى البرلمان والحكومة، لكن المادة 190 من الدستور أوجبت عرض مشروعات القوانين والتشريعات على قسم التشريع قبل إقرارها.. نحن لم نتعدَ على اختصاص مجلس النواب أو قطاع التشريع بوزارة العدل، ولكن نمارس دورنا، وما نص عليه الدستور، ونوضح ما بالنصوص المعروضة من شبهات عدم الدستورية، أو اتفاقها مع الدستور والقوانين الأخرى، وإذا رأى مجلس النواب أن ملاحظاتى غير دقيقة أو غير صحيحة فليصدر هو القوانين كيفما يشاء، ويتحمل مسؤولية إصدارها.

نحن نعمل كمستشار قانونى «ناصح أمين» لمجلس النواب والحكومة، دورنا استشارى، ومن حقهما الأخذ بملاحظاتنا من عدمه. من حقهما التعديل والإضافة أو عدم الأخذ بملاحظاتنا، هى نوع من الرقابة السابقة على مشروعات القوانين، والحقيقة أن البرلمان والحكومة يستجيبان دائما لملاحظاتنا.

توجد بعض الاتهامات، أيضًا، أن مجلس الدولة يتسبب أحيانًا فى تأخر إنجاز القوانين؟

- كنا ومازلنا نبذل جهدًا كبيرًا لإنجاز القوانين المعروضة، بشكل منضبط، وبما يتفق مع الدستور، ولا نؤخرها، وأثناء رئاستى لقسم التشريع، تلقيت خطابات شكر، على ما أنجزناه من قوانين وتشريعات، والوضع حاليًا تغير كثيرًا، والجميع تفهم دور مجلس الدولة فى مراجعة القوانين والتشريعات.

من وجهة نظرك.. هل توجد تشريعات تحتاج لتعديلات فورية؟

- فى الحقيقة، نحن أنجزنا العديد من التشريعات المهمة خلال الفترة الماضية، كلها تهدف للمصلحة العامة المتمثلة فى مصلحة المواطنين، لا أكون سعيدا بكثرة التشريعات بقدر ما تكون معبرة عن الواقع ومطبقة، وفيما يخص مجلس الدولة، أتمنى أن نضع قانونًا للإجراءات داخل المجلس، مما يساعد على إنجاز القضايا ويصب فى مصلحة المتقاضين، وبشكل عام نحتاج لحزمة تشريعات تتصدى للجرائم المستحدثة، وتشريعات إعلامية لمواجهة الوسائط الإعلامية الحديثة كوسائل التواصل الاجتماعى.

كانت هناك توجهات لخصخصة بعض الشركات، ومصر فى هذا التوقيت كانت تتحول لليبرالية الاقتصادية، ثم ظهرت أحكام أبطلت الخصخصة، أين الخلل؟

- عملية خصخصة الشركات كانت محكومة بإجراءات وقوانين محددة، وما ورد بهذه الإجراءات والقوانين يجب أن تطبق عند بيع الشركات، ولو خالفتها الدولة، تكون خالفت القوانين، وبالتالى حدثت مخالفات، فصدرت الأحكام القضائية من مجلس الدولة، الخطأ هنا ليس فى الأحكام ولكن فى مخالفة الجهة الإدارية فى تطبيق القوانين.

لو اتبعت الإجراءات بشكل سليم، 100% سيحكم القاضى بصحة العقود، لأنه لا يوجد قاضٍ يحكم بالهوى ولا يسمح له بذلك، كما إنه لا يحكم منفردًا، ولا يسمح أى قاضٍ لنفسه أن يصدر أحكاما مسيسة.

هل يوجد ثمة حساسية معينة لدى قضاة مجلس الدولة بسبب قانون رؤساء الهيئات القضائية، واختيار الرئيس لشخصكم؟

- أولًا القانون صدر من مجلس النواب، وليس رئيس الجمهورية، ثانيًا نحن فى مجلس الدولة نلتزم بتطبيق القانون، قد لا نوافق على كل نصوص القوانين ولكن نلتزم بتطبيقها طالما أصبحت سارية. وحين صدر قانون رؤساء الهيئات القضائية أعضاء مجلس الدولة قبلوه وطبقوه، وأنا الآن أباشر عملى بحب من زملائى، وكل أعضاء المجلس الخاص، وندير المجلس بتوافق تام، والأمر تم تجاوزه بروح قضائية واحترام للقانون.

أنا شخصيا حينما كنت رئيسًا لقسم التشريع كتبت ملاحظات القسم حول القانون، كنا لا نملك أن نقبل أو نرفض القانون، لكننا وضعنا ملاحظاتنا عليه، وبعض الصحف نشرت أن اختيار الرئيس لأبو العزم رغم أنه كتب رأيه وقال إن به شبهات كذا وكذا دليل على التجرد من رئيس الجمهورية. وحينما صدر القانون وحدد طريقة الاختيار، طبقناه جميعا، وكل أعضاء المجلس الخاص.

أديت واجبى فى مجلس الدولة طوال عمرى، وتوليت فى أماكن مهمة فى كل أقسامه ومحاكمه، وأنجزت فيها وأصابنى من التعب الصحى ما أصابنى ولم يحُل بينى وبين أداء العمل.

وهل أثر القانون أو اختياركم لرئاسة مجلس الدولة على طريقة العمل داخل المجلس الخاص؟

- كلنا إخوة وزملاء عمل، ولم يؤثر القانون على مناخ العمل، والمناخ العام، ولا على علاقتى بأى من زملائى، وأول ما قمت به بعد اختيارى، زرت جميع زملائى من أعضاء المجلس الخاص.

لكننا أمام طعن تقدم به المستشار يحيى دكرورى لعدم اختياره، كونه أقدم الأعضاء، وهو أحد أعضاء المجلس الخاص؟

- الطعن منظور أمام المحكمة الإدارية العليا، ولا يجوز التعليق عليه، ومن حق المستشار دكرورى الطعن، وهو حق لا ننكره عليه، لكن عن علاقتى به فهى جيدة جدا جدا، ولا تتأثر ولم تتغير، وفور اختيارى زرته فى مكتبه، ونعمل أنا وهو وجميع أعضاء المجلس الخاص فى تجانس وانسجام تام، وسنقوم بزيارة قريبًا لمجلس الدولة الفرنسى لتوقيع بعض الاتفاقيات، وثالثنا المستشار فايز شكرى وهو أيضا عضو المجلس الخاص.

والجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع، برئاسة المستشار دكرورى تحقق إنجازًا كبيرًا، وتصدر ما يقرب من 80 فتوى شهريًا للجهات الحكومية والإدارية.

وكيف تدار جلسات المجلس الخاص، وكيف تتخذ القرارات؟

- جلسات المجلس الخاص تدار بكل حب وتجانس وألفة، نعرض كل الأمور بموضوعية وحيادية شديدة، وما يتم الاتفاق عليه هو ما نتخذه من قرارات.

وهل تخضع لرأى الأغلبية فى حالة مخالفته لرأيك؟

- طبعا، أساس عملى فى القضاء المداولة وتعودنا على المناقشة، وبعد التداول والنقاش نتخذ القرار، وفيما يتعلق بالمسائل الإدارية البعيدة عن المجلس الخاص فهى قراراتى المسؤول عنها.

كيف تم وضع الحركة القضائية الأخيرة، وهل واجهت اعتراضات كثيرة؟

- فور رئاستى لمجلس الدولة، أصدرت قرارى بتطبيق لائحة المجلس التى حظرت على أى عضو الاستمرار فى أى من مواقع العمل بالمجلس، لأكثر من 3 سنوات متصلة، بما فى ذلك الأمانة العامة والأمانة الفنية، وشددت على تطبيق اللائحة على الجميع دون أى استثناءات، تطبيقًا للمصلحة العامة، وتم وضع الحركة القضائية بقواعد موضوعية، والجميع تحرك حسب دوره.

طبقت اللائحة على الجميع بمن فيهم أبنائى، بعض الصحف نشرت أن نجلى الأكبر تم اختياره فى إدارة فتوى الداخلية بالوساطة، وهذا غير صحيح بالمرة، دوره وترتيبه هو ما أتى به فى هذا الموقع، والحركة متاحة للجميع للاطلاع عليها، وابنى الأصغر، تم وضعه فى أصعب الدوائر وهى الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإدارى «مفوضين». وطُُلب لانتدابه بالمكتب الفنى للمفوضين ولكنى رفضت، طبقنا اللوائح على الجميع، وكله فى حدود صالح العمل.

بعد واقعة الفساد والرشوة المتهم فيها الأمين العام الراحل وائل شلبى وأدين فيها مدير المشتريات بالمجلس.. ما هى آليات المراقبة على أعضاء مجلس الدولة؟

- منذ اللحظة الأولى لكشف هذه القضية أعلنا عن عدم تسترنا على أى فساد، وفتحنا باب المجلس لكل جهات التحقيق، بالنسبة للموظفين يوجد تفتيش إدارى عليهم بشكل دورى، وبالنسبة للقضاة لدينا تفتيش فنى على أعلى مستوى، ولو ثبت ارتكاب أى أحد مخالفة يحال للتفتيش والتأديب، لدينا مجلس التأديب والصلاحية وتبدأ العقوبات من توجيه اللوم وحتى إنهاء عمله القضائى. قسم التفتيش يترأسه أحد أعضاء المجلس الخاص، ودعمته خلال العام القضائى الحالى بـ28 مستشارا يقومون بتفتيش دورى على أعضاء المجلس، وتلقى الشكاوى التى تثار ضد المستشارين ويتم التحقيق فيها، يفحصها أولًا وإذا رأى جديتها يتم التحقيق فيها، ثم تعرض للمداولة العامة لاتخاذ قرار بشأنها.

نحن لا نتهاون فى الأمور «المسلكية» للقضاة، لا نسمح بأية إساءات أو تجاوزات، ولا نتستر على أى فساد مهما كان من يقوم به، لكن أكثر ما يؤلمنى أن بعض الصحف لا تكلف نفسها ثمن مكالمة لسؤال رئيس مجلس الدولة عما ينشر أو يتم تداوله من أخبار غير صحيحة، وتفرد مساحات وتتهمنى وتتهم بعض أعضاء المجلس، باتهامات ما أنزل الله بها من سلطان، ونشروا أخبارا تمسنى شخصيا، واضطررت لاتخاذ إجراءات قضائية ضدهم ليس دفاعًا عن شخصى، ولكن حفاظًا على سمعة مجلس الدولة.

رسالتى للصحافة والصحفيين أن القلم رسالة والقلم أمانة، لأنك تدخل فى أعراض الناس، وشرفهم، وهذه أمور فى غاية الخطورة، وأحيانًا مهمة الصحفى أكثر وأكبر أمام الله من مهمة القاضى.

وهل ترى أن الإعلام يحتاج لمزيد من الانضباط؟

- الإعلام مازال بحاجة لبعض التشريعات كما ذكرت، وكما يحتاج القاضى للتدريب الدائم، الصحفى أيضًا يحتاج للتدريب، ليس فقط من قبل المختصين وخبراء الإعلام، ولكن يحتاج لخبرات وأساتذة فى القانون وعلم الاجتماع، يجب أن يكون الإعلام ملتزما، والالتزام يأتى من الخلق والضمير قبل القانون.

وما نتائج لجنة مراجعة العقود التى تم تشكيلها بعد الكشف عن قضية الفساد والرشوة؟

- اللجنة كانت مهمتها مراجعة كل العقود والمشتريات التى أبرمها المجلس خلال السنوات الماضية، وعملية الفحص والتحقيق مازالت أمام جهات التحقيق، وننفذ ونلتزم بما ستصل إليه من نتائج، حتى لو انتهت لاتهام أحد سيتم تقديمه فورًا مهما كان شأنه ومنصبه.

هل تؤيد الانتقادات التى توجه لندب القضاة فى الجهات والهيئات الحكومية، وهل ترى أن الندب يؤثر على صورة القاضى؟

- الندب له وجهان، فمن خلاله يحصل القاضى على خبرات كبيرة. مثلا، انتُدبت لفترات طويلة فى جهات عدة، وساعدتنى على التخصص  والاطلاع بشكل كبير، وأكسبنى مزيدا من الخبرات القانونية، كما أنه يساعد الجهات الإدارية على تصويب القرارات ابتداءً، وطالما صدرت القرارات سلمية ستقل النزاعات القضائية.

أما الوجه الآخر فيرجع لشخص القاضى، وكيف يمكنه ألا يجعل ندبه فى أى جهة يؤثر عليه وعلى عمله ونزاهته وحيدته كقاضى، والقاضى على المنصة حينما تعرض عليه قضية تتعلق بجهة منتدب فيها، يتنحى فورًا، كما أن الحكم يصدر بتوقيع 3 أعضاء على الأقل، ومن غير المتصور أن يسمح لقاضى أن ينحاز لجهة منتدب فيها.

القضاة المنتدبون فى الجهات الحكومية يؤدون عملهم، لحين إنهاء الندب كما نص عليه الدستور، ولحين أن تقوم الجهات الإدارية على شؤونها، وتصبح لديها من الأدوات ما يكفى من إصدار قراراتها بشكل سليم قانونيًا.

وهل تؤيد أم تعارض إلغاء الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات؟

- إشراف القضاة على الانتخابات ضرورة لا بد منها، لأن المواطن يثق فى نزاهة الانتخابات التى تجرى بإشراف قضائى كامل، لكنه أدخل القضاة فى أمور غير عملهم الأساسى، لذا أؤيد إلغاءها بعد استقرار الأوضاع، وإرساء ونشر الأعراف الديمقراطية، وهذا هو الهدف من تشكيل الهيئة الوطنية للانتخابات، التى من المقرر أن تشرف على جميع الاستفتاءات والانتخابات، ويتبعها موظفون سيتولون عملية الإشراف على الانتخابات بعد فترة من الزمن وبعد نضوج جميع المشاركين فى العملية الانتخابية.

هل ترى أن إثمه أكبر من نفعه أم العكس؟

- بالنسبة للمواطن فنفعه أكبر بالتأكيد، لأنه يثق فى المؤسسة القضائية، أما للقضاة، فأتمنى أن يصبح الإشراف على الانتخابات بعيدًا عن القضاة، ليتفرغوا لأعمالهم، ولكن ذلك يحتاج لمزيد من الوقت كما ذكرت.

كيف ترى جدية بعض الدعاوى التى يتلقاها مجلس الدولة؟

- دعاوى الحسبة أو دعاوى الشهرة، لم تصل لحد الظاهرة، هى موجودة لا أنكرها، والبعض يرفع دعاوى من أجل الشهرة أو من أجل إثبات موقف معين دون دراسة قانونية جدية، لكن مجلس الدولة يتلقى عشرات الآلاف من القضايا، وهذا النوع من الدعاوى قليل جدا، إذا ما قورن بعدد القضايا الجادة التى ننظرها. 

أساس الدعوى القضائية أنها تقام حينما يشعر المواطن بأن ظلما ما أو خطأ ما وقع بحقه، فيلجأ لمحام أقسم اليمين لكتابة دعواه طبقًا للقانون، والمحامى يساعد القاضى على تحقيق العدالة والوصول للحقيقة، ولا يجوز فى ظنى وليس من المقبول أن يقبل محامى برفع دعوى، وهو يعلم أن وراءها أغراضا ليست سليمة، الموضوع فى النهاية مسألة ضمير من القاضى والمحامى والمدعى ومن الدولة، فيما يتعلق بإصدارها للقرارات.

كما أنه من غير المقبول استغلال حق التقاضى، حتى لو أقام محامى دعواه من أجل الشهرة فقط أو استخدامها كسلاح، ففى النهاية لن يصدر حكم إلا على واقعة صحيحة وسليمة، وأثبت صحة دعواه، لأن الأحكام تصدر بعد دراسة ومداولة قوية وبعد تقديم كل الأوراق والمستندات من قبل كل أطراف النزاع.

مجلس الدولة يراقب القرارات الإدارية بما فيها بعض القرارات الصادرة من رئيس الجمهورية.. هل يتعرض المجلس لضغوط من أية جهة؟

- لا نتعرض لضغوط من أى جهة، ونتمتع باستقلال كامل، ولم أتعرض شخصيًا لأية ضغوط، فى أى وقت، سواء حينما كنت رئيسا لمحاكم ودوائر قضائية أو أثناء رئاستى لقسم التشريع، وحتى رئاستى لمجلس الدولة، ولم يحدث أن اتصل بى أحد ليملى على شيئا بعينه.

وما طبيعة التعاون والتواصل مع رئيس الجمهورية؟

- أتابع أخبار رئيس الجمهورية من الصحافة والإعلام، ولم أقابله ولم نتواصل منذ أن أديت اليمين الدستورية أمام سيادته.

وكيف يكون التواصل مع الوزارات والهيئات الحكومية؟

- أفرق بين منصبى كرئيس لمجلس الدولة، ورئاستى للمحكمة الإدارية العليا، كرئيس لمجلس الدولة، فطبيعة عملى تلزمنى التواصل بشكل دائم مع بعض الوزراء والمسؤولين، كوزارة المالية والتخطيط وغيرها، ولكن كرئيس للمحكمة الإدارية العليا «معرفش حد»، والجميع يتعامل بنفس المعاملة، سواء كان وزيرا أو أى مواطن، ولو أصدر مسؤول قرارا مخالفا، وتم الطعن عليه ونظرته، وتيقنت من أنه مخالف ويقع فى اختصاصى، سأصدر الحكم ضده مهما كان، لو كان وزيرا أو حتى رئيس جمهورية، ما يحكمنا القانون والمبادئ القضائية المستقرة، وبناء على الأوراق والمستندات المقدمة.

أود هنا أن أشير لأمر يثير دهشتى، البعض يظن أنه مادمت قد أصدرت حكمًا ضد وزير أو رئيس جمهورية، إذن أنت «بطل» وتعمل باستقلال، ولكن حينما تصدر حكما لصالحه فتثار الشبهات وتتردد الأقاويل والشكوك، نحن ننظر الدعاوى والطعون بتجرد وحيدة ونزاهة، ولا نحكم بالظاهر أو بالهوى، نحن مسؤولون أمام الله يوم القيامة عن كل حكم وحرف نسطره فى أحكامنا.

بين الحين والآخر يثار تساؤل.. متى نرى المرأة قاضية بمجلس الدولة بعدما أصبح الجهة القضائية الوحيدة التى لا تعين الإناث؟

- هذا ليس صحيحًا، مجلس الدولة ليس الجهة القضائية الوحيدة التى ليس بها قاضيات، لدينا فى مصر المحكمة الدستورية العليا، ومجلس الدولة والقضاء العادى، والنيابة العامة والنيابة الإدارية، وهيئة قضايا الدولة والقضاء العسكرى، هل جميعها تعين الإناث؟ كأصل عام مجلس الدولة لا يرفض تعيين الإناث، وليس لدينا مانع من تعيين المرأة، لكن يجب ألا يتم تصدير صورة أن المجلس هو الجهة الوحيدة الممتنعة عن تعيينها.

هل من الممكن أن يسمح بتعيين المرأة فى الدفعات المقبلة؟

- مجلس الدولة ليس ضد المرأة، والدستور الجديد خاطب كل الجهات والهيئات القضائية، وأنا شخصيًا أقترح تشكيل لجنة تضم ممثلين عن كل جهة وهيئة قضائية لدراسة الأمر، ووضع النصوص القانونية والتشريعية والإجراءات التى تنظم تعيينها ولإعمال ما جاء بالدستور، لأن الدستور يحتاج لقوانين ولوائح مفسرة، الأمر لا يمكن تنفيذه بسهولة لوجود بعض العوائق، كعدم توفير أماكن مناسبة.

هل تؤيد مطالب عقد مؤتمر تحت مسمى مؤتمر «العدالة» يضم كل المتصلين بشؤون العدالة فى مصر؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل