المحتوى الرئيسى

محمد مصطفى أبو شامة يكتب: هوية الدراما المصرية.. "بين عالمين" - E3lam.Org

10/19 15:11

شاركها Facebook Twitter Google +

 نجح النجم الفنان طارق لطفي بصحبةِ «الأخوَيْنِ» مدحت (أحمد وأيمن) في أن يقدِّم الأنضج فنيًّا في مسيرته كـ«سوبر ستار» في الدراما التلفزيونية، وهى المسيرة التي بدَأَتْ قبل عامين بعد النجاح الكاسح لمسلسل «بعد البداية»، في رمضان 2015، ثم دعمها نجاح مسلسله «شهادة ميلاد»، في رمضان التالي، الذي كان تعاونَه مع (مدحت) المخرج، قبل أن تُخرِجَه ظروف «محيِّرَة» من السباق الرمضاني هذا العام، ليُعرَض مسلسله الجديد «بين عالمين» في موسم جديد اخترعته فضائية «cbc» المصرية، وراهنَتْ على نجومية طارق وجمهوره الكبير، وكسبت رهانها باستحقاق.

لن أتورَّط في تقييم نقدي للعمل حتى يكتمل عرض حلقاته، لكني متوقِّف باستمتاع وسعادة عند حالة الوَهج التمثيلي عند كل فريق العمل، يتقدمهم بالطبع بطلا العمل طارق لطفي والقدير هشام سليم العائد للتمثيل بـ«مزاج أسطى» التمثيل و«حرفنة المايسترو» ومهارته، بعد أكثر من عمل عانده فيه الحظ، ومنهم «كلمة سر»؛ مسلسله الأخير مع لطيفة في 2016، ولا شك أن هذا المستوى المبهر في الأداء التمثيلي مرجعيته قدرات المخرج أحمد مدحت في ضبط أوتار الأداء عند نجومه، وتوجيهُهُمْ نحو أعلى درجات التقمُّصِ والتعبير في إطار جمعيٍّ متَّسِق مع هدف الدراما المكتوبة، التي صاغها أيمن مدحت بمهارة وإبداع تجاوز بهما عمله الأول المميز «ظرف أسود»، الذي صعد بالنجم عمرو يوسف درجات في سلم النجومية في عام 2015.

ولعل أهم مقومات نجاح هذا المسلسل قدرته على التوازن «بين عالمين» يهيمنان على فكر صُنّاع الدراما المصرية (سينما وتلفزيون) منذ سنوات، وهو تقليد «شغل الخواجة» بما يحويه من إثارة وتشويق وصور خلابة لا تمت للواقع بصلة، ولكنه يحقق أعلى نسب المشاهدة ويجذب الشريحة الأكبر من الجمهور، خصوصاً الشباب، وبين تقديم فنٍّ حقيقي «شغل بتاعنا» يتدفق من إبداع محلي يحمل رؤية ناضجة تسهم في تشكيل الوعي، وتعبِّر عن احتياجات المجتمع وهمومه ومشكلاته بصدق، بحسب تعريف أرسطو للفن، بأنه «تقليد للطبيعة»، وكل من ينجح في إنتاج خلطة يوازن فيه (بين عالمين) متناقضين يتصارعان في عقل كل مبدع، يقدم فنًّا محترمًا ويصل إلى الجمهور، وهي أقصى غاية يتمناها كل فنان.

أما من يكتفي بالصورة «الأمريكاني»، ويُخلِيها من أي روح مصرية؛ فهو يحول الفن إلى مخدرات تغيِّب الجمهور عن واقعه، وتسحبه على بساط الريح، في خيالات تسجنه بداخلها وتعزله عن مجتمعه، وللأسف هذا هو السائد في السوق الدرامية، والإعلامية أيضًا، ولعل مصطلحي «الترافيك» و«الأعلى مشاهدة» هما المقصلة التي شُنِقَ عليها الفن والإعلام المصري في السنوات الأخيرة.

إن مَن يدرك قدرة الدراما على التأثير في حياة الشعوب، يعلم أن تحديد هويتها وتشكيل ملامحها قضية أمن وطني، فهي سلاح أكثر فتكًا من القنابل النووية إذا أُسِيءَ استخدامها، وهي طاقة سحرية تدفع إلى النجاح وتحفز على الإنسانية إذا صَحَّت أدواتها ونضج صناعها، وتدخَّلَت الدولة في رسم طريقها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل