المحتوى الرئيسى

المدينة التي تستفيد من الإنترنت «لتدفئة المنازل»

10/19 04:53

هل تعرف أن "سحب" تخزين المعلومات والملفات على الإنترنت، أو نظم الحوسبة السحابية، لها مكان مادي على الأرض؟ فالصور التي تنشرها على موقع إنستغرام، وأمنيات أعياد الميلاد التي تكتبها على صفحات فيسبوك، وكذلك البرامج التليفزيونية التي تشاهدها عبر شبكة "نتفلكس"، تخزن في مجموعة هائلة من الخوادم تتصل ببعضها في صفوف وأبراج في مخازن عملاقة.

وتوجد هذه الخوادم في مراكز بيانات لا يغامر بارتيادها إلا قليلون. لكنني قررت أن أدخل بنفسي هذه المتاهة من المعلومات، في مراكز البيانات بالعاصمة السويدية ستوكهولم، والتي اكتشفت أنها لا تحمل البيانات فحسب، بل إن الحرارة المتولدة عن تشغيل هذه الخوادم تستخدم في تدفئة المنازل في المدينة التي يزيد تعداد سكانها على 900 ألف نسمة.

فكيف يعاد تدوير هذه الحرارة؟ وهل ستصبح هذه الطريقة نموذج عمل تجاري جديد في عالم التقنية حول العالم؟

ستلاحظ وأنت تسير بين جنبات مراكز البيانات في ستوكهولم أن الهواء بارد وجاف. وتغطي صفوف أبراج الخوادم آلاف المصابيح التي تومض وتنطفئ طوال الوقت، وقلما تجد أشخاص داخل تلك المراكز. وأينما تنظر في السقف وتحت البلاطات المتحركة ستجد كتلا من الكابلات التي تمر في جميع الاتجاهات.

إلا أن أكثر ما يلفت الانتباه في المكان هو الصوت المرتفع، وهذا لأن درجة حرارة أجهزة الكمبيوتر ترتفع بعد فترة من التشغيل، ويتطلب تبريدها الكثير من المراوح حتى تعمل بكفاءة. ولتدرك حجم الحرارة في المكان، تخيل الحرارة الناتجة عن جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بك مضروبة في الحرارة المتولدة عن آلاف من أجهزة الكمبيوتر المتصلة ببعضها في مخزن بأكمله، وهذه الأجهزة تؤدي مهام معقدة وتعمل بلا انقطاع على مدار الساعة.

ويعتمد التبريد في الغالب على الماء البارد والكثير من المراوح التي تنتج هواء باردا وتسحب الهواء الدافئ إلى الخارج، ومن المعتاد التخلص من هذه الحرارة كنفايات. لكن الحرارة نوع من الطاقة، ولهذا قررت السويد استغلالها لتدفئة المنازل.

وقد دشن المجلس المحلي لمدينة ستوكهولم، بالشراكة مع شركة "فورتام فارم" التي توفر خدمات التدفئة والتبريد بالسويد، وغيرها من الشركات، مشروع "ستوكهولم داتا باركس".

وانضم إلى المشروع حتى الآن العديد من مراكز البيانات الكبرى في ستوكهولم، ويستقطب المشروع اهتمام المزيد من الشركات التي تسعى لترسيخ سمعتها في مجال الوعي البيئي، وفي الوقت نفسه، جني الأرباح من نموذج عمل تجاري جديد.

وأعلن البرنامج مؤخرا عن عقد شراكات مع مراكز بيانات تديرها كبريات الشركات العالمية مثل شركة "إريكسون"، التي تبني شبكات الهاتف المحمول وسلسلة محلات "إتش أند إم".

وتقوم فكرة المشروع، في أغلب المراكز في ستوكهولم، على تغذية مراكز البيانات بالماء البارد عبر مواسير لتبريد الهواء الذي يوجه نحو الخوادم للحفاظ على درجة حرارتها وحمايتها من السخونة المفرطة. ثم يمر الماء الساخن الناتج عن عملية التبريد، عبر المواسير المتجهة إلى الخارج نحو محطات "فورتام"، التي توزعه بدورها لأغراض التدفئة.

هذه الفكرة لا تطبق في السويد وحدها، فقد تبنتها مشروعات على نطاق ضيق في بلدان أخرى مثل فنلندا، حيث تستخدم الحرارة الناتجة عن مركز بيانات لتدفئة المنازل في إحدى المدن الصغيرة منذ العام الماضي. كما توجد برامج مماثلة في الولايات المتحدة وكندا وفرنسا.

تتبنى السويد منذ فترة طويلة أفكارا صديقة للبيئة في مجال الطاقة، على شاكلة هذا المشروع. ويُعزي بيورن هوغوسون، مدير شؤون الطقس ببلدية ستوكهولم، ذلك إلى قلة الموارد الطبيعية في السويد.

ويقول: "ليس لدينا في السويد أي مصادر للطاقة الأحفورية، فليس لدينا آبار نفط ولا مناجم فحم".

واليوم، تضم السويد 2.057 محطة للطاقة الكهرومائية، بحسب المجلس العالمي للطاقة، وتعتمد السويد على هذه المحطات لتوليد 40 في المئة من احتياجاتها من الطاقة، أما النسبة الباقية فيأتي أغلبها من محطات الطاقة النووية، التي تسعى السويد للحد منها تدريجيا، بالإضافة إلى بعض الفحم، الذي تستورده محطة واحدة لتوليد الطاقة من روسيا. وتتجه البلاد للاستغناء عن الفحم على مدار السنوات الخمس القادمة، وربما مع حلول عام 2020، لتصبح خالية تماما من الوقود الأحفوري في عام 2040.

كما تكاد السويد تخلو من القمامة، إذ يعيد مواطنوها تدوير ما يزيد على 99 في المئة من النفايات المنزلية ولا يُلقى منها سوى ثلاثة في المئة فقط في مكبات النفايات. وتحرق الدولة نحو 70 في المئة من نفاياتها لتوليد الطاقة، وتستورد القمامة من البلدان المجاورة لتلبية احتياجاتها من الطاقة، إذ أصبحت السويد تعتمد على الطاقة المستمدة من النفايات منذ بداية برنامج حرق القمامة.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل