المحتوى الرئيسى

محمد سلطان فى حوار خاص لـ«الوفد»: نفسى اتسدت عن العمل

10/18 18:37

المنافسة مع بليغ حمدى كانت لصالح المستمع

«السادات» كان رئيساً بدرجة فنان .. وعشت أياماً سوداء بسبب الإخوان

الموسيقار الكبير محمد سلطان، ملحن كبير، ينتمى لجيل العمالقة من الملحنين، ويعتبر من آخر عناقيد الزمن الجميل فى التلحين. ظهر على الساحة الموسيقية فى أوائل الستينيات من القرن الماضى؛ حيث كانت الساحة مليئة بالعمالقة من الملحنين مثل: عبدالوهاب، والسنباطى، وفريد، وبليغ، والموجى، والطويل، ومع ذلك استطاع فرض موهبته، وتزوج من المطربة فايزة أحمد، ليبدعا معاً أجمل الأغانى والألحان.

حلت منذ أيام الذكرى الـ34 لرحيل كروان الشرق فايزة أحمد، وهى لا شك أحد أجمل الأصوات فى تاريخ الأغنية العربية بعد أم كلثوم. وأجرينا هذا الحوار مع الموسيقار الكبير، حول الجوانب الإنسانية فى حياة الفنانة فايزة أحمد، وعلاقتها بالملحنين الآخرين، وطبيعة علاقتها بالراحلة «وردة»، وحكاية الطلاق، والعودة سريعاً قبيل وفاتها، وعلاقته بالموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب، والمشروع الذى لم يكتمل مع العندليب الراحل عبدالحليم حافظ، والمنافسة بينه وبين الموسيقار الراحل بليغ حمدى، وهل يفكر فى العودة للتلحين؟

- بداية أقول إن فايزة أحمد، رغم مرور 34 عاماً على رحيلها، لكنها ما زالت تسكن وجدانى، لا أنساها أبداً، ذكريات جميلة، نجاح منقطع النظير، وهى قبل كل شىء أم أولادى.

 «فايزة» كانت عاشقة لفنها لأقصى درجة بل وعنيدة أيضاً، ومُصرّة على النجاح فى جميع أغانيها تقريباً، تحمل قلباً طيباً، وخفيفة الظل عكس ما يتصور الكثيرون، زوجة مخلصة بمعنى الكلمة.

كانت تصر على دخول المطبخ، وإعداد الطعام بنفسها، زوجة مثالية بمعنى الكلمة، كانت تتفانى لإسعادى وتهيئة الجو لى للإبداع، أعترف أننى انشغلت عنها فى بعض الأحيان، ولكنها كانت صبورة. «فايزة» شخصية لم ولن تنسى، فنانة وإنسانة بمعنى الكلمة.

- هذه المقولة فيها شىء من الحقيقة. فايزة أحمد كانت غيورة على فنها لأقصى درجة، لو جلست مع ملحن مهما كان فى جلسة فنية ولو لم يعجبها اللحن تقول له «فى وشه» الشغل وحش، وتطلب منه التعديل حتى ترضى بشكل كامل، تلك كانت شخصية فايزة، وأعتقد أنها صفة أى مطرب أو مطربة كبيرة تخاف على شغلها، وتريد أن تقدم أعمالاً تبقى سنوات وسنوات، حتى لو كان ذلك على حساب صحتها.

 أذكر فى ربيع عام 1975 كانت «فايزة» تستعد لحفل ستغنى فيه أغنيتها «وتعالى شوف»، وهى من ألحانى، وقبل الحفل بساعات قليلة حدث لها ارتفاع كبير فى درجة حرارتها، وتجاوزت الـ40، ونصحها الطبيب بعدم الغناء فى تلك الليلة، لكنها أصرت وذهبت لمسرح سينما قصر النيل، وهى ملفوفة ببطانية، غنت وأبدعت وعندما انتهت من الحفل كانت درجة حرارتها 37، كأن الغناء بالنسبة لها شفاء.

- أشهد الله، كانت بالفعل هناك منافسة شديدة بينهما إلى حد بعيد، ولكن فى الوقت نفسه، كان هناك احترام وحب متبادلان، فكل منهما تقدّر فن الأخرى بشكل كبير، ربما لا يعلم الكثيرون أن المطربة الراحلة «وردة» كانت ملازمة لفايزة أحمد فى المستشفى فى مرضها الأخير، الزمن الجميل كان فيه منافسة، لكن حالة الحب والاحترام موجودة باستمرار. وفى النهاية المنافسة كانت فى صالح المتلقى الذى كان يستمع لأرقى أنواع الغناء من فايزة أحمد، ووردة الجزائرية.

- بداية.. «بليغ» كان موسيقاراً عظيماً وعبقرياً بمعنى الكلمة، كنا نتنافس لمصلحة المتلقى، وكان بيننا احترام وحب متبادلان، وتقدير كل منا للآخر، أقول لمن لا يعلم كنا نتحدث تليفونياً، ويأخذ كل منا رأى الآخر فى اللحن الجديد، والمنافسة بيننا كانت دائماً لمصلحة المستمع، وعندما أقام فى باريس قبل وفاته عام 1993 كان بيننا اتصالات شبه يومية.. «بليغ» كان إنساناً وفناناً إلى أقصى درجة، الله يرحمه.

- للأسف نعم، فكان كل مطرب ومطربة يقول لنفسه أى لحن حلو عند «سلطان» سيعطيه لزوجته فايزة أحمد، تلك حقيقة لا أنكرها، رغم كل ذلك كان لى ألحان ناجحة للعديد من المطربين والمطربات، هانى شاكر، ونادية مصطفى، وأصالة، وسميرة سعيد، وميادة الحناوى، وحتى وردة.

- نعم.. وأفتخر، دائماً، أننى من تلاميذ موسيقار الأجيال، لن أنسى أبداً أنه هو من اكتشفنى وأنا طفل كنت أحبه جداً وأحوم حول منزله الصيفى فى حى جليم بالإسكندرية، حتى أسعدنى الحظ، وقابلته أمام منزله، ووصل الأمر أنه جاء لمنزلى وسط دهشة من والدى ووالدتى، وأكد لوالدى أننى موهوب بالفطرة، وتوقع لى مستقبلاً عظيماً فى مجال الموسيقى. طوال عمرى أعتز بأننى تلميذ لموسيقار الأجيال الراحل محمد عبدالوهاب، علاقتى به لم تنقطع أبداً حتى وفاته عام 1991، حتى إننى صممت على دفنه بنفسى وكان يشجعنى دائماً، وكان يستمع لألحانى، ويشيد بها، أو تكون له ملاحظات.. أدعو له بالرحمة فى كل صلاة، أستاذى محمد عبدالوهاب.

- دى حقيقة أنا وفايزة كنا حريصين باستمرار على عمل عزومات عشاء فى البيت، السهرات كانت تضم كبار نجوم ونجمات الفن والأدب والصحافة والشخصيات العامة، كان بالفعل صالوناً فنياً أدبياً. فى بعض الأحيان، الفنانون فى هذا الزمان كانوا يحبون بعض بجد، ولم تكن المادة طاغية، كان الفن الحقيقى هو السائد.

سأحكى لك موقفاً يؤكد مدى الحب بين الجميع.. كان زمان ممكن تفاجأ بضيف يحضر إليك من غير ميعاد أو اتصال هاتفى، الموسيقار الكبير الراحل كمال الطويل كان صديقاً وأخاً، قبل رحيله بسنوات حضر إلى منزلى الساعة 7:30 صباحاً، فتحت له مديرة المنزل باب الشقة قال لها: محمد فين؟ ردت: نائم. فوجئت به يمشى مسرعاً إلى غرفة نومى، ويوقظنى ويقول لى: «واحشنى.. أنا جيت أفطر معاك»، شوف البساطة والحب وعدم التكلف، الله يرحم الأيام الحلوة والناس الحلوة.

- بشىء من التأثر قال محمد سلطان، فى إحدى ليالى الشتاء فى ديسمبر عام 1976، فوجئت بطرق على الباب كانت الرابعة صباحاً، هرولت مسرعاً وعندما نظرت من العين السحرية فوجئت بأنه عبدالحليم حافظ، فتحت الباب بسرعة فوجدته يرتدى بالطو وكوفية قلت له تفضل، كنت سعيداً جداً بهذه الزيارة، وطلب منى إعداد كوب من الشاى، ثم تحدث معى قائلاً: «أرجو منك تلحين أغنية (أحلى طريق فى دنيتى) الكلام معى، وأريد أن تنتهى من تلحينها عندما أعود من رحلة العلاج»، وبالفعل انتهيت من اللحن، ولكن عاد عبدالحليم للأسف الشديد جثة هامدة، وشاء القدر ألا ألحن لـ«حليم» وغنت فايزة أحمد هذه الأغنية بعد عام من رحيل عبدالحليم، وحققت نجاحاً هائلاً.

- للأسف الشديد حدثت بعض الخلافات أدت للانفصال بيننا لفترة قصيرة، ولكننا فى الواقع لم نكن نستطيع الاستغناء عن بعضنا البعض، لدرجة أننى بعثت لها رسالة بصوت هانى شاكر فى أغنية «مشتريكى» من ألحانى، وربما هى أيضاً بعثت لى رسالة عن طريق أغنية «حبيبى يا متغرب» ألحان بليغ حمدى عام 1982، وبعدها عدنا لاستئناف الحياة الزوجية، ولكن المرض اللعين زحف على جسدها حتى فاضت روحها يوم 21 سبتمبر 1983، وكنت مرافقاً لها بالمستشفى، لم أتركها أبداً إلا عندما أغادر الغرفة للتدخين.

- «فايزة» تعيش بداخلى لم ولن أنساها أبداً، حتى أرحل لدرجة أننى عجزت عن الارتباط العاطفى بأى امرأة منذ رحيلها، وإنسانة رائعة فضلاً عن فنها الجميل وإحساسها المرهف، هل ينسى أى إنسان مصرى أو عربى أغنية «ست الحبايب؟»، «فايزة» كانت وستظل حالة فى تاريخ الأغنية المصرية والعربية.

- بداية أنا من عشاق الرئيس السادات، كان رئيساً بدرجة فنان، جمعنى به العديد من اللقاءات، لا أنسى فى حقبة السبعينيات فوجئت باتصال هاتفى من رئاسة الجمهورية، فوجئت بصوت الرئيس الراحل يطالبنى بالحضور فى صباح اليوم التالى فى استراحته بالقناطر الخيرية، كنت سعيداً للغاية بهذا الاتصال، ذهبت إليه صباح اليوم التالى جلست معه لفترة طويلة نتحدث فى أمور الموسيقى والغناء، وطلب منى إحضار العود ليغنى بصوته «العيون الكواحل».

«السادات» قدم الكثير لمصر، زعيم لن ننساه أبداً، نفس القول ينطبق على الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى سعدت بلقائه أيضاً، وهو رجل طموح، يعشق مصر، وبإذن الله سيتحقق معه الكثير لخير هذا الشعب، وأعتقد أن إنجازاته موجودة على أرض الواقع ونتابعها بشكل يومى.. ربنا يحفظه لمصر.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل