المحتوى الرئيسى

الدور الخفي لنساء الحركات الإسلامية.. «دعوة أم تجنيد»

10/18 12:42

أعد الملف: صلاح لبن وباهر القاضي

تبدلت رؤية الحركات الإسلامية للمرأة بشكل ملحوظ، فلم يعد دورهن قاصرًا على العمل المنزلي وتربية النشء، إنما أصبح لهن أدوار جديدة يحكمها المتغيرات التي طرأت على واقعهن، فاشتركت في العمل السياسي والدعوي، بينما كان منهن من خرج بعيدًا عن ذلك بتنفيذهن عمليات انتحارية بناء على توجيهات من أزواجهن التابعين لحركات أكثر تشددًا.

لم يتحرك العمل النسائي المقترن بفهم الشريعة الإسلامية في مسار خاطئ طوال الوقت، إذ ظهر عدد لا بأس به من النساء وضعن على عاتقهن توصيل الصورة الصحيحة للإسلام، وخلقوا حصنًا منيعًا للرد على كافة الشبهات وفقًا للفهم الصحيح للشريعة الإسلامية، ومثلن مؤسسة الأزهر خير تمثيل، سواء خلال تواجدهن في الجامعات وما يقمن به من تواصل مع الشباب ومواجهة أفكارهم بالحجج والأسانيد أو من خلال انتشارهن في المساجد وإلقاء دروس العلم.

لم تكن تعلم أنها ستشق الطريق الدعوى، فقد اختارت مجال السياحة في المرحلة الجامعية، لكن المحن التي تعرضت لها جعلتها تقترب من القرآن، وحينما شعرت بالراحة كلما قرآت كلمات الله، قررت بدون تفكير دراسة العلم الشرعي، إنها الواعظة وفاء عبد السلام، التي اختيرت ضمن 144 داعية للعمل في هذا المجال بعد موافقة الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف.

"عبد السلام" ترى أن العمل الدعوى تكليف واختيار من الله، حيث جعلني أحب هذا الأمر، إنها أمور لا يختارها الإنسان، وكان هذا الطريق من ضمن الأشياء التي لم أكن أبدًا قد اخترتها لنفسي قبل المرور بالعديد من المحن التي كانت كفيلة بتغيير البوصلة التي كنت أسير عليها.

تتابع الواعظة حديثها: "كنت أسير في طريق مختلف تمامًا، حيث تخرجت من كلية السياحة والفنادق جامعة حلوان بتقدير عام جيد جدًا مع مرتبة الشرف، وكنت الطالبة المثالية على مستوى الجمهورية، بعد ذلك سافرت إلى ألمانيا ضمن بعثة، امتلكت شركة سياحة، ولكن الحمد لله ربنا نوًر طريقي، وبدأت دراسة العلوم الشرعية من البداية، ولم يتغير طريقي إلا عندما انتهيت من الدراسات العليا الخاصة بمجال دراستي، وحصلت على المركز الأول على الكلية التي كنت أدرس فيها.

الأزمات التي تعرضت لها وفاء لم تفسد حياتها أو تجعلها تسير في طريق التشدد إذ تقول: "تعرضت إلى ابتلاء شديد في حياتي، وهذا الابتلاء كان نقطة الانطلاق، بدأت بعد ذلك في قراءة القرآن والتعلق به، ثم التحقت بأحد المساجد لأتعلم القرآن على يد معلم، والتحقت بمعهد لإعداد الدعاة، وكنت من أوائل الدفعة في هذا المعهد.

تضيف: "بعد الانتهاء من دراستي في المعهد، اكتشفت أنني في بداية الدراسة وليس نهايتها، توجهت إلى الأزهر بعد معرفتي بوجود أروقة أزهرية يعدها الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية الأسبق، بدأت في حضور المجالس العلمية، وتبناني الدكتور أحمد عمر هاشم، جلست تحت رجل مولانا حتى انتهيت معه من البخاري بأكمله، درست سنوات طويله على يده في هذا المجال، وهو يعد من أكبر علماء الحديث في العصر.

تشير وفاء إلى أنه في الفترة الأخيرة تم اختيار الواعظات، واشتغلنا في الدعوة منذ تخرجنا من معهد إعداد الدعاة، وأنه عقب الثورة سُحبت كل التصاريح حتى يتم انتقاء الذين يعملون في هذا المجال، وأجريت اختبارات وتم الموافقة على اختياري، أشعر بالفخر لأن مصر دائما يوجد فيها شىء جميل، وعندما يتم اتخاذ قرار شجاع ويتم السماح لنا كمجموعة معينة بأن تتحمل دورنا في الدعوة إلى الله من خلال تواجدنا في المساجد وميادين الاجتماع الأخرى للنساء، هذا أمر رائع، وهو "حمل ربنا يقوينا إننا نقدر نؤدي الأمانة"، لأنه عندما نصحح مفاهيم وننير عقول ونساعد على شرح الصدور ونطرأ الشبهات وننير السبيل للناس، هذه حياة في حد ذاتها.

حول قدرتها على التوفيق بين عملها الدعوى ومهام البيت تقول: "منهجي في ذلك هو الحبيب المصطفى، كما أن القرآن الكريم علمنا كيفية التنظيم وترتيب حياتنا، إذا اتبعنا المنهج النبوي والقرآني، سنعلم أن ديننا يحثنا على التنظيم والإدارة، وإذا تمكنا من تنظيم حياتنا سنتمكن من التوفيق بين مهام كثيرة، فأنا أمتلك شركة سياحة وزوجة وأعمل في المجال الدعوى، وأعتبر نفسي من الزوجات الناجحات في بيتها وأقوم بدوري الدعوة على أكمل وجه".وتقول شريكتها في نفس العمل آمال فؤاد الواعظة بوزارة الأوقاف ، إن المهام الرئيسية للواعظات تكون فى المساجد حيث تم حصر المساجد الكبرى وتوزيع الواعظات عليها من قبل وزارة الأوقاف.

وتقمن الواعظات بإلقاء العديد من الدروس فى المساجد بالاضافة إلى تلقى أسئلة من السيدات حيث إن عملهن منصب ومقتصر على السيدات والأصل فى مهامهن تعريف السيدات حقيقة الإسلام الوسطى وسماحة الشريعة الإسلامية والسنة النبوية فضلًا عن مساعدتهم فى حل المشاكل اليومية التى تخص الأسرة.

توضح أمال أن إلقاء الدروس الدينية في المساجد الكبرى بمعدل ثلاثة أيام ثم نأتي للوزارة يومين فى الأسبوع لمتابعة الأمور وعرض آخر المستجدات الخاصة بطبيعة أعمالنا، الغالب تدور الأسئلة وحلقات النقاش مع الحضور حول القضايا التى تخص المرأة والحياة الزوجية والأسرة والأطفال وأن الواعظات لديهن علاقات إنسانية جميلة وقوية مع الحضور سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعى أو الهاتف.

تشير إلى أن الواعظات ليس لهن زي خاص بهن، حيث يرتدين الزي الإسلامي الذي تتوافر فيه شروط الدين وفيما يخص مرتب الواعظة فهو حوالي ألف جنيه غير أنه لا يسد مطالب الحياة.

"عمل الواعظات يركز على نشر الافكار المعتدلة وذلك من خلال توعية السيدات لاسيما أنهن أمهات مسؤولات عن حماية أولادهن من خطورة اعتناق الافكار المتطرفة بالاضافة إلى توعية الشباب من فئة البنات بضرورة الابتعاد عن العنف والتخريب خاصة أنها أعمال تتنافى مع مقاصد الشريعة وسماحة الإسلام" تتحدث الواعظة قبل أن تنهي حديثها وتقول: "نتناول حلقات الدرس تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة لدى البعض كالجهاد وايضاح مشروعيتها والحاكمية والخلافة وغير تلك الأمور التى تستغلها الجماعات الإرهابية فى تضليل أبناء الوطن سعيا لتنفيذ أجندات خاصة بها تغلب مصالحهم الشخصية الضيقة على المصالح العليا للبلاد ، كما نوضح بالتصحيح الدقيق بالأدلة الشرعية حقيقة الفتاوى الشاذة".

تكشف نفيسة زكريا، سيدة متصوفة، زوجة المهندس عبد الخالق الشبراوى، شيخ عموم أبناء الطريقة الشبراوية، والتي كانت تعمل وكيل وزارة التعليم بالجيزة عن أنهن يتخذن وسائل عديدة كعضوات بالطريقة الشبراوية، وبالتنسيق مع الطرق الأخرى لمواجهة الفكر المتطرف، ولدينا الملايين من النساء المتصوفات، سواء طبيبات، مهندسات، معلمات، وربات البيوت، اللائي نجند لهن لجانا خاصة لتوعيتهن بالمخاطر.

وحول طرق التواصل التي تسخدمها المتصوفات تقول: "نحاول الوصول إلى الفتايات سواء في المدارس أو القرى للحديث معهن خاصة أن السلفيات استطعن الانتشار لنقل أفكارهم، وقد أقنعن الأطفال دون سن البلوغ من ارتداء الحجاب، وأصبحنا أمام منظر يقشعر له الأبدان، فكيف لطفلة عمرها 5 سنوات ترتدي هذا الملبس؟، مشيرة إلى أن المتصوفات يستطعن بالأدلة النقلية والعقلية والنفسية تبيان حقيقة الدين لهنالإسلامي السمح.

وتابعت: "نقوم بالاتصال المباشر والمتكرر بالنساء في بيوتهن، حيث نصل لهن ونتحدث معهن في كافة الأمور المتعلقة بالفكر المعتدل، والرد على الأفكار الشاذة التي يروج لها المتشددون، وذلك وفقًا لقراءات صوفية وليس تفكير منصل عن هذه الموروثات"

وتشير نفيسة زكريا إلى أن من ينتمون للصوفية سواء نساء أو رجال ينظرون للصوفية بأنها منهج حياة مستمد من القرآن والسنة وبه صالح العباد سواء فى الدنيا والأخرة وذلك من خلال تهذيب النفس والروح بتطبيق تعاليم الصوفية التى تحث على المحبة والسلام الاجتماعى.

نفيسة توضح أن المرأة فى الصوفية تعمل على نشر الفكر الصوفي بين سيدات وفتيات المريدين والمحبين للتصوف، وذلك من خلال القيام بندوات ودروس وحلقات ذكر وابتهالات تجمع الصوفيات سواء فى المناسبات الدينية أو المواسم الخاصة بالصوفية كالموالد خاصة الفتيات صغيرة السن

وتستطرد:"المرأة أصبحت ألعوبة في يد السلفيين والتكفيريين، وهناك شريحة أخرى تنتهز فرصة الفقر للدخول إلى البيوت، كما ينتشرن في المدارس، ولابد من تنقيح المدارس من هؤلاء لا يمكن أن نسلم الأطفال لهن لأنهن مثل السرطان، أصبحت كل الفتايات ترتدي الحجاب الأبيض في المدارس، وقد وصلوا لأعماق الريف، إذ أن هدفهم الأماكن البعيدة النائية للانتشار فيها وتوصيل أفكارهم"

وأوضحت أن المتصوفات أصدرن كتيبات، وعقدن ندوات وزيارات لمساعدة المحتاجين، ومن خلال المقابلات نتحدث معهم ونحذرهم من المتطرفين.

وتؤكد نفيسة أن المراة الصوفية تنظر إلى النقاب باعتباره زيا غريبا على الإسلام وعادات وتقاليد المجتمع المصرى ، وأن المراة الصوفية ليس لها زي خاص بهن بل يرتدون من الزى ما ينطبق عليه شروط الإسلام بإلا يشف أو يصف وأن المراة الصوفية ترتدى ملابسهن كعموم المصريين وليس لنا زي خاص بالصوفية، وأن بعض السيدات اللاتى يرتدن ملابس غريبة بالموالد لا تعبر على الاطلاق بأن ذلك الزي صوفي.

وتشير السيدة المتصوفة إلى أن المراة الصوفية تشارك وبقوة فى العمل السياسى خاصة فى الفترة التى أعقبت نشوب ثورتى الـ25 من يناير و30 يونيو والاستحقاقات الانتخابية التى ترتبت على الثورتين ، حيث شاركت السيدات الصوفية فى ثورة الثلاثين من يونيو قائلة "نزلت الميادين فى الثلاثين من يونيو ورفعت لافتات داعمة لها، فالمرأة الصوفية تشارك فى كافة الانتخابات والمواقف السياسية التى تمر بها البلاد.

وأشارت إلى أن السيدات المستجدات تبادرن بتوجيه أسئلة لنا عن شرعية الخمار وتغطية جسد المرأة بشكل كامل، واكتشفنا من خلال هذه الجلسات مدى الطاعة العمياء للأفكارالسلفية والمتطرفين من الجماعات الأخرى، نحن أمام من يجعل المرأة شخصية هلامية لا رأي لها أو شخصية.

كانت حياتهن منعزلة إلى حد كبير، لم يكن لديهن مهام تتعدى الاهتمام بأطفالهن وترتيب المنزل ورعاية الزوج، لكن حالهن تغير بناء على فتاوى مشايخهن، ذلك كان حال سلفيات الدعوة السلفية قبل أن يخضعن إلى القاعدة الشرعية التي رددها قيادات الدعوة السلفية "الضرورات تبيح المحذورات"، إذ بدأ إعدادهن في السنوات الست الأخيرة للعمل السياسي وتشكيل لجان نسائية لدعم الدعوة السلفية وذراعها السياسي في معاركهم التي تخص الدعوة والسياسة، لكن تلك القاعدة لم تستخدمها المدارس السلفية الأخرى التي ظلت ملتزمة بتعاليمها بحرمانية ظهور المرأة بهذا الشكل، وأن دورها قاصر على المنزل.

نساء الدعوة السلفية تعتقدن أنه لا يجوز لهن تولي المناصب السياسية، إذ يرون أن هناك أمورًا شرعية تمنعهن من ذلك، وأن الله قد أكرمهن وأعطاهن أدوارًا أعظم تتمثل في إعداد الأجيال وتربية النشء، وتتركز أدوارهن السياسية على تولي لجان متكونة من رحم الحزب السياسي.

على الجانب الاخر تقول الدكتور حنان علام، رئيس اللجنة النسائية لحزب النور، لدينا خلية نحل متواصلة وأنا واحدة من الناس وجزئية من هذه المكعبات، أظل من الساعة 8 صباحًا في لقاءات وانتشار ما بين أقصى الشرق إلى أقصى الغرب في المحافظات، ولا أعود إلى المنزل إلا بعد العشاء، ونحن جميعًا داخل اللجنة نعمل بهذه الطريقة، وهدفنا نشر الفكر الصحيح ومواجهة التكفير، الذي ظهر بشكل لا يحتمل، ونحن نلم شمل النساء، ونعدل الفكر ونصحح الأفكار التي تم إفسادها.

أشارت إلى أن الدور النسائي في مصر مهم سواء سلفيات أو أصحاب أي توجه آخر، المرأة لها دور عظيم ومؤثر لأن نسبة النساء في مصر عالية جدًا، وقطعًا لها تأثير مباشر وقوي يستغله من يستغله ويتركه من يتركه.

علام أوضحت أن اللجنة النسائية لها دور قوي في الحزب، حيث أنها تدير كل الأعمال الموجهة إليها بشكل منظم تابع لهيكلة النور، ووفق الاسترشاد بمنظومة الحزب وفكره، وتنفذ كل ما يوجه لها من مهام.. والمرأة لها دور مؤثر سواء في الصعيد العام (الاجتماعي)، أو الصعيد الفكرى والسياسي.

أضافت أنه من ضمن أعمالهن توعية النساء بصفة عامة في المجتمع، الذي تم تهميشه فترة طويلة تصل إلى 60 عاما، ونعرف النساء بأهمية السياسة، كما نجتهد في تعريف المجتمع بأهمية المرأة ودورها، ونجري جولات ابتداءً من الإسكندرية وبقية المحافظات، ودخلنا النجوع والقرى والدوائر والشياخات، ومعلوم أن الأمية في مصر عالية جدًا، وهو ما كان يدفعنا لتوجيه رسائل الطمأنة العامة للفكر وأهمية صوتها وتوجهها وأهمية مشاركتها في العمل السياسي.

وحول اتهامات تهميش السلفيين للمرأة تقول، إن تهميش المرأة في الأحزاب الأخرى أشد من السلفيين، بمعنى أن النور يهتم بالعمل النسائي السلفي، سواء اجتماعي أو فكري أو تطوري أو تطوعي، وإذا تمت المقارنة بين هذه النسبة بأي حزب آخر سنكتشف أن نسبة الأحزاب الأخرى متدنية جدا، ونحن نعتبر وجود المرأة في العملين الدعوي والسياسي، وبصفة خاصة الأخير، فإن لدينا نسبة مشاركة قوية جدًا تصل لنسبة 70 % من منظومة العمل النسائي الحزبي في مصر.

تقول الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية، قمت بالرد على الكثير من التطرف الذي ليس من النصوص الإسلامية الصحيحة، واجهت التطرف الفكري والعقدي لدى السلفيين في قضايا المرأة، كما واجهت تطرفهم في نظرتهم للمرأة وجلب مناخًا غير مناخنا المصري، حيث فرضوه علي المرأة في مظهرها وأحكام الفقه ضدها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل