المحتوى الرئيسى

كيف يمكن مكافحة استهداف الإرهاب للنقاط الأمنية في سيناء؟

10/17 12:30

مع كل هجمة إرهابية جديدة على إحدى النقاط الأمنية في سيناء؛ يتجدد التساؤل حول سبب تكرار هذه الهجمات بنفس الطريقة والأسلوب، ويكاد نطاق هذه العمليات لا يخرج عن قيام مجموعة مسلحة باستهداف إحدى نقاط الارتكاز الأمني، عبر إطلاق النيران على أفرادها والفرار بعيدا، ثم تظهر العناصر الإرهابية مرة أخرى عبر مهاجمة نقطة أمنية مختلفة وهكذا، والجدير بالذكر أن مسألة استهداف النقاط الأمنية من قِبل الجماعات الإرهابية هي ظاهرة قديمة نسبيا، وسبق أن نفذتها تلك الجماعات في دول مثل أفغانستان والعراق ضد القوات الأمريكية، وكذلك جرى تنفيذها في تركيا، ونجحت بعض الأجهزة الأمنية في تقليل حدة نجاح مثل هذه العمليات.

ونحاول في هذا التقرير تحليل هذه الظاهرة من الناحية الأمنية بالاستعانة بآراء بعض المتخصصين، حتى يتسنى لنا الوقوف على أسباب تكرار هذه العمليات، وكذلك محاولة تقديم بعض الحلول التي من شأنها خفض نسبة نجاح مثل هذه العمليات.

تعد نقاط الارتكاز الأمني هي الهدف الرئيسي للجماعات الإرهابية في سيناء، وتختلف أنماط تنفيذ مثل هذه العمليات؛ النمط الأول والأكثر شيوعا يتم من خلال استخدام عبوات ناسفة يتم تفجيرها عن بُعد، أو زرعها داخل إحدى المركبات التابعة للتنظيم التي تقوم باقتحام النقاط الأمنية، أما النمط الثاني فيتمثل في قيام أحد أعضاء الجماعة بتفجير نفسه في أحد الأهداف الأمنية، وظهر نمط ثالث بإطلاق بعض صواريخ "هاون" على نقاط الارتكاز الأمني، أما النمط الأخير فهو تنفيذ هجوم واسع على إحدى النقاط الأمنية.

ويمكن فهم استهداف الكمائن في إطار أنها أهداف سهلة بالنسبة للإرهاب، ويعود هذا للعوامل التالية:

الكمين أو أي نقطة ارتكاز أمني ثابت هي بطبعها أهدافا مكشوفة، ومن السهل مراقبتها من قبل الجماعات الإرهابية، وتحديد الوقت الأمثل للهجوم، والذي يكون عادة وقت تغيير الدوريات الأمنية.

لا تتطلب عملية استهداف النقاط الأمنية إمكانيات لوجستية عالية، ويمكن تنفيذها بأقل الوسائل المتاحة.

تُفضل الجماعات القيام بعمليات خاطفة وسريعة، حرصا على تجنب خسائر المواجهات المفتوحة مع قوات الأمن.

تعد نقاط الارتكاز الأمني أهدافا فعالة ومضمونة النتائج، وتضمن بنسبة كبيرة إلحاق خسائر بقوات الأمن بشكل مباشر، في مقابل خفض خسائر الجماعات الإرهابية.

ثبات النقاط الأمنية يتيح للجماعات الإرهابية القيام برصد دقيق للمجال الجغرافي لهذه النقاط، وكذلك أماكن وجود النقاط الأمنية القريبة، ما يسمح لها بتفخيخ الطرق المؤدية إلى النقطة الأمنية، وهو ما تكرر في شمال سيناء بالفعل.

من المثير أن مع تنوع هذه الأنماط وتكرارها منذ صيف عام 2012، وهو توقيت حادثة رفح التي أودت بحياة 16 جنديا مصريا، ما زالت هذه الجماعات تستطيع تنفيذ عملياتها ضد الجنود المصريين، ورغم إعلان القوات المصرية في أكثر من مناسبة سيطرتها على البقع الإرهابية في سيناء، فإن هذه الجماعات تخمد قليلا ثم تعود لتنفيذ عمليات جديدة بنفس الطريقة، ويُرجع الخبير الأمني "سمير غطاس" تكرار هذه العمليات إلى عدة أمور:

عدم الاستفادة أمنيا من العمليات السابقة للجماعات الإرهابية.

غياب التنسيق بين القوات التي تواجه الإرهاب.

نقص المعلومات لدى أجهزة الأمن عن هذه الجماعات، فهناك حلقة استخباراتية لم يتم اختراقها بعد.

وأولى غطاس البعد المعلوماتي أهمية بالغة في منع حدوث مثل هذه العمليات، ونلمس هذا النقص عند مقارنته بالعمليات الإرهابية المُجهضة التي حاولت الجماعات تنفيذها في مناطق أخرى مثل صعيد مصر، أو محاولة تشكيل تنظيم يتبع "داعش" في القاهرة، ما يعد دلالة على نجاح تنفيذ استراتيجية "الأمن الاستباقي" في مناطق أخرى غير سيناء، والأخيرة تشهد تعثرا في استراتيجية الأمن الاستباقي بالتحديد. 

كيف يمكن إيقاف هذه العمليات؟

بالطبع من الصعب إيقاف هذه العمليات تماما دون القضاء على جميع البؤر الإرهابية في سيناء، وهو جهد كبير تقوم بتنفيذه الجهات الأمنية المسؤولة في مصر حاليا، لكن من الممكن تقليل حدة هذه العمليات عن طريق بعض الآليات والتكتيكات الأمنية المختلفة، وفي هذا الشأن يقول "هاني الأعصر" ،الباحث في شئون الأمن القومي بمركز الأهرام للدراسات، إن هناك آليات يمكن من خلال تنفيذها إيقاف مثل هذه العمليات، وذكر الأعصر الآليات التالية:

إلغاء طريقة الكمائن والنقاط الأمنية الثابتة، والاستعاضة عنها بنقاط متحركة، يتم تغيير مواقع وجودها بشكل يومي، ما يفوت على الإرهابيين فرصة دراسة هذه الكمائن، وتنفيذ هجماتهم عليها بسهولة. 

إقامة مجالات آمنة لكافة الارتكازات الأمنية، على أن تتضمن هذه المجالات أجهزة لكشف الألغام وكاميرات مراقبة وكلابا مدربة يُمكن لها رصد الإرهابيين عن بعد، ما يسمح بالتعرف على العناصر الإرهابية بشكل مبكر، وقبيل اقترابها من العناصر الأمنية البشرية.

إقامة بوابات إلكترونية يتم التحكم بها عن بُعد، بحيث يمكن للقوات المتمركزة إغلاق هذه البوابات في حال اشتباههم بوجود عناصر إرهابية.

تفعيل استخدام الطائرات دون طيار "Drones" في عمليات الاستطلاع الأمنية بشكل دائم، وكذلك الأقمار الصناعية والطائرات الحربية، ما ييسر من عملية الرصد المبكر للعناصر الإرهابية، واستهدافها قبيل مهاجمتها للنقاط الأمنية. 

استخدام المجسّات والرادارات وأشعة الليزر والكاميرات الحرارية في تأمين محيط هذه النقاط، والحيلولة دون وصول العناصر الإرهابية إليها.

إقامة مجالات آمنة حول التجمعات السكنية بسيناء، ويمكن تنفيذ هذا بسهولة في مناطق شمال سيناء، لأن المناطق المأهولة بالسكان صغيرة نسبيا، ويؤدي هذا التكتيك إلى تقليل معدلات استهداف الإرهابيين للمنشآت الحيوية والعناصر المدنية ونقاط الارتكاز الأمني.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل