المحتوى الرئيسى

يوسف وهبي.. الفنان الذي وجد "حب عمره" يوم إشهار إفلاسه - E3lam.Org

10/17 10:07

شاركها Facebook Twitter Google +

“وقف يوسف وهبي على خشبة المسرح يؤدي نصاً تراجيدياً بصوته الجهوري وأدائه الخطابي الشائع في زمانه، بجواره وقفت أمينة رزق تبكي وتُبكي المتفرجين. فجأة صاح من بين الصفوف رجل: “كفاية بقى يا يوسف بيه، كفاية، اللي فينا مكفينا يا يوسف يا بيه، عاوزين حاجة من شكوكو”.

حكتها “رضوى عاشور” في سيرتها الذاتية “أثقل من رضوى” نقلاً عن صديقتها الكاتبة لطيفة الزيات عن زيارة للفنان يوسف وهبي لمسرح دمياط مسقط رأس لطيفة. بنظرة على التاريخ الفني للفنان يوسف وهبي تجده من رواد المسرح العربي وصاحب أول فيلم سينمائي ناطق وهو “أولاد الذوات”، إلى فنان تمتع بالذكاء الكافي لإدراك أهمية ذلك الهتاف وإحداث نقطة تحول في طريقه تُرضي صاحب الهموم، من يطالب بالضحك والتخفيف عنه، وتبقيه من أعلام الساحة الفنية حتى بعد تقدم العمر وهي المرحلة التي يتم فيها نسيان الفنان أو حصره في أدوار معينة نظراً لخروجه من مرحلة الفتى الأول والترشح لأدوار البطولة.

قليل من الفنانين من امتلك الإدراك والقدرة على استشعار الوقت والطريقة المناسبة لتقديم نفسه بشكل جديد يستعرض فيه موهبته وقدراته ويحصد النجاح الجماهيري في نفس الوقت، انتقل يوسف وهبي من تبني الدراما والتراجيديا لأداء الأدوار الكوميدية بمنتهى النعومة مستغلاً جميع قدراته المسرحية، فتراه يقدم مونولوجا طويلا بأداء تهتز له أعمدة المسرح لكن ليوظفه في إطار كوميدي بنفس القدرة على توظيفه في مكانه الأصلي على المسرح، لتصبح مشاهده الفكاهية من أيقونات السينما المصرية جنباً إلى جنب مع أعماله الدرامية الخالدة.

في ذكرى وفاة الفنان يوسف وهبي يوم 17 أكتوبر 1982 نستعرض عددا من تصريحاته ومقولاته الشهيرة ليتحدث رائد المسرح والسينما المصرية بنفسه عن نفسه.

1- يوسف هو اسمي الحقيقي، ولدت بمدينة الفيوم بالقرب من بحر يوسف فسُميت تيمناً به، وهناك نوعين من العمر، العمر الفني والعمر الحقيقي، والانسان يفتخر بالإفصاح عن عمره الحقيقي اذا استطاع الحفاظ على مظهره في سن كبير ولا يخجل منه، لذلك فأنا ولدت في عام 1902 يوم 14 يوليو نفس يوم الاحتفال بالثورة الفرنسية.

2- على الرغم من انتمائي للطبقة الأرستقراطية إلا أني كنت أكره غطرسة تلك الطبقة كما أنهم أدركوا قيمة المسرح وتأثيره لذلك حاربوه، فقد رأيت للفقراء حقوق يجب المطالبة بها عن طريقه، ومع ذلك فإن أعدائي أقل في العدد من محبيني لأن الأرستقراطيين يظلوا قلة بالنسبة لجموع الشعب.

3- بعض الناس لا تُفضل مشاهدة المأساة وهؤلاء أعتبرهم أنانيين لأن الاشتراك في المأساة دين، فالمأساة هي الأساس لأن الفكاهة بالرغم من أهميتها فهي للتسلية ومن النادر أن تكون للعظة إلا إذا كانت انتقادية مثل مسرح موليير أو نجيب الريحاني.

4- في إحدى الأيام ذهب ممثل يُدعى “عمر وصفي” للإدلاء بشهادته في المحكمة وعند إعلانه عن وظيفته كفنان رفضت المحكمة الأخذ بالشهادة واعتبرته يشبه “القرداتي” ولا يمكن النظر إليه باحترام كاف، لذلك عزمت على تغيير نظرة المجتمع للممثلين وعند عودتي من إيطاليا وتكويني لفرقة رمسيس راقبت أخطاء الفرق الأخرى وعملت على تلافيها، فمثلاً ألغيت تماماً فكرة الفرق الترحيبية التي تعمل على استجداء المشاهدين للحضور، وعملت على الالتزام بمواعيد رفع الستار وإغلاق باب الدخول في الموعد المحدد وحتى ميعاد الاستراحة لإجبار الجمهور أيضاً على الالتزام.

5- صاحبت تلك الثورة فيما يتعلق باحترام المسرح، بعض الدعابات والمواقف الطريفة، مثل قيامي بإغلاق أبواب المسرح في أول يوم عرض في الموعد المحدد ولم يكن حضر سوى أربعة، رغم أن جميع التذاكر محجوزة لكنهم تعودوا عدم الالتزام فبدأت العرض ولم يدخل أحد آخر، مما دفع أحد الصحفيين للسخرية بعد وقوع حادث قطار قائلاً “يستحسن إننا نعين يوسف وهبي مدير عام السكة الحديد لالتزامه بمواعيده”.

6- في بداية عهدي بالمسرح كانت المرأة “محجبة” أي أنها تجلس في “لوج الحريم” وهو مكان بالمسرح مُغطى بستارة من الدانتيل تشاهد النساء من خلفها العرض، مما جعلني أشعر بظلم للمرأة وعدم قدرتها على الاستمتاع بالمشاهدة فوضعت ستائر كثيفة حتى تضطر لإزاحتها ومُعلقة من حلقات حتى يمكن تحريكها بسهولة، وما كان إلا وقت قصير وأصبح الرجال والنساء يتشاركون المشاهدة في نفس الأماكن.

7- غيرت نهاية فيلم غرام وانتقام بعد وفاة أسمهان من النهاية السعيدة إلى أن يُصاب البطل بالجنون ولا يُكمل لحنه في إشارة إلى الفيلم الذي لم يكتمل، وخُيل إليّ قبل العرض الأول للفيلم أني رأيت أسمهان وقالت لي “مبروك البكاوية” وبالفعل حضر الملك فاروق العرض ومنحني الرتبة بعده، كنت على إيمان من وجودها حولي فوضعت الورود وقلت للحضور “أسمهان تجلس في اللوج المجاور لي، قفوا واقرأوا لها الفاتحة”.

8- زوجتي “سعيدة منصور” هي حبي الحقيقي والوحيد الذي أدركت أني في حاجة إليه بمقدار حاجتي للحياة، فهي أثبتت ذلك بالبراهين خاصة أنها أعادت إليّ مكانتي الفنية والاجتماعية التي كنت على وشك أن أفقدها، عندما تزوجتها كان يوم إشهار إفلاسي، وقفت هذه المرأة بجانبي وجعلتني أنسى أني في محنة، وشجعتني على العمل حتى ضاعفت ما ضاع مني، المرأة التي تحب حب حقيقي هي عناية من الله.

Comments

عاجل