المحتوى الرئيسى

تحركات خصخصة «التعليم».. و«فرم» مستقبل «الغلابة»

10/16 18:30

يبدو أن الحكومة تسعى نحو تقنين التعليم مدفوع الأجر، أو ما يمكن يُطلق عليه باللغة الدارجة «خصخصة التعليم»، إذ سعت أكثر من جامعة حكومية إلى إنشاء جامعات أهلية.

واستغلت الجامعات الحكومية تعديلات قانون التعليم الجامعي، الذي سمح لهم بالتصرف في أموالها، وإدارتها بما يتيح لهم المساهمة في إنشاء ودعم الجامعات الأهلية، أو القيادة منفردة، أو بالاشتراك مع القطاع الخاص، أو الأهلى في المشروعات ذات الطبيعة التعليمية أو البحثية؛ وهو الأمر الذي يفتح الطريق أمام التوسع في الجامعات الأهلية ذات المصروفات المرتفعة، وتقليص دور الجامعات الحكومية ذات التعليم المجاني.

ونصت تعديلات القانون فى مادته 84 على أنه يجوز ندب أعضاء هيئة التدريس لمدة محددة من جامعة حكومية إلى أخرى بقرار من الوزير المختص بالتعليم العالي بعد موافقة مجلسي الجامعتين المعنيتين، كما يجوز ندبهم لشغل وظيفة عامة أخرى بقرار من السلطة المختصة بالتعيين فيها موافقة مجلس الجامعة وأخذ رأي مجلس الكلية المختصة، ولا يعتبر الندب كل الوقت في هاتين الحالتين إعارة تخضع لأحكام الإعارات.

إكمالًا لما سبق، فقد سمحت تعديلات القانون الجامعي، بإدخال نظام الشراكة "p p p" في المؤسسات الجامعية.

ونظام "P.P.P" نظام الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، هو نظام يقوم على التمويل المشترك بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي، لتنفيذ مشروعات البنية التحتية، ويصبح للقطاع الخاص حق إدارة المشروع بعد الانتهاء منه لفترة زمنية طويلة.

وطبقًا لرؤية التعليم فى مصر لعام 2030، والتى نشرتها وزارة التعليم العالى على موقعها على الإنترنت، فمن المُستهدف الوصول لنسبة قيد جامعى تعادل 40% فى الفئة العمرية بين 18 -22 عامًا وذلك حتى العام 2030، وتعتمد استراتيجية الحكومة على التوسع فى إنشاء الجامعات الخاصة والأهلية لاستيعاب هذه الأعداد من الطلاب.

وتبرر الحكومة اللجوء إلى فرض التعليم مدفوع الأجر، بعد الانتكاسات التي تعرضت لها في مؤشر جودة التعليم الجامعي، إذ احتلت مصر المركز 139 من أصل 140 دولة فى مستوى جودة التعليم.

بحسب أمين عام المجلس الأعلى للجامعات السابق، الدكتور أشرف حاتم، فإن خطة التعليم تقتضي إقامة 100 جامعة، مستندًا لرؤية 2030، وأن يكون نصفها على الأقل "جامعات أهلية" أي نحو 50 جامعة أهلية، والباقي ما بين حكومي وخاص. وأضاف، خلال وقت سابق من العام الجاري، أنه تم البدء في تنفيذ 5 جامعات أهلية هي "قناة السويس – بنها – الإسكندرية – أسيوط – عين شمس".

خلال العشرية الأولى من الألفية الثانية، أنشئت مصر جامعة النيل كأول جامعة أهلية في مصر، أعقبتها الجامعة الفرنسية بالقاهرة، وهما بدعم من وزارة الاتصالات وبشراكة مع القطاع الخاص، وتمثلها المؤسسة المصرية للتعليم التكنولوجي.

وتم تحويل جامعة النيل إلى "جامعة أهلية" في عام 2011، ويصل عدد طلابها إلى نحو 1000 طالب، وتتراوح قيمة المصروفات الدراسية ما بين 50 إلى 80 ألف جنيه في العام الدراسي.

من جانبه، قال الدكتور كمال مغيث، الخبير التعليمي، إن ذلك يهدف إلى "خصخصة التعليم" مشيرًا إلى أن الجامعات المصرية أصبح العدد بها لا يكفي على الإطلاق.

وتابع، أن عدد الجامعات لا يتجاوز الـ 24 جامعة، ونحو 24 جامعة خاصة أخرى، بإجمالي 48 جامعة، مضيفًا، أن مصر تحتاج الآن لأكثر من 90 جامعة أخرى.

وحذر مغيث، من انخفاض أعداد الطلاب في الجامعات الخاصة في الفترة الأخيرة بسبب ارتفاع المصروفات بها، حيث يتراوح عدد الدارسين بها إلى 15 ألف طالب، بينما الجامعات الحكومية وصل عدد الدارسين بها إلى نحو نصف مليون طالب.

في نفس السياق، قال الدكتور جمال شيحة، رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي، بمجلس النواب، إن نظام الـ "p p p" لم يتم عرضه على البرلمان من الأصل، معلقًا "بأنه مجرد اقتراحات حتى الآن".

وتابع شيحة، أن تعديلات القانون الجامعي القاضية بتمكين الجامعات الحكومية من إنشاء جامعات أهلية، ستحل مشاكل التكدس في الجامعات وانخفاض الجودة.

وتستعد وزارة التربية والتعليم خلال أيام لافتتاح تجربة جديدة من المدارس تدخل الخدمة لأول مرة في مصر، وهي المدارس اليابانية، التي قررت الوزارة افتتاح 8 مدارس منها في محافظات القاهرة والمنوفية والإسكندرية وأسيوط والمنيا وبنى سويف والسويس، واستلام ثمانية أخرى بداية الشهر المقبل.

ويأتي مشروع المدارس اليابانية الجديدة في إطار خطة وزير التعليم لخصخصة التعليم المجاني، وجعله بأموال تتساوى بل وتزيد في أحيان كثيرة عن المدارس الخاصة.

فرغم أن مشروع المدارس اليابانية تم تنفيذه بمنحة من اليابان تقدّر بمليار جنيه، واشترطت "الجايكا"، (هيئة التعاون الدولي اليابانية JICA طويلة الأجل) والتي يديرها السفير الياباني في مصر، والراعية لمشروع المدارس اليابانية، أن تكون تلك المدارس مجانية؛ لأن المُستهدف الرئيسي منها هي الطبقات الفقيرة، ولكنها فوجئت بأن الوزارة جعلت التقديم لها بمصروفات تصل إلى 4 آلاف جنيه للطالب، وبذلك لا تتوافق مع الشريحة الفقيرة، وتتحول وزارة التعليم لمستثمر في التعليم يحصل على منح مجانية ويقدمها بأموال للمصريين.

وتستهدف الدولة وفق تصريحات وزير التعليم، التوسع في تلك المدارس لتصل إلى 200 مدرسة العام المقبل، في حين توقفت الوزارة عن بناء أية مدارس حكومية جديدة، وبررت ذلك بأن المدارس التي ستكون بمصروفات سينتقل إليها طلاب الشريحة الوسطى، ويتركون المدارس الحكومية للفقراء.

وبهذا المنطق توسّعت الوزارة في اتجاه المدارس ذات الرسوم المرتفعة، والتي تحقق أرباحَا لها على حساب مدارس الفقراء، في حين بدأت بكل قوة في سياسة جديدة لخصخصة المدارس، وطرحها للاستثمار لصالح رجال الأعمال والمستثمرين، ووقّعت بروتوكولًا مع المستثمرين لبناء مدارس خاصة كمشاريع استثمارية وإنشاء 4000 مدرسة خلال الثلاث سنوات القادمة.

وعقدت وحدة المشاركة مع القطاع الخاص بوزارة التربية والتعليم، اجتماعًا للرد على استفسارات المستثمرين حول المشروع الذي بدأت تنفيذه في خصخصة المدارس الحكومية وبناء مدارس مشتركة مع القطاع الخاص.

وبحسب مدير مكتب الوزير، فإن العمل بنموذج المدارس المشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص، هو الاتجاه المستقبلي وهو «مشروع قومي» يهتم به رئيس الجمهورية بنفسه، وله أولوية في التعامل من كل جهات الدولة، وتقدم الوزارة التسهيلات المطلوبة لتنفيذه.

واهتمت الحكومة أيضا بهذا النوع من المدارس، بل اتجهت إلى تحويل المدارس الحكومية المجانية القائمة بالفعل إلى مدارس استثمارية، وهو ما تم مع 6 مدارس أنشأتها وزارة الإسكان بالمدن الجديدة، وبدلًا من تسليمها لوزارة التربية والتعليم كمدارس حكومية مجانية، تراجعت عن ذلك بتكليفات رئاسية بحسب وزير الإسكان مصطفى مدبولي، وسلّمتها للمستثمرين لتصبح مدارس استثمارية بمصروفات، وأمرت بتحويل 14 مدرسة أيضًا يتم التخطيط لها بالمدن الجديدة كـ«مدارس حكومية» إلى مدارس استثمارية.

وإلى جوار المدارس اليابانية والمدارس الاستثمارية، أعادت وزارة التربية والتعليم نموذج مدارس النيل التي بدأت في 2004، وبلغ عددها 10 مدارس فقط، لكن الوزارة قررت التوسع في هذا النموذج؛ لأنها بمصروفات مرتفعة تحقق لها أرباحًا طائلة بدلًا من الإنفاق على مدارس مجانية جديدة، حيث تزيد قيمة مصروفات تلك المدارس لمرحلة الحضانة عن 13 ألف جنيه.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل