المحتوى الرئيسى

مذكرات "أحمد عرابي" تُكذب يوسف زيدان - صوت الأمة

10/16 18:18

ظهر الروائي يوسف زيدان أول أمس في تصريحات تلفزيونية  مثيرة للجدل، حول عدد من الأفكار والشخصيات السياسية في التاريخ المصري الحديث والإسلامي، وكان أبرزها ما قاله عن الزعيم المصري أحمد عرابي وثورته، في أواخر القرن التاسع عشر.

"زيدان" ظهر عبر برنامج كل يوم الذي يُقدمه الإعلامي عمرو أديب على فضائية أون أي ينتقد المقررات الدراسية التي تناقش الأحداث التاريخية حيث قال نصاً: مش إحنا كنا بندرس في المدرسة كان عندنا أحمد عرابي راكب على الحصان والخديوي واقف زى الفار وبيقوله لن نورث بعد اليوم، عمر أحمد عرابي ما شاف الخديوي ولا عمره قال كده.

وتابع: كتب التاريخ بتقولنا أن ثورة أحمد عرابي قامت لأن الأتراك مكنوش بيدخلوا المصريين الجيش، أومال هو بقى لواء أزاي؟، الراجل ده ضيع البلد، ودخلنا في استعمار 70 سنة، لا كان عنده مخابرات عسكرية  ولا عنده أي حاجة، وعملي غاغة، كان عايز يحكم البلد وبس مسكين، إنما الأفلام الهندي اللي درسناها في المدارس شوشت على دماغنا.

 لكن يبدو أن يوسف زيدان من كثرة تعمقه في مخطوطات التراث العربي بمكتبة الإسكندرية - حيث كان يعمل مديراً لقسم المخطوطات بالمكتبة- تناسى قراءة جزء من التاريخ المصري الحديث، ولم يقرأ حتى مذكرات أحمد عرابي نفسه التي كتبها بعد عودة من المنفى مطلع القرن العشرين.

فعرابي في مذكراته التي حاول الاحتلال الإنجليزي حجبها لمدة تزيد عن خمسين عام، وبعد قيام ثورة 23 يوليو أُعيدت نشرها من جديد بمقدمة من الرئيس محمد نجيب نفسه، يحكي وقائع ثورته على الخديوي توفيق، وتفاصيل الاحتلال الإنجليزي لمصر عام 1882 بداية من الخيانة التي تعرض لها، مروراً بنفيه خارج البلاد.

وقال عنها الرئيس الراحل محمد نجيب أن مذكرات عرابي ليست رسماً من ريوم الوطنية الخالدة فحسب، فالواقع أنها إلى هذا كله قد سجلت فيما سجلته حادثاً تاريخياً جليلاً من أجل حوادث الكفاح والتضحية.

- اللقاء الأول لعرابي بالخديوي

"زيدان" يقول أن عرابي لم يُقابل الخديوي توفيق إطلاقاً، لكن "عرابي" يقول في مذكراته نصاً: لما ارتقى توفيق باشا إلى الأريكة الخديوية وسافر إلى الإسكندرية ظفرت برتبة أميرالاي وعينت ياورا خديوياً من ياورانه، وأميراً على البيادة الرابع الكائن مركز بالعباسية بمدينة القاهرة، وكان عثمان باشا رفقي وقتد ناظراً للجهادية وهو رجل جاهل متعصب لجنسه.

يتابع عرابي: وفي ليلة 14 صفر سنة 1298 جائني ضابط كثيراً من الضباط بمنزلي وكانوا جميعاً في هياج عظيم إذ بلغهم صدور أوامر ناظر الجهادية قبل إرسالهم إليهم فلما رأوني أفصوا إلى بما سمعته من نجيب بك وإسماعيل باشا من قبل، وفي الحال كتبت عريضة إلى رئيس النظار مصطفى رياض باشا مقتضاها الشكوى من تعصب عثمان رفقي باشا لجنسه وإجحافه بحقوق الوطنيين وطلبت فيها عزل ناظر الجهادية المذكور وتعين غيره من أبناء الوطن، وتأليف مجلس نواب من نبهاء الأمة تنفيذا للأمر الخديوي الصادر عقب ارتقائه الأريكة الخديوية، وإبلاغ الجيش العامل إلى 18 ألف شخص تطبيقاً للفرمان السلطاني وتعديل القوانين العسكرية بحيث تكون كافلة للعدل والمساواة بين جميع الموظفين بصرف النظر عن اختلاف الأجناس والمذاهب.

وفي غرة ربيع أول سنة 1298هجرية انعقد بعابدين مجلس تحت رئاسة الخديو حضره جميع الباشاوات المستخدمين والمتقاعدين من الترك والجركس وقرروا فيه إيقانا نحن أمراء الألايات الثلاثة الذين وقعوا على العريضة الأنفة الذكر ومحاكمتنا أمام مجلس فوق العادة.. يُتابع عرابي في مذكراته..

حدثت عقب حادثة قصر النيل في أوائل فبراير سنة 1881 إلى وقت سقوط وزارة رياض في 9 سبتمبر سنة 1881 عدة دسائس من الخديوي توفيق أدت لحالة من التوتر بين الخديوي وحكومته وزعماء الجيش، من بينها حينما أوعر الخديوي يوسف باشا كمال وكيل الدائرة الخديوية- وهو رجل جركسي الأصل- إلى باشجاويش جركسي أيضا متزوج من السراي وملتحق بالألاي السواداني بأن يستميل أفراد الألاي المذكور إلى التمرد على ضباطهم.

يقول عرابي: ولما رأى الخديوي توفيق أن محمود سامي البارودي لا يوافق نظار الحكومة على هذه الدسائس التي كانوا يحاربون  بها ضباط الجيش المصريين أمر بعزله من منصبه كوزير للحربية واستبدل به داوود باشا –صهر الخديوي-، وكذلك  أمر بعزل مأمور ضبطية المحروسة أحمد باشا الدرة مللي بسبب موافقته على طلبات الجيش الوطنية.

في تلك الفترة طلب الخديوي توفيق عرابي ورجاله قبل سفره إلى مصيفه بالإسكندرية وقال عرابي نصاً: الخديوي أمرنا وقتها بالمحافظة على الأمن العام في البلاد كما أمرنا بالذهاب إلى جميع قناصل الدول لتأمينهم على رعاياهم وإعطائهم كلمة الشرف بحفظ أرواحهم وأموالهم فصدعنا بأمره وأبلغنا القناصل بأننا قد كلفنا استتاب الأمر والراحة في البلاد، وطمأن خواطرهم على رعاياهم ثم بعنا بناء على ذلك التعهد الرسمي إلى جميع الألايات البيادة والسواري والطوبجية وفروع الجهادية والبحرية بأن يخلدوا إلى الهدوء والسكينة.

لما عاد الخديوي إلى المحروسة من مصيفه صدر أمر من ناظر الجهادية الجديد داوود باشا يكن إلى الألاي الثالث البيادة حكمدارية إبراهيم بك حيد بالتوجه إلى الإسكندرية وإلى ألاي الإسكندرية حكمدارية حسين بك مظهر بالحضور إلى المحروسة فاضطرب ضباط الألاي الثالث وذهبت بهم الظنون والشكوك كل المذاهب وقالوا إن الحكومة لم تقصد من ذلك الإجراء سوى الانتقام منهم.

ولما رأينا كثرة الدسائس وشدة الضغط من الحكومة وعدم التصديق على القوانين العسكرية التي تم تنظيمها وعدم الشروع في تأليف مجلس النواب الذي وعدنا الخديو بإنشائه أيقنا أن الحكومة تماطلنا في تنفيذ الطلبات الوطنية وصمننا على تجديدها، وقمت بمخاطبة جميع الألايات البيادة والسواري والطوبجية الموجودة في القاهرة بواسطة فن الإشارة العسكرية للاستعداد للحضور إلى ميدان عابدين في الساعة العاشرة يوم 9 سبتمبر سنة 1881 ميلادية لعرض طلباتنا العادلة على الحضرة الخديوية.

كان أول من حضر إلى ميدان عابدين الألاي السواري بقيادة أحمد بك عبد الغفار ثم حضرت بألاي العباسية ومعي ألا الطوبجية يقوده إسماعيل بك صبري وكانت بطاريات المدافع تتخلل أورطة البيادة أثناء المسير وهناك أخبرني بعض الضباط أن ألاي الحرس الخديوي- حكمدارية علي بك فهمي- وزرع داخل السراي وهو على استعداد للدفاع عنها إذا مست الحاجة ومعه كمية وافرة من الجباخانة.

ولما كمل اجتماع الجيش في عابدين كان الميدان غاصاً بجماهير المتفجرين من الوطنيين والأجانب ونوافذ البيوت المجاورة للسراي وأسطحتها ملأي بالمتفرجين والمتفرجات وأما الخديو فإنه لما عاد من العباسية دخل السراي من الباب الشرقي المسمى بباب باريز وصعد إلى الإيوان ثم نزل منه ومشى في الميدان وحواليه المستر كوكسن – قنصل إنجلترا في الإسكندرية- والجنرال جولد سميث – مراقب الدائرة السنية- ونفر من جاويشة المراسلة الخديوية، حتى إذا ما توسط الساحة طلبني فتوجهت إليه لأعرض مطالب الأمة وكنت راكباً جوادي وسيفي في يدي ومن خلفي نحو ثلاثين ضابطاً.

يتابع عرابي: فلما دنوت منه صاح بي أن ترجل وأغمد سيفك، ففعلت، ثم أقبلت عليه وفي تلك اللحظة أشار عليه المستر كوكسن بأن يطلق غدارته على فالتفت إليه، وقال أفلا تنظر إلأى من حولنا من العساكر، ثم صاح بمن خلفي من الضباط  أن أغمدوا سيوفكم وعودوا إلى بلكاتكم، فلم يفعلوا وظلوا وقوفاً خلفي ودم الوطنية يغلي في مراجل قلوبكهم والغضب ملء جوارحهم.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل