المحتوى الرئيسى

يرسم المشاعر بالرمال وجسد المرأة بالدخان وأحياناً بالنسكافيه... هيكا

10/16 18:12

هو إبراهيم حسين من مواليد القاهرة، يشتهر باسم "هيكا الشيخ". فنان تشكيلي تجريبي، وممثل ومخرج مسرحي، ورسام كاريكاتير. بعد أن أتقن استخدام الألوان المائية، والفحم، انتقل لاستخدام الرمل والدخان والنسكافيه في أعماله الفنية، بجانب إبداعاته باستخدام طرائق غير مألوفة كالرسم بالتنقيط والتخطيط، سعياً وراء حلم امتلاك أسلوب مميز، ليصير اسمه ضمن فناني مصر المشهورين.

فمن أين جاء هيكا؟ يتعاطف الشيخ مع أطفال الشوارع، وأخرج مسرحية عنهم، كما صورهم في عدد من لوحاته. في المسرحية فضّل الشيخ إطلاق أسماء خفيفة على الأطفال مثل تيكا وهيكا، وأعجبه هيكا الاسم الخفيف الذي يخفي وراءه واقعاً أليماً لطفل الشارع، وأصبح اسمه هيكا الشيخ. هيكا الذي يرى في المخرج كمال الشيخ قدوته، اختار أن يطلق على نفسه لقب الشيخ حباً به.

يحكي هيكا لرصيف22 كيف تعرف على الرسم بالرمال، عن طريق صديقه الفنان هشام عبد الحميد الذي شجعه على إجراء تجاربه الفنية بالرمل. فقد رأى صديقه أنه سيجد أسلوبه الفني في خامة الرمل، وهو ما لمسته خلال اللقاء، حبات الرمل تكاد تنساب من يد هيكا وهو يحكي تجاربه التي بدأها بأدوات بسيطة، لوح زجاجي مرفوع على زجاجات مياه غازية فارغة، وضوء لمبة بسيطة.

يحتاج الرسم بالرمل لأدوات معينة، منها صندوق مغطى بلوح زجاجي بسمك 6 سم، وفوقه لوح ورقي لحمايته من احتكاك الرمال، ويتم وضع إنارة قوية تحت اللوح لتظهر مراحل العمل للجمهور. ويستخدم هيكا ظهر الفرشاة في إضافة بعض التفاصيل للرمال التي ينثرها.

ويقول: "الرسم بالرمل يختلف عن الأدوات الأخرى، فأنا أشارك جمهوري في ميلاد فني، وهي عملية صعبة تحتاج لتركيز كبير، والخطأ البسيط لن يتقبله هذا جمهور". ويبث الشيخ فيديوهات مباشرة بشكل دوري لأعماله بالرمل، من خلال خاصية اللايف التي يتيحها فيسبوك، ولديه المئات من الجمهور الذي ينتظر فيديوهاته ويراها مباشرة.

ويضيف الشيخ: "مع الرمل أنسى نفسي، وأعيش في عالمي، حيث ذاتي تتحقق، بينما بعيداً عن الفن أنا لا شيء، تائه وسط عالم لا أعرفه".

ويذكر الشيخ أن الرسم بالرمل بدأ في أوروبا ثم انتقل للدول العربية، وتميز به المغاربة والفلسطينيون، ثم دول الخليج التي تتوافر لديها رمال جيدة. وفي مصر، لا يتخطى عدد رسامي الرمل أصابع اليد الواحدة، ويقول الشيخ: "رغم الاحتلال والمعاناة التي يعيش فيها الفلسطينيون فإنهم مبدعون وفنانون، وللعجب يحظون بتقدير ودعم أكثر مما يلقاه الفنان في مصر".

في جو مظلم، وصوت موسيقى في الخلفية، يحرك هيكا الشمعة ليمسك بدخانها على اللوحة، ليصير الدخان مادة رسمه، مع أداة تحديد دقيقة، واللوحة تتشكل من كتل الدخان، ومن الفراغ الذي يتركه هيكا، كما في أحد أعماله حيث رسم فيه امرأة، صوّر جسدها بفراغ اللوحة الأبيض بينما شكل الدخان الأسود حدود الجسد وملامحه.

ويوضح الشيخ: "الرسم بالدخان محاولة تجريبية، فأنا أبحث عن الجديد الذي سأقدمه للفن، وأول الأمر استخدمت لمبة غاز صغيرة للحصول على دخانها، ثم جربت الشمعة ووجدتها أفضل". يوجه الشيخ الدخان على ورق مقوى من نوع "ناصبيان" ليتحمل الحرارة، ثم يحرك الشمعة كفرشاة للحصول على الشكل المراد، ويغلف اللوحة بالبلاستيك الشفاف، للحفاظ عليها من تغيير معالمها، فالدخان أقل استقراراً من الألوان التقليدية.

شارك غرد"مع الرمل أنسى نفسي، أعيش في عالمي، ذاتي تتحقق، بعيداً عن الفن أنا لا شيء، تائه وسط عالم لا أعرفه" هيكا

ويذكر الشيخ أن الرسم بالدخان نادر في مصر، لغياب التشجيع ولانتشار الرسم بالألوان، ورسم البورتريه الذي يجني الفنان عائداً مالياً منه، إلا أن حبه للتجديد في الفن، وبحثه الدائم عما يرضي ذاته، يدفعانه إلى تجريب أدوات جديدة، وخوض مسارات غير مطروقة.

علت ضحكة هيكا وقال: "بحس إني ست بيت كل ما أجي أتكلم عن ازاي استخدم النسكافيه في الرسم".

كما يعشق هيكا النسكافيه كمشروب، يستخدمه أيضاً كأداة للرسم، ضمن محاولته لتوظيف ما يحيط به، ويقدم أعمالاً فنية قريبة لجمهوره، وبمواد معروفة ومحببة لهم. ويروي الشيخ تجربته عن الرسم بالنسكافيه بأنها جاءت ضمن أفكار تجريبية لاستخدام ما حوله، فبدأ بتجريب البن الخام، إلا أنه كان أصعب على التطويع، فقرر تجريب النسكافيه فوجده ليناً وطيعاً مثل الألوان المائية، بالإضافة إلى أنه يتميز بقدرته على الالتصاق باللوحة بسبب طبيعة تصنيعه.

ويوفر النسكافيه للفنان درجات عديدة من الألوان بتخفيفه بالماء، فمن البيج الفاتح إلى البني، وكل ما يتوسطهما من ألوان، وهو أرخص في الكلفة المادية، في ظل ارتفاع أسعار الألوان وأدوات الرسم في مصر، لأنها مستوردة من الخارج.

وربما كان الشيخ محقاً، فالحديث عن الألوان المستخرجة من النسكافيه جعلني اقترح عليه مازحاً أن يستخدم الكركم للحصول على درجات اللون الأصفر، واقترحت خطيبته التي كانت تحضر اللقاء، استخدام مسحوق دم الغزال للحصول على درجات الأحمر.

ذكر الشيخ بأن أحد المشاريع المقبلة هو الرسم على سطح الماء بعد معالجته بمواد تمنحه قواماً أكثر لزوجة، وقدرة أكبر على الثبات. وشرح كيفية العمل على الماء، بأنه يتم رش بودرة مخصصة على مياه في إناء واسع نسبياً، واستخدام إبر لرسم العمل على الوجه، ثم طباعة العمل على ورق مخصص، للاحتفاظ به بشكل دائم.

الأنثى هي سيدة لوحات الفحم عند هيكا الشيخ، هو الذي يعشق جمالها، ويقول عن تصويرها: "ليس عيباً تصوير جسد الأنثى، ما دام الهدف هو الفن". من خلال ألوان بيضاء وسوداء وأخرى متنوعة يجسد الأنثى برشاقتها، ودخان سجائرها يعبّر عن حضورها الطاغي.

يؤكد هيكا: "فكرة رسوم الدمج مألوفة، وهي دمج جزء من الحياة الواقعية مع اللوحة للحصول على العمل النهائي." ويضيف قلماً أو مقصاً إلى اللوحة، ليبدو وكأن الشخص في اللوحة يمسك بالقلم، وكأن الواقع واللوحة جزءاً واحداً.

تعبر لوحات الألوان المائية لهيكا عن مواضيع الحب. ففي إحداها رجل يراقص امرأة، وأخرى لشريكين يتأرجحان، وثنائي آخر في حال العناق وينظران للغروب. والحب موضوع مهم لدى الشيخ الذي يقول: "على كل رجل أو فتاة أن ينتظر الحب حتى لو طال انتظاره، وأنا انتظرت 40 عاماً والآن وجدت الحب في إيمان".

هيكا الشيخ ابن الأحياء والحارات المصرية، يفتقد الحرافيش. تدمع عيناه حين يتحدث عن آماله للوطن، وعن مدى الظلم الواقع على أبنائه. عمل رساماً للكاريكاتير في العديد من الصحف، ولديه سلسلة عن الحرافيش يتناول فيها الواقع المصري بالنقد. كما رسم لوحات عن أطفال الشوارع والفئات الشعبية.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل