المحتوى الرئيسى

تحريك العتاد العسكري لحرب أكتوبر.. كيف خدع الجمسي الأقمار الصناعية الأمريكية؟

10/16 13:22

44 عامًا مرت على يوم العبور العظيم للجيش المصري لقناة السويس، مستردا «سيناءه» من قبضة عدو جبان، وعلى طول الجبهة رسم الجيش المصري ملحمة لن يكررها التاريخ. 

عبقرية العبور وقفت خلفه أجهزة وصلت الليل بالنهار للتخطيط لكل صغيرة وكبيرة، ولجأت أجهزة المخابرات المصرية لـ«المكر الاستخباراتي»، في سبيل تجهيز الجبهتين الداخلية والعسكرية للحرب دون أن يلفت انتباه العدو.. وفي سبيل إلقاء الضوء على تلك "الحيل" ننشر حلقات تباعا.

عقب تولي الرئيس السادات رئاسة مصر، خلفًا للزعيم جمال عبد الناصر، بدأ يعد خطة تحرير سيناء المحتلة، وكانت عبقرية الخطة تعتمد على مفاجأة العدو بالحرب، وبالرغم من أن قرار الحرب كان يعلمه أكثر من 150 شخصية مصرية وسورية، فإن إسرائيل لم تعلم بموعد اندلاع الحرب، وذلك لوطنية الـ150 شخصية، وتكتمهم الشديد، ولكن كانت هناك مشكلة حقيقية واجهت القيادة السياسية، وهي كيفية تحريك القطع العسكرية من دبابات وحاملات جنود وحائط الصواريخ نحو القناة وسيناء لشن الحرب، دون ملاحظتها من الأقمار الصناعية للدول الحليفة لإسرائيل وخاصة أمريكا، وانتباه المخابرات الإسرائيلية لما يتم التخطيط له.

واجتمع الجميع لدراسة ما يمكن أن تكشفه تلك الأقمار الصناعية التي تقطع السماء طوال الوقت، ويمكن رصد وتصوير كل التحركات العسكرية، على نحو يصعب معه نقل الجنود المطلوبين إلى الجبهة، وكانت نتائج الدراسة مقلقة للغاية، فمع العدد الكبير لأقمار التجسس الصناعية، كانت التحركات المصرية مراقبة طوال الوقت تقريباً، بالتبادل بين كل قمر وآخر.

وشرح الكاتب نبيل فاروق في كتابه "الدرس" أن الفريق "الجمسي" توصل إلى أن حل تلك المشكلة يكمُن في الحصول على خريطة مسارات الأقمار الصناعية، فعلى خريطة الطرق، كان من الممكن أن تتم التحركات بأسلوب مدروس للغاية؛ بحيث تتحرك القوافل العسكرية طوال الوقت على الطرق، لو تم الالتزام بجدول زمني بالغ الدقة، في وجود خريطة المسارات الخاصة بالأقمار.

ولذلك اجتمع الرئيس "السادات"، برئيس المخابرات العامة، وطلب منه الحصول على مسارات الأقمار الصناعية، التي تصل لإسرائيل بأي ثمن، فبدونها ستكشف خطة الحرب بأكملها، وطوال أسبوعين كاملين، درست المخابرات كل ما يتعلق بأقمار التجسس الصناعية، والصور التي تلتقطها، وكيفية التعامل معها، ودراسة أسلوب التعاون بين مخابرات الدولـة صاحبة الأقمار الصناعية، والمخابرات الإسرائيلية.

وفى نهاية الأسبوعين أصبحت الصورة واضحة أمامهم، فالأقمار الصناعية تلتقط الصور علـى طول مسارها، وتقوم بتحليل ألوانها إلى اثنين وثلاثين قسمًا، تندرج من الأبيض الناصع، إلى الأسود القاتم، وترسل هذه الأرقام إلى محطات الاستقبال الأرضية؛ حيث يعاد استبدال الأرقـام بألوانها، فتتكون الصورة.

وبعد الحصول علـى الصور المُرقمَّة، تتولى مجموعة من الخبـراء دراستها في الدولة الرئيسية، ثم ترسل الصور، التي تحوي معلومات مهمـة إلى إسرائيل؛ حيث يعيد دراستها عدد من خبراء الأرصاد الجوية هناك للحصول على المعلومات الإلزامية، وتبين أنه للحصول على مسارات الأقمـار الصناعية، يجب تجنيد أحد الخبراء، مـن مركز الأرصاد الجوية في إسرائيل ووقع الاختيار على شاب إسرائيلي في الثلاثينيات من عمره يدعى "زلفي"، وهو مـن أصل بولندي، حصل على شهادته الجامعية من جامعة وارسو، قبل أن يبلغ الحادية والعشرين مــن عمره، ونال رسالة الدكتوراه فى الثالثة والعشرين، قبـل أن تهاجر أسرته كلها إلى إسرائيل، ويحصل هناك علـى عمل في هيئة الأرصاد الجوية التي لا يتناسب أبداً مع مؤهلاته وخبراته، وطوال ست سـنوات كاملة لم يحصل "زلفي" على أية ترقيات أو علاوات، وكـان مديره ورئيسه المباشر يتعاملان معه بتكبر وتعنت، وكأنما يغاران من ذكائه وعبقريته وتفوقه.

وفى الثلاثين مـن عمره، تم اختياره ضمن فريق جديد لفحص صور الأقمار الصناعية التي ترد تل أبيب وتحليلها، وعلى الرغم من أهمية عمله، لم يشعر "زلفي" بأية حماسة، خاصةً أن رئيسه الجديد شعر أيضًا بالغيرة من عبقريته فاستبعده من الترقيات، وأسند إليه عمليات الفحص الأولية، التي لا تحتاج إلى مهارات خاصة، أو كفاءات نادرة، وهنا بلغ غضبه ونقمته ذروتهما، وعندما أوشك على الانفجار، وجد نفسه بين ذراعي المخابرات العامة المصرية. التي لم تستغرق عملية تجنيده كثيراً.

وفى بدايات عام 1973 كان "زلفي" مستعداً ومؤهلا لبيع المعلومات إلى المصريين دون أن يسأل عن الثمن، وكأنما يجـد كل متعته في الانتقام من الإسرائيليين فحسب، ولمدة شهر كامل راح زلفي، يرسل المعلومات التي يحصل عليها من الصور إلى المصريين، الذين استخدموها لتكوين صورة أولية عن الأمر، إلاَّ أنها لم تكن تكفي للحصول على المطلوب، ولهذا سـافر مرةً أخرى إلى أوروبا، والتقى هناك بضابط المخابرات المصرية الذي طلب منه إرسال توقيت وأرقام الصور، دون أن يخبره من السبب وراء ذلك الطلب.

أهم أخبار حوادث

Comments

عاجل