المحتوى الرئيسى

ننشر نص كلمة الفريق يونس المصري في عيد القوات الجوية

10/13 16:32

وجه قائد القوات الجوية الفريق يونس المصري، كلمة تقدير وتحية لأبطال حرب أكتوبر ومعركة المنصورة الجوية، في ذكرى مرور 44 عاما على المعركة التي اتخذتها القوات الجوية عيدا سنويا لها، وفيما يلي نص الكلمة:

مع كل إطلالة لشمس أكتوبر المجيد، ومع عبير نسماته العطرة نسترجع سويا ونتذكر إحدى مفاخر العسكرية المصرية فى العصر الحديث، ذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة التى استهلت بانطلاق نسور مصر، محلقين فى عنان السماء ليصلوا إلى أهدافهم فى عمق سيناء، موجهين ضرباتهم الموجعة للعدو فأصابته بالصدمة وفقدان السيطرة على قواته، ذلك الأمر الذى كان له عظيم الأثر فى بعث الثقة فى نفوس أسود قواتنـا المسلحـة الذين عبروا فى أمواج متتابعة لاستعادة الأرض واسترداد الكرامة، وفى تعاون وثيق مع باقى أفرع القوات المسلحة استمرت القوات الجوية فى المشاركة بفاعلية فى تلك الملحمة التاريخية الفريدة، التى سجلت انتصارات متتالية لقواتنا المسلحة على طول الجبهة وفى عمق سيناء الحبيبة، فكان من الطبيعى أن يفكر العدو فى إضعاف المساندة والغطاء الجوى الذى تعتمد عليه قواتنا المسلحة، وذلك بالهجوم على القواعد الجوية والمطارات التى يقلع منها نسورنا، وما إن تمكن من العدو غروره وسوء تقديره وعدم معرفته لصلابة وفطنة المقاتل المصرى وخاصة رجال القوات الجوية الذين دائما ما يستلهمون من الأحداث الجسام العظة والعبرة، حتى بدأ العدو فى صباح يوم الرابع عشر من أكتوبر فى محاولة تحقيق أوهامه، موجها قوته الضاربة صوب القواعد الجوية والمطارات بمنطقة الدلتا، فكانت معركة المنصورة التى تعد وبحق رمزا للتحدى حين تصدى نسور الجو المصريين لتلك الهجمة الشرسة، قبل أن تصل طائرات العدو لأهدافها وفاجأوه بأداء أكثر شراسة رغم التفوق النوعى للعدو، ولكنه الإنسان المصرى الذى يحسن استخدام ما لديه من إمكانيات مهما كانت امتدت تلك المعركة لمدة أكثر من خمسين دقيقة كأطول معركة جوية فى تاريخ الحروب الحديثة واشترك فيها أكثر من (150) طائرة من الجانبين، وفقد فيها العدو ثماني عشرة طائرة، ولم يستطع باقى طياريه مواصلة القتال فلاذوا بالفرار فكان ذلك اليوم نبراسا لنا ولنثبت لأنفسنا قبل الآخرين أننا دائما على مستوى الحدث، قادرين بعون الله أن نواجه التحديات الحالية والمستقبلية، متسلحين بالإيمان وبعزيمة لا تلين وكعادة القوات المسلحة، كمثل يحتذى به فى التخطيط طويل الأمد.

وبعد انتهاء الحرب مباشرة تم وضع الخطة الشاملة للتطوير والتحديث فـى المنظومة العسكرية التى شملت الفرد والمعدة على حد سواء، وكانت القوات الجوية أحد أهم من شملتهم تلك الخطة، فبداية بالفرد، فقد تم التطوير والارتقاء بالمستوى المعيشى والترفيهى والصحى لكافة الأفراد لكى تكون عوامل تساعدهم على تلقى التدريب المتطور على المعدات الحديثة باستخدام أحدث المناهج وطرق التدريب والمحاكيات، مع إيفاد البعثات التعليمية من جميع التخصصات إلى الدول الشقيقة والصديقة، بما يسمح بتطوير الأداء، وبالتالى أساليب العمل لمسايرة التطور الذى طرأ على كافة نظم التسليح.

ومن جهة أخرى، فقد انتهجت مصر منذ حرب أكتوبر وحتى وقتنا هذا سياسة تنويع مصادر السلاح بما يتناسب مع متطلباتنا العملياتية ليصبح لدينا منظومة متكاملة من أحدث الطائرات (متعددة المهام – النقل – الإنذار المبكر – الاستطلاع) والهليكوبتر (الهجومى – المسلح – المضاد للغواصات – الخدمة العامة) من مختلف دول العالم، مع الاهتمام أيضا بالمحافظة على الكفاءة الفنية للأسلحة والمعدات الموجودة بالخدمة، ومنها التى اشتركت فى حرب أكتوبر، بل وتطويرها بعقول وأياد مصرية بما يمكن القوات الجوية من تنفيذ جميع المهام التى توكل إليها فى كافة الظروف والأوقات بدقة وكفاءة عالية، على جميع الاتجاهات الإستراتيجية. وإيمانا منا بأنه لا بد للسلام من قوة رادعة تحميه وتحافظ على مكتسباته ولزيادة الخبرات والمهارات المكتسبة، فقد تم وضع خطة لتنفيذ التدريبات المشتركة مع الدول الشقيقة والصديقة، وساعدنا على ذلك المستوى الراقى لرجال القوات الجوية فى كافة التخصصات، الأمر الذى دعا العديد من الدول لطلب تنفيذ تدريبات جوية معنا وبصفة مستمرة لتأكدهم التام من المردود الإيجابى العالى الذى سيعود عليهم من تنفيذ تلك التدريبات، نظرا للخبرات التى تم اكتسابها خلال المعارك التى خاضتها القوات الجوية وخاصة فى الفترة الأخيرة بالاشتراك فى عمليات القضاء على العناصر الإرهابية وتأمين الحدود. 

وفى إطار حرص القيادة العامة للقوات المسلحة على التحديث المستمر لقدرات وإمكانيات القوات الجوية فقد تم اكتمال توريد منظومة الطائرات الموجهة المسلحة وكذا طائرات النقل (الكاسا) وكذا استلام عدة مجموعات من الطائرات متعددة المهام (الرافال)، التى تعد من أحدث طائرات الجيل الرابع، لما تملكه من نظم تسليح وإمكانيات فنية وقتالية عالية.

وفى سياق متصل فإن التحديث والتطوير فى أعمال البنية التحتية الإنشاءات والمساعدات الملاحية ومعدات الطيران بالقواعد الجوية والمطارات سار جنبا إلى جنب مع وصول الطائرات الحديثة ليتماشى مع الأنظمة المركبة على تلك الطائرات، وكذا توفير كافة عناصر التأمين لعمل أسلحة الجو، بالإضافة إلى التصنيع المشترك لبعض الطائرات مثل الطائرة K-8، ومن أجل تكامل هذه المنظومة فقد اهتمت القوات الجوية بتطوير ورش صيانة الطائرات والهليكوبتر بمختلف مستوياتها للمحافظة على الكفاءة الفنية العالية لها، وقد ظهر جليا أثر ما تم من ارتفاع مستوى الكفاءة القتالية والفنية للقوات الجوية، الأمر الذى مكنها من تنفيذ مهامها بدقة على كافة الاتجاهات الإستراتيجية فى ضرب معاقل الإرهاب فى العمق الليبى، وكذا اشتراك القوات الجوية فى عملية (عاصفة الحزم) بعدها عملية (إعادة الأمل) ضمن قوات التحالف العربى لإعادة الاستقرار والأمن للشعب اليمنى وحماية العمق الإستراتيجى لمصر متمثلا فى باب المندب. 

أما ما يشغل بال كافة طوائف الشعب المصرى وهو مسار الحرب على الإرهاب وبالتالى دور القوات الجوية فيها، فأود أن أوضح أن مصر تخوض منذ أربع سنوات حربا ضروسا ضد كيانات إرهابية مدعومة ماديا وتكنولوجيا من دول بعينها تهدف إلى إسقاط الدولة المصرية، التى تسعى شعبا وجيشا وشرطة إلى تثبيت أركانها فى تلاحم فريد قلما يتواجد فى زمن كثرت فيه التكتلات ذات الخطط الشيطانية، التى تهدف إلى بسط سيطرتها على دول المنطقة بعد زعزعة استقرارها بما يسهل من إسقاطها كما حدث مع عدد من دول الجوار والتى تمثل عمقا إستراتيجيا لمصر.

أما دور القوات الجوية فى هذه الحرب فهو تنفيذ مهام لم تكن ضمن مهامها قبل ذلك، بل دعت الضرورة إليها باستخدام كافة أسلحة الجو مثل تأمين الحدود على كافة الاتجاهات الإستراتيجية على مدار اليوم، لمنع عمليات التهريب وتسلل العناصر الإرهابية ومعاونة قوات إنفاذ القانون فى عمليات المداهمات التى تقوم بها ضد تجمعات العناصر الإرهابية فى سيناء، التى نحرص فيها دائما على سلامة المدنيين الذين يتخذهم الإرهابيون دروعا وساترا لهم خلال مراحل تنفيذ عملياتهم الدنيئة أو خلال محاولاتهم الفرار من قواتنا. ولعلكم تلحظون تراجعا كبيرا فى عدد وحجم العمليات الإرهابية بما يؤكد النجاحات الكبيرة التى يحققها أبطال القوات المسلحة، ويكفى ما أعلنته عدة جهات دولية بأن مصر هى الدولة الوحيدة فى العالم التى تواجه الإرهاب بشجاعة وجرأة وصدق وأيضا بفاعلية، كل ذلك تحقق بفضل الله ووقوف الشعب خلف جيشه الذى دائما ما كان عند حسن الظن به، ذلك لأنه جيش وطنى من نسيج هذا الشعب. 

لقد تسلمنا الراية عالية خفاقة من جيل بذل الدم والروح فى سبيل عزة ومجد وطننا الحبيب، بعد أن أضاء ومهد لنـا الطريق، لكى نكمل المسيرة وننطلق إلى آفاق لا حدود لها، تكاد تتسع لطموحات شعبنا العظيم، فكنا وسنظل بعون الله عند حسن الظن بنا. 

وفى هذا اليوم الخالد دائما نتذكر بكل العرفان شهداء القوات الجوية الذين لم يبخلوا بأرواحهم فى سبيل غد أفضل لنا جميعا ونعاهدهم ونعاهد شعبنا العظيـم أننا على طريق النصر ماضون، وأن نبذل فى ذلك العرق والدم بل والروح.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل