المحتوى الرئيسى

الإرهاب المدرسى الأمريكى | المصري اليوم

10/10 06:01

لأول مرة فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتزامن مع صعود دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة، يتم هناك هذا العام تدريس حصص، تم تخصيصها لتلاميذ المرحلتين الإعدادية والثانوية، حول الإرهاب وعلاقته بالإسلام والمسلمين، دون الإشارة بالطبع إلى أن هذا الإرهاب الذى تعنيه الدراسات هو صناعة أمريكية خالصة، كما تنظيم داعش تماماً، كما تنظيم القاعدة من قبل، وأيضاً دون الإشارة إلى أن السلاح المستخدم فى معظم عمليات الإرهاب، بل والحروب الدائرة حول العالم، هو صناعة أمريكية، وأيضاً دون الإشارة إلى أن عدد القتلى بأيدٍ أمريكية عشرات الملايين، سواء داخل الولايات المتحدة، كما الهنود الحمر والمواطنين الأفارقة، أو خارج الولايات المتحدة، بدءاً من اليابان وكوريا، ومروراً بفيتنام وبنما، وحتى أفغانستان والعراق.

فقط سوف أستعير ما ذكرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، قبل عدة أيام، فى أعقاب حادث الهجوم الوحشى فى لاس فيجاس، الذى أسفر عن مقتل ٦٠ شخصاً وإصابة ٥٠٠ آخرين، فقد ذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة شهدت ٥٢١ حادث إطلاق نار خلال ٤٧٧ يوماً فقط، ونشرت الصحيفة فى افتتاحيتها بالموقع الإلكترونى رسوماً توضيحية لحوادث إطلاق النار، التى أدت إلى مقتل العشرات داخل الولايات المتحدة منذ ١٢ يونيو ٢٠١٦، عندما فتح مسلح النار على ملهى للشواذ فى أورلاندو، أسفر عن مقتل ٤٩ شخصاً وإصابة العشرات.

واختتمت «نيويورك تايمز» بحادث لاس فيجاس، الذى نفذه عجوز يبلغ من العمر ٦٤ عاماً، عندما فتح النار من سلاح آلى على حفل غنائى، من شرفة غرفته بالطابق الـ٣٢ فى الفندق المطل على ساحة الحفل قبل أن ينتحر، كما عرضت الصحيفة بيانات توضح أنه منذ شهر يونيو من العام الماضى، فإن حوادث إطلاق النار التى شهدتها الولايات المتحدة أسفرت عن مقتل ٥٨٥ شخصاً، وإصابة ٢١٥٦ آخرين.

الأكثر دهشة، هو ما ذكرته صحيفة «إندبندنت» البريطانية أن 1.2 مليون أمريكى قُتِلوا جراء الصراعات الأمريكية الخارجية فى التاريخ الحديث، إلا أن عدد الأمريكيين الذين لقوا مصرعهم نتيجة حوادث متعلقة بالسلاح النارى داخلياً أكثر من ضحايا الحروب الأمريكية منذ عام ١٩٦٨، وأوضحت الصحيفة أن أكثر من 1.5 مليون مواطن أمريكى لقوا مصرعهم بالسلاح النارى خلال الـ٤٩ عاماً الأخيرة وفقاً لإحصائيات رسمية، وذلك بمنأى عن الإسلام والمسلمين، بما يشير إلى أن هذه الممارسات سلوك أمريكى خالص اعتادت عليه قبل وبعد نشأتها.

السؤال هو: ماذا لو أن المناهج الدراسية لدينا تضمنت دراسات رسمية توثق لمقتل ملايين البشر بأيدٍ ونيران أمريكية فى قارات العالم المختلفة، منذ اكتشاف ما يُعرف بأمريكا قبل أقل من ثلاثمائة عام حتى الآن؟ ماذا لو أن المناهج الدراسية لدينا تضمنت أن من بين القتلى نحو ١١٢ مليون نفس بشرية من الهنود الحمر وحدهم فى أفظع عمليات إبادة عبر التاريخ وأكثرها وحشية؟ ماذا لو تضمنت أن العنصرية الأمريكية أيضاً قتلت ملايين الأفارقة السود باعتبارهم عبيداً تم جلبهم من بلادهم فى أقفاص الحيوانات؟ ماذا لو أن المناهج الدراسية لدينا تضمنت الدعوة إلى عقاب الولايات المتحدة على جريمتها بحق الشعب اليابانى، بعد أن استخدمت السلاح النووى فى قصف مدينتى هيروشيما وناجازاكى، وأسفر ذلك عن قتل مليون مواطن فى كل مدينة؟ ماذا لو أن المناهج الدراسية لدينا تضمنت ضرورة مقاطعة الولايات المتحدة، جراء قتل مليون مواطن فى أفغانستان ومثلهم فى العراق؟

بالورقة والقلم، سوف نكتشف أن الولايات المتحدة هى دولة الإرهاب الأولى فى العالم، سواء على صعيد الممارسات الفردية، وما تسفر عنه من عمليات قتل شبه يومية فى صفوف المواطنين هناك، أو على صعيد ممارسات الدولة الرسمية، وما يسفر عنه من قتل جماعى فى صفوف الشعوب العربية والإسلامية تحديداً.

ما أثار غضبى تجاه هذه القضية التى نحن بصددها، رسالة من مواطن مصرى يشكو فيها من ذلك الذى طرأ هذا العام على المناهج الدراسية الأمريكية، بتوجيهات من ترامب شخصياً فيما يبدو، وأصبح فرضاً وجبراً على التلاميذ المسلمين بالمراحل الدراسية المختلفة هناك أن يسمعوا داخل الفصول الدراسية هذا الكلام السخيف والمغلوط، ولا يحق لهم المناقشة أو الاعتراض، دون الوضع فى الاعتبار تأثير ذلك مستقبلاً على الجانب النفسى لديهم، ومدى ما يمكن أن يسببه ذلك من عقد نفسية مع ذلك المجتمع الذى ينتمون إليه شكلاً ومضموناً.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل