المحتوى الرئيسى

أبطال حرب أكتوبر بالإسكندرية.. بطولات حية وأجساد رحلت وبقيت ذكراها "حلقة 1" - إسكندراني

10/07 17:12

ذكري حرب أكتوبر المجيدة، تأتي كل عام محملة بنسمات عطرة لرائحة النصر، حيث يستعيد ذكراها أجيال عاصرت تلك البطولة وشاركت في صناعتها، ويحتفل بمجدها أجيال يعتبرون ذلك النصر أعظم ما كان في تاريخ مصر الحديث.

وفي ذكري تلك الأيام تبدأ حكايات الحرب والنصر تستعيد أبطال حفرت أسماؤهم كعلامة من علامات النصر، ومنهم أبطال من أبناء الإسكندرية تقام من أجلهم منصات الإحتفالات كل عام بالمنطقة الشمالية ومراكز الثقافة لتكريمهم وتكريم أسر من رحل منهم.

“المقاتل الفذ”، و”الجوكر” و”الجمل” و”فهد سيناء” جميعها ألقاب عرفها تاريخ القوات المسلحة مع البطل ابن الإسكندرية ” علي أبو الحسن”، وذلك نظرًا لشجاعته في تنفيذ عمليات فدائية قام بها من خلال مشاركته مع المجموعة “39 قتال”، حتى أن قوات العدو الإسرائيلي أعلنت عقب حرب أكتوبر عن أسماء ثلاثة كمطلوبين أحياء أو أمواتا، وهم، إبراهيم الرفاعي – قائد المجموعة، وعلى نصر، بالإضافة للمقاتل أبوالحسن.

يقول أحمد أبو الحسن، الابن الأكبر للبطل، إن والده ظل حتى وفاته في شهر يناير 2015، يحتفل بيوم أكتوبر، ويعتبره ذكرى مميزة، وكانت أكتر جملة يرددها، هي أن هذا اليوم هو يوم ميلاد مصر، ولهذا فالاحتفال به أهم من الاحتفال بيوم مولده، مضيفًا أنه عقب وفاة والده تم إطلاق أحد شوارع منطقة رأس التين، والتي ولد وتربى فيها علي اسمه، تخليدًا لذكراه، لافتًا إلى أن والده تطوع في القوات البحرية عام 1958، بعدما ترك دراسته بالصف الثاني الثانوي التجاري، ليلتحق بوحدة الضفادع البشرية، ثم الصاعقة البحرية، حتى أصبح له تاريخ من العمليات الفدائية.

ويروي أحمد بعض المواقف البطولية لوالده، والتي كان دائمًا ما يسمع قصصها خلال حكاياته معهم، ولقاءاته التليفزيونية ودعواته لحضور مراسم الاحتفال بنصر أكتوبر، في ندوات بالإسكندرية، قائلًا إن والده انضم إلى لواء الوحدات الخاصة بالمجموعة 39 قتال، مجموعة الشهيد البطل إبراهيم الرفاعي، التي سببت فزع حقيقي للعدو، حتى سميت بمجموعة “النمور”، وكانت ضمن العمليات التي شارك فيها هي ضرب ميناء إيلات البحري في عام 69، بالإضافة إلى عمليتي رأس التمساح “1 و2″، اللتين جاءتا ردًا على استشهاد البطل عبد المنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة.

كما شارك أبو الحسن في سد فتحات أنابيب “النابالم” في مياه القناة قبل عبور القوات يوم 5 أكتوبر في حرب 1973، حتى يفتح الطريق أمام قوات العبور دون أي خطر عليهم من النابالم، الذي يحول القناة لكتلة من نار في حال عدم نجاح العملية قبل العبور بساعات، فضلًا عن مشاركته في عملية تدمير مطار الطور.

وعن الأوسمة التي حصل عليها أبو الحسن، يقول أحمد إن والده لم يكن ضابط بحري؛ إلا أنه حصل على وسام نجمة سيناء، وهو أعلى وسام عسكري تم منحه بعد العبور، وكان أول مقاتل في صف غير الضباط، يحصل على هذا الوسام، وحاز قبلها على وسام الشجاعة ثلاث مرات، بجانب نوط الجمهورية، ووسام الشجاعة الليبى.

“أوشريا”، ” ساع آوي”.. كلمات كانت تستخدم كرسائل بين الجنود والضباط المصريين وقت حرب أكتوبر، ومرت على مسامع ضباط العدو الإسرائيلي، دون أن يستطيعوا فهمها وفك رموزها، وكان لهذا اللغز سبب في انتصار أكتوبر، ويرجع الفضل لتلك الفكرة إلى المقاتل النوبي أحمد إدريس، والذي يقيم بالإسكندرية منذ طفولته والتحق بالقوات البحرية فيها.

“اقترحت على الرئيس السادات في عام 1971 إدخال اللغة النوبية، كشفرة للمراسلات الكلامية خلال فترة الحرب، ودون تردد قال لي: توكل على الله، وبالفعل حققنا السرية بكلماتها”.. قالها إدريس مختصرًا فكرة استخدام اللهجة النوبية كوسيلة للمراسلة.

ويضيف أنه بعد موافقة السادات، قام بتعليم زملاؤه كلمات تستخدم فيما بينهم ومنها “أوشريا” والتي تعني اضرب، و”ساع آوي” التي تعني الساعة الثانية، وكلمة “ديس” التي تعني الدم، “وير” وتعني واحد.

وأضاف إدريس أنه من أسرة نوبية، وتعلم أصول اللغة التي لا يجيدها سوى النوبيون، ولا يفهمها غيرهم، ولهذا عندما استطاعت إسرائيل فك جميع الشفرات، التي كانت تستخدم بين الضباط المصريين قبل حرب أكتوبر، فكر في استخدام لغته لثقته أنهم لن يستطيعوا فك شفرتها مهما استعانوا بقواميس العالم، فأبلغ قائدةه بالفكرة، وعندما تم إبلاغ الرئيس السادات بها استدعاناه بمكتبه وناقش الفكرة معه وتحمس بشدة.

ويستكمل إدريس “عندما عدت إلى مقر خدمتي العسكرية تلقينا أوامر بالاستعانة بكافة المجندين النوبيين، حيث كان يبلغ عددهم 70 مجندًا، لتدريب باقي الزملاء اللغة”، مبينًا أنه بعد استمرار نجاح الشفرة استدعاه الرئيس السادات، وطالبه بالحفاظ على سريتها، وهدده بأن عقوبة الإفصاح عن سر عسكري هي الإعدام، لافتًا إلى أنه تم العمل باللغة النوبية كشفرة سريه حتى عام 1994.

المهندس إكرام لبيب، ابن الإسكندرية، كان أحد ضباط الجيش، الذين تم أسره خلال الحرب هو وشقيقه الفنان لطفى لبيب، حيث كان حينها برتبة رائد احتياطي، وتمركز في الحرب بمنطقة غرب القناة “جنوب البحار”.

يقول إكرام إنه كان ضمن الأسرى، الذين ألقت القوات الإسرائيلية القبض عليهم، بعد وقف إطلاق النار يوم 24 أكتوبر، في حين كان شقيقة لطفي لبيب، ضمن المجموعة المحاصرة بالضفة الشرقية.

ويروي إكرام قصته في الحرب قائلًا إنه اشترك في الجيش المصري عام 66، وخلال فترة الحرب، كان يتولى مسؤولية الشؤون الإدارية المختصة بتوزيع الطعام والذخائر على المجندين، وفي يوم 24 أكتوبر تم أسره مع مجموعة من الضباط والمجندين، بعد أن ضل هو وزملاؤه في الصحراء 10 أيام، واجهتهم فيها مصاعب كثيرة، خاصة بمنطقة جنوب البحيرات، التي تم أسره فيها وترحيله إلى العريش، ومنها إلى حيفا ثم إلى تل أبييب، حيث بدأ الموساد الإسرائيلي التحقيق معهم، وظل لفترة حتى تم الإفراج عنه في عملية تبادل الأسرى.

وأضاف لبيب أن أكثر ما كان يرهقه خلال فترة أسره، هو ما تردد بشأن مقتل شقيقه لطفي، إلا أنه كان لديه يقين بأنه ما زال حي، ولهذا عندما عاد إلى الوحدة الخاصة به، بدأ بالبحث عن أي خيوط تدل على وجود أخيه، حتى توصل لاحتمالية وجوده داخل معسكر الجيش الثالث المحاصر، وبالفعل توجه إليه مع سيارة كانت تحمل طعام وارتدى ملابس السائق وظل يبحث بجميع الثكنات عنه حتى وجده وصحبه معه للعودة.

كانت الإسكندرية وما زالت تفخر بوجود إثنين من أبنائها في عملية إيلات، واللذين رحلا في أيام متتالية في العام الماضي، لتأتي ذكرى الحرب، فتعيد تذكر أمجادهم التي كانا يروون حكاياتها في منصات إعلامية وصحفية، أحد هؤلاء أبطال هو القبطان عمرو البتانوني، وهو أحد فريق القوات الخاصة، الذي كان يقوده اللواء محمود فهمي، والثاني هو اللواء حسن حسني الذي شارك في تدمير المدمرة البحرية إيلات 2.

“تعودنا على طقوس معينة منذ صباح هذا اليوم بتشغيل أغاني وطنية وأفلام الحرب واستقبال مكالمات زملائه يستعيدون فيها ذكري هذا اليوم بالتهنية، إلا أن الذكري هذا العام تفتقد وجود البطل الذي كان يعيش بيننا”. بهذه الكلمات تحدث نادين البتانوني، زوجة البطل الراحل، مضيفة أنه شارك في عدة عمليات، كانت أهمهم وأوسعهم صدى هي عملية “إيلات”، وشارك قبل معارك أكتوبر 1973 بسد فتحات النابلم في قناة السويس، كما تم الهجوم على المواقع البترولية والحفارات البحرية في منطقة أبو رديس وبلاعيم، وكانت هذه المنطقة تضم حفارات بترول مصرية إيطالية ضخمة تقوم بالعمل في أكبر بئرين للبترول، وبعد نكسة يونيو عام 1967 طلب الرئيس السادات نسف هذه الحفارات والمنطقة كلها، وبعد العودة تم منح البطل القبطان عمرو إبراهيم البتانوني ورفاقه الأبطال وسام النجمة العسكرية الثاني.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل