المحتوى الرئيسى

أحمد دومة يكتب من محبسه: ما الوطن أصلا!

10/07 13:40

أن تكونك فتبقى في السلاسل ينهش "الكركي" كبدك، أو تكون مسخا غيرك.. فلا تكون ولو ظللت في قلب النور للأبد!

ليس المستقبل وحده على المحك، إنما الإيمان، الانتماء، والكينونة كلهم على الحافة، رهن قرار تتخذه لحظة ضعف أو هزيمة فتنجو مشوها غير قادر على مطالعة خريطة الوطن.. كيف تنظر في عيني امرأة أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟!

فما بالك وأنت تسلمها للعتمة الدائمة؟ 

لا أظن المصيبة أنك مجرد جندي، أو قائد منهزم ولا أن المنتصر على الضفة الأخرى يفرض عليك شروطه (هل هناك ضفة أخرى أصلا؟)، المصيبة أن تصدمك حقيقة أن كل شيء قابل للمساومة، أنت وما تحمل من مشاعر.. قناعات.. وحتى علاقتك كمواطن بالوطن، مجرد رقم في قائمة شروط، وخياراتك منحصرة في انتقاء ميتة تليق بك: منتحرا متمردا، أو قتيلا مستسلما! 

جيل كامل رهن وجوده بحلم لفرط مثاليته باغتهم دنوه لهذا الحد. 

تتوالى الصدمات، أهونها ربما السجن والقتل، نهايتهما مريحة تحميك من عقدة الذنب، أما الذين راهنوا على سيوف الأهل والرفاق لتنصرهم (لا تقتل الأعداء.. لكنها تقتلنا إذا رفعنا صوتنا جهارا.. تقتلنا وتقتل الصغارا). 

ليس هذا فحسب، بل اكتشفوا أصلا أنهم في عيون الكل هم العدو.. وفي هؤلاء تجلت المأساة! 

هل يمكن لجيل كهذا أن يلتفت للاحتياطي الأجنبي ومعدل البطالة؟ كيف لمن ماتت أمه في المساء أن يبحث عن حال الطقس في الصحف حين يستيقظ؟

الجنود العائدون من الميدان مهزومين، ولو مؤقتا، لا وقت أمامهم للنقاش حول ما حدث، لقد وجدوا أنفسهم وهم في الطريق لمنازلهم يلملمون الجراح ويستوعبون الحادثة منتقلين لميدان أقسى.

يحاربون الآن ليثبتوا أنهم (كانوا هنا)، يصارعون على الذاكرة، يقاومون النسيان، يبحثون عبثا عن سلاح يثبت هويتهم، ووطنيتهم، وحتى وجودهم.

فالجراح والدماء والعمر والغياب والسجن.. لم تكن كلها دليلا كافيا على ما بدا! 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل