المحتوى الرئيسى

التقرير السنوي لـ«حقوق الإنسان»: «التظاهر» قام على المنع.. وضبط الصحفيين جاء دون موافقة النقيب 3-3

10/07 13:40

قانون الجمعيات الأهلية الجديد خالف أصول التشريعات وأهدر الضمانات الدستورية ويجب تعديله

أكد التقرير السنوي لمجلس حقوق الإنسان أن قانون التظاهر قام على المنع والتقييد وليس على الإباحة، وأن ضبط وزارة الداخلية للصحفيين عمرو بدر ومحمود السقا من داخل مقر النقابة جاء دون موافقة النقيب أو أي من أعضاء مجلس النقابة بما يخالف القانون.

وذكر التقرير، في الجزء الثالث والأخير الذي تنشره "التحرير"، أن الضغوط على أداء الإعلام تواصلت وسط استمرار الحملات المضادة، وفاقمت أزمة نقابة الصحفيين من المشهد السلبي للحريات الصحفية والنقابية، وتزايدت وتيرة قضايا الحسبة السياسية والدينية وكذا قرارات حظر النشر، مع الاستمرار فى العمل بقانون "التظاهر"، وتفاقمت أزمة جماعات حقوق الإنسان، والنقابات العمالية المستقلة.

تعزيز الحريات يدعم البيئة الأمنية

وعلى صعيد حرية الرأي والتعبير، وفي خطوة إيجابية مهمة أصدر مجلس النواب في نهاية 2016 الحزمة المتعلقة بقوانين الإعلام، وتشمل: تأسيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، وهى الأجهزة التى تشكل معا الجسم الأساسي لإشراف مستقل ومحايد وموضوعي على الإعلام العام والخاص، وهو ما يرجي أن يسهم في تحسين العمل الإعلامي وإصلاحه من التخبط ونقص المهنية وفداحة الانحيازات فى ظل محاولات التصدي للحملات الإعلامية والخارجية.

ولفت التقرير إلى أنه على الرغم من تشكيل المجالس في ربيع عام 2017 وشروعها فى ممارسة مهامها، فإنه لا تزال بحاجة إلى فترة أكبر لتفعيل دورها والنهوض بمهامها الخارجية.

وقال التقرير :"تواصلت أزمة العمل الإعلامي في مصر، حيث تواصل منحى التدهور تحت ثلاثة أنواع من الضغوط، أولها الرغبة فى رد الاتهامات الجائرة التى تطال البلاد من وسائل الإعلام الخارجية والتى تتجاوز مقتضيات الرد في الكثير من الأحيان إلى العمل على تنمية القبول بالأخطاء والدفاع عنها، وثانيها الميل إلى خدمة الأخبار السريعة غير المدققة والتى تساهم في بناء انطباعات خاطئة، وثالثها إيلاء الاهتمام بتنمية عائدات الإعلانات على حساب الخدمة المهنية".

وأوضح التقرير أن أزمة الصحفيين التى جاءت فى نهاية أبريل 2016 جاءت لتشكل إحدى محطات الأزمة، حيث قام رجال الأمن بتنفيذ أمر النيابة العامة بضبط 2 من الصحفيين المعتصمين بمقر النقابة، وذلك دون موافقة نقيب الصحفيين أو عضو من مجلس النقابة كما يقتضي القانون.

وذكر التقرير أن الروايات تضاربت حول إخطار جهات الأمن نقيب الصحفيين هاتفيا من عدمه، ومدى ملاءمة سلوك قوات الأمن حتى مع الإخطار، وذلك خلال الأجواء المشحونة التى رافقت احتجاجات على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، وكان مقر نقابة الصحفيين مركزها الرئيسي.

وأكد التقرير أنه بينما اتخذت الصحف إجراءات متنوعة للاحتجاج على سلوك وزارة الداخلية، فقد قامت قوات الأمن بالتصعيد ضد النقابة خلال عقد الاجتماعات الطارئة لهيئاتها أو خلال توافد المتضامنين مع النقابة.

وقال التقرير إنه ينظر بتقدير إيجابى لجهود الدولة فى حفظ الأمن العام ومكافحة الإرهاب وتعزيز سيادة القانون واستعادة هيبة الدولة، وأن تعزيز حماية واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة من شأنه أن يدعم البيئة الأمنية القوية.

وطالب بتسريع وتيرة التقدم فى تفعيل الدستور وإصدار التشريعات المفعلة لضمانات حماية حقوق الإنسان وفق المادة 93 من الدستور.

تعديلات قانون التظاهر لم تف بتطلعات الجماعة الحقوقية

على صعيد الحق في التجمع السلمي، ذكر التقرير أنه على الرغم من التعديلات الجزئية التي أدخلها مجلس النواب على قانون التظاهر المثير للجدل بموجب حكم المحكمة الدستورية العليا بإبطال دستورية إحدى الفقرات، فقد استمر العمل بقانون التظاهر على نهجه في تبني فلسفة تقوم على المنع والتقييد لا الإباحة، وهو ما استمر سببا في تمرد الناس على القانون، ولم تف التعديلات التى أجراها مجلس النواب على قانون التظاهر بتطلعات المجلس ومنظمات حقوق الإنسان.

وأكد التقرير أن أجهزة الأمن استمرت للعام الثاني على التوالي في إتاحة التظاهر المرخص وغير المرخص وغير المشروط فى المناسبات القومية تأييدا للدولة، بينما قوبلت التجمعات الاحتجاجية على سياسات الدولة بالمنع والتقييد.

وذكر التقرير أن السلطات سمحت لمتظاهرين مؤيدين لاتفاقية ترسيم الحدود مع الملكة العربية السعودية بالتظاهر تأييدا خلال شهر مايو 2016، بينما قابلت تظاهرات محتجة على الاتفاقية بالمنع والتقييد وكذا احتجاز العشرات من المشاركين وملاحقتهم قضائيا بما أدى لمعاقبتهم بالحبس والغرامة، وتم تخفيف الأحكام لاحقا بحيث تم إطلاق سراح أغلبهم بعد سداد غرامات مالية باهظة وتبرئة نحو الثلث من المحتجزين دون أية عقوبات.

قانون الجمعيات الجديد أخلَّ بالضمانات الدستورية لعملها

على صعيد الحق في حرية تكوين ونشاط الجمعيات، قال التقرير: "شكلت أزمة قانون الجمعيات الجديد منعطفا حادا فى العلاقات بين الدولة ومجلس النواب من ناحية وبين المجتمع المدني من ناحية أخرى، كما شكلت مؤشرا سلبيا على تقدم البلاد فى تلبية التزاماتها فى مجال حقوق الإنسان والحريات العامة".

وذكر التقرير أنه خلال العام 2016 تواصلت الحوارات الرسمية بين مؤسسات المجتمع المدني والدولة ممثلة في وزارة التضامن بشأن وضع قانون جديد يستجيب للدستور، ولم يشتمل مسار الحوار خلال العام 2016 على ما أنتجته الحوارات السابقة فى الأعوام 2012- 2015 من مسودات توافقية، وانتهت فى أغسطس 2016 إلى طرح وزارة التضامن لمشروع جديد كليا طرحته للتشاور فى نطاق ضيق مع 20 من ممثلي المجتمع المدني بينها حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وعضو المجلس، وتحفظت بعض مؤسسات المجتمع المدني على ثلاث نقاط سعت للتحاور بشأنها، غير أن الحكومة أقرت مشروع القانون مطلع سبتمبر 2016 وقدمته رسميا لمجلس النواب.

وقال التقرير: "غير أن عددا من نواب لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب تقدموا بمشروع آخر مذيل بتوقيع أكثر من 60 نائبا على نحو يمنحه الأولوية فى المناقشة بموجب الدستور، وأخل مشروع القانون بكل التوجهات التى حرص الدستور على توفير الضمانات فيها".

وأوضح التقرير أن القانون شمل تقويض الضمانة الدستورية لتأسيس الجمعيات بالإخطار عبر وضع سلسلة معقدة من الإجراءات التى تخل بجوهر الضمانة الدستورية، وأخل القانون بمعنى الإباحة عبر وضع مهلة زمنية لجهات الإدارة للرد على طلبات التأسيس والنشاط والتمويل جعل من نهاية المهلة سببا للرفض لا سببا للقبول، كما هو دارج في أصول التشريعات.

وقال التقرير: "ربط القانون بعبارات فضفاضة نشاطات العمل الأهلي باعتبارها جزءا من التنمية الاجتماعية، فضلا عن عدم تبني أي من ملاحظات المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي تم عرض مشروع القانون عليه بعد إقراره مبدئيا من مجلس النواب، وبدلا من إنهاء حقبة العقوبات السالبة للحريات على مخالفي القانون، فقد فاقم القانون من العقوبات والغرامات المالية التى تصل إلى الحبس لخمس سنوات وغرامات ترتفع لأرقام مليونية".

وأكد التقرير أنه بموجب القانون الجديد لم تعد ممارسة العمل الأهلي وسيلة للاستفادة من الطاقات الإضافية والإبداعات المتوافرة لدى المجتمع وفق فلسفة تقوم على التطوع، وإنما بات العمل الأهلي عملا مكلفا بموجب الرسوم المالية ومصروفات التأسيس والمقر المستقل والغرامات المالية الباهظة، بالإضافة إلى أن الضوابط التي تبناها القانون لعمل المنظمات الأجنبية في البلاد والتي تجعل من نشاط تلك المؤسسات التى لا تعمل دون ترخيص مرتبطة بتدابير سياسية وأمنية معقدة عبر جهاز خاص يضم عشر جهات رسمية.

وذكر التقرير أنه على الر غم من من اهتمام الدولة الكبير بمؤسسات العمل الأهلي التنموية والخيرية والتى لها دور كبير في تحمل أعباء اجتماعية كبرى، بما في ذلك الدعم الكبير من السيد رئيس الجمهورية لتلك المؤسسات والتى تنخرط مؤسسات كبرى منها في مشاريع قومية جنبا إلى جنب مع الدولة، فمن المتوقع أن يؤثر القانون سلبا على مساهمات المؤسسات الصغرى والمتوسطة.

وأوضح التقرير أنه من المتوقع أن يؤثر قانون الجمعيات الأهلية الجديد سلبا على المساهمات التقنية والفكرية التى تنهض بها منظمات الدفاع الاجتماعي وعلى رأسها جماعات حقوق الإنسان والتنمية الديمقراطية التى كان مأمولا أن يتم إفساح المجال أمامها للمساهمة في نشر الثقافة المدنية وترسيخ المواطنة لمواجهة الفكر المتطرف والإرهاب، وقد تأثرت هذه الجمعيات بالفعل خلال العامين 2015 و2016 في ضوء الملاحقات القضائية والتضييق الأمنى على أنشطتها.

ولفت التقرير إلى تزايد وتيرة الإشكاليات بين الدولة وجماعات حقوق الإنسان، لا سيما بعد أن تجاوزت الملاحقات للمؤسسات التى تتخذ شكل "الشركات المدنية" خارج نطاق قانون الجمعيات، وقادت إلى التضييق على أنشطة جماعات حقوق الإنسان المسجلة كجمعيات أهلية رغم أنها تعمل وفق القانون.

وذكر التقرير أن الفترة الماضية شهدت تصاعد أزمة العديد من جماعات حقوق الإنسان بعد فرض قيود على أموالها وبعض أفرادها والتى اقترنت بمنع العديد من الحقوقيين من السفر للخارج.

وأوضح التقرير أن التحقيقات شملت عددا من الناشطين الحقوقيين، بينهم الحقوقي نجاد البرعي، مدير المجموعة المتحدة واثنان من القضاة اللذين تعاونا مع المجموعة فى إعداد مشروع قانون لمكافحة التعذيب، والحقوقية عزة سليمان، مدير مركز قضايا المرأة، وبهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان الذى انتقل للإقامة في خارج البلاد منذ نهاية العام 2014، ومحمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي والمنتقل للإقامة في الخارج منذ نهاية العام 2015، وجمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ومزن حسن، مؤسسة نظرة للدراسات النسوية، وحسام بهجت، مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

ولفت التقرير أن هناك معلومات عن تحقيقات جديدة بحق عدد آخر من الناشطين، وأحكام غيابية صدرت بحق البعض الآخر بموجب تحقيقات لم تنم لعلمهم.

وطالب التقرير بإعادة النظر فى قانون الجمعيات الأهلية الجديد اتساقا مع الدستور لمعالجة بواعث القلق وحماية الإسهام الاجتماعى الهائل لمؤسسات المجتمع المدنى.

وقال التقرير: "إلى حين الانتهاء من إعادة النظر فى قانون الجمعيات الأهلية الجديد، تبرز الحاجة إلى تخفيف القيود التى يتضمنها القانون عبر اللائحة التنفيذية المرتقبة، ومراجعة التدابير المتخذة بحق بعض جماعات حقوق الإنسان".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل