المحتوى الرئيسى

سر البرقية الغامضة التي هددت بتأجيل الحرب صبيحة 6 أكتوبر

10/07 12:41

44 عاما مرت على يوم العبور العظيم للجيش المصري لقناة السويس، مستردا «سيناءه» من قبضة عدو جبان، وعلى طول الجبهة رسم الجيش المصري ملحمة لن يكررها التاريخ.. عبقرية العبور وقفت خلفها أجهزة وصلت الليل بالنهار للتخطيط لكل صغيرة وكبيرة، ولجأت أجهزة المخابرات المصرية لـ«المكر الاستخباراتي» في سبيل تجهيز الجبهتين الداخلية والعسكرية للحرب دون أن يلفت انتباه العدو.. وفي سبيل إلقاء الضوء على تلك "الحيل" ننشر حلقات تباعا.

قد لا يعلم المصريون أن حرب أكتوبر التي يحتفلون بنصرها كل عام كانت مهددة بالإلغاء حسب تأكيد الكاتب نبيل فاروق في كتابه «الدرس»، لافتا إلى أن حرب أكتوبر كانت ستؤجل بسبب معلومة استخباراتية غاية في الخطورة، تفيد بأن الجيش الإسرائيلي علم بموعد الحرب، وبدأ في الاستعداد للمعركة.

وأضاف أنه في صباح يوم السادس من أكتوبر 1973، وتحديدا في الساعة العاشرة والربع صباحا، تلقَّت المخابرات المصرية برقية عاجلة من العميل (ل564م)، المتواجد بداخل العمق الإسرائيلي، مفادها «وصل إلى قاعدة (رامات دافيد) السربان "109" و"116"، بالإضافة إلى سرب الهليكوبتر 124».

وكان لهذه البرقية وقع الصاعقة على رؤوس جميع القادة المصريين، وراحوا يتساءلون ما الذي دفع الإسرائيليين إلى تحريك هذه الأسراب الثلاثة إلى الشمال، ناحية الجبهة السورية؟ هل انكشفت استعدادات الحرب عند السوريين؟ ولو انكشف أمر الجبهة السورية، فبالتأكيد أن أمر الجبهة المصرية قد كُشف هو أيضا، وإذا انكشف موعد الحرب، سوف تفقد مصر عنصرها الأهم الذي تعتمد عليه لتحقيق النصر، وهو المفاجأة، خاصة أن السربين "109 و116"، مكونان من الطائرات المقاتلة "مستير 4أ" وهي طائرات شديدة البأس مقارنةً بـ"الميج" الروسية التي تعتمد عليها القوات الجوية، بالإضافة إلى أن السرب "124"، يتكون من طراز الهليكوبتر "سيكو رسكي"، الخاصة بالقصف الجوي والإبرار، وهذا يعني أن العدو قد انتبه، ومتربص للقوات المصرية.

وعكف رجال المخابرات المصرية على ترجمة الرسالة مرةً أخرى، وتأكدوا بأن ترجمتها سليمة، وبمراجعة ملف العميل الذي أرسل تلك البرقية تبين أنه عميل من طراز خاص، وطالما أمد المخابرات المصرية بالكثير من المعلومات التي أسهمت بشكل كبير في الإعداد لحرب أكتوبر.

فالعميل «ل564» هو أحد اليهود المولودين في إحدى الدول الأوروبية، وحصل على شهادة متقدمة في هندسة الطيران، وهاجر في منتصف الخمسينيات إلى الدولة حديثة النشأة «إسرائيل»، لتحقيق حلمه والالتحاق بأقوى دول العالم، حسب الدعاية اليهودية المكثفة لدولتهم الوليدة، بأنها جنة الله في أرضه، وأن بها الكثير من فرص العمر.

وبعد سفره إلى جنة الله الموعودة -بحسب زعم اليهود- خاب ظنه وارتطم حلمه بالواقع الأليم، بعد أن ألقوه في إحدى المستعمرات، وأسندوا إليه عملاً زراعيا بسيطا لا يتناسب قط مع مؤهلاته وقدراته، وظل يحارب 5 سنوات كاملة وسط مجتمع عنصري، حسب رأيه، حتى استطاع الالتحاق بوظيفة بسيطة في القسم الهندسي بسلاح الطيران الإسرائيلي عام 1961، وظل الشاب الطموح يقاتل من أجل تحقيق ذاته حتى أصبح خبير طيران، بعد سنوات عدة، ووجد أقرانه ومن هم دونه في الكفاءة يُعاملون معاملة أفضل، ويترقون على حسابه، فتفجرت ثورة في أعماقه وبدأ يبغض المجتمع الإسرائيلي، ويستنكره، ويضيق بزهو الجنرالات، الذين ملأهم الغرور خاصة بعد حرب 1967 واستيلائهم على سيناء في مدة قصيرة.

وبالرغم من نكسة يونيو، كان يثق الشاب في أعماقه بأنها ليست نهاية الصراع، وأن المصريين تلقوا ضربة عنيفة، ولكنهم لم يسقطوا وحتما سوف يعودون للثأر من عدوهم الأزلي، ولذلك قرر الانضمام إلى المخابرات المصرية.

ويضيف الكاتب "نبيل فاروق" أن المخابرات المصرية جندته عام 1969، بعد أن تأكدت من صدق نواياه، وأعطته رمز "ل564م"، وطوال فترة عمله مع المخابرات المصرية أمدهم بمعلومات وفيرة عن سلاح الجو الإسرائيلي، وتطوراته وتحركاته، وأنواع الأسراب القتالية وأعدادها وأماكن وجودها، مما كان له العامل الأكبر في إعداد خطة الضربة الجوية، التي اعتمدت مصر عليها لشن الحرب.

وفي يوم الثالث من أكتوبر بثَّت المخابرات المصرية رسالة لاسلكية لعميلها المهم في قلب إسرائيل تطلب منه الإفادة عن أي تحركات مفاجئة في تشكيلات سلاح الجو الإسرائيلي، حتى إشعار آخر، ليرسل لهم صباح يوم أكتوبر رسالة مفزعة تفيد تحرك أسراب قتالية، للجيش الإسرائيلي، لينقلب الموقف تماما.

وبعد التأكد من الترجمة الصحيحة الرسالة، والتأكد من معناها تكهرب الجو لأقصى درجة؛ حيث إنه من المفترض أن تبدأ الضربة الجوية خلال ساعتين، والتي تعتمد خطتها على مباغتة العدو، وإذا افتقدنا عنصر المفاجأة من الممكن أن يتكبد الجيش المصري خسائر فادحة ويتحول النصر إلى هزيمة.

وبمراجعة خرائط توزيع التشكيلات الجوية الإسرائيلية المتواجدة مع المخابرات، تبين أن الأسراب القتالية بالفعل موجودة في قاعدة "رامات دافيد"، منذ فترة، فما السر وراء كلمة "وصلت إلى القاعدة"، هل يقصد العميل أن هناك أسرابا قتالية جديدة؟

وقبل أن تصدر القيادة السياسية قرارها باستكمال خطوات الحرب، أو تأجيلها أو حتى إلغائها، أرسلوا إلى عميلهم برقية عاجلة مفادها "من العمة ليليان إلى ل564م، نطالبك بالإفادة عن صحة برقيتك الأخيرة".

وانتظر الجميع الرد، ومع ترجمة البرقية وجدوا أن العميل استبدل بكلمة "وصل إلى"، كلمة "وُجد في"، وهذا يغير معنى البرقية تماما، وهذا يعني أن الجيش الإسرائيلي لم يغير أماكن تمركز أسرابه القتالية، وهذا يعني أنه لا يعلم بالحرب التي ستبدأ بعد ساعات قليلة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل