المحتوى الرئيسى

"نزهة في أرض المعركة".. المسرح يجدد التساؤلات عن الحرب

10/07 11:56

"هو انتوا ليه أعداء؟ يمكن عشان إحنا الناحية التانية وانتو الناحية دي".. كان التساؤل السابق أحد الاستفهامات التي طرحتها المسرحية الكوميدية "نزهة في أرض المعركة". الإجابة البسيطة عليها تُفسّر ما يريد العمل المسرحي قوله "هو إحنا بنحارب ليه؟".

أول من أمس، الخميس، كانت أحد عروض الموسم الثاني لمسرحية "نزهة في أرض المعركة" بمركز الهناجر، بدار الأوبرا المصرية، التي تُعرض بالتزامن مع احتفالات الذكرى الـ 44 لحرب أكتوبر. المسرحية المأخوذة عن النص الأصلي "نزهة" للكاتب الأسباني "فرناندو آرابال"، أعدها وأخرجها بنسختها المصرية أحمد فؤاد.

تعتمد المسرحية على فكرة بسيطة هي زيارة أب وأم لابنهما الجُندي في نقطة حراسته على الشريط الحدودي، ينتج عن ذلك الضحكات، يرتديا أفضل ما عندهما، وتصطحب الأم طعامًا، يُعامل الوالدان الابن كصغيرهما لا كجُندي في الحرب، وكأن الزمن يقف بهما قليلًا بعيدًا عن الحرب وأجوائها المشحونة، إلا أن الحوار الناتج بأكمله يصّب باتجاه الأسئلة الوجودية عن الهدف من الحرب.

"هو إحنا هنحارب أمتى، طب فين، طب ليه".. يقولها الجُندي 204 لقائده العسكري، ويكون الصمت هو الرد من الجهة المُقابلة. خلال أوقات الملل التي يقضيها الجندي يفاجئه والداه بالظهور، تتأفف أمه من رائحته، يستعرض أباه كاذبًا مواقفه الشجاعة داخل الحرب الوهمية التي خاضها قديمًا، يتفاخر بوسام الشجاعة الذي يُعلقه على جداره بالبيت، ثُم يذكر له حكايات رفاقه المتوفيين "الله يرحمهم ماتوا في المعركة، لو كنت حصّلتهم يا ابني، مش بعيد كنت تلاقي نافورة برقمي في الشارع اللي ورا بيتكم".

يتخلل العمل المسرحي عدد من البيانات العسكرية، يُذيعها أحدهم مُعلنًا النصر في كل مرة لفريقه، بينما يُعلن عدد الذين راحوا من الفريق المعادي بكل فخر، يُخفض صوته حين يقول أعداد الضحايا من فريقه، يتحولّ أسماء الجنود إلى أرقام داخل المسرحية، تتلاشى أسمائهم، لا يدرون ما الجناية في ذكر هويتهم.

عُرضت مسرحية "نزهة في أرض المعركة" لأول مرة بالأكاديمية المصرية للفنون بالعاصمة الإيطالية، روما، أدّى حينها ممثلون إيطاليون العرض، ثُم تم إعداد النسخة المصرية التي عُرضت في موسمها الأول بسبتمبر الماضي.

تستعرض المسرحية في البداية جهل الجندي "204" بأبسط القواعد القتالية، حيث يصل إلى نقطة عند الشريط الحدودي، ولا يدري ما الذي عليه فعله، فيُخرج من جيبه "دليل الجندي".

يستعين العرض بخلفية موسيقية تُثير ضحكات المتفرجين، فيما جاء الديكور بسيطًا يُمثل أحد المواقع الحربية، كذلك كانت الأزياء؛ حيث يرتدي الجُندي الكاكي، والأسير اللون الزيتي، والأب والأم أزياء كلاسيكية.

خلال الأوقات التي يقضيها الجندي مع والديه، يدخل إلى المسرح جندي "سالب 204"، فيقع أسيرًا، تفرح الأم بابنها "بقيت بطل وجبت أسير"، بينما يُدرك الجندي أن الأسير يُشبهه، لا يدري لماذا يُحارب، كما يُشاركه الإحساس بالملل خلال هذه الحرب التي لا تنتهي، يحكي الأسير عن الورد الذي يُحيكه من الخيوط، ويرسله إلى حبيبته، ثُم يُجهز أعداد من الورد باسم كل رفيق له مات.

جاء طاقم الممثلين ضعيفًا، كان من الممكن الأداء بشكل أفضل، يسمح النصّ لمواقف كوميدية كثيرة، فيما لم يستثر الجمهور ضحكات عديدة، قدّمت المفارقات عبارات مصرية شهيرة مثل "هو قالك فين"، "عايزين نعمل ترافيك جثث"، بساطة الحوار و"الإفيهات" أنتجت عمل يُخيّل للمتفرج أنه ساذج.

بينما في الأساس تُثير المسرحية عدد من الأسئلة التي لا إجابات لها، هي صيحة عابرة للأزمان والدول، كتبها المؤلف فرناندو آرابال عام 1952، ورغم قِدم إنتاجها إلا أنها تُناسب كل العصور، فالحرب دائرة على الدوام، حيث يقول المخرج في إحدى اللقاءات إنه لا يوجد مكان "لأن الموضوع يخص العالم كله مش بلد بعينها".

*مسرحية "نزهة في أرض المعركة":

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل