المحتوى الرئيسى

فريدمان والإسلام ونصر أكتوبر | المصري اليوم

10/07 09:31

مثلها مثل باقي الأحداث الدموية التي يشهدها العالم، مع تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا، شخصت أنظار العالمين العربي والإسلامي صوب مكتب التحقيقات الفيدرالي، عقب مذبحة لاس فيجاس، انتظارًا للمعلومات الأولية عن مرتكب الحادث، خوفًا من أن يتم إلصاقها بـ«الإسلام»، غير أن الجميع التقط أنفاسه، بعد أن تأكد أن مرتكب الحادث لا يمت لأي صلة بالعالمين العربي والإسلامي.

ما يلفت الانتباه، في هذه المذبحة، الأبشع في أمريكا منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ليس في تبرئة ساحة «الإسلام» منها، وإنما في المحاولات «الخجولة» التي حاولت إلصاقها بالإسلام، والدليل على ذلك البيان الذي صدر عما يسمى «داعش» وتبنيه هذه المذبحة، رغم أن كل الدلائل غسلت أيدي العالمين العربي والإسلامي من دماء الضحايا.

للأسف، كلمة الحق التي لم يجرؤ أحد في عالمنا العربي والإسلامي على قولها، جاءت على لسان الصحفي الأمريكي، توماس فريدمان، في مقاله له بصحيفة «واشنطن بوست»، حيث استهل مقاله متسائلاً: «ماذا إذا كان بادوك مسلماً؟ أو أنه صرخ بعبارات مثل (الله أكبر)، قبل أن يقوم بإطلاق النار؟ ماذا كان سيحدث لو وجدنا له صورة وهو يحمل نسخة من المصحف في يده والأخرى تحمل السلاح الآلي؟ ماذا لو كان عضوًا في تنظيم (داعش)؟»، مضيفاً أنه لو كان مسلماً بالفعل، فإن الدعوات الحالية لعدم إهانة الضحايا وعدم تسييس المسألة، كانت لتكون عكس ما هي عليه الآن، (في إشارة منه إلى أن منفذ الجريمة لو كان مسلماً فإنه كان سيتم الاحتفاء بالضحايا بشكل مبالغ فيه وتناول الحادث على نطاق أوسع، بل وتسييس العملية).

وأضاف: «إذا كان منفذ العملية مسلماً، فإنك ستجد ترامب يغرد بعد دقائق معدودة من العملية كما يفعل دائما (ألم أحذركم من ذلك!!)، بعد أي هجوم إرهابي في أوروبا، بهدف إضفاء صبغة سياسية على تلك العمليات».

وتســـاءل الكاتــــب باســــــــتنكار شـــــديد: «ماذا ســـــــــيحدث إذا كانت الولايــــات المتحـدة نفسها هي منشأ القاتل الذي تَمَكن من شراء هذا الكم الهائل من الأسلحة بشكل قانوني، والتي لا يمكن أن تمتلكها إلا القوات العسكرية، بسبب سهولة وتراخي الإجراءات والتشريعات المنظمة لذلك؟».

ويشير فريدمان في إجابته عن تساؤلاته افتراضاً، إلى أن ترامب كان سيسرع من وتيرة العمل، ومن ثم يدعو إلى عدم «تسييس» الحادث، خلافاً لما يقومون به دوماً عند تنفيذ الهجوم بواسطة «مسلم».

وأضاف الكاتب أنه وفي الوقت الذي تدعو فيه الولايات المتحدة رجالها ونساءها لتقديم التضحيات، وإرسال ترسانات الأسلحة الثقيلة لمحاربة تنظيم «داعش» والمتشددين إلى آخر جندي فيهم، فإن كل حديث ترامب عن التنظيم لا يتعدى الإطار السخيف بأنه لا مجال للهزيمة، أو التراجع، أو الرحمة، في حين أن الأجواء مهيأة أكثر في الداخل الأمريكي لحصد الكثير من الأرواح من خلال سهولة الحصول على الأسلحة التي يمكن استخدامها لحصد أرواح 59 شخصاً وإصابة أكثر من 500 آخرين دفعة واحدة، بعد أن قال ساخراً إنه لا يتذكر العدد الفعلي من الأمريكيين الذين قتلهم «داعش»، مشيراً إلى أنهم ربما 15 أو 20 شخصاً، منتقداً بشدة القوانين الأمريكية التي تسمح للأشخاص بامتلاك ترسانة من الأسلحة، كما هو الحال مع بادوك منفذ هجوم لاس فيجاس.

وفي إشارة إلى تساهل السلطات الأمريكيــــة مع حيــــازة الســلاح، قال فريدمان: «عند الحديث عن محاربة (داعش)، فإنك تجد الرئيس وكل حاشيته في صدارة المشهد، مع تأكيدهم أنه لا خيار آخر غير النصر، وعندما يكون الحديث عن تشديد الإجراءات الخاصة بشراء وامتلاك الأسلحة داخل الولايات المتحدة، فإن الرئيس ترامب ومن معه والسلطات يختفون عن المشهد تماماً، حيث إن الضحايا الذين تُحصد أرواحهم في مثل هذه الحوادث الداخلية، ليسوا ذوي أهمية كبرى مقارنة بفرد واحد يقتله تنظيم داعش».

وواصل الكاتب جرأته بأنه لخص أسباب ذلك الحادث في الفساد والتركيز على محاربة الأعداء الخارجيين من دون الاهتمام بما يمكن أن يحدث في الداخل من هجمات إرهابية يكون مصدرها الداخل نفسه، مشيراً إلى أن الفساد يلعب دوراً كبيراً، حيث يقوم صانعو السلاح، وموردوه، وبائعوه، بدفع الأموال لبعض «الجبناء» لتمرير بضاعتهم التي تحصد المئات من أرواح الأمريكيين في الداخل، داعياً في نهاية مقاله الأمريكيين إلى التخلي عن التطلع إلى تعديل القوانين التي أكد أنها مناسبة، بيد أنها إما «مهدّدة أو مُشتراة»، حسب قوله، وإلى اكتساب القوة من خلال التصويت للأشخاص المناسبين لحمايتهم، أو التبرع بالأموال للأشخاص المرشحين الذين يمكنهم تغيير تلك القوانين والتشريعات، أو تفعيل الموجودة منها بما يتناسب مع ما يمكن تقبله، حيث أكد أن المسألة ترتبط بشكل أكثر بالسلطة، وليس الإقناع، وأن أفضل وقت لذلك هو انتخابات منتصف الفترة في 2018.

هكذا الفارق بين كاتب لا يخشى قول الحق في وجه الحاكم، وآخر يزيف الحق لخدمة الحاكم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل