المحتوى الرئيسى

هل تُطبّق المساواة بين الجنسين على مبدأ تسديد الفاتورة في اللقاء الأول؟

10/06 17:10

إنه الموعد الغرامي الأول بينهما: أجواء رومانسية، طعام لذيذ، أحاديث ممتعة، و"كيمياء" متجلّية في نظراتهما... فجأة تأتي اللحظة المنتظرة: وقت تسديد الحساب!

يقترب النادل بيده ورقة بيضاء يضعها وسط الطاولة، حينذاك يتعكر صفو الأجواء وتصبح الجلسة "مشحونة" وسط إصرار الشاب على تسديد الفاتورة وشعوره بأن "رجولته" على المحك وتذمر حبيبته من سلوكه "الذكوري" وتفكيره التقليدي وإعتقادها بأنه من خلال حرمانها من المشاركة في الدفع "ينسف" مبدأ المساواة بينهما.

هذا المشهد يتكرر مع الناس في عالمنا العربي بشكل يومي، بخلاف ما كان يحصل في الماضي حين كان النادل في المطعم يحسم الجدل بين الطرفين من خلال وضع الفاتورة قبالة الشاب إنطلاقاً من مبدأ أن الرجل هو الذي يتعيّن عليه تسديد الحساب وليس على المرأة أن تقترح حتى تقاسم الفاتورة معه.

ما رأي الدراسات بموضوع تسديد الحساب عند اللقاء الغرامي الأول؟ وكيف يؤثر ذلك على الثنائي واللقاءات الأخرى في المستقبل؟

يُعدّ موضوع دفع الفاتورة في المطعم خلال اللقاء الأول موضوعاً دقيقاً، فمع الوقت تغيّرت المفاهيم والتقاليد وباتت المرأة تنادي بضرورة تطبيق مبدأ المساواة وإزالة الحواجز الاجتماعية بين الجنسين، وبالرغم من دعم الرجل المعاصر لحقوق المرأة إلا أنه يجد صعوبة أحياناً في تقبل فكرة أن تبادر شريكته الى دفع الحساب.

فقد سلّطت العديد من الدراسات الضوء على مسألة تسديد الفاتورة بين الجنسين وتأثير سير مجريات اللقاء الأول على توقعات الثنائي خاصة بعد أن اتضح أن الشخص الذي يسدد الحساب عند اللقاء الأول يرسم توقعات معينة لناحية اللقاءات المقبلة ومسار العلاقة العاطفية.

يوضح موقع "سيكولوجي توداي" أن هناك عدة عوامل تتداخل في هذا الموضوع، لعل أهمها السعر واختيار مكان المواعدة، فالرجل الذي يذهب مثلاً في اتجاه تناول وجبة مكلفة مع شريكته على ضوء الشموع في مطعم راقٍ يختلف بطبيعة الحال عن ذلك الذي يدعو حبيبته الى مطعم متواضع وشعبي، وهو أمر تتوقف عنده المرأة لناحية نظرتها الى الشريك وتقييمها لشخصيته.

فبحسب الأبحاث التي أجرتها ماريسا كوهين في العام 2016، تبين أن المرأة تنجذب نحو الرجل "السخي" الذي يصرّ على تسديد الفاتورة مهما كانت الظروف.

واللافت أن مكان اللقاء الغرامي الأول يرسم شخصية الثنائي وقد يؤثر في عملية وضع أحكام مسبقة، فمثلاً المرأة التي تقوم بالخطوة الأولى وتدعو الشاب الى شقتها وتصر على دفع حساب العشاء قد تحث لدى الرجل استعداده لإقامة علاقة جنسية معها، ولو لم تكن تلك هي نيتها.

شارك غرد"لا أعتبر أن تسديد حبيبتي للفاتورة إهانة ولا علاقة لمسألة الفاتورة بالرجولة والشهامة"

شارك غردالمرأة تنجذب نحو الرجل "السخي" الذي يصرّ على تسديد الفاتورة مهما كانت الظروف

وفي الإطار نفسه تحدثت خديجة صفدر في مقال نشرته في صحيفة "وول ستريت جورنال" عن هذا الموضوع، مشيرةً الى أنه في عصر نشهد تطور أدوار الجنسين وتكثر فيه المواعدة على الإنترنت، بتنا غير متأكدين عن جندر الشخص المناسب لتسديد الفاتورة.

وكشفت صفدر عن بعض الممارسات والسيناريوهات التي تحدث أثناء وضع الفاتورة على الطاولة من "التنازع والشجار" الى تجاهل مشورة خبراء الإتيكيت:" إذا كنت صاحب/ة الدعوة فعندها يتعيّن عليك أن تسدد/ي الحساب".

تروي الكاتبة عن تجربة إمرأة وافقت على مواعدة شاب كانت قد تعرفت إليه عبر تطبيق "تندر" لتفاجأ عند عودتها الى المنزل بتلقي رسالة عبر هاتفها من تطبيق للدفع المالي يطالبها بضرورة تسديد 20$ مقابل الوجبة التي تناولتها، فتجاهلت الموضوع وبطبيعة الحال قطعت علاقتها بالشاب.

تحت عنوان "قوانين الرغبة" الوارد في مقال نشره موقع "سيكولوجيز"، تحدثت الكاتبة مورين داود أنه بالرغم من المطالبة بتكريس مبدأ المساواة بين الجنسين، إلا أن الشابات في عصرنا الحالي ينتظرن من الرجل أن يسدد الحساب لأن ذلك يجعلهنّ يشعرن بأنهنّ مرغوبات أكثر"، وهو أمر توافق عليه الكاتبة "ايانا ريس شيمل"، التي تحاول التفريق بين القوانين الاجتماعية والرغبة، وتقول:" لا تدخل المساواة بين الرجل والمرأة في هذا الموضوع"، مشيرةً الى انه في تفكيرها اللاوعي والباطني تنتظر المرأة من الرجل أن يلعب دور الأم الحنونة والأب القوي".

وإذا انتقلنا من النظريات الى الواقع الملوس، نلاحظ أن قواعد المواعدة، اليوم، قد اختلفت عن السابق خاصة لناحية الانفتاح على الآخر في ظل رغبة فئة من الناس في المحافظة على التقاليد الإجتماعية.

تعتبر "دينا" ( 30 عاماً) أنه من الطبيعي أن يقوم الرجل بتسديد الفاتورة خاصة عند اللقاء الأول، قائلةً:" من الشهامة أن يدفع الرجل الفاتورة عن السيدة، فأنا لم أخرج يوماً برفقة شاب يقبل أن أسدد عنه الحساب أو حتى أتقاسم معه الفاتورة، ففي مجتمعاتنا الشرقية هذا الأمر يعد بديهياً"، وتضيف:" في حال سمح الرجل للسيدة أن تدفع الحساب فإنه يفقد تلقائياً "رجولته" و"هيبته" بنظري".

ويؤكد "نزار" ( 35 عاماً) أنه من غير الوارد أن يسمح للفتاة التي يواعدها أن تدفع عنه الحساب:" تربيت على فكرة أن الرجل الشرقي هو الذي يعتني بالمرأة، يدللها وينفق عليها"، مشيرا، الى أنه في إحدى المرات حاولت صبية أن تستغلّ دخوله الى الحمام لتدفع الحساب، فما كان منه إلا أن غضب وشعر بأنها بذلك تسيء الى شخصيته وكيانه، وانتهى اللقاء الأول بمشاجرة وانفصال".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل