المحتوى الرئيسى

«الاختفاء القسري والقضاء العسكري».. أبرز انتقادات التقرير السنوي لـ«حقوق الإنسان» 3-2

10/05 15:25

«التكدس في السجون يفوق طاقتها».. ومطالب بتقليص عقوبة الإعدام وتعويض ضحايا الإرهاب من المدنيين 

تواصل «التحرير» نشر «الحلقة الثانية» من التقرير السنوي للمجلس القومي لحقوق الإنسان، حيث انتقد حالة التوسع في الإحالة للقضاء العسكري فى مصر، مطالبًا بتضييق نطاق الإحالة للقضاء العسكرى على الجرائم الأشد خطرا.

وأكد التقرير الذى تنفرد «التحرير» بنشره، أن هناك توسعا في تطبيق عقوبة الإعدام، حيث ذكر أن المجلس رصد خلال عام 2016 تنفيذ أحكام بالاعدام بحق 16 شخصا بينهم إرهابي واحد وهو «عادل حبارة»، بينما تنوعت الاتهامات الموجهة للآخرين بين القتل المتوافق مع السطو المسلح أو اغتصاب الأطفال وجرائم البلطجة.

وأوضح أنه خلال النصف الأول من العام 2017 رصد المجلس تنفيذ أحكام بالاعدام بحق 15 شخصا مدانين بجرائم القتل المتوافق مع السطو واغتصاب أطفال وجرائم بلطجة، وأن المحكوم عليهم نهائيا بالإعدام تجاوز عددهم 500 حكم، تعود أغلبهم إلى الفترة بين 1999 وعام 2010، وطالب التقرير بتقليص عقوبة الإعدام على الجرائم الأشد غلظة، وتعزيز آلية العفو الرئاسى التى أقرها الرئيس خلال حواراته مع الشباب.

تعويض ضحايا الإرهاب من المدنيين «ضرورة»

على صعيد الحق في الحياة، ذكر التقرير أن الإرهاب استمر يشكل المصدر الرئيسي لانتهاكات الحق في الحياة أقدس وأسمى حقوق الإنسان، لا سيما من خلال التطور النوعي فى قدرات التنظيمات الإرهابية وتطور أنماط الجرائم الإرهابية المرتكبة، والتى تستهدف تقويض مقومات الدولة المصرية من خلال محاولات الإضرار بالاقتصاد والنسيج الوطني.

ولفت التقرير النظر إلى عدد من العمليات الإرهابية الكبرى، منها الهجوم الذى وقع على 16 نقطة أمنية جنوبي مدينة رفح في 7 يوليو 2017، حيث هاجم ما لا يقل عن 150 إرهابيا المواقع الستة عشر، ما أسفر عن استشهاد 10 من عناصر التأمين على الفور، والذين ارتفع عددهم لاحقا إلى قرابة 20 جنديا، فيما سقط أكثر من 40 إرهابيا في الهجمات بعد قيام القوات الجوية بقصف تجمعاتهم ومركباتهم.

وقال التقرير: «غير أن أخطر الظواهر الإرهابية خلال الفترة التى يغطيها التقرير تجسد في الاستهداف المنهجي والمنظم للمواطنين المسيحيين، الذى استهدف دور عباداتهم ومناطق سكناهم، وذلك بهدف التأثير على اللحمة الوطنية».

ولفت التقرير أيضا إلى حادث الكنيسة البطرسية الذى وقع في ديسمبر 2016 وراح ضحيته 29 مواطنا مسيحيا وأصيب العشرات، وكذلك موجة الاغتيالات التى طالت مواطنين مسيحيين في شمال سيناء، ما أدى إلى نزوح قرابة مائة أسرة مسيحية، تم استيعاب أغلبهم في مدينة الإسماعيلية، وكذلك الهجومين المتزامنين أثناء احتفالات عيد القيامة المجيد، أحدهما على مطرانية طنطا بمحافظة الغربية، ما أسفر عن استشهاد 35 مواطنا، والآخر على الكنيسة المرقسية بمدينة الإسكندرية ما أسفر عن استشهاد 15 مواطنا آخرين، وسقط فى الحادثين أكثر من 100 مصاب.

وفي شأن الإرهاب، دعا التقرير إلى تبنى استراتيجية وطنية متكاملة تضمن تضافر الجهود الأمنية والتشريعية مع الجهود التنموية والسياسية والثقافية، وبما يشمل إتاحة المجال لكافة الفاعلين الأساسيين للقيام بواجباتهم، وكذلك حث المجتمع الدولى على الاضطلاع بمسئولياته الجماعية فى مواجهة الإرهاب الذى بات يشكل أخطر أنماط الجريمة الدولية المنظمة العابرة للحدود، بما فى ذلك معالجة بؤر التوتر والاضطراب الإقليمى فى بلدان الجوار وضمان تسوية مستدامة للنزاعات والحروب.

وأوصى التقرير بتكثيف الجهود الموجهة لتنمية المناطق التى عانت من التهميش الاقتصادى والاجتماعى، بما فى ذلك مناطق الأطراف والمناطق الحدودية، وتسريع وتيرة ترسيخ ثقافة المواطنة لتعزيز النسيج الاجتماعى واللحمة الوطنية التى تحاول تنظيمات الإرهاب الدولى الإضرار بها، وتبنى خطة عمل وطنية لمواجهة أفكار التطرف وخطاب الكراهية والتحريض على العنف والعدائية، بما يشمل نهوض وسائل الإعلام والتربية والثقافة والمؤسسات الدينية والمجالس الوطنية المتخصصة ومؤسسات المجتمع المدنى بواجباتها بشكل منسق.

وأكد التقرير ضرورة ضمان التوازن بين اعتبارات الأمن وحقوق الإنسان فى سياق مكافحة الإرهاب، وقال التقرير: "إن تحقيق التوازن بين اعتبارات الأمن وحقوق الإنسان يشكل الأساس الضرورى لإفقاد التنظيمات الإرهابية دعاواها ومحاولاتها التستر خلف سواتر سياسية"، وطالب التقرير بتوفير التعويض المناسب لضحايا العمليات الإرهابية من المدنيين، بما يرسخ اليقين السائد بأن معركة البلاد ضد الإرهاب هى معركة المجتمع والدولة معا.

الاكتظاظ في السجون يفوق طاقتها الاستيعابية 

على صعيد الحق فى الحرية والأمان الشخصي، أكد التقرير أن التوسع في الحبس الاحتياطي لا يزال يشكل باعثا رئيسيا على القلق، لا سيما أنه بات يشكل أحد التدابير الأساسية لا الاستثنائية الاحترازية في سياق التحقيقات، على النحو الذى دعا المجلس في وقت سابق لوصفه بـ«العقوبة» غير القانونية، وكان مثار اهتمام المشاورات حول تعديل قانون الإجراءات الجنائية، خاصة فيما يتصل أيضا بالبطء فى إجراءات التحقيقات والمحاكمات، وهو ما قاد إلى بقاء بعض المتهمين قيد الحبس لفترات جاوزت العامين والثلاثة أعوام.

وذكر التقرير: «بينما يشكل تدبير الحبس الاحتياطي إحدى أدوات السلطات فى مكافحة الجريمة من خلال التوسع فى احتجاز المسجلين جنائيا كوسيلة غير مباشرة للوقاية من ارتفاع معدلات الجرائم العامة، إلا أنه يؤدي إلى اكتظاظ مراكز الاحتجاز الأولية بما يفوق طاقتها، ويقود إلى مخاطر صحية متراكمة، ورغم اتباع أقسام الشرطة إجراءات ذات طبيعة غير تقليدية لمعالجة أية أزمات صحية للمرضى للحيلولة دون وقوع وفيات على النحو الذى شهده العامان 2014 و2015 وحتى ربيع 2016، غير أنه ما زال هناك الكثير من الإجراءات لعلاج تدهور صحة المحتجزين».

وأكد التقرير أن الاكتظاظ في السجون التى تتحمل أعباء إضافية ناتجة عنه، وصل إلى حد يفوق طاقتها الاستيعابية، إلا أن الأوضاع تبقى أفضل في ضوء توافر الخدمات الصحية الأساسية والتريض ومقومات المعيشة والتغذية.

وتابع: «تتركز الشكوى في السجون من الانتقاص من حقوق زيارة الأسر، كما تواصلت الشكاوى من قلة التوسع في فترات التريض خارج غرف الاحتجاز رغم إمكانية التوسع فيه».

وطالب التقرير بمنح الأولوية لإصدار قانون الإجراءات الجنائية بما يتفق مع الدستور، ويلبى المطالب بتضييق تدابير الحبس الاحتياطى ومعالجة ظاهرة التكدس فى الاحتجاز، وسرعة التقاضى، والتعويض لمن تثبت براءتهم، وحماية الشهود والمبلغين، والاستئناف فى قضايا الجنايات.

على صعيد الاحتجاز غير القانوني للعناصر المشتبه في علاقتهم بالتنظيمات الإرهابية، أكد التقرير أن الأجهزة الأمنية واصلت بداية من يوليو 2016 احتجاز العشرات من المشتبه بهم دون الإفصاح عن أسباب توقيفهم ومكان إيداعهم، وهو ما أدى لتجدد الاتهامات بممارسة جريمة «الاختفاء القسري» مرة أخرى، بعد أقل من خمسة شهور على معالجة القضية بالتعاون بين مجلس حقوق الإنسان ووزارة الداخلية في الفترة من 2015 وحتى مارس 2016.

وقال التقرير: «منذ يوليو 2016 وحتى يونيو 2017 جرى احتجاز أكثر من 100 مشتبه به دون إفصاح فى وقائع ترافقت مع وقوع هجمات إرهابية في عمق البلاد، وبقى أغلبهم دون اتصال بأسرته ومحاميه لفترات تراوحت بين عشرة أيام و50 يوما، وبينما جرى الإفراج لاحقا عن قرابة النصف، فقد تبين أن احتجاز الباقين جاء بناء على قرارات النيابة العامة لاستكمال التحقيقات وقيد المحاكمات، ومثل تلك السلوكيات تدعم الادعاءات والاتهامات الموجهة للبلاد بممارسة جريمة الاختفاء القسري، والتي تعمل عديد من المؤسسات وثيقة الصلة بتنظيم الإخوان الإرهابي عمدا على توجيهها مجددا، وهو ما دعا المجلس لتجديد المطالبة بضرورة إخطار الأسر والمحامين بالقبض على المشتبه فيهم وبالإجراءات المتخذة بحقهم وأماكن إيداعهم».

وأكد التقرير أنه رغم أن المجلس يأخذ بعين الاعتبار مخاوف السلطات إزاء التهديدات الإرهابية باقتحام مقرات التحقيق والاحتجاز، فإنه يدعو في نفس الوقت لضرورة استيعاب خطورة مثل هذه الممارسات على توجيه الاتهامات للبلاد بممارسة جريمة الاختفاء القسري، التى تعد واحدة من أبرز الجرائم الخطيرة بموجب القانون الدولى لحقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي.

وطالب التقرير ببناء قاعدة بيانات شاملة عن المحتجزين قيد التحقيق والمحاكمة والاتهامات الموجهة إليهم والقرارات القضائية الصادرة بحقهم، لتوفير وإتاحة المعلومات الضرورية عن أوضاعهم، وبما يحول دون تجدد الاتهامات بالاحتجاز غير القانونى والاختفاء القسرى.

على صعيد المحكوم عليهم فى قضايا لم تشمل جرائم عنف وإرهاب، فقد أكد التقرير ترحيب المجلس بمبادرة رئيس الجمهورية لتشكيل لجنة مستقلة للنظر في التماسات المحكوم عليهم تمهيدا للعفو عنهم ضمن مخرجات المؤتمر الوطنى للشباب في نوفمبر 2016.

ولفت التقرير إلى أن محمد عبد العزيز، عضو مجلس حقوق الإنسان، كان قد طرح القضية للنقاش خلال إحدى جلسات المؤتمر بحضور رئيس الجمهورية الذى تبنى المبادرة، وساهم المجلس مع العديد من الجهات الأخرى فى مراجعة وتزويد اللجنة المستقلة بأسماء المحكوم عليهم تمهيدا للعفو عنهم، وجرى بالفعل الإفراج عن المئات من المحكوم عليهم بموجب قانون التظاهر من غير المتورطين في أعمال العنف، وتراوحت العقوبات المقضي بها بحق نحو 4% من المعفو عنهم بين السجن عشر سنوات والسجن المؤبد، وهو مؤشر على مدى ضرورة إعادة النظر في التشريعات والتدابير المتخذة.

وأشار التقرير إلى أن قانون التظاهر وجه إليه الكثير من الانتقادات، الذى استمر سببا في إدانة ومعاقبة المتهمين بمخالفته، وتنامت هذه الظاهرة في سياق الاحتجاجات التى وقعت خلال إبريل 2016 على صلة باتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، حيث تم احتجاز العشرات في المسيرات باعتبارها مسيرات غير مرخصة، كما تمت ملاحقة العشرات من الداعين الى تظاهرات جديدة، واعتقال المزيد خلال مسيرات أخرى.

وأوصى التقرير بتعزيز آلية العفو الرئاسى التى استنها رئيس الجمهورية خلال حواراته مع الشباب، وخاصة تجاه الشباب الذين لم يتورطوا فى أعمال عنف، ليس فقط استطرادا لثمارها الإيجابية ومد جسور الثقة والتفاعل مع جيل المستقبل، ولكن أيضا لحماية الشباب من التطرف من جراء احتجازهم وراء قضبان السجون.

غياب معيار الإحالة للقضاء العسكري

على صعيد الحق في المحاكمة العادلة، ذكر التقرير أن التعديلات التشريعية التى جرت على قانوني الإجراءات الجنائية والسلطة القضائية شكلت باعثا على القلق، فضلا عن استمرار إحالة المتهمين بجرائم الإرهاب إلى القضاء العسكري، وصدور أحكام بالإعدام على العشرات من المتهمين بجرائم الحق العام وجرائم الإرهاب أمام المحكمة المدنية والعسكرية.

وقال التقرير: «واصلت محاكم عسكرية النظر فى الاتهامات بارتكاب جرائم إرهابية وجرائم عنف خلال الأحداث التى شهدتها البلاد، وصدر عن بعضها أحكام بالإعدام، ومن ذلك الحكم النهائي الصادر فى منتصف يونيو 2017 بإعدام أربعة متهمين بعد رفض محكمة النقض العسكرية الطعن المقدم منهم على أحكام الإعدام الصادرة بحقهم من محكمة الجنايات العسكرية».

وأكد التقرير أنه بينما يسمح الدستور بمحاكمة المتهمين بارتكاب جرائم بحق القوات المسلحة ومنشآتها أمام القضاء العسكري، إلا أن ذلك لا يعنى ضرورة إحالة المتهمين إلى القضاء العسكري، وكان يمكن الاكتفاء بالإحالة الى القضاء المدني، بإمكانية الطعن على الأحكام أمام محكمة النقض المدنية لتوفير المزيد من الضمانات مع ضرورة العمل لتحقيق العدالة الناجزة، بما يلزم ذلك من إعادة النظر في سلسلة القوانين المتعلقة بالعدالة الجنائية على نحو يحل إشكاليات بطء محاكمات التقاضي، والذي بلا شك سيصب فى خدمة المتهمين وفى الوقت نفسه تلبية أهداف المجتمع في تحقيق العدالة الناجزة.

وتابع: «يدلل على صحة ذلك مؤشران، أولهما أنه لا يوجد معيار واضح لإحالة بعض قضايا الإرهاب إلى محاكم مدنية أو عسكرية، حيث إن بعض القضايا التى تنظرها محاكم عسكرية كان يمكن للمحاكم المدنية الفصل فيها، وأن بعض القضايا التى تنظرها محاكم مدنية كانت على قدر من الجسامة والخطورة لإحالتها لمحاكم عسكرية وتتوافر فيها الشروط القانونية لإحالتها إلى القضاء العسكري، أخذا في الاعتبار أنه من صالح البلاد داخليا ودوليا النأي بالقضاء العسكري عن نظر هذه القضايا كلما أمكن ذلك».

وطالب التقرير بتضييق نطاق الإحالة للقضاء العسكرى على الجرائم الأشد خطرا باتساق مع النصوص الدستورية التى تربطها بالاعتداء على القوات المسلحة.

ذكر التقرير أن مجلس حقوق الإنسان رصد خلال عام 2016 تنفيذ أحكام بالاعدام بحق 16 شخصا بينهم إرهابي واحد وهو «عادل حبارة» المسؤول عن قتل العشرات من رجال الشرطة والجنود في شمال سيناء بدم بارد، بينما تنوعت الاتهامات الموجهة للآخرين بين القتل المتوافق مع السطو المسلح أو اغتصاب الأطفال وجرائم البلطجة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل