المحتوى الرئيسى

6 أكتوبر.. معركة الخروج من الكهف | المصري اليوم

10/04 23:01

نعيش فى دوائر مغلقة، حتى تعودنا على السطحية والتكرار والألفة مع الماضى، أحيانا أتخيل أننا كائنات غريبة داخل كهف خرافى، محكوم عليها أن تعيش من دون أن تلتقى عيونها بالباب الوحيد للكهف، لذلك تظل علاقتنا الغريبة بالعالم هى ما نشاهده من ظلال على حائط الكهف، كل طائفة منا ترى الظلال كما يحلو لها، ثم نختلف حول هذه الرؤى وكأنها الحقيقة، شجارنا واختلاف رؤيتنا للعالم يهدر طاقتنا ويعوقنا عن معرفة الواقع، فنظل فى الوهم نتخبط، لذلك لم نحسم الكثير من أمور حياتنا، ومن بينها حقيقة حرب أكتوبر.. منذ أكثر من أربعة عقود ونحن نحتفل بالانتصار، ونستيعد ذكراه بحالة من الحنين لا تتجاوز «سوليفان» الفخر إلى حقيقة الصراع.. كيف كان؟ وإلى أين صار؟

ماذا تبقى من نصر أكتوبر فى نفوسنا؟ غير إحساس أنه كان آخر انتصاراتنا الحربية والحياتية، وكأن الزمن توقف منذ ذلك الحين، وكأن لحظة الانتصار نقطة منفصلة فى التاريخ ولا ترتبط بمسار الزمن الذى عاشته مصر ومازالت تعيشه، فنحن فى كل عام نستعيد لحظة التوهج الوطنى، ونتكلم كثيرا عن كيفية انتصارنا فى الماضى على عقبات كانت تبدو مستحيلة حينها، وكيف استطاع رجال مصريون مخلصون ومحترفون أن يجدوا حلولا جديدة يتحايلون بها على أوجه النقص التى كنا نعانى منها، وكيف كان الجندى المصرى على الجبهة على مستوى عال من التدريب مستعدا للتضحية بحياته فداء للوطن. هذه البطولات كانت، لكن أين بطولاتنا الآن، ومنذ ذلك التاريخ؟ نحن نتحدث عن روح أكتوبر وكأننا نذكر «محاسن المرحوم»، فالإرادة كانت، والنصر كان، والبطولات بأثر رجعى، كأن هذه السنوات علينا وليست لنا، فمصر التى كانت تنتظر الرخاء بعد النصر واتفاقية السلام، صارت أكثر فقرا ومرضا وعشوائية، تقوقعت داخل حدودها، وفقدت الكثير من دورها الإقليمى والعربى، واستكانت لوهم روجته بنفسها، وهو أن «حرب أكتوبر هى آخر الحروب»، كان من المنتظر أن تنعم مصر بالرخاء وتتأهل للدخول فى عملية تنمية وتطوير شامل تجعل منها قوة اقتصادية كبيرة كما حدث مع النمور الآسيوية التى سبقناها فى العديد من الصناعات، ولكن ما حدث كان مخالفا تماما لكل التوقعات، التنمية كانت لصالح فئة دون العامة، واتسعت الهوة بين الأثرياء والفقراء فى مصر وتراكمت الديون علينا. ولم نحقق أى نهضة صناعية تذكر، وتحول الوطن لسوق بدائية كبيرة تعج بمخلفات المصانع الصينية من الدرجة الثالثة، ومنتجات مصانع «بير السلم» واقتصاد الأتوبيسات والأرصفة. مرحلة انفتاح أدت لارتفاع جنونى فى الأسعار وتردى الخدمات المقدمة من الدولة، خاصة التعليم والصحة، ما أدى لتصدع وانهيار للطبقة الوسطى وتغير فى قيم المجتمع بشكل لا يحدث إلا بعد خسارة الحروب والغزو الأجنبى لبلد، انتصرنا فى الحرب وانهزمنا فى الواقع.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل