المحتوى الرئيسى

عام على اغتيال ناهض حتر.. شهيد على قصر العدالة | المصري اليوم

09/25 18:16

عام على رَحيل الكاتب الأردني اليساري ناهض حتر. قبل 365 يوماً أطلق أحد المتشددين الرصاص عليه أمام قصر العدل، بعدما كان يخضع للمحاكمة بتهمة إهانة الذات الإلهية.

خريج قسم علم الاجتماع والفلسفة، واحد ممن طالبوا بإصلاحات ديمقراطية في الأردن. في كتابه «الملك حسين بقلم يساري أردني»، انتقد النظام ورأسه، وقال إنه كان يفضل أهل الولاء على أهل الانتماء، وأصحاب الولّاعات على أصحاب العقول، وخريجي الجامعات الأمريكية على خريجي معاناة البلد، الأمر الذي عرّضه للاعتقال مرات عدة «1977، 1976، 1979»، منتقدا عدم مشاركته للجيوش العربية في حرب 1973.

كان عضواً في الحزب الشيوعي الأردني سنوات عديدة، وواحد من مؤسسي حركة اليسار الاجتماعي. نستطيع أن نقول إنه أبرز رموز الحركة الوطنية الأردنية في الألفية الثالثة، لديه يتساوى النظام مع الإسلاميين، فهو حائز على ماجستير فلسفة في الفكر السلفي المعاصر، بالنسبة إليه لا يصلح التيار الإسلامي للحكم، هو يريد إعادة إنتاج العصور الوسطى من جديد.

في الأزمة السورية، لم يخشى «حتر» شيئاً، دافع عن قناعاته، إذ اختار منذ البداية الانحياز للرئيس بشار الأسد، ما أثار الرأي العام الأردني ضده، وفقد قطاع واسع من محبيه، فهو في نظرهم يدافع عن قاتل!. لكن الكاتب الأردني كان يرى أنه يدافع عن الدولة في مواجهة ما أسمه «تمرد مسلح مدعوم من دول الخليج وواشنطن». في رأيه، كان الحسم العسكري هو الخيار الوحيد لإنهاء ما يحدث في سوريا.

حزب الله اللبناني هو الآخر حظى بتأييد «حتر»، لأنه – من وجهة نظر- قوة تؤمّن حدود لبنان، ودعّم تدخله في سوريا ضد الجماعات الإرهابية المدعومة من المملكة العربية السعودية.

وقال في مقال كتبه بصحيفة «الأخبار» اللبنانية: «حزب الله، اليوم، قوة ردع في مواجهة إسرائيل، وقوّة قتال رئيسية في سوريا، وقوة سياسية ومعنوية في العراق والخليج واليمن، وحركة ذات صدقية تتمتع بشعبية كاسحة بين مسيحيي المشرق، وفي صفوف التقدميين والقوميين واليساريين العرب، ويتنامى حضورها في فلسطين والأردن. ولا يعيب الحزب أن الأحداث تسارعت، ففاجأه التاريخ، بمنحه حجماً أكبر بكثير من كونه إسلامياً، ولبنانياً».

كان «حتر» من أنصار القضية الفلسطينية، وقف ضد المشروع الصهيوني الداعي إلى أن يكون الأردن وطناً بديلاً للفلسطينيين، قال إن كل فلسطين هي وطن الفلسطينيين.

لديه مؤلفات عدة، في أكثر من قضية: «دراسات في فلسفة حركة التحرر الوطني، الخاسرون: هل يمكن تغيير شروط اللعبة؟، في نقد الليبرالية الجديدة، الليبرالية ضد الديمقراطية، وقائع الصراع الاجتماعي في الأردن في التسعينيات، الملك حسين بقلم يساري أردني، المقاومة اللبنانية تقرع أبواب التاريخ، العراق ومأزق المشروع الإمبراطوري الأميركي».

هذا هو ناهض حتر، كاتب وقف على يسار النظام الأردني، ورفض أفكار الإسلاميين، وأيّد بشار الأسد ضد الجماعات الإرهابية، بهدف الحفاظ على الدولة السورية. له أفكاره وآرائه هو مسؤول عنها أمام التاريخ. لكن أحد المتشددين، رأى أن من واجبه محاكمته، فانتهزت فرصة نشره كاريكاتير على صفحته الشخصية بموقع «فيس بوك»، يسخر من تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، وكتب «ربّ الدواعش»، يفضح استغلال التنظيم للدين، وأطلق الرصاص عليه أمام قصر العدل في 25 سبتمبر 2016.

نفذّت السلطات الأردنية حكماً بالإعدام ضد القاتل، لكن هناك اتهامات موجّهة للنظام الأردني والتيار الإسلامي بالتمهيد لاغتياله، إذ قبل شهر من اغتياله، وتحديداَ في أغسطس، استدعت السلطات «حتر» بسبب الكاريكاتير الذي نشره على «فيس بوك»، واتهمته بإهانة الذات الإلهية، وبقى 15 يوماً في السجن، إلى أن جرى الإفراج عنه في 8 سبتمبر.

خلال التحقيقات مع حتر، طالبت جماعة الإخوان في الأردن، بإنزال أقصى العقوبات عليه، وقالت إن ما فعله تحريض على الفتنة الطائفية بين الأردنيين، وإساءة للدستور الذي ينص على أن دين الدولة هو الإسلام.

مؤسسة الإفتاء العام الأردنية الحكومية، طالبت هي الأخرى بتغليظ العقوبات على «حتر»، وقالت إنه تطاول على الذات الإلهية، قبل أن تخرج عقب اغتياله لتكرر الجملة المعتادة: «الإسلام بريء من هذه الجريمة البشعة».

كل ذلك مَهد لاغتيال الكاتب العلماني، لم يحترم أحد حرية الرأي والتعبير، نَصب الجميع بما فيهم النظام نفسه محاكم التفتيش، حاكموه على رأيه، حاكموه لأنه سَخر من تنظيم داعش، العقول المتحجرة في الأردن «الإسلاميين» لم يفهموا المغزى من الكاريكاتير الذي نشره «حتر»، رغم أنه أصدر بيانا يوضح فيه أنه لا يقصد الإساءة للدين أو الذات الإلهية، وإنما كان يسخر من استغلال التنظيم الإرهابي للدين، في عملياته التي ينفذها في كل مكان بالعالم.

وأضاف: «الذين غضبوا من هذا الرسم نوعان: أناس طيبون لم يفهموا المقصود بأنه سخرية من الإرهابيين وتنزيه للذات الإلهية عما يتخيل العقل الإرهابي؛ وهؤلاء موضع احترامي وتقديري، وإخونج داعشيون يحملون المخيال المريض نفسه لعلاقة الإنسان بالذات الإلهية. وهؤلاء استغلوا الرسم لتصفية حسابات سياسية لا علاقة لها بما يزعمون».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل