المحتوى الرئيسى

فنّ تصوير جماليات الطعام وتاريخ المطبخ بعدسة يحيى العلايلي

09/25 14:54

ما إنْ تقفَ على عتبة استديو المصور –المصري البريطاني- يحيى العلايلي حتى تطالعَ الجدرانَ الملأى بصورٍ نُسِقت ككرنفالٍ من الألوان والحكايا، صورٌ لأصناف من الأطعمة، جدارٌ آخر فاض بالدفء عبر صور لأدوات المطبخ القديمة التي تخللت كتابه "مذكرات المطبخ"، إلى جانب متفرقاتٍ من مشواره في التصوير قبل أن يختص بتصوير الطعام.

العلاقة بين الطعام والفن ليست جديدةً، فعبر مَرّ العصور كانت لوحاتُ الطعام منجزاتٍ فنيةً، حتى في الفن الحديث، حيث قُدرَت بعض لوحاته بملايين الدولارات، كالتي رسمها سلفادور دالي وبيتر بروغل وبول سيزان، إلا أن منتصفَ القرن الماضي شهدَ البداية الحقيقية لتصوير الطعام الذي استحوذ مساحة من عمل المصورين والقائمين على الغذاء، والسر يكمن في ارتباط الطعام بثقافات الشعوب وأحوالها، ودورها في الحوار بين الحضارات.

مع الوقت أصبح لهذا المجال اختصاصيون يجولون العالم ليصوروا أطباقاً من مختلف البلدان، وأيضاً انتشرت المسابقات التي تحتفي بصورة الغذاء لعلّ أهمها مسابقة food photographer of the year التي تقام برعاية عدد من الشركات الغذائية والمنظمات تتصدرها منظمة الصحة العالمية.

شارك غردالعلاقة بين الطعام والفن قديمة جداً، ولكن تصوير الطعام أصبح فناً مستقلاً منتصف القرن العشرين

شارك غردفن تصوير الطعام، الوجه الجديد لاهتمام الشعوب بطقوس السفرة وجمالياتها

شارك غردالعلاقة بين الطعام والفن قديمة جداً، ولكن تصوير الطعام أصبح فناً مستقلاً منتصف القرن العشرين

شارك غردفن تصوير الطعام، الوجه الجديد لاهتمام الشعوب بطقوس السفرة وجمالياتها

"على مصور الطعام أن يكون على دراية وافية بثقافة الطعام وتاريخه، إلى جانب مكونات وطريقة طهي الطبق الذي أمام عدسته"، يؤكد العلايلي لرصيف22 مشيراً إلى أن احتراف التصوير ليس كافياً ليكون مصور طعام جيد. ذلك ماحققه عبر سنوات سافر فيها بلداناً عدة واكتسب فيها خبرة حول ثقافة الطعام وعاداته، زاوجها مع موهبة التصوير الذي احترفه منذ الصغر. قبل التصوير كان يعمل كمصمم حدائق، الأمر الذي نجح بتوظيفه في التصوير، خاصة أن تنسيق المناظر كما التصوير يقوم على فنّ تخطيط العناصر.

وعن معايير جودة الصورة يضيف "يجب أن تكون الألوان جاذبة وصحيحة، العناصر متوافقة ومُكمّلة لبعضها، إلى جانب التوازن بين المكونات من حيث الكمّ والتنسيق" لافتاً إلى أنه يفضل استخدام ضوء النهار، وفي حال عدم توفره يستعين بالإضاءة الصناعية التي تُحقّق ذلك، في حين يجب أن تكون مكونات الطبق طازجة ونضرة وتحقيق ذلك يتطلب الكثير من الوقت والجهد والطعام.

صورة الطعام هي حوار وجهد ثلاثي يشترك فيه منسق الطعام  (food stylist) الذي تقوم بطهي الطعام وتنسيقه في الطبق، ومصور الطعام (food photographer) الذي يوثق الطبق بعدسته، ومحرر الصورة (Image" Retoucher")، ومهمته تحرير الصورة وتصحيح ألوانها وإطارها والظل، إلخ.

يعمل يحيى العلايلي لصالح عدد من المطاعم التي تسعى من خلال الصورة إلى الإعلان عن منتجاتها منها Rich bake ، هارديز، غورميه، وشركات غذائية كماجي إلى جانب عدد من الفنادق والمجلات المصرية التي تلجأ إلى الصور لأجل التوثيق على مواقعها الإلكترونية والمطبوعة، يشير إلى أن الأطباق التي يصورها تُطهى بذات المعايير المعتادة لها، لكن الفرادة تكمن في اختيار المكونات واللحظة المناسبة لالتقاط الصورة، فمن الممكن أن تلتقط الصورة قبل أن تنضج الوصفة تماماً حفاظاً على ألوان مكوناتها.

وعمّا ُيشاع عن الاستعانة بمواد غير غذائية لالتقاط الصور كالدهان والجبس، يؤكد العلايلي أن زمنها قد ولّى وانقضى مع المتغيرات التي أصابت ذائقة الزبون وتقنيات التصوير، "كان الاستسهال يدفع بالقائمين على الصورة إلى الاستعانة بمواد كالجبس التي تظهر به الكعكة وكأنها منحوتة –مثلاً-، إلا أن الناس اليوم تائقة إلى كل ماهو طبيعي وطازج، كما أن مهارات الطبخ والتصوير أيضاً قطعت مراحل كبيرة من التقدم".

رغم أن السوشيال ميديا عزّز انتشار ثقافة الصورة عبر العالم إلا أن العلايلي يؤكد أن "عُمر الصورة على السوشيال ميديا قصير بسبب التحديث الدائم، فلا تتجاوز مدتُها اليومين أمام المتابعين، في حين الصورة التي تطبع على إعلان طرقي أو تلفزيوني تعيش مدة أطول كما تترك أثراً أكبر في ذاكرة الرائي".

اعتبر يحيى العلايلي دخوله عالم تصوير الطعام تحدياً كبيراً سعى لتجاوزه بنجاحٍ استأهله بدليل أنه جال بعدسته دولاً عدّة ووثق أطباقها كدبي ولندن والسعودية.

اختار العلايلي فكرة إصداره الأول Kitchen Memoirs من كواليس الطعام وهي أدواته، مُركزاً عدسته على أدوات الطبخ التي انقرضت أو أوشكت على الانقراض بفعل المتغيرات، مشيراً إلى ماحملته العقود الماضية من شكل مختلف للطعام والمائدة عما هو عليه الآن:

"قديما كان شكل المطبخ مختلفاً عما هو عليه الآن، لم تكن هناك أدوات تخزين كالثلاجة، لذا فالطعام كان يُطهى للاستهلاك الفوري، في حين مايُخزن هو السكر والشاي والبن"، ويضيف "كما كانت السفرة أكثر انتظاماً وحميمية بغض النظر عن الوضع المادي للأسر".

مخرطة ملوخية تقليدية، حافظات توابل قديمة، مفارم لحمة يدوية، فرامة بطاطاس يدوية، فتاحات زجاجات العصير والنبيذ، وغيرها من الأدوات التي جمعها يحيى بين دفتي كتاب يفيض بالدفء والحنين، يغلب على الصور طابع الفانتج الذي يتوافق مع التيمة الأساسية له، مراعياً أن تحتوي كل صورة عنصراً واحداً كفيلاً بجذب الناظر والسفر به إلى أزمان وأجواء أخرى.

الكتاب مقسم إلى أربعة أجزاء (أدوات المطبخ، والقهوة، والشاي، وأدوات السفرة)، سبق كل واحد منها عرضاً موجزاً له وحكايته عبر التاريخ، يؤكد العلايلي أنه قد جمع الأدوات من محلات الأنتيكا وبياعين الروبابيكيا ومن ربات اليوت القديمة وشارع الحسين.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل