المحتوى الرئيسى

«بدرية»: افتقدت فرحة أول يوم دراسى بعد وفاة زوجى | المصري اليوم

09/25 14:28

ما إن تجلس معها حتى تعيدك إلى أول يوم دراسة بالفعل، وتتسرب إليك الفرحة وتسكنك، من خلال كلامها ووصفها وسعادتها بمشاركة زوجها لها التى افتقدتها بموته.. إنها «الحاجة بدرية أبوالمعاطى» امرأة فى نهاية العقد السادس من عمرها تسكن فى حلوان، ولديها ثلاث بنات وولد.

يرتبط أول يوم دراسى فى ذهن الحاجة بدرية بحبها لزوجها، أكثر من ارتباطه بأولادها. فهما كانا يعيشان فرحته سويا، وهما يريان مرور السنوات، ونمو أبنائهما أمام أعينهما كما عبرت. فزوجها هو من كان يشترى كل اللوازم المطلوبة استعداداً لأول يوم دراسى. فكان لا يشترى شيئاً أو سلعة قطاعى، بل جملة «بمعنى أنه كان يشترى (بلاطة) الجبن الرومى كاملة، والجبن الإستانبولى بالصفيحة، وكان يشترى منها نوعين بالفلفل وبدون. أما البيض فكان يشترى منه بالخمسة أطباق فى المرة الواحدة، وليس من المحل أو السوبر ماركت، بل من المزرعة ليضمن نضجه. واللانشون باللفة، والزيتون بالكيلو.

تقول «الحاجة بدرية»: «كان لدى ماكينة خياطة، وكنت أشترى قماش (تيل نادية) بلونه (البيج) وأفصل بيدى المريلة لأولادى. كنت أشترى القماش من محال بنزايون وصيدناوى، كان لا يزيد على 150 قرشا، والشنطة والجزمة من عمر أفندى، جلد متين ويعيش مع الولاد، وكان ثمنهم لا يتعدى الخمسة جنيه. وكان زوجى حريص على تغييرهم كل عام، حتى لو حالتهم جيدة، وكان شديد الارتباط جدا بهم. كان أول يوم هو السبت، لأنه لم يكن إجازة مثل الآن، فكان حريصاً كل يوم خميس، على جمع كل أحذيتهم وتلميعها بيده، حتى وهى جديدة. وكنت أشترى المناديل القماش لهم، المزين بالورود للبنات والسادة للولاد، وأكويهم وأطبقهم وكل واحد أضع له منديله بجوار باقى حاجته ليلة المدرسة».

مع نسمات فجر اليوم تستيقظ «بدرية» وينزل زوجها لشراء اللبن والفينو الذى كان يصل طول الرغيف الواحد منه إلى 30 سم، على حد قولها، ومقسم إلى أجزاء تسهل تقطيعه، وكانت تحضر لأولادها الفطار ثم يذهبون لمدارسهم، وكان المصروف يتراوح ما بين قرش وخمسة قروش. لتقوم هى لتبدأ فى تجهيز طعام الغداء لهم، وتنتظر عودتهم فى الـ12 ظهراً، ثم يذهب زوجها لشراء الأدوات المدرسية وأهم ما يميزها الجلاد البنى، لتقضى الليلة الأولى فى قصه وتجليد الكتب والكراسات ولصق التيكت عليها وكتابة أسمائهم.

بدأت الحاجة بدرية المصروف بقرش واحد من أول بنت لها، حتى انتهت إلى خمسين قرشا مع أصغر أبنائها. ولم تتعب فى المذاكرة معهم، فكانوا يذاكرون بأنفسهم، دون أن يلزم ذلك تنبيهات مشددة منها، وكانوا لا يعرفون الدروس الخصوصية، وحتى المجموعات المدرسية كانوا لا يشتركون فيها إلا فى الشهادات فقط، وكانت فى الابتدائية بجنيه واحد فى الشهر للمادة. وينتهى اليوم بكل واجباته وتفاصيله فى الثامنة والنصف مساء.

اختلف الحال مع الابنة، نبيلة عبدالشهيد، 47 عاماً، لديها خمس بنات وولد. كان أبناؤها فى التعليم الخاص. فكانت لا تفصل «المريلة» بل تشترى «اليونيفورم» من المدرسة، لكن كله كان بخمسين جنيهاً. وكانت تستقبل اليوم الأول بحماس شديد، لتحفز أبناءها أيضاً على استقباله. تستيقظ فجراً، وتنزل لتشترى الفينو وكان العشرة أرغفة منه بجنيه، وتعلمت من والدها تخزين كل شىء فى الثلاجة قبلها بفترة كافية، لكن لارتفاع الأسعار، ليست بنفس كميات والدها، بل ما يكفى لاستهلاك الأسبوع الأول.

لا تعرف نبيلة «اللانش بوكس»، على حد قولها، ولا علاقة لها إلا بالكيس البلاستيك لتعبئة ساندوتشات أبنائها، مع التأكيد والتنبيه الشديد على الحفاظ على الكيس والرجوع به لاستخدامه مرة أخرى.

يذهب أولادها للمدرسة، وهى ربة منزل، فتبدأ فى تنظيف المنزل وتجهيز الطعام، حتى يعودوا فى الواحدة ظهرا ليبدأ «مهرجان المذاكرة» كما سمته. وكانوا يذهبون للمجموعة المدرسية بـ25 جنيها شهريا فى المادة، حتى بدأت الدروس الخصوصية تتسلل إلى منزلها، وكانت الحصة بعشرة جنيهات، أى الشهر كله بأربعين جنيها للمادة. فى الحادية عشرة مساء ينتهى اليوم ليبدأ يوم آخر جديد.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل