المحتوى الرئيسى

الروهينجا داخل المخيمات.. حياة على حافة الموت بصحبة الجوع والعراء (صور)

09/23 15:07

لم ينته فصل من مأساة مسلمي الروهينجا حتى يبدأ فصل لآخر، فمن حرق المنازل وتدمير القرى إلى طريق معبد بالموت، حتى يصل إلى مخيمات الحياة فيها ممزوجه بطعم الموت، حيث لا شيء مقدم له، تلك هي مراحل حياة الروهنجي، المهدد بالموت حرقًا في منزلة أو غرقًا في طريق نجاته أو جوعًا في مخيمات الإيواء، وإذا توقفنا عند المرحلة الأخيرة نجد تمازج رهيب بين آلام التعذيب والفقد التي سبقت الوصول، وبين واقع الجوع والمرض الذي يعايشه الروهنجي بمخيمه، فهل تفجر مخيمات الروهينجا مأساة لا تقل عن مأساة سكانها بوطنهم الأصلي.

قال محمد أبو الخير، الباحث والإعلامي الروهنجي، إن الوضع صعب وكارثي للغاية، داخل المخيمات، فلك أن تتخيل صورة واحدة فقط، وهي، أن "أطفالاً ونساءً وكبار سن يفترشون الطين المبتلة ويلتحفون السماء المطيرة، ولا يسترهم من المطر والحر والشمس والسموم شيء، بالإضافة إلى أنهم جياع منذ أيام، ويشربون من الماء الآسن، أطفالهم ونساؤهم ورجالهم يقتاتون الصبر على نصب الحياة، حيث انتشرت الصور والمقاطع وهم يقطعون الفيافي والبراري والغابات لعشرات الأميال، ولايملكون من حطام الدنيا شيئًا".

وأكد أبو الخير، في تصريحات خاصة لـ"التحرير"، أن كل شخص لديه قصة معاناة يتقطع لها القلب ويتفطر لها الفؤاد، وهناك من قتل أطفاله وزوجته، وهناك من حرق بيته وكل أملاكه، وربما والديه الكبار في السن، وهناك من تقطعت أعضاءه بسبب الطعن أو التعذيب، وهناك من فقد زوجته أو ابنه أو ابنته لم يعلم أين هم، وما إذا كانوا على قيد الحياة أم افترستهم السباع في الغابات أم أخذهم العدو إلى معسكرات للقتل أو انتهاك الأعراض.

مخيمات تعود إلى 40 عام

وأوضح أبو الخير، أن تهجير الروهينجا للمخيمات ليس جديد، فبنجلادش وحدها تحتضن أكثر من نصف مليون روهنجي منذ عام 1979، أي منذ ما يقارب 40 عامًا ويقبعون في مخيمات بالية ولم يسمح لهم بالعودة رغم قسوة وصعوبة الوضع الذي يعيشون فيه، والآن انضم إلى العدد السابق حوالي 430 ألف نسمة كلاجئين جدد، كما صرحت بذلك الأمم المتحدة ومنظمة "هيومن رايتس ووتش"، والعدد في ازدياد، فهناك عشرات الألوف عالقون في المناطق الحدودية دون مأوى، ولم يتمكنوا من عبور النهر حتى الآن ووضعهم المعيشي صعب للغاية.

"التهجير القسري هو هدف في ذاته"، بتلك الكلمات وصف أبو الخير، الغاية من تهجير الروهينجا إلى مخيمات دول الجوار، واصفًا إياها من الغاية التي تهرول خلفها السلطة في ميانمار بالتواطؤ مع المجامع الدينية البوذية التي يقودها رهبان متشددون ولديهم هاجس كبير من انتشار الإسلام في أركان على وجه الخصوص، وبورما على وجه العموم، وقد صرح الراهب السفاح ويرثو، وقال بكل صراحة إن المسلمين يشكلون خطرًا على البلاد، وأنهم إن تركوا فإن البوذية قد تكون يوما من تراث الماضي. بهذه العقلية يفكرون، ولا مانع لديهم قتل النساء والأطفال في سبيل أن يترك هذا الشعب المسلم دياره، ولذلك تمانع ميانمار من عودة اللاجئين إلى ديارهم بالرغم من مناشدات العالم ومنظماته.

وقال صلاح عبد الشكور رئيس وكالة أنباء "أراكان"، تجول في أراكان لترى معاناة وعذاب مسلمي الروهينجا في رمضان، فالمخيمات أكبر شاهد على عمليات القمع والقهر، وفي داخل منطقة "أراكان"، أنشأت الحكومة ما يشبه السجن الكبير للمسلمين، والذي يضم عددا كبيرا يتراوح ما بين 150 و160 ألف نسمة، يعيشون بداخله، بلا رعاية صحية، ومحرومون من مرافق الحياة.

وأكد عبد الشكور، في تصريحات خاصة لـ"التحرير"، أن اللاجئين الروهينجا في خارج أراكان قد تطبعوا بطباع الشعوب التي خالطوها، فتجد الروهينجي في بنجلادش تطبع بطبائع البنغال، والروهينجي في الدول العربية اكتسب طابع العرب.

وقالت أمونة الأراكانية، أحد الناشطات الروهينجيات، أن معظم المخيمات الروهينجية تقبع في مدينة "كوكس بازار"، الواقعة جنوب شرقي بنجلاديش، على الحدود مع ميانمار، ويعد مخيم "بالوكالي" من أكبر المخيمات التي تستضيف أعداد من المسلمين الروهنجيا الفارين من جرائم "الإبادة" في إقليم أراكان غربي ميانمار، حيث وصل عددهم إلى 90 ألفا.

وكشفت أمونة، أن الكثير من نازحي الروهينجا يعانون من صدمات نفسية وعذابات جسدية وأوضاع مأساوية، ولكن هذا لم يمنعهم أن ينصرفوا إلى الصلاة والعبادة على أرض عارية يسجدون على ترابها في ظل قوله عليه الصلاة والسلام (جُعِلت لي الأرض مسجدا وطهورا)، ويتوضأون على أرضها، بالرغم من السياج الخشبي الذي يحيط ببعض المخيمات.

وأكدت أمونة على وصول مساعدات من المسلمين من شتى بقاع العالم إلى معسكرات بنجلاديش، ومنها بعض المشاريع الناجحة في إيواء الروهينجا مثل مشروع المطبخ الخيري لتوزيع وجبات يومية سدا للجوع المنتشر بشكل كبير بين النازحين ولا زالت أفواج وجماعات النزوح في قدوم مستمر هرب، قامت مؤسسة الزكاة في أمريكا بتنظيم مخيم صحي لمعالجة اللاجئين الروهنجيين النازحين إلى بنجلاديش هربا من الجرائم الوحشية.

ولم تغفل أمونة، دور الوطن العربي في إغاثة مسلمي الروهينجا، حيث استفادت 1400 أسرة من المسلمين الروهينجا الفارين إلى بنجلاديش من مساعدات موّلتها تبرعات فلسطينية، حيث قامت مؤسستا "حجر الصدقة" و"جمعية القلوب الرحيمة" الفلسطينية (غير حكومية) بتوزيع مساعدات نقدية وغذائية على اللاجئين في مخيم "بالوكالي" بمدينة "كوكس بازار".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل