«التربون وسنام الجمل».. هل تحول الحجاب من فريضة إلى موضة؟

الحجاب موضة أم فريضة؟.. تساؤل قد يتبادر إلى أذهان الكثيرين، لما نشاهده يوميًا من أشكال كثيرة ابتدعتها الفتيات للحجاب، بعدما تفننت الكثيرات من استحداث أشكال عديدة له غير التي اعتادها المصريون، بل أن بعض تلك الأشكال نهي عنها الرسول صلى الله عليه وسلم، ورغم ذلك انتشرت بكثرة خلال الفترة الأخيرة.

من بين تلك الأشكال الكثيرة التي ظهرت، حجاب "التربون" الذي يغطي منتصف الشعر فقط، ويترك الرقبة عارية، وترتديه الكثير من المحجبات، ويقومن أيضًا بإظهار خصلة من الشعر، ولكن الشكل الأكثر انتشارًا هو وضع طبقات كثيرة من الأحجبة حتى تصبح رأس الفتاه مثل سنام الجمل لكثرة الأحجبة، وهي الطريقة التي اشتهر بها الخليجيات.

في البداية، تقول الدكتورة سهير طِلب، أستاذة علوم الحديث بجامعة الأزهر، أن الحجاب هو غطاء كامل للمرأة لذا لا يجوز أن تضع غطاء عرضة للوقوع فيظهر شعرها ويراه العامة، مضيفة كما أنه لا يجوز أن تكون محجبة وتظهر رقبتها، لكن يجب أن يكون حجابها محل احتشام لها.

وتوضح "طلب" لـ«الدستور» أن الرسول صلى الله عليه وسلم، نهى عن طريقة حجاب الجمل، في حديث صحيح قال فيه: "نساءٌ كاسياتٌ عاريات.. مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البُخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها"، إذا فهذا الحجاب العالي محرم في الإسلام.

وتشير أستاذ علوم الحديث إلى أن الملابس الضيقة التي تشف وتصف جسد المرأة لا يعتبر حجابًا؛ لأنه يفصل كل عضو في جسد المرأة، وهذا ما شبههم به النبي، كما ذكرنا "كاسيات عاريات"، فكأنها ساترة جسدها بهذه الملابس لكنها في الحقيقة عارية.

واختتمت "طلب" كلامها، قائلة: "من المفترض عدم وضع مساحيق التجميل كما نراها هذه الأيام؛ لأن وجه الإنسان جميل كما خلقه الله عزوجل، أما اعتبار ذلك تابع لموضة العصر، ومسايرة لما يفعله الجميع فهذا لا يعتبرعبادة كاملة لله عزّوجل".

بينما وضع الدكتور محمود دراز، الأستاذ بجامعة الأزهر، والداعية بوزارة الأوقاف، تعريفًا للحجاب الشرعي الذي أمرنا الله به، قائلًا: "الحجاب الشرعي هو الذي أمرنا الله به أي ما يستر ولا يشف ولا يصف، فيكون فضفاضًا يستر جسد المرأة، وهذا بناء على الآية الكريمة في سورة النور: "وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ".

وأشار "دراز"، في تصريحات لـ«الدستور» إلى قول النبي (صلى الله عليه وسلم): "إنما الأعمال بالنيات"، فالفتاة عليها أن تختار بنيتها الحجاب السليم الذي يجملها لأنه من اختيار الله ورسوله، وقد بينّا الحجاب الذي يجب أن تتحلى به المرأة المسلمة متى بلغت سن الرشد، وذلك دون مغالاة أو تساهل أو غلو فالإسلام نهانا عن ذلك".

وأضاف "دراز" أنه يجب عدم التفريط في الحجاب لأنه زينة المرأة، لكني اعتبر أننا في عصر بدون حجاب، فحتى المنتشر هذه الأيام هو حجاب يساير الموضة ليس أكثر، فالعصر الذي نحن فيه موضته تبحث عما يصف جسد المرأة، لكن السيدة المسلمة المحترمة تكون فطرتها الاحتشام، وهو أساس حياتها، أما ما نراه اليوم يأتي تحت شعار التقدم والرقي، فهو يعيد المرأة لعصر الجاهلية الذي كانت فيه كالسلعة التي تباع وتشترى.

ولفت الداعية بالأوقاف، إلى أن وضع مساحيق التجميل محرم، وهذا بناء على قوله تعالى في سورة النور: "وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ" إلى آخر الآية الكريمة، فهذه هي القاعدة التي نسير عليها، فلا يجوز للمرأة أن تكون متبرجة أو متعطرة، فذلك لا يتفق مع الحجاب أيضًا.

أما من الناحية الاجتماعية، يقول الدكتور علي الجلبي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأسكندرية، أن كل ما يحدث هو انعكاس للسياق الاجتماعي الأعم، فقد مر علينا فترة لم يكن فيها الحجاب منتشرًا إن لم يكن معدومًا، لكن هذه الأيام موضتها هو "الإسلام السياسي" الذي يهتم بالدين الشكلي، بالتالي اتجهنا إلى أشكال مختلفة من الحجاب كما نراها، كذلك اشتعلت الفتاوى عن هل الحجاب عادة أم فريضة، مما أدى انقسام فكر الناس وهو أمر غير مطلوب فيما يخص هذا الشأن.

وأضاف" الجلبي"، في تصريحاته لـ«الدستور»، أن الحجاب بدأ في مرحلة الانسحاب، فباتت بعض الفتيات يفضلن البقاء دونه، متابعًا: "لذا أعتقد أنه في طريقه إلى الزوال، فهذا هو المناخ السائد في مجتمعنا حاليًا، ولا يمكننا توجيه اللوم لقصور المؤسسات الدينية وحدها، فهي ليست العامل الوحيد فيما آل إليه المجتمع".

منذ 18 عامًا وهو يسعى لتحقيق حلمه، كانت بدايته من مسرح الجامعة، حين درس مادة «الدراما» التي كانت بمثابة نافذة فُتحت الطريق أمامه، صعد من خلالها على خشبة المسرح، بدأت أفكاره تلمع رويدًا رويدًا، حتى ...