قصر محمد علي بشبرا.. تحفة معمارية في مواجهة السرقة والتدمير على مدى 200 عام
لم تكن هى المرة الأولى التى يتعرض فيها قصر محمد علي بشبرا الذي يعد أقدم قصور الأسرة العلوية للسرقة على أيدى لصوص التاريخ والتراث ، ولكنها جاءت لتذكر الجميع من جديد بأهمية ذلك القصر الذى يمتد عمره إلى أكثر من 208 أعوام من عمر المحروسة ، لتكون محاولة سرقته اليوم بمثابة جرس إنذار لإنقاذه من كم الإهمال والتخريب الذي طاله بشكل يفوق قدرة المبنى الذي بني على الطراز التركي وكان الأول من نوعه في مصر على التحمل.
وتعرض القصر لمحاولة سرقة مؤخرًا؛ حيث أثبتت المعاينة الأولية عدم تعرض محتويات القصر للسرقة وفقا لما أعلنته وزارة الآثار اليوم ولكن تلك المحاولة لم تكن الأولى حيث تعرض عام 2009 للسرقة بعد الاستيلاء على تسع لوحات فنية أثرية تعود جميعها إلى عصر أسرة محمد على باشا، وكانت اللوحات قد أُعيرت إليه كجزء من عمليات التطوير والترميم، وبعد 9 أيام من سرقتها تمت استعادتها.
وفي عام 2011 أُغلق القصر بعد ثورة 25 يناير لدواع أمنية، ومع تراجع الاهتمام بالصيانة والظروف الأمنية غير المستقرة آنذاك بدأت حالته في التدهور وفي عام 2015 نالت موجات التفجير الذي استهدف مبنى الأمن الوطني بشبرا مبنى القصر خاصة قصر الجبلاية الذي يعتبر جزءا منه ويبعد حوالي 300 متر عن موقع التفجير.
وكان القصر قد أُدرج في خطة ترميم سابقة بين عامي 2005 و2008 بتكلفة بلغت 55 مليون جنيه في ذلك الوقت ، وأعيد افتتاحه للجمهور ولإقامة عدد من الاحتفالات الرسمية ، وبعد إغلاقه في عام 2011 عاني القصر من تصدعات وشروخ ، وكان مدرجا في خطة للترميم منذ عام 2014 لكنها توقفت لعدم وجود تمويل كاف وجارى حاليا تنفيذ مشروع تطوير وترميم القصر؛ حيث وافق وزير الآثار الدكتور خالد العناني على اعتماد 150 مليون جنيه لتطويرالقصر تمهيدا لفتحه أمام الحركة السياحية، وتشمل عملية التطوير 3 مراحل ، تبدأ المرحلة الأولى العام الجاري بـتكلفة 50 مليون جنيه.
ويعود تاريخ إنشاء القصر إلى عام 1809، بعد عدة سنوات من تولي محمد علي مؤسس الدولة المصرية الحديثة الحكم كموقع للاحتفالات والمراسم ، وقد بني على مساحة 50 فدانا واستمر بناؤه لمدة 13 عاما حتى 1821 وأشرف علي الإنشاء مشيد عمائر محمد علي "ذو الفقار كتخدا".
وجاءت عمارة القصر علي نمط جديد لم تعرفه مصر من قبل ، حيث ساعدت المساحة الشاسعة للموقع الجديد على اختيار طراز معماري من تركيا هو طراز قصور الحدائق والذي شاع في تركيا علي شواطئ البوسفور والدردنيل وبحر مرمرة ، ويعتمد هذا التصميم في جوهره علي الحديقة الشاسعة المحاطة بسور ضخم تتخلله أبواب قليلة العدد وتتناثر فيها عدة مبان كل منها يحمل صفات معمارية خاصة.
وكان أول منشآت هذا القصر هو سراي الإقامة ويوجد موضعها وسط طريق الكورنيش الحالي وكان ملحق بها عدة مبان خشبية لموظفي دواوين القصر والحراسة إضافة إلى مرسى للمراكب على النيل.
وفي عام 1821 أضيفت إلى حديقة القصر (سراي الفسقية) التي مازالت باقية حتى الآن ، أما التصميم الداخلي للسراي ففريد من نوعه حيث يعتمد على كتلة محورية عبارة عن حوض ماء كبير مبطن بالرخام المرمر الأبيض ويتوسط الحوض نافورة كبيرة محمولة على تماثيل لتماسيح ضخمة ينبثق الماء من أفواهها..وفي أركان الحوض أربع نافورات ركنية ويلتف حول حوض الفسقية رواق يطل على الحوض ببواكي من أعمدة رخامية يبلغ عددها مائة عمود وبعد ذلك بعدة سنوات أضيفت إلى حديقة القصر سراي الجبلاية الباقية هي الأخرى حتي الآن.
وشهد قصر محمد علي شبرا إدخال أول نظم الإضاءة الحديثة ، فقد عرفت انجلترا هذا النظام عام 1820 علي يد م. جالوي ، فأمر محمد علي باستدعائه لعمل التجهيزات الخاصة بذلك في قصره وكان ذلك يعد نقلة نوعية هائلة.
Comments