المحتوى الرئيسى

محمد الباز يكتب: كيف أدخل السيسى نتنياهو خيمة السلام؟

09/19 20:26

نتنياهو طلب اللقاء فى نيويورك.. والرئيس كان يستكمل خطة بدأها فى فبراير 2016

«لقاء نيويورك» الثالث بينهما.. الأول كان سريًا فى الأردن والثانى بالقاهرة

اللقاء يؤكد أن السيسى قائد شجاع يهتم بالنتائج.. فغيره كثيرون لا يجرؤون على لقاء نتنياهو علنًا

هذه المرة كان بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى، هو من طلب اللقاء.. ولم تكن استجابة الرئيس عبدالفتاح السيسى للقاء الرجل، الذى يفر منه الجميع علنًا فى مقر إقامته بفندق القصر بنيويورك، إلا تأكيدًا، ليس على ثقة الرئيس فى نفسه فقط، ولكن على جديته فى الوصول إلى حل حقيقى لأزمة العرب المزمنة، وهى القضية الفلسطينية.

فى مايو ٢٠١٦ كنت هناك، الرئيس يفتتح مشروعات جديدة فى أسيوط.

انتهت مراسم الاحتفال بعزف السلام الجمهورى، لكننا فوجئنا بالسيسى يريد أن يتحدث، صعد إلى المنصة وناشد الأطراف الإسرائيلية من أجل تحقيق السلام حتى تستفيد الأجيال المقبلة.

قال إن هناك العديد من المبادرات العربية والدولية لإيجاد حل حقيقى للقضية الفلسطينية، وإن مصر تلعب دورًا رياديًا فى تلك المبادرات.

طلب من القيادة الإسرائيلية أن تذيع خطابه فى إسرائيل مرة واثنتين؛ للاستفادة من تحقيق السلام، وقال بوضوح: أنا مبعرفش أحوّر ولا أتآمر، حل القضية الفلسطينية وإقامة دولتها السبيل الوحيد لتحقيق سلام أكثر دفئًا بين مصر وإسرائيل.

سألت يومها أحد الخبراء العسكريين الذى كان موجودًا معنا فى أسيوط عما يعنيه الرئيس، فقال نصًا: الريس يضع إسرائيل فى خانة اليك.

لم يكن أحد منا يعرف ما يدور فى الغرف المغلقة، تخيلنا أن الطرق مسدودة أمام السيسى، ولذلك أراد أن يُحرج الإسرائيليين بدعوتهم علنًا إلى مائدة السلام، لكن شيئًا من هذا لم يكن صحيحًا.. فالحوار كان قد بدأ بالفعل.

فلم يكن يعرف هذا الخبير العسكرى الذى تحدث عن خانة اليك، كما لم يكن غيره يعرف، أن السيسى لم يتحدث عن حلم، ولكنه كان يخطو خطوة جديدة فى ملف التفاوض، فقد وجّه هذه الدعوة لإسرائيل بعد حوالى ٣ أشهر من لقائه نتنياهو، ومطالبته بشكل واضح بالموافقة على حل الدولتين، كحل واحد ووحيد للمشكلة الفلسطينية.

اللقاء الأول بين السيسى ونتنياهو كان قد جرى فى العقبة بالأردن فى ٢١ فبراير ٢٠١٦، أى قبل الدعوة العلنية التى أطلقها السيسى من أسيوط بثلاثة أشهر.

وقد أشارت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، إلى أن اللقاء بين نتنياهو والسيسى حضره ملك الأردن ووزير الخارجية الأمريكى السابق جون كيرى، واجتهدت أكثر وقالت إنه عُقد بترتيب شخصى من الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، الذى كان يأمل فى دفع عملية السلام وتحقيق أى تقدم فيها قبل رحيله من البيت الأبيض.

«هآرتس» أشارت أيضًا، عبر مراسلها السياسى «باراك رابيد»، إلى أن اللقاء عقد لمناقشة مبادرة كيرى الإقليمية لحل النزاع الإسرائيلى الفلسطينى، والتى تتضمن الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، واستئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين بدعم دول عربية، لكن هذا المقترح لم يرُق لنتنياهو ولم يقبله، مبررًا ذلك بأنه سيواجه صعوبة فى الحصول على تأييد أغلبية ائتلافه اليمينى.

تقرير الصحيفة الإسرائيلية لم يكن دقيقًا بما يكفى.

طبقًا لمصادر مطلعة تحدثت إليها بعد تقرير «هآرتس»، كان هذا اللقاء الرباعى بدعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسى نفسه، ولم يكن بترتيب من الرئيس الأمريكى باراك أوباما، وقد استمر لمدة ساعتين، كان فيهما السيسى واضحًا فى رؤيته، حاسمًا فى موقفه، حازمًا فى المطالبة بحقوق الفلسطينيين، من خلال تبنيه حل الدولتين، كحل واحد ووحيد لا تنازل عنه على الإطلاق.

مصادر دبلوماسية دخلت على خط تفسير هذا اللقاء الذى أراد له الرئيس السيسى أن يكون سريًا، لأنه كان مجرد حلقة فى ملف التفاوض الذى قرر أن يقوده بنفسه للحفاظ على حقوق الفلسطينيين.

السرية كان لها ما يبررها وقتها.

طبقًا للمصادر الدبلوماسية، فإن المفاوض المصرى تجمعت لديه معلومات بأن الرئيس الأمريكى باراك أوباما يسعى إلى أن يختم عهده فى البيت الأبيض بخطوة كبيرة فى القضية الفلسطينية، لكن قبل أن يخطو فى هذه الاتجاه شبرًا واحدًا، فاجأ الرئيس السيسى إسرائيل وأمريكا بطلب اجتماع قمة فى الأردن، فقد أراد أن يضع الأطراف جميعها أمام مسئوليتها، وقد ربح فى هذه الجولة تعرية إسرائيل التى لا تريد حلًا.

لم يذهب عبدالفتاح السيسى إلى الأردن لمقابلة نتنياهو منفردًا، فقد كان هناك تنسيق مع أطراف عربية معنية بالقضية الفلسطينية، بل كانت السلطة الفلسطينية ممثلة بوجود السيسى نفسه الذى قال فى هذا الاجتماع نصًا: الفلسطينيون هيعملوا دولتهم يعنى هيعملوا دولتهم.

لم يكن هذا هو اللقاء الوحيد بين السيسى ونتنياهو، ففى أبريل ٢٠١٦، كان هناك لقاء آخر أشارت إليه الصحف الإسرائيلية أيضًا، لكنه هذه المرة كان فى القاهرة، ولم يتم الإعلان عنه إلا فى يونيو ٢٠١٧، من جانب الإعلام الإسرائيلى، وكان ذلك لأسباب انتخابية فى الغالب.

لم يكن نتنياهو بمفرده، فقد أشارت «هآرتس» إلى أن لقاء سريًا جمع بين نتنياهو والسيسى بحضور إسحاق هرتزوج، فى إطار بحث سبل السلام، مضيفة أن طائرة خاصة من إسرائيل وصلت القاهرة وكان على متنها نتنياهو وهرتزوج وبعض المستشارين، وتم استقبالهم فى القصر الجمهورى؛ لبحث محاولات دفع السلام الإقليمى والوساطة فى التوصل لاتفاق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.

هذه الخطوات كانت محسوبة تمامًا، فقد قرر الرئيس السيسى منذ البداية أن يسترد دور مصر الإقليمى فى المنطقة، ولأنه كان يعرف جيدًا أن المساحة التى يشغلها فى هذا الملف ركيزة أساسية فى هذا الدور، فقد بدأ مبكرًا فى تجهيز ملف التفاوض على الأرض، وهو التفاوض الذى حرص على ألا يفقد أى ورقة من أوراقه، وفى الوقت نفسه لا يتنازل عن أى مما يريده.

اللقاء العلنى لم يأتِ مصادفة أبدًا، فقد كان كل شىء محسوبًا، ومن بينه تحديد الوقت الذى سيجلس فيه نتنياهو إلى السيسى بشكل علنى، وأعتقد أن السيسى يعرف دلالات ما جرى سياسيًا ونفسيًا، فهو الآن القائد العربى الأكثر جرأة وشجاعة وقدرة على أن يفعل ما لا يستطيع أن يفعله الآخرون.. فقد ضرب عرض الحائط بكل شىء، ووضع أمامه الإنجاز التاريخى الذى يمكن أن يحققه لشعب تشرد طويلًا، ولم يجد مَن يعمل من أجله بجدية.

قوة السيسى يعرفها جيدًا، إنه لا يهدم المعبد على رءوس من فيه، ولكن يتسرب حتى يتمكن من كل الأوراق، فيعلن ما لديه، وهو ما جرى فى ملف فلسطين، فقد جاء بنتنياهو إلى خيمة السلام، ورغم أنك يمكن أن تشكك فى نوايا نتنياهو، وتجزم بأنه لن يتقدم على طريق السلام خطوة، إلا أن المشهد الذى رآه العالم بجلوس نتنياهو إلى جوار السيسى فى نيويورك يمكن اعتباره كافيًا جدًا، لكشف من يعمل من أجل السلام، وهؤلاء الذين يعملون من أجل الدمار.

أعلن عصام البديوى محافظ المنيا، بدء دخول محطة مياه بني عامر بمركز ومدينة العدوة الخدمة؛ حيث أعطي الدكتور مصطفي مدبولي وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية إشارة البدء للعمل بالمحطة خلال زيارته لمحافظة ...

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل