المحتوى الرئيسى

المتاجرة بعضوية نقابة الصحفيين

09/19 18:09

الصحافة من المهن السامية ، التى تتسم بالنزاهة ، والشفافية ، والحياد ، والأمانة ، والضمير، والتأكيد على حق المجتمع فى المعرفة الصادقة ، الخالية من الغش والخداع ، والضلال والتضليل.

وهذه السمات المختلفة يجب أن تتوافر بالتبعية فى كل من يمارس تلك المهنة ، سواء كانوا يمثلون أفرادا ، أو مؤسسات ، فهى تختلف عن غيرها من المهن ، من حيث آليات التأثير على المجتمع والدولة ، وهى تساهم بقوة فى تشكيل وجدان وضمير الأمة ، كما أن لها دورها المباشر فى صنع القرار العام للدولة.

وظلت المهنة بهذه السمات والآليات لفترات امتدت لعقود من الزمن ، كانت الصحافة فيها المحرك الأول للمجتمع، والمرجعية الأولى فى المعرفة للشعب ولمتخذ القرار ، فتأصلت قوتها فى المجتمع ، وازدادت احتراما بين فئاته، وقوة لدى متخذ القرار ، فكانت الصحافة ، بكل ما يمثلها من مؤسسات ونقابة ، لها دورها الذى لا يمكن أن يتجاهله أحد سواء داخل دائرة صنع القرار العام فى الدولة ، أو خارجه ، وفى تاريخ نقابتنا العريقة – الصحفيين – الكثير من المواقف الدالة على ذلك ، منها الموقف من الرئيس الراحل أنور السادات فى أزمة هيئة الاستعلامات الشهيرة.

غير أن الصحافة ، وفى الفترة الحالية ، وتحديدا خلال العقد ونصف العقد الأخير ، شهدت تراجعا عن السمات التى تميزت بها ، وتخلى أغلب العاملين بها عنها ، وتحطمت آليات قوتها على صخرة المال ، الذى اتجه إليه البعض تكنيزا ، على حساب المهنة وسموها ، وحقوق المجتمع والدولة ، وذلك حينما تحولت المهنة إلى عملية تجارية مباشرة.

وقد اتخذت التجارة بالمهنة أشكالا ، بدأت خارج المؤسسات ، فى إساءة استخدام شرف الانتماء إليها ، فى ممارسة عمليات الابتزاز لبعض متخذى القرار ، ومن هم فى السلطة التنفيذية ، وكذلك لممارسة أعمال نصب واحتيال باسم المهنة ، ودرجاتها الوظيفية المختلفة.

انتقلت المتاجرة بالمهنة إلى نوع آخر ، وهو المتاجرة بعضوية نقابة الصحفيين ، والتى تمثل الشهادة الرسمية بامتهان الصحافة ، فتحول "كارنيه النقابة" إلى بيئة استثمارية ، لجأ إليها كثيرون وعلى أوسع نطاق ، ما بين استغلال المتدربين الصحفيين للعمل داخل المؤسسات لفترات زمنية تمتد لشهور ، بدون الحصول على مكافآت مالية ، وذلك بحجة الإخضاع لفترة التدريب ، التى امتدت فى بعض المؤسسات لسنوات تصل فى بعض الأحيان إلى ثلاث سنوات أو ما يزيد على ذلك ،وفى سبيل العضوية يتحمل المتدرب ويبذل الجهد والمال ، فى وقت يقوم فيه القائمون على بعض المؤسسات ، بتوفير التكاليف على حساب حقوق المتدربين ، ليس من أجل تقديم خدمة صحفية أفضل ، ولكن من أجل تعظيم الأرباح.

وصل الأمر بعملية التجارة بعضوية النقابة ، إلى حد الإعلان المباشر عن الحصول على أموال ، تم تسعيرتها محليا وعربيا ، حتى أنها وصلت محليا إلى ستين الف جنيه ، وعربيا إلى ما يقارب المائة ألف، فهناك من يعمل بصحف عربية خارج مصر ، لايحملون عضوية النقابة ، ولديهم استعداد لدفع آلاف الجنيهات فى سبيل الحصول على كارنيه النقابة.

وكثير من الصحف الحزبية والخاصة ، تحولت إلى التجارة فى عضوية نقابة الصحفيين ، وأصبح جل همها أن تتلقى الأموال من الراغبين فى الانضمام لعضوية النقابة ، مقابل تقديمهم للجان القيد بالنقابة.

ومن أسف أن النقابة ، والزملاء بمجلسها وبلجنة القيد ، لديهم علم بتلك الصحف ، ومع ذلك تستمر لجنة القيد فى قبول المتدربين الصحفيين بها ، دون أن تتخذ رادعا تجاه المتاجرة بعضوية النقابة ، والحصول على بدل التدريب والتكنولوجيا ، الذى يمثل عنصرا استثماريا آخر للذين يفكرون فى دفع أموال مقابل الحصول على عضوية النقابة.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل