المحتوى الرئيسى

خاشقجي يهاجم السعودية في واشنطن بوست: "المملكة لم تكن بهذا القمع"

09/19 15:54

"عندما أُحدّثكم عن الخوف والتهديد والاعتقالات والتشهير بمثقفين ورجال دين كان لديهم ما يكفي من الجرأة للتعبير عن آرائهم، ثم بعد ذلك أُخبركم أنني سعودي، هل ستتفاجئون؟".. هكذا استهلّ الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي مقاله في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تحت عنوان "السعودية لم تكن بهذا القمع.. الآن لا تُطاق"، مُتحدثًا عن ما وصفه "حملة الاعتقالات الواسعة" التي طالت عددًا من المثقفين ورجال الدين في المملكة.

وكتب خاشقجي، وهو كاتب سعودي بارز تولى رئاسة تحرير عدد من الصحف السعودية يقول "مع صعود ولي العهد محمد بن سلمان إلى السلطة، وعد بتبنّي إصلاحات اجتماعية واقتصادية. وتحدّث عن جعل بلادنا أكثر انفتاحًا وتسامحًا، كما وعد بأنه سيأخذ بعين الاعتبار الأمور التي تقوّض تقدمنا، مثل حظر المرأة من قيادة السيارة، لكنني لا أشهد الآن سِوى موجة اعتقالات".

وأشار خاشقجي إلى ما تداولته تقارير إعلامية، الأسبوع الماضي، حول اعتقال 30 شخصًا من قِبل السلطات السعودية، تمهيدًا لصعود ولي العهد إلى عرش المملكة. موضحًا "بعض هؤلاء الأشخاص المُعتقلين من أصدقائي الأخيار". وقال إن "ما حدث يُعد تشهيرًا بمثقفين ورجال دين تجرّأوا على التعبير عن آرائهم المُعارضة لقيادة الدولة"، على حدّ تعبيره.

وقال الكاتب السعودي إن "المشهد كان دراماتيكيًا إلى حد كبير، إذ احتل رجال الأمن المُلثّمين المنازل حاملين كاميرات، صوّروا بها كل ما جرى، وصادروا ممتلكات الأشخاص من أوراق وكتب وأجهزة كمبيوتر. وذكر أن المُعتقلين وُجّهت إليهم تُهم تتمثّل في تلقّي أموال قطرية، إضافة إلى كونهم جزءًا من مؤامرة مدعومة من قطر، فيما اختار عدة آخرون -من بينهم أنا- المنفى "طوعًا"، وربما نواجه القبض علينا في حال عودتنا إلى الوطن.

وأصدر ناشر صحيفة الحياة اللندنية الأمير خالد بن سلطان قرارا قبل أيام بوقف نشر مقالات خاشقجي عطفاً على توصية نائبه الأمير فهد بن خالد، بحسب ما أعلن قال رئيس التحرير المساعد للصحيفة سعود الريس عبر حسابه على توتير.

وكان خاشقجي الذي يقيم الآن في الولايات المتحدة وأوقف من قبل عن الكتابة قبل أن يعود قبل أشهر قليلة نشر تغريدات أثارت الجدل كثيراً، قال فيها إن الإخوان المسلمين حركة مجتمعية تشاركية تحترم النظام القائم، مشيراً إلى أن المنتمين لها التنظيم في السعودية والخليج والمغرب لا يبايعوا أحداً حتى من بينهم؛ لأن في عنقهم بيعة لـ"ملك أو أمير البلاد"، ولا علاقة تنظيمية لهم بأحد خارج الوطن.

وقال خاشقجي في مقاله بواشنطن بوست: "يؤلمني الوضع حقًا عندما أتحدث إلى أصدقاء سعوديين آخرين في اسطنبول ولندن ممن هم في منفى اختياري أيضًا، يتسائلون: هل سنكون نحن نواة الشتات السعودي؟ نقضي ساعات لا حصر لها نتحدث مع بعضنا هاتفيًا، في محاولة لفهم موجة الاعتقالات التي طالت صديقي رجل الأعمال وأحد مشاهير تويتر المثقفين عصام الزامل، بعد عودته من السعودية قادمًا من بعثة رسمية إلى الولايات المتحدة منذ الثلاثاء الماضي فقط". وتابع "بهذه السرعة الخاطفة قد تُسقطك المملكة من حساباتها". مُضيفًا أن "الأمر كله صادم إلى حد كبير، لكن ذلك لم يكن معتادًا في بلادي".

وحكى الكاتب أنه في عام 2003 ومُجددًا في عام 2010، أُقيل من عمله رئيسًا للتحرير في صحيفة الوطن "المتحررة" -حسب وصفه- مُشيرًا إلى أنه في خلال الفترة ما بين هذين العامين، عمل مستشارًا إعلاميًا للأمير تركي الفيصل، سفير السعودية في بريطانيا ثم في الولايات المتحدة. "ربما يبدو مُستغربًا أن تُقيلك الحكومة ثم تعمل في خدمتها في الخارج. وتلك هي المفارقة السعودية". واستطرد "بكلمات أوضح، تحاول المملكة جعل وجهات النظر المتطرفة لكل من الإصلاحيين الليبراليين، والدُعاة المحافظين، أكثر اعتدالًا. لكن حملة الاعتقالات تجاوزت هذا الهدف".

وتساءل الكاتب: "لماذا تفشّت أجواء الخوف والتهديد في الوقت الذي يطلق فيه قائد شاب صاحب كاريزما، وعودًا بإصلاحات -طال انتظارها- لتحفيز النمو والتنوع الاقتصادي في بلادنا؟". وقال إن "ولي العهد يتمتّع بشعبية، وخطته الإصلاحية لاقت دعم وتأييد معظم الدُعاة الدينيين والكُتاب ومشاهير مواقع التواصل الاجتماعي الذين اعتقلتهم السلطات في منتصف الليل".

وكان خاشقجي من أكثر الصحفيين المؤيدين للملك سلمان وولي العهد الأكير محمد بن سلمان، منها سلسلة مقالات في صحيفة الحياة اللندنية أشاد من خلالها بـ"رؤية 2030" التي أطلقها ولي العهد قبل أشهر، كما وصف العاهل السعودي في عدد من مقالاته بـ"ملك الحزم" في إشارة للعملية العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن "عاصفة الحزم".

من جهةٍ أخرى، لفت خاشقجي إلى أن المملكة أقرّت، على مدى الأشهر الأخيرة، عدة سياسات متطرفة جديدة، بدايةً من المعارضة الكاملة للإسلاميين، وصولًا إلى تشجيع المواطنين على تسليم أسماء بعينها إلى الحكومة ليكونوا ضمن القائمة السوداء. وقال: "هؤلاء المُعتقلون كانوا ضمن القائمة. لقد طالب مرارًا عدد من الصحفيين المُقرّبين من القصر الملكي بإبادة الإسلاميين. إنه ليس سرًا أن ولي العهد يكِنّ الكُره لجماعة الإخوان المسلمين، لكن مع ذلك فإنه من المُفارقات الغريبة تصنيف أحدهم على أنه ناشط من الإخوان المسلمين".

وتابع: "طالما بدا لي الأمر مثيرًا للسخرية حينما يوجه مسؤول سعودي اللكمات للإسلاميين، في الوقت الذي تُمثّل فيه منبع الإسلام السياسي، حتى أنها توصف بأنها دولة إسلامية في (قوانينها العليا)"، مُضيفًا: "نحن نتجنب مصطلح (دستور) لما ينطوي عليه هذا المصطلح من تفسير علماني، وغالبًا ما نقول أن القرآن هو دستورنا".

وأكمل: "بغض النظر عمن تستهدفهم السلطة، فإن ما يحدث ليس ما تحتاجه السعودية في الوقت الراهن، فنحن بصدد تحوّل اقتصادي بارز يدعمه الشعب، تحوّل سيُحررنا من الاعتماد الكُلي على النفط، واستعادة ثقافة العمل والإنتاج"، واصفًا تلك العملية بأنها "مؤلمة للغاية".

ويقول: "أفضل من خدم محمد بن سلمان هم أصحاب الآراء المُشجّعة والبنّاءة والمتنوعة من المشاهير أمثال عصام الزامل وخبراء اقتصاد آخرين، ودعاة، ومثقفين، ورجال أعمال، ممن طالتهم تلك الاعتقالات".

وتوصيفًا لشعوره هو وأصدقائه ممن هم في خارج المملكة، يحكي خاشقجي "أنا وأصدقائي في الخارج نشعر بأننا عاجزون ومغلوبون على أمرنا. نريد أن نرى بلادنا تنمو وأن نشهد (رؤية 2030) وهي تتحقّق. لا نُعارض حكومتنا ونولي عناية فائقة للمملكة، فهي الوطن الوحيد الذي نعرفه ونريده، ومع ذلك تحتسبنا من الأعداء".

وأضاف أنه "تحت ضغط النظام السعودي، حذفت واحدة من الصحف العربية اليومية الأوسع انتشارًا وهي (الحياة اللندنية)، العمود المخصص لي. كما حظرت الحكومة حسابي على موقع التدوينات القصيرة تويتر، حينما أعربت عن حذري من الحماس المفرط تجاه الرئيس الأمريكي المُنتخب -حينها- دونالد ترامب؛ لذا قضيت 6 شهور في صمت، ما يعكس حالة بلادي وخياراتها القاسية".

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل