المحتوى الرئيسى

الأكراد.. مائة عام من الكفاح ضد التهميش

09/19 17:29

يعيش ما بين 25 إلى 35 مليون كردي في المنطقة الجبلية الموجودة على الحدود بين تركيا والعراق وسوريا وإيران وأرمينيا، حيث تعد رابع أكبر مجموعة عرقية في الشرق الأوسط.

وعلى مر العقود لعب الأكراد دورًا هامًا في الشرق الأوسط، بدءًا من المطالبة بالاستقلال مرورًا بالحرب ضد "داعش" في العراق وسوريا، وصولًا إلى استفتاء استقلال كردستان العراق.

ويعد الأكراد من السكان الأصليين في سهول ومرتفعات وادي الرافدين والموجودة حاليًا في جنوب شرق تركيا، وشمال شرق سوريا، وشمال العراق، وجنوب غرب أرمينيا، وشمال غرب إيران.

ويجمع الأكراد عرق وثقافة ولغة واحدة على الرغم من تعدد اللهجات، ويدين معظمهم بالإسلام السني، إلا أنه تنتشر بينهم ديانات أخرى.

وفي بداية القرن العشرين بدأ الأكراد في التفكير في إقامة وطن يجمعهم أطلقوا عليه اسم "كردستان"، وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى وهزيمة الدولة العثمانية، حصل الأكراد على وعد بإقامة وطن لهم ضمن توصيات "معاهدة سيفر" عام 1920.

إلا أن تلك الآمال تلاشت مع توقيع "معاهدة لوزان" عام 1923 والتي وضعت حدود لدولة تركيا، دون أن تمنح للأكراد أي أمل لبناء دولتهم، وأصبحوا أقليات في بلدانهم.

وعلى مدار السنوات الثمانين التالية، قوبلت كل التحركات الكردية المطالبة بإنشاء دولة لهم بالقمع.

تضمر تركيا العداء للأقلية الكردية التي تشكل مابين 15% إلى 20% من إجمالي سكان البلاد، حيث تعرضت الأقلية الكردية للقمع من قبل السلطات التركية على مدار عقود.

حيث قامت الحكومة التركية بإعادة توطين العديد من المواطنين الأكراد، وحظرت استخدام الأسماء والأزياء الكردية، ووضعت قيودًا على استخدام اللغة الكردية، وذلك ردًا على الثورات التي قامت في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي.

كما أنكرت تركيا وجود هوية عرقية كردية على أراضيها، وأسمت المواطنين الأكراد باسم "أكراد الجبال".

وفي عام 1978 أسس عبد الله أوجلان حزب العمال الكردستاني، والذي طالب بإنشاء دولة مستقلة داخل تركيا، ليبدأ الحزب الاحتجاج المسلح بعد إنشاء الحزب بست سنوات.

ومنذ ذلك الحين لقى نحو 40 ألف شخص مصرعه، وترك مئات الآلاف من الأكراد أماكنهم.

وفي عام 1990 تراجع حزب العمال عن مطالبه بالاستقلال وطالب بالمزيد من الاستقلالية الثقافية والاقتصادية في مناطق الأكراد، مع استمرارهم في القتال، وفي 2012 عقد الحزب محادثات سلام مع الحكومة، وفي العام التالي تم الاتفاق على وقف إطلاق النار.

إلا أن الهدنة انهارت في 2015  بعد تفجير انتحاري لعناصر "داعش" على مناطق كردية، أسفر عن مقتل 33 شخص، ليرد حزب "العمال الكردستاني" بالهجوم على مراكز الشرطة والجيش التركي، لتعلن تركيا دخولها في "حرب متزامنة ضد إرهاب "داعش" من جهة و"حزب العمال الكردستاني" من جهة أخرى.

وألقت تركيا باللوم على "وحدات حماية الشعب" التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا، بتنفيذ هجوم إرهابي في أنقرة أسفر عن مقتل العشرات من المدنيين وأفراد الجيش التركي.

لترد تركيا بقصف معاقل وحدات الحماية في شمال غرب سوريا، حيث وصفتها تركيا بأنها واجهة لحزب "العمال الكردستاني"، الذي تعتبره منظمة إرهابية.

يشكل الأكراد ما بين 7% إلى 10% من إجمالي السكان في سوريا، حيث كان يعيش الأكراد في العاصمة دمشق وحلب قبل بداية الثورة ضد بشار الأسد في 2011.

بالإضافة إلى 3 مناطق غير متجاورة في كوباني، ومدينة عفرين شمال غرب سوريا، ومدينة القامشلي في شمال شرق البلاد.

وعانى الأكراد من اضطهاد الحكومة السورية، والحرمان من الحقوق الأساسية، حيث حرمت السلطات السورية نحو 300 ألف كردي من الحصول على الجنسية السورية منذ الستينات.

كما تم مصادرة الأراضي الكردية وإعادة توزيعها على المواطنين العرب، في محاولة لتعريب المناطق الكردية، كما قمعت الحكومة مطالبات الأكراد بالحصول على المزيد من الاستقلالية، وقامت باعتقال القادة السياسيين.

ولم تتأثر المناطق الكردية بالصراع في سوريا خلال أول عامين، حيث تجنبت الأحزاب إعلان مواقفها، إلى أن تولت القوات الكردية السيطرة على تلك المناطق في منتصف 2012،  بعد انسحاب قوات النظام منها للتركيز المناطق الأكثر سخونة.

وأصبح حزب "الاتحاد الديموقراطي" هو المسيطر على المنطقة والذي تحالف مع أحزاب أصغر وشكل المجلس الوطني الكردستاني في يناير 2014، وأعلن إنشاء الحكم الذاتي الديموقراطي.

وأكد المجلس أنه لا يسعى للانفصال عن سوريا، ولكن يسعى لتشكيل حكم ديموقراطي محلي، تحت ظل نظام فيدرالي.

يتمتع أكراد العراق بحقوقهم الأساسية في العراق الذين يشكلون ما بين 15% إلى 20% من إجمالي سكانها، مقارنة بالأكراد في الدول المجاورة، إلا أنهم عانوا أيضًا من القمع الوحشي.

حيث ثار أكراد العراق ضد الحكم البريطاني خلال فترة الانتداب، إلا أنه تم قمع تلك الثورة، وفي عام 1946 أسس مصطفي بارزاني الحزب الديمقراطي الكردستاني للقتال من أجل الحصول على الاستقلال عن العراق.

وبعد ثورة 1958 اعترف الدستور العراقي بالهوية الكردية، إلا أن خطة بارزاني بتشكيل حكم ذاتي للأكراد في شمال العراق، لاقت رفض الحكومة المركزية، ليبدأ الحزب في الكفاح المسلح عام 1961.

وفي 1970 عقدت الحكومة العراقية صفقة لإيقاف القتال والسماح بحكم ذاتي في مناطق الأكراد، إلا أن الاتفاق انهار، وبدأت المعارك مرة أخرى في 1974.

وفي 1975 انشق جلال طالباني عن الحزب الديموقراطي الكردستاني، وأنشأ الاتحاد الوطني الكردستاني.

وفي نهاية السبعينيات بدأت الحكومة العراقية في إعادة توطين السكان العرب في المناطق الكردية وخاصة في مدينة كركوك الغنية بالبترول، وبدأت وتيرة عمليات إعادة التوطين في التزايد خلال الثمانينيات، خاصة خلال الحرب العراقية الإيرانية، والتي شهدت مساندة الأكراد لإيران.

وفي 1988 شن الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين حملة للانتقام من الأكراد على موقفهم خلال الحرب، من ضمنها الهجوم بالغازات السامة على حلبجة.

وفي 1991 قاد مسعود بارزاني الثوار الأكراد، وتسبب قمع الحكومة العراقية في حث الولايات المتحدة وحلفائها، على تطبيق منطقة لحظر الطيران فوق مناطق الأكراد، الأمر الذي منح الأكراد الفرصة للتمتع بالحكم الذاتي.

ووافق الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني على تبادل السلطة في الإقليم، إلا أن صراعًا داخليًا احتدم داخل الإقليم منذ 1994.

وساعد أكراد العراق التحالف الأمريكي الذي قام بغزو العراق في 2003، لإسقاط الرئيس العراقي صدام حسين، وشاركوا في كل الحكومات المُشكلة منذ ذلك الحين.

وفي 2005 تم تشكيل تحالف لإنشاء حكومة إقليم كردستان لإدارة محافظات دهوك وأربيل والسليمانية، وتم إنشاء خط أنابيب بترول لتصدير البترول لتركيا، من أجل تعظيم الحكم الذاتي التركي.

وفي 2014 بعد أن تمكن تنظيم "داعش" من السيطرة على مناطق شمال العراق، استعانت حكومة إقليم كردستان بقوات البيشمركة، لدحر التنظيم في المناطق التي سيطر عليها.

وقررت حكومة الإقليم برئاسة مسعود بارزاني عقد استفتاء على الاستقلال في 2014 بعد فشل الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي حينها بالتصدي لتنظيم داعش، وانسحاب الجيش العراقي من عدد من المناطق في شمال وغرب العراق.

إلا أنه تم تأجيل الاستفتاء خاصة بعد تولي حيدر العبادي منصب رئيس الوزراء في الحكومة الاتحادية، كما أرجع البعض تأجيل الاستفتاء للتركيز على قتال داعش.

وكان عدد من الأحزاب الكردستانية قد أعلنت في السابع من يونيو الماضي، إجراء ​استفتاء شعبي​ حول استقلال الإقليم عن العراق يوم 25 سبتمبر الجاري، إلا أن القرار قوبل بالرفض من عدد من الدول، أبرزها ​أمريكا​ وتركيا وبريطانيا وإيران.

الأمر الذي تسبب في إثارة جدل وخلاف بين حكومة كردستان الإقليمية والحكومة الاتحادية في العراق، حيث صوت مجلس النواب العراقي، بأغلبية مطلقة على رفض استفتاء استقلال إقليم كردستان.

حذرت الحكومة الإيرانية، سلطات حكومة إقليم كردستان العراق من إجراء استفتاء الاستقلال عن العراق، مؤكدة أن استقلال الإقليم سيعني انتهاء كل الاتفاقيات والتفاهمات بين الطرفين بخصوص الحدود وإجراءات الأمن.

حيث أكد علي شمخاني الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، "إن اتفاقيات الحدود ستستمر مع الحكومة المركزية العراقية فقط، وان انفصال إقليم كردستان عن الحكومة المركزية، يعني منع اتفاقيات العبور على الحدود الإيرانية مع الإقليم".

مضيفًا "أن انفصال الإقليم عن العراق يعني أيضًا إلغاء الاتفاقيات الأمنية والعسكرية بين إيران والإقليم".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل