المحتوى الرئيسى

فوضى الفتاوى خطر يُهدد المجتمع.. الأطرش: يُصدرها «الجهلاء».. ودينية البرلمان: الآراء الشاذة «مدسوسة» ونُعد قانونًا صارمًا لإيقافها.. والبحوث الإسلامية: ليس كل «أستاذ أزهري» يصلح للفتوى بالفضائيات

09/17 23:03

• الفتاوى الشاذة «مدسوسة».. وكتب التراث فيها الصالح والطالح

• المجتمع ليس متخصصًا للتعامل مع "الفتاوى الشاذة" 

• مشروع قانون تنظيم الفتوى سيكون صارمًا لمنع الفتاوى الشاذة

• الفتاوى الشاذة «شطط» والفضائيات مسرح «كل من هب ودب»

• ليس كل «أستاذ أزهري» يصلح للفتوى بالفضائيات

رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر:

• الفتاوى الشاذة يُصدرها «الجهلاء» ويجب ألا ترى النور

• الفتوى أخطر من أن يتصدى لها عالم واحد

• الإمام مالك أجاب عن أكثر من «30 فتوى» بكلمتين

اجتاحت الفتاوى المتطرفة والشاذة الفضائيات مؤخرًا، بما طرح عدة تساؤلات حول أسباب خروجها للنور ومدى أضرارها على العامة، بل والأهم تمثل في البحث عن طريقة لإيقافها والتصدي لها قبل أن تأكل الخير من عقول الناس وتدهسه في قلوبهم، لذا حاول «صدى البلد» الإجابة عليها من العلماء، والبحث عن مشروع قانون تنظيم الفتوى الذي حمل معه أمل الخلاص منها، منذ أربعة أشهر، واختفى دون خبر.

قالت الدكتورة مهجة غالب، عضو لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب وعميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر سابقًا، إن كتب التراث فيها الغث -الضعيف- والثمين، أي أن فيها الصالح والطالح، مشددة على ضرورة الابتعاد عن الفتاوى الشاذة، وعدم الإفتاء بها، لافتة إلى أن أي فتوى شاذة هي فتوى إما مدسوسة على العالم الذي قالها، أو خرجت في لحظة من اللحظات غير المقصودة، أو أنها فتوى مبتورة، أو على سبيل ضرب المثل للفتاوى الشاذة.

وأكدت أنه أيًا كانت ظروف الفتوى الشاذة، التي خرجت خلالها للعامة، لا ينبغي الإفتاء بها، أو الرضا بها، وإنما يجب أن يبتعد المجتمع بأكمله عن سماع الفتاوى الشاذة والمتطرفة.

المجتمع ليس متخصصًا للتعامل معها

وشددت «غالب» على أنه ينبغي على العلماء عند الفتوى تجنب ذكر أي فتوى شاذة لعامة الناس، منوهة بأنه من المفترض على العلماء عند الفتوى ألا يذكرون الفتاوى الشاذة، لأن المتلقي يكون من عامة الناس، وليس على وعي ودراسة ودراية كافية تمكنه من استيعاب ذلك، منبهة إلى أن المجتمع ليس كله متخصص ولكن فيه الكثيرين الذين يأخذون بمذهب التلقين.

وأضافت أنه ينبغي على العلماء الانتباه لما يقدمون للعامة من الناس، حيث ينوط بهم تقديم المعلومة اليسيرة التي اتفق عليها الجمهور، والتي لا تُخالف القرآن ولا السُنة النبوية الشريفة، مع الابتعاد عن الفتاوى الشاذة، مشيرة إلى أن الفتاوى الشاذة يمكن تدريسها لطلبة العلم، لنبين لهم أنها فتاوى شاذة، حتى يستطيعون التعامل فيما بعد معها عندما تُعرض عليهم من الجمهور أو المجتمع، لتجنبها وإمكان دحضها وإثبات شذوذها بالأدلة.

ونبهت إلى أن حل مشكلة الفتاوى الشاذة، أن يكون هناك محددات لمن يظهر بشاشات الفضائيات ليُفتي، وكذلك أن تختار وسائل الإعلام وتنتقي العلماء الأكفاء المتخصصين للظهور للإفتاء للناس. 

الفضائيات مسرح «كل من هب ودب» 

ووصف الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية، الفتاوى الشاذة هي «شطط» -أي خروج عن الحد- لا ينبغي مطلقًا أن يكون، موضحًا بأنه ينبغي على الناس أن يلجأوا إلى جهة الفتوى الصحيحة والمتمثلة في دار الإفتاء ومجمع البحوث الإسلامية، إما الفتاوى الأخرى فلا أصل لها في الدين، محذرًا مما صارت عليه القنوات الفضائية، والتي أصبحت مسرحًا لكل من هب ودب.

ليس كل «أستاذ أزهري» يصلح للفتوى 

وأوضح «عاشور» أنه ليس كل أستاذ أزهري يصلُح للفتوى على الفضائيات، حيث إن من يُفتي لعامة الناس على الفضائيات، لابد أن يكون مُلمًا بالقرآن الكريم كله وبتفاسيره، وبالمُحكم المتشابه من القرآن الكريم، وكذلك أن يُلم بالحديث بدرجاته، ويكون عالمًا بالمتواتر وخبر الآحاد وحجيته في العقيدة وأثره في الأحكام والخبر المفرد، وأيضًا وأن يعلم جيدًا الفقه الإسلامي بكل فروعه وجوانبه، لكي يُفتي بطريقة صحيحة.

وأشار الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقًا، إن الفتاوى الشاذة شأنها شأن غيرها من الفتاوى المُضللة، تصدر من رؤوس جهلة، والإعلام هو المسئول عن إخراجها للنور، مستشهدًا بما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا».

وأفاد بأن المسئول أولًا وأخيرًا عن إصدار هذه الفتاوى الشاذة وإخراجها للنور، هو الإعلام، فهو الذي يُظهرها على السطح، فلو أن الإعلامي اتقى الله تعالى ولم يُخرجها إلى النور إلا بعد عرضها على جهة اختصاص كمجمع البحوث الإسلامية أو دار الإفتاء، ولجان الفتوى المنتشرة في أنحاء الجمهورية.

ونبه إلى أن هذه الفتاوى الشاذة لا ينبغي أن تظهر للنور أبدا، بل ويُعاقب مُصدرها، حيث يُسيء إلى نفسه وإلى الآخرين، وإلى مجتمعه، لذا يجب الضرب بيد من حديد على أمثال هؤلاء، ويُجرم من يُصدر فتوى وهو ليس لها بأهل، لأن المفتي هو الموقع عن الله عز وجل، وبفتوى واحدة مضللة يُضلل الكثيرين.

«5 شروط» يجب توفرها في متصدر الفتوى

وحدد «الأطرش» خمسة شروط يجب توافرها في من يتصدر الفتوى، أولها أنه يجب أن يكون مُصدرها حافظًا للقرآن الكريم، وثانيًا أن يكون عالمًا بالكتاب والسُنة، وثالثًا: دارسًا لأقوال الأئمة والمجتهدين، ورابعًا أن يكون على خوف وورع وتقوى لله عز وجل، مُحذرًا من تصدر الفتاوى على الفضائيات: « إن حُب الظهور يقصم الظهور»، لأن في هذه الأيام من أراد الظهور يتصدى لعمل مُخالف.

وتابع: وتابع: وخامسًا أن يُراعى في الفتوى حالة المُستفتي، مستدلًا بما روي أنه جاء رجل لعبد الله بن عباس -رضي الله عنه-، وسأله : «هل للقاتل من توبة؟»، فقال: «لا»، فجاءه آخر وسأله السؤال نفسه فأجابه «نعم»، فقال السائل يا بن عباس السؤال واحد والإجابة مختلفة، فقال بن عباس: أما الأول فجاء يسأل متوحش السيف، والغضب في عينه، إن كان للقاتل من توبة، قتل ثم تاب، فحين قلت له أنه ليس للقاتل توبة، أغلقت باب فتنة، والآخر جاء والندم والحسرة كلها بادية على وجهه، فقلت له نعم، لأن باب التوبة لن ييُغلق حتى الموت، ومن يمنع التوبة عن عبد من عباد الله تعالى. 

وأكمل: فكل له براعة في فن من الفنون، فينبغي أن يُسند الأمر لأهله، فقد قالوا قديمًا «اعطي العيش لخبازه ولو أكل نصه»، وقال تعالى: «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ » الآية 43 من سورة الأنبياء منوهًا بأن من علامات الساعة أن يُسند الأمر إلى غير أهله، كما أنه ليس كل أزهري ناجح، وليس كل أزهري يستطيع إصدار فتوى صحيحة، فالفتوى لها أصول.

الفتوى أخطر من أن يتصدى لها عالم واحد

وأكد «رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقًا» أن الفتوى أخطر من أن يتصدى لها عالم واحد وإنما ينبغي أن تخرج عن الجهات المنوط بها ذلك، وعليه يُشترط فيمن يتصدى للفتوى أن يكون أهل لها، منوهًا بأنه رغم توفر الشروط الخمسة لمن يتصدر الفتوى للأستاذ الأزهري، وهي حفظ القرآن الكريم، والعلم بالكتاب والسُنة، ودراسة أقوال الأئمة والمجتهدين، وال خوف وورع وتقوى لله عز وجل، ومراعاة حالة المُستفتي، إلا أن الفتوى أخطر من أن يتصدى لها عالم واحد.

وأضاف أنه ينبغي أن تخرج الفتوى عن الجهات المنوط بها ذلك حيث مجموعة من كبار العلماء بدار الإفتاء ومجمع البحوث الإسلامية، لافتًا إلى أن الفتاوى الشاذة ينبغي ألا تُطرح على العامة والخاصة.

الإمام مالك أجاب عن «30 فتوى» بكلمتين

وأعلن الشيخ عبد الحميد الأطرش، صراحة أنه مع قانون يُنظم الفتوى لأنه ضد همجية الفتوى، مشيرًا إلى الإمام مالك سُئل عن أكثر من ثلاثين فتوى، فقال: «لا أدري»، كما أن من أقواله المشهورة: «من قال لا أدري فقد أجاب».

وروى موقفًا قد أعجبه في هذا السياق، قائلًا: في يوم من الأيام رجل من دمنهور، استوقفني وعدد من العلماء ووجه لنا سؤالًا: «هلى أنتم علماء أم مشايخ»، فتبسمنا وسألناه عن سبب سؤاله، فأجاب: «إن كنتم علماء، فلدي مسألة تحتاج فتواكم، وإن كنتم مشايخ فمع السلامة وربنا يسهل لكم»، منوهًا بأن هذا الوعي نادرًا ما نجده، فليس لدى الناس وعي بتوجيه أسئلتهم للمتخصصين.

وأضاف أنه يمكن مواجهة تلك الفتاوى الشاذة بمنهج الحجة بالحجة، بحيث يرد المفتي أو عضو من البحوث الإسلامية أو دار الإفتاء على تلك الفتاوي وتُعرض على أكثر من قناة فضائية، بل ويمكن عمل إعلانات توعوية عنها بوسائل الإعلام المختلفة.

أسباب عدم إقرار وتفعيل مشروع قانون تنظيم الفتوى

فيما أوضح الدكتور أسامة العبد، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب ورئيس جامعة الأزهر الأسبق، أنه تم الانتهاء من مشروع قانون تنظيم الفتوى في اللجنة الدينية، وإحالته إلى أمانة مجلس النواب، والتي لم تعرضه في الجلسة العامة لضيق الوقت في الفصل التشريعي السابق، منوهًا بأن أن مشروع قانون تنظيم الفتوى قد عُرض على مجلس النواب، لكن يبدو أنه لم يكن هناك متسع من الوقت في الفصل التشريعي السابق، لإحالته وإعلانه في اللجلسة العامة، منوهًا بأنه سيتم طرحه في الفصل التشريعي القادم، قائلًا: انتهينا منه كلجنة دينية ونزل أمانة المجلس، والتي لم تعرضه في الفصل التشريعي السابق، منوهًا بأنه سيكون لنا مطلب بعرضه في الفصل التشريعي القادم.

مشروع قانون تنظيم الفتوى سيكون صارمًا

وأكد «العبد» أن الفتاوى الشاذة والمتطرفة هي التي جعلت وضع قانون لتنظيم الفتوى ضرورة وأمر لا غنى عنه، مبهًا إلى أن مشروع قانون تنظيم الفتوى، الذي عُرض على مجلس النواب، سيكون سببًا في إيقاف تلك الفتاوى الشاذة والمتطرفة، قائلًا: «لسنا في حاجة إلى فتن، لكن هم يدعون إلى الفتن».

وأكمل: وسيكون مشروع قانون تنظيم الفتوى صارمًا، لمنع مثل هذه الفتاوى الشاذة، مشيرًا إلى أنه تم الانتهاء منه في أعمال اللجنة دينية ونزل أمانة المجلس، والتي لم تعرضه في الجلسة العامة بالفصل التشريعي السابق، منوهًا بأنه سيكون لهم مطلب بعرضه في الفصل التشريعي القادم.

وكانت لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس النواب قد عقدت اجتماعًا لها في مايو من العام الجاري، ناقشت خلاله مشروع قانون تنظيم الفتوى العامة المقدم من النائب الدكتور عمر حمروش، والذي تمت الموافقة عليه داخل اللجنة بحضور كل من الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، والدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، والدكتور علي جمعة، المفتي السابق، والدكتور محمد الأمير، ممثلا عن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف.

ويُشار إلى أن القانون قصر الفتوى على أربع جهات، وهم مجمع البحوث الإسلامية، ولجان الفتوى بوزارة الأوقاف، أو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أو دار الإفتاء، أو من يصرح لهم بإصادر فتاوى من هذه الجهات.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل