المحتوى الرئيسى

علاقات "خارج إطار الزواج" في مصر.. كسر للتابوهات؟

09/17 21:36

صفاء فتاة مصرية تبلغ من العُمر ثلاثين عامًا، تعرفت على صديقها الأجنبي عبر أصدقاء مشتركين، ثم قررت العيش معه والبحث عن شقة للإيجار. رحلة البحث عن الشقة استمرت مدة طويلة نظرًا لصعوبة إيجاد مسكن مشترك بين شاب وفتاة لا يربط بينهما عقد زواج. وكانت اللحظة الفارقة، عندما سمعت من إحدى صديقاتها عن شخص يريد تأجير مسكن لأجانب.

تحكي صفاء لـ DW عربية أنها، وبعد اكترائها للشقة مع صديقها، واجهت كثيرا من المشاكل. تقول صفاء "في أحد الأيام كنت خارج القاهرة، فهاتفني المستأجر زاعما أن صديقي الأجنبي بصحبة شبان وشابات يمارسون الرذيلة في المنزل"، مؤكدة أنه "تعدى بالضرب على صديقها وقام بطرده هو وأصدقاؤه". وقامت صفاء، كما تقول، بمحاولات "لحلّ المشكل بشكل ودّي، ولكن المستأجر أصّر على طردها وصديقها". والأسوأ من ذلك حسب صفاء، أنه قام بابتزازها بمطالبتها بمبالغ مادية كبيرة حتى لا يفضح أمرها". ورغم كل ما حصل، تمسكت صفاء بالاستمرار في العيش مع صديقها في شقةٍ أخرى، وادّعت أنها أجنبية وتعيش مع صديقها الأجنبي من أجل رفع الحرج عنها أمام الجيران.

صفاء تنتمي إلى أسرة محافظة ومتدينة، وكانت نفسها ترتدي الحجاب. وتقول الفتاة المصرية أنها كانت "ملتزمة بالصلاة يوميا حتى بدأت رحلة فكرية للبحث عن الذات، والتساؤل حول العيب والحرام، حتى وصلت إلى قناعة شخصية بعدم وجود إله".

وتتابع صفاء "وجدت أن نمط الحياة الغربية هو الأقرب لقناعاتي المتمثلة في حقي بالعيش مع الشخص الذي أحبه دون زواج". ومع ذلك لم تستطع أن تخبر أهلها بما فعلته لأن ذلك بحسب تعبيرها "صدمة أكبر من قدرتهم الذهنية على استيعابها".

حكاية أخرى لفتاة قاهرية قررت الاستقلال عن الحياة مع أسرتها والانتقال للعيش مع صديقها. الفتاة (ر.غ) تبلغ من العمر 28 عامًا، قررت خوض معركتها الشخصية في الدفاع عن قناعاتها خاصةً أنها تعمل في مجال حقوق الإنسان في مصر. وتعرفت على شاب وقررا العيش معا في شقة بوسط القاهرة، ولم يستطيعا تنفيذ تلك الخطوة إلا بالادعاء أنهما متزوجان وقد سهّل عليهما تلك الخطوة عدم مطالبة صاحب العقار بأي أوراق رسمية تثبت زواجهما.

يواجه الشباب الذين يعيشون في علاقات خارج الزواج في مصر عدة مشاكل في حياتهم اليومية

وتقول (ر.غ)  لـDWعربية: "كنا نشعر بارتباك في بداية الأمر، وكنت أسعى جاهدة لتوصيل رسائل للجيران أننا من عائلة مثقفة ومحترمة فكنت حريصة على ارتداء النظارة الطبية وفي يدي الجرائد وشنطة جهاز اللاب توب". وأردفت: "وكنا نتناقش في موضوعات مجتمعية بكل جدية مع أصحاب المحلات".

وتسلط في حديثها الضوء على بُعد خطير في استقرارهما متعلق بكونهما يعيشان في شقة بالقرب من ميدان التحرير المعروف بالتظاهرات والتجمعات، وهو ما يجعلهما معرضان في أي وقت لحملات أمنية خاصةً في الوقت الذي يصادف ذكرى أحداث ثورة يناير، حيث تقول "نعمل في مجال حقوق الإنسان ومعرضين للخطر، كما أن شقق وسط المدينة تتعرض لتفتيش بشكل دوري وتخشى أن يداهم الأمن منزلهما ويفتضح أمرهما أمام الجيران". ولهذا السبب، "يتركان منزلهما سنويًا في ذكرى الثورة تجنبًا لأية مشكلات"، تقول الحقوقية المصرية.

ساعدت ثورة 25 يناير في مصر على ظهور نقاشات عديدة حول مسألة تحرير المرأة، حيث فتحت آفاقًا متعددة لطرح العديد من الأفكار المجتمعية، وقد لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دورا هاما في هذا الإطار خاصةً في ظل سهولة طرح أفكار عديدة للنقاش بعضها غير مقبول اجتماعيًا على غرار نقاش مسألة الأمهات العازبات، وفحوص العذرية وغيرها.

في هذا السياق ترى (س. م)، وهي فتاة تبلغ من العمر 30 عامًا، أن "اهتمامها بالسياسة قبل ثورة 25 يناير كان عاملا لاستقلالها الفكري عن عائلتها"، التي كانت ترفض فكرة العيش بعيدًا عنهم. وكانت اللحظة الفارقة، كما تقول (س. م)، عندما "تمّ القبض عليها في أحداث سياسية عام 2008، حيث أدركوا أنه لا يمكنهم التحكم في تصرفاتها".

"جدل التنانير" بدأ في المغرب بقضية تحرش ثم اعتقال للفتاتين فحملة واسعة على الأنترنت تضامنا معهما نشرت فيها مستخدمات مواقع التواصل الاجتماعي صورهن بتنانير وفساتين.

تحول الجدل على الإنترنت إلى نقاش بين الليبيراللين والمحافظين وخرجت لأول مرة مظاهرات في المغرب تدافع عن حرية المرأة في اللباس.

شهدت الجزائر حدثا مشابها أيضا، وذلك عندما منعت طالبة جامعية من دخول الحرم الجامعي بسبب لباسها "القصير" ما أثار حملة تضامن كبيرة معها.

بعيدا عن المغرب، جاء قرار مدرسة ألمانية بمنع تلميذاتها من ارتداء سراويل قصيرة جدا وملابس كاشفة ليثير ضجة كبيرة، واعتبره البعض تمييزا ضد المرأة.

وقررت المدرسة أن كل فتاة من تأتي بسروال قصير جدا أو ترتدي ما يكشف بطنها، مثلا، ستلزم بارتداء قميص طويل تحصل عليه من المدرسة وإلا فستمنع من الدخول.

والسؤال القديم الجديد يعود للواجهة وهو: هل جسد المرأة ملك لها أم أن المجتمع هو من يحدد ما ينبغي أن يظهر منه؟

في خطوة معاكسة، نظم تلاميذ مدرسة فرنسية العام الماضي حملة لمحاربة التحيز الجنسي ضد المرأة وارتدى هؤلاء تنانير تضامنا مع زميلاتهم. الكاتبة: سهام أشطو

وتقول الشابة المصرية أن قبول أهلها بفكرة عيشها خارج المنزل جاءت بعد مشاركتها في ثورة 25 يناير واضطرارها لترك المنزل لأيام متعددة بسبب الانفلات الأمني الذي كان سائدا آنذاك. وهو ما وفّر لها فرصة سانحة للعيش مع صديقها في منزل واحد وتقول "إنها تحبه وتريد العيش معه طيلة حياتها وأنها فرصة للتقرب منه قبل الزواج لأنها أقرب طريقة لتجنب مشكلات الطلاق".

 ورغم سعادتها بالعيش مع صديقها وشعورها بالاستقلالية إلا أن لحظات الحزن والقلق تراودها من آنٍ لآخر. وتوضح لـ DWعربية "نضطر أن نعيش في أكاذيب حتى ننجو من مراقبة المجتمع، حيث مازلت في صدام مستمر مع الأسرة والجيران". وتابعت: "لا أملك رفاهية الجدال مع الأهل والمجتمع، حيث يقوم المجتمع بخنقنا من كل الزوايا".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل