المحتوى الرئيسى

نظرة مغايرة

09/17 18:43

لم تواجه الدولة المصرية على مدى تاريخها حالة من التهديد الأمني والحصار كما تواجه فى هذه اللحظة الحرجة، ودائما ما كانت الدولة المصرية تتعرض لحالة القلاقل الأمنية من الحدود الشرقية، فى سيناء باعتبارها البوابة البرية الوحيدة من الناحية الشرقية لمصر. أما باقي الحدود الشرقية فكان يحميها دائما البحر الأحمر.

لكن التهديدات التى تواجهها جمهورية مصر العربية هذه الأيام تهديدات متزامنة وتداخلت دوائر الأمن القومي لمصر والتي تبدأ من أوساط أسيا شرقا إلى وسط وغرب إفريقيا وجنوب أوروبا شمالا إلى أن أصبحت التهديدات على كافة الجهات، الشرقية والغربية والجنوبية معا، ففى الجهة الشرقية الأوضاع غير مستقرة في قطاع غزة سواء إقتصاديا أو أمنيا وتؤثر بشكل مباشر على توازنات المنطقة ما بين فلسطين وإسرائيل.

ومن جهة الغرب لم يعد في ليبيا حكومة مركزية قادرة على السيطرة أمنيا على الأوضاع هناك، وفى الجنوب الشرقي المثلث المشترك بين ليبيا ومصر والسودان وتشاد دائما ما يكون مقلقا على المستوى الأمني.

وفى هذه اللحظة يقع على كاهل الدولة المصرية التعاون الأمني مع كافة دول الجوار، لملاحقة الإرهابيين، منها دول مفككة ومنهارة بالفعل بعد ان نجحت قوى الشر في تنفيذ مخططاتها الرامية نحو إسقاط المنطقة بأثرها، والحقيقية أنه مازالت قوى التخريب تسعى جاهدة خلف مصر لتقويضها هى الأخرى حتى تتحول المنطقة بأكملها إلى حالة من السيولة والفوضى العارمة، بالتالى أصبحت الدولة المصرية المسئولة عن تأمين حدودها الشرقية والغربية والجنوبية منفردة دون شركاء قادرون على تحقيق حالة استقرار ولو نسبى فى دول الجوار نتيجة الظروف التى تمر بها حاليا.

هذه المقدمة الطويلة جاءت لإلقاء نظرة واقعية حول أكبر المصاعب التى تواجه فكرة التنمية فى المناطق الحدودية، فمنذ تأسيس جمهورية مصر العربية يتم النظر إلى المناطق الحدودية بإعتبارها أعباء أمنية ثقيلة، نتيجة إقتصار نظرة الدولة إلى هذه المناطق على المنظور الأمني فقط، ومستويات تهديد الأمن القومي المصري من هذه المناطق.

ولكن في حقيقة الأمر الواقع أعقد من ذلك بكثير، فطبيعة المناطق الحدودية الديمغرافية نتيجة قلة عدد السكان والخصوصية الثقافية لسكان هذه المناطق، والطبيعة الطبوغرافية لبعضها يمثل عائق حقيقي وقوي أمام تنفيذ خطط التنمية في هذه المناطق، وبكل أسف عادة ما تفشل مخططات التنمية فى هذه المناطق لأنها يتم صياغاتها بطريقة مكتبية لا تتمشى واقعيا مع الطبيعة الخاصة لتلك المناطق فلا تراعى معظم المخططات الطبيعة الأمنية مثلا عند كتابة المشروعات الخاصة بهذه المناطق، وللمفارقة تتمتع المناطق الحدودية في جمهورية مصر العربية بموارد غزيره، وتتنوع هذه الموادر بين المحافظات الحدودية في الدولة المصرية بداية من محافظة أسوان والبحر الأحمر والوادي الجديد ومطروح وشمال وجنوب سيناء.

وهى كلها رؤى لم يكشف عنها إلا مع عزم الدولة المصرية إطلاق مشروعات تستثمر هذه الثروات المهدرة، وبدأت الدراسات الحكومية للمرة الأولى مراعاة هذه الفروق والخصائص والمقومات الإقتصادية القوية، والتي ظهرت مؤخرا مع الإعلان عن وجود ارادة سياسية حقيقية لتنمية المناطق الحدودية ضمن خطط التنمية القومية.

وبشكل متزامن أيضا أطلقت الدولة عدة مشروعات هامة بدأ تنفيذها في شمال وجنوب سيناء وساحل البحر الأحمر والتى بدأت من هضبة الجلالة وحتى حلايب وشلاتين مرورا بالمثلث الذهبي قنا سفاجا القصير، وتشغيل ميناءين بريين على الحدود المشتركة مع السودان، ومدينة العلمين شمالا.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل