المحتوى الرئيسى

السياحة العلاجية.. ثروة مع إيقاف التنفيذ

09/16 22:24

تعد السياحة العلاجية مصدرًا مهمًا للدخل القومى حيث تتمتع مصر بالعديد من المناطق ذات الطبيعة الخاصة ومنها حلوان وسيوة والسويس والوادى الجديد وغيرها من المناطق، لكن بعضًا من هذه المواقع يئن تحت وطأة الإهمال الحكومى لتصل قيمة الخسائر إلى 200 مليون جنيه فى هذا المجال. كما خرجت غرفة السياحة الداخلية من قبل لتؤكد أن قيمة الدخل من السياحة العلاجية لا يتجاوز 5٫5 مليون جنيه.

«الوفد» اختارت نموذجًا للإهمال الحكومى فى قطاع السياحة العلاجية وتحديدًا فى منطقة الشيخ سعدون بمركز بلبيس فى محافظة الشرقية حيث مارس الأهالى طقوسًا خاصة بهم توارثوها عبر أجيال عن طريق العلاج برمال أطلقوا عليها «الرمال المقدسة».

و«بلبيس» من المدن القديمة حيث كانت معبرا للوافدين على مصر وهى أول مدينة تستقبل الملك الصالح أيوب وحظيت بإقامة العائلة المقدسة على أرضها، واشتهرت أيضًا بالعلاج بالرمال حيث يتوجه إليها العديد من المرضى من كل صوب للاستشفاء.

وقديما كانوا يطلقون على سعدون اسم «البر التانى»، وهو مقر الموتى، على أن يكون الدفن فى شهر يوليو لاعتقاد سائد عند الناس وهو أن الرسول مر عليها وقال: «يا رملة أبيب تكونى طبيب»، وأيضًا لارتفاع درجة الحرارة فى هذا الفصل، كما تعد «بلبيس» من أقدم مدن مصر وهى أول مدينة بنى فيها مسجد فى أفريقيا وهو مسجد سادات قريش.

«فوزية» سيدة فى الخمسين من عمرها، ومقيمة بجوار مدفن سعدون القريب من مدفن زوجها الذى توفى منذ 15 عامًا، تقول لـ«الوفد»: إن العلاج بالرمال المقدسة معروف عن المنطقة منذ القدم، وكثير من مرضى الروماتيزم والمفاصل وآلام العظام، والغضروف قد شفوا بهذه الطريقة رغم كونها تقليدية.

وأشارت إلى أن منطقة «سعدون» يأتى لها المواطنون من كل صوب، ليس فقط أقارب ومعارف المقيمين بداخلها وإنما سعيًا وراء العلاج الطبيعى وهربًا من أسعار الكشف فى العيادات الخارجية والمكلفة على البسطاء.

وقالت عايدة كامل، سيدة فى سنها الأربعين، وإحدى المعالجات بالرمال: إنها ورثت النشاط عن زوجها وكانت تعاونه على العمل فى علاج المواطنين، وكان والد زوجها الشيخ سعدون أول من عالج الأهالى بالرمال.

يأتى المريض فى شهر يوليو من كل عام من محافظات مصر لبدء جلسات العلاج.. وهكذا تشرح عايدة مراحل العلاج الرمل، مضيفة: «يجرد المرضى من ثيابهم ولا يرتدون سوى جلباب واحد خفيف ويدفنون أنفسهم حتى الرقبة فى الرمال الساخنة مع أشعة الشمس الحارقة، ويظلون هكذا ساعات كاملة أو أقل من ذلك معرضين للحرارة الشديدة حسب قدرتهم على التحمل، ويكررون هذه الحمامات الرملية نحو 20 أو30 مرة ولكل مريض سواء من الرجال أو النساء «جورة واحدة».

والتقت «الوفد» محمد عطية هيكل، الذى يطلق عليه أهالى المنطقة خادم الشيخ سعدون، وقال: إن رمال منطقة سعدون بأكملها تشفى من آلام المفاصل وبعد تحولها لمنطقة سكنية بعدما كانت صحراء، باتت المساحات الباقية للرمال قليلة جدًا، مشيرا إلى أن فترة العلاج بالرمال تستمر 3 أيام.

وعن طريقة العلاج قال: يجرد الفرد من ملابسه ويرتدى جلبابًا فقط دون ملابس داخلية ثم ينام على ظهره على الرمال ويدفن نفسه مده على حسب قدرته فى تحمل أشعة الشمس وسخونة الرمال، وذلك على مدار 3 أيام دون استحمام، ولا تتجاوز تكاليف العلاج فى المرة الواحدة عن 10 جنيهات، مشيرا إلى أن الزبائن ليسوا فقط من أهالى المنطقة فحسب بل يأتون من كافة المحافظات.

وخالف عبدالرحمن أبوحامد، صاحب الخمسين عامًا، حديث خادم الشيخ سعدون، وقال إن أسعار علاج الرمال لا تقل عن 50 جنيها فى المرة الواحدة، كما كشف عن أسرار جديدة منها أن «خادم سعدون» يوفر أماكن للراغبين فى العلاج بالرمال من خارج المنطقة ولكن بمقابل عكس ما يقوله أمام الوسائل الإعلامية بأنه يقدم هذه الخدمات لوجه الله.

وأضاف: «فعلاً الرمال بتشفى المواطنين من آلام العظام بس المنطقة بتعانى من مشاكل كتير منها الإهمال، وعدم توفير خدمة جيدة للمرضى».

ورصدت عدسة «الوفد» عدة سلبيات من داخل مقر علاج «سعدون» لمرضى آلام العظام، منها عدم تحديد المساحة الخاصة بالرمال بسور خاص، ما يتيح للحيوانات الجلوس عليه والتبول فى مكان علاج المواطنين، فضلاً عن تراكم القمامة بجوار المرضى دون مراعاه ما تصدر عنه من روائح كريهة، كما يتجاهل القائمين على المنطقة تنظيف الرمال أولًا بأول مما يعرض المواطنين لمخاطر الإصابة بالمرض.

أما عن استراحة الزوار لمقام الشيخ سعدون، فيمكنك أن ترى الإهمال فى صور متعددة منها عدم جاهزية الحمام للاستخدام بسبب عدم نظافة «الكافيه»، كما لا تتوافر أماكن متخصصة للنوم.. والبديل فرش الحصائر على الأرض مباشرة للنوم عليه.

وحول مواسم العلاج بالرمال فإنها عادة ما يكون فى شهر يوليو من كل عام، بحسب ما قالته الحاجة فاطمة، والتى كانت تنتظر دورها فى الدفن بالرمال لعلاجها من مرض الروماتيزم، مشيرة إلى أن المساحة التى كانت مخصصة للدفن تتجاوز 10 أفدنة، وكان يأتى لها المرضى من كافة الدول خاصة السعودية، ولكن تم البناء عليها ولم يتبق إلا جزء بسيط بجانب ضريح الشيخ سعدون والذى يقام فيها مولد فى 6 شوال ويقبل عليه أشخاص كثيرون ومولد آخر فى عاشوراء.

وروت «فاطمة» قصة فريدة من نوعها تثبت صحة علاج الرمال، وقالت: «كان شخصًا يعانى من الغضروف، ونصحه الأطباء بإجراء عملية جراحية، لكن بعد علم الشخص برمل سعدون جاء وقضى 3 أيام علاج بالدفن، وبعد قضاء مدته عاد للطبيب مرة أخرى، ليكتشف شفاءه من المرض».

وبجانب ضريح الشيخ سعدون، وعلى حصيرة صغيرة، جلست «عايدة» صاحبة الـ40 عامًا، وقالت إنها اعتادت أن تأتى لعلاج جسدها من آلام الفقرات، فتقوم بالتجرد من ملابسها وترتدى فقط جلبابًا خفيفًا، ثم تدفن نفسها فى الرمل 3 أيام، لمدة نصف ساعة فى المرة الواحدة، ثم تخرج وتتناول مشروب الحلبة بالسمنة والسكر، ثم تشعر براحة فى جسدها.

قائمة الكنوز المصرية تضم عيون حلوان وحمام فرعون وبئر كيغار.

 أولى هذه المناطق حلوان، والتى تتميز بجوها الجاف، ونسبة رطوبة لا تتجاوز 58%، كما تحتوى المنطقة على عدة عيون معدنية وكبريتية، وقد أنشئ بها مركز كبريتى للطب الطبيعى وعلاج الألم والأمراض الروماتيزمية.

ومن حلوان لسفاجا، والتى تتميز بطبيعتها الجبلية، ما يجعلها حائط صد طبيعيًا ضد الرياح والعواصف الرملية، ولذلك يتميز جوها بالنقاء تمامًا من الشوائب التى من شأنها أن تشتت أشعة الشمس فوق البنفسجية، التى لها دور أساسى فى علاج الصدفية والشاطئ فى تلك المنطقة على هيئة خليج تعكس صفحة مياهه الساكنة الأشعة فوق البنفسجية إلى سطح الأرض كفعل المرآة العاكسة.

وفى سيناء، حمامات موسى، ولها أهمية علاجية كبيرة لما تحتويه من مياه كبريتية، فضلاً عن المناخ المعتدل والموقع الفريد على شاطئ خليج.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل