المحتوى الرئيسى

يا خراشى!!!

09/16 22:03

«يا خراشى».. هى إحدى العبارات المشهورة على ألسنة العامة من المصريين، دون أن يعرفوا أصلها. والواقع أن هذا النداء الشهير قيل أول مرة من الناس فى مصر قبل ألف عام، ويعود أصله إلى أن أول شيخ للأزهر كان يسمى «محمد الخراشى»، وكان شيخاً ينصر الحق ولو كان ضعيفاً، ولا يخاف الظلم مهما كانت قوته. فكانت كلمة «خراشى» هى النداء إلى الشيخ الخراشى كى ينصرهم على الظلم الواقع عليهم. فإذا ظلمهم حاكم البلاد قالوا «يا خراشى»، وإذا اختلف الناس قالوا «يا خراشى». حتى عندما تصيبهم مصيبة يقولون «يا خراشى». وفى بداية العام الحالى، وإزاء ما يحدث لمسلمى الروهينجا من إبادة جماعية وتهجير قسرى، سعى الأزهر الشريف بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين إلى تجميع الفرقاء المتصارعين وتقريب وجهات النظر المتصارعة فى راخين، حيث استضاف بالقاهرة عدداً من القيادات الشابة يمثلون جميع الأديان والعرقيات فى دولة بورما (أو ميانمار)، ومنهم رهبان ورجال دين، وذلك كخطوة أولى لوضع القضية على طريق السلام. إلا أن أحداث العنف الطائفى وحملات الإبادة والتهجير القسرى تصاعدت ضد مسلمى الروهينجا، ولاسيما بعد 25 أغسطس الماضى، بحيث ترتب عليها فرار أكثر من 379 ألفاً إلى دولة بنجلاديش المجاورة.

ومؤخراً، وتحديداً فى 8 سبتمبر الحالى، ألقى الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر كلمة حول الأحداث التى تشهدها دولة ميانمار من إبادة لمسلمى الروهينجا. وفى هذه الكلمة ندد الإمام الأكبر بموت الضمير العالمى وموت كل معانى الأخلاق الإنسانية وصمت أصوات العدل والحرية، مؤكداً أن كل المواثيق الدولية التى تعهدت بحماية حقوق الإنسان وسلام الشعوب وحقها فى أن تعيش على أرضها أصبحت حبراً على ورق، بل أصبحت كذباً لا يستحق ثمن المداد الذى كتبت به. وأضاف شيخ الأزهر أن الاكتفاء بمجرد الإدانات لم يعد يجدى نفعاً أمام ما يتعرض له مسلمو الروهينجا من عمليات إبادة جماعية بأسلوب غادر يذكرنا بأسلوب الوحوش فى الغابات، كما أن المناشدات الخجولة المترددة التى تطلقها المنظمات الدولية والإنسانية لإنقاذ المواطنين المسلمين من عدوان الجيش البورمى والسلطات فى ميانمار أصبحت ضرباً من العبث وضياع الوقت. ومن ثم، وانطلاقاً من المسئولية الدينية والإنسانية للأزهر الشريف والتزامه برسالته العالمية، أكد الإمام الأكبر أن الأزهر لا يمكنه أن يقف مكتوف الأيدى أمام هذه الانتهاكات اللاإنسانية، وسوف يقود تحركات إنسانية على المستوى العربى والإسلامى والدولى لوقف هذه المجازر التى يدفع ثمنها المواطنون فى ميانمار. وطالب شيخ الأزهر جميع الهيئات والمنظمات الدولية وجمعيات حقوق الإنسان فى العالم كله أن تقوم بواجبها فى اتخاذ الإجراءات اللازمة للتحقيق فى هذه الجرائم المنكرة وتعقب مرتكبيها وتقديمهم لمحكمة العدل الدولية لمحاكمتهم كمجرمى حرب جزاء ما ارتكبوه من فظائع وحشية (يبدو أن فضيلة الإمام الأكبر يقصد المحكمة الجنائية الدولية). كذلك، أطلق شيخ الأزهر ما وصفه «صرخة إنسانية مدوية» للمطالبة بتحرك فورى من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامى والاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة، خاصة مجلس الأمن، وقبل ذلك من صناع القرار فى الدول العربية والإسلامية، أن يبذلوا كل ما يستطيعون من ضغط سياسى واقتصادى يعيد السلطات الحاكمة فى ميانمار إلى الرشد والصواب والتوقف عن سياسات التمييز العنصرى والدينى بين المواطنين. ولم يفت فضيلة الإمام الأكبر أن يندد بالموقف المتناقض الذى تقفه رئيسة بورما التى حصلت على جائزة نوبل للسلام عندما كانت معارضة لنظام الحكم العسكرى فى دولة بورما، والتى تبارك حالياً أو على الأقل لا تمانع فى ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية ضد مسلمى الروهينجا. ولم ينسَ شيخ الأزهر فى نهاية كلمته أن يوجه خطابه إلى إخواننا فى بورما بأن يصمدوا فى وجه هذا العدوان الغاشم، مؤكداً لهم أن الأزهر معهم ولن يخذلهم والله ناصرهم وأن يعلموا بأن الله لا يصلح عمل المفسدين، مذكراً إياهم بالآية القرآنية الكريمة: {وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون}.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل