المحتوى الرئيسى

محمد الباز يكتب: «كتابيه».. عملية تجميل الـ«one man show»

09/15 18:41

كنت أعرف أن عمرو موسى لا يرى إلا نفسه.

جلست إليه مرات قليلة، لن أدّعى صداقة أو حتى معرفة عابرة جمعت بينى وبينه، لكن ما سمعته منه مباشرة كان كافيًا لمعرفة ما يكمن تحت جلد هذا الرجل، الذى يرى أنه لم يحصل على ما يستحقه، رغم كل ما حققه خلال تاريخه السياسى والدبلوماسى من شهرة ومجد ومال.

ولما انتهيت من قراءة الكتاب الأول من مذكراته «كتابيه» - وهو الكتاب الذى يسرد تاريخه منذ مولده فى ٣ أكتوبر ١٩٣٦ وحتى خروجه من وزارة الخارجية فى ١٥ مايو ٢٠٠١، بعد أن قضى فيها عشر سنوات كاملة- تأكدت من نظرتى له، فهو بالفعل لا يرى سوى نفسه، ولا يعترف إلا بما فعله، ولا يقر لأحد غيره بفضل، بل كان ما قاله فى مذكراته محاولة لتجريد الآخرين مما فعلوه حتى لو كان صغيرًا.

مارس عمرو موسى فى بداية مذكراته محاولة من النصب السياسى، وهى صيغة يجيدها، فالدبلوماسى الشهير يعرف كيف يسوّق نفسه، ويمنح ما يفعله قيمة حتى لو لم تكن فيه من الأساس، وهو ما حرص على أن يفعله فى مذكراته، التى قرر أن تكون مختلفة، فاستعان بمن يحررها ويوثقها، ويضع لها مقدمة تدخل فى باب الخداع العلمى، بحديث طويل عن منهج علمى يستند إلى ما أثبته الدكتور عبدالعظيم رمضان أستاذ التاريخ العظيم، الذى وضع عمرو موسى يده على كتفه ليبرر السوءات التى وردت فى سيرة حياته.

محرر المذكرات هو الزميل والصديق خالد أبوبكر، أعرفه كما أعرف كثيرًا من تلاميذى، وإن كان خالد يفوق كثيرين منهم لأنه عمل إلى جوارى لسنوات، كما أن محبته لدىّ يعرفها جيدًا، خالد جاد وميزته الكبرى لأمثال عمرو موسى أنه يصدق ويثق ويمنح الآخرين إعجابًا لا يخفيه بابتسامته التى تعكس طيبة نادرة لا يمكن أن تجدها فى آخرين.

عندما كان خالد يجهز نفسه لتوثيق مذكرات عمرو موسى، توقف أمام ما كتبه عبدالعظيم رمضان، فى كتابه «مذكرات الزعماء والسياسيين فى مصر ١٨٩١ – ١٩٨١» عن المذكرات الشخصية، استمع إليه وهو يقول: «إن الجانب الشخصى فى المذكرات يزيد من صفتها الانحيازية، على النحو الذى يزيد بالتالى من قدر الحذر الواجب اتخاذه عند الاستعانة بها فى البحث التاريخى، فتبرير الأخطاء وانتحال الأدوار، وتشويه الخصوم وتمجيد الذات، تؤدى إلى كثير من مسخ الحقائق، وتؤدى بالتالى إلى الارتياب فى أمانة القول، كما أن كتابة الواقعة التاريخية بعد سنوات من وقوعها وبعد أن أصبحت ذكرى، تؤدى إلى كثير من الخلط والأخطاء، وبالتالى تؤدى إلى مزيد من الارتياب فى دقة القول».

حمل خالد هذه الرؤية العميقة التى دونها عبدالعظيم رمضان بفرحة الباحث الذى وجد طريقًا يسير عليه وهو يسجل مذكرات دبلوماسى تتعقبه العواصف أينما حل أو رحل، ويرافقه الجدل حتى لو التزم الصمت، معتقدًا أن عمرو موسى سيكون سعيدًا بها.

كان عمرو سعيدًا بالطبع، وعد محرر مذكراته بأن يبذل قصارى جهده لتجنب تبرير الأخطاء وانتحال الأدوار وتشويه الخصوم، وأعتقد أن عمرو كان صادقًا مع خالد أبوبكر، ليس لأنه فعل ذلك، ولكن لأنه صاغ مذكراته على طريقته.

فعمرو موسى لم يُبرر أخطاءه فى مذكراته، لأنه ببساطة لا يرى فى تاريخه أخطاء حتى يبررها، ولم ينتحل أدوارًا لم يقم بها، لأنه على قناعة تامة بأنه صاحب الدور الأهم فى تاريخ مصر، ولم يشوه الخصوم، لأنه لا يرى من يقفون فى طريقه خصومًا بل هم أقل من ذلك بكثير، ولذلك لم يتردد فى التقليل من شأنهم، وكشف كثير من أسرارهم.

لقد خدع عمرو موسى محرر مذكراته، قال ما أراده، وتركه هو يتولى مسئولية التلميع ووضع المكياج فى مكان العورات عله يسترها، فليس معنى كتابة مقدمة فى منهجية كتابة المذكرات أنك أنتجتها طبقًا لمنهج علمى، وليس معنى توثيق الأحداث وتعريف الأسماء وتحديد التواريخ أنك أديت ما عليك لوجه العلم.. فمذكرات عمرو موسى ليست إلا واحدًا من منتجات نصبه السياسى وهى كثيرة.

كما يقولون «البعرة تدل على البعير»، وربما نكون فى حاجة لاستعراض ما يؤكد موقفى من هذه المذكرات، هو فى الحقيقة ليس موقفًا، بقدر ما هو قراءة من زاوية معرفة الطبيعة النفسية لصاحب المذكرات.. وقد يعوزنى ذلك إلى التركيز على تناوله للشخصيات الفاعلة التى عمل معها خلال تاريخه الدبلوماسى، فقد كانت لدى عمرو منهجية واضحة، وهى تجريد الجميع من أدوارهم، وأما هو فكان الضمير الذى يرى ويدوّن ويكشف الخلل، لكنه كان ضميرًا براجماتيًا، فرغم كل الأخطاء التى رآها ورصدها وسجلها، إلا أنه لم يعترض أبدا، ولم يسجل احتجاجه أبدًا، ولم يستقل من عمله أبدًا.. استفاد من الجميع، ثم يأتى الآن ليحاكمهم دون أن يكون لأحد منهم حق الدفاع عن نفسه.

شهد الدكتور جمال الدين علي أبوالمجد، رئيس جامعة المنيا، اليوم، افتتاح بطولة تنس الطاولة للجامعات المصرية، التي أطلق شارة البدء لها الدكتور معوض الخولي، رئيس جامعة المنوفية، ضمن فعاليات أسبوع شباب ...

قدم موقع "wonderhowto" الطريقة الأسهل والأبسط لعمل بيتزا بالبطاطس المقلية. وضمت هذه الطريقة 5 خطوات: - وضع بعض البطاطس فى المقلاة المخصصة للعمل مع التأكد من وجود شقوق بسيطة فى البطاطس. - وضع نصف ...

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل