المحتوى الرئيسى

وزير الخارجية العراقى: كردستان لن تنفصل عن بلادنا (حوار)

09/14 20:38

استبعد إبراهيم الجعفرى، وزير الخارجية العراقى، بشكل نهائى إمكانية انفصال إقليم كردستان عن الدولة العراقية، المطروح فى الاستفتاء المقرر إجراؤه ٢٥ سبتمبر الجارى، مشددًا على أن دستور البلاد يحول دون ذلك تمامًا.

وأكد الجعفرى، فى حواره مع «الدستور»، أن العراق وطن واحد، ولن يكون عرضة للحرب الأهلية كما يروج كثيرون، نتيجة تاريخه وثقافته وتجانسه المجتمعى، مشيدًا بموقف الجامعة العربية فى اجتماعها الوزارى الأخير، ورفضها إجراء الاستفتاء بشكل قاطع.

كما كشف عن محاولاته للوساطة بين إيران والمملكة العربية السعودية، معتبرًا أن الأطراف لا تزال بحاجة إلى بعض الوقت من أجل إنهاء الخلافات بينها.

■ إلى أين تتجه أزمة الاستفتاء الكردى بعد رفض البرلمان العراقى لها؟

- موقفنا فى وزارة الخارجية والبرلمان لمواجهة ما يسمى «الاستفتاء»، ينطلق من عدة حقائق، أولاها الحقيقة الدستورية، لأن المادة الأولى من الدستور العراقى تنص على أن العراق دولة واحدة، سيادتها واحدة، وغير قابلة للتجزئة، وعلى هذا اتفق العراقيون جميعًا عندما اختاروا الدستور، لأنه كان أساس العملية السياسية العراقية فى عام ٢٠٠٤، وتم التوقيع عليه من جميع القوى.

أما الحقيقة الثانية التى يرتكز عليها موقفنا، فتقوم على التعايش المجتمعى والتاريخى والجغرافى الموجود بين جميع مكونات الشعب العراقى، بمن فيهم الكرد والعرب والتركمان، وباقى المكونات الأخرى، والأخوة الأكراد يتمتعون الآن بما لم يتمتعوا به سابقًا، لذا فالصورة الآن اختلفت عن السابق بشكل كامل، والتهديد بالانفصال ليس صوتًا قويًا، يعبر به عن حالة من التمرد، كما فى السابق.

■ ما المقصود بتغيير الصورة الكردية؟

- الأخوة الأكراد كانوا مقموعين، مطاردين، وعانوا من الإعدامات أثناء «عملية الأنفال» فى عام ١٩٨٨، التى تسببت فى قتل عدد كبير منهم، لكن الوضع يختلف الآن، وينعم الأخوة الأكراد بكامل حقوقهم، ويشاركون فى العملية السياسية بشكل كامل، فمنصب رئاسة الجمهورية من نصيب الأكراد، وبعض الوزارات السيادية يتولاها أخوة أكراد، وهم يتواجدون فى البرلمان العراقى، ويتمتعون ببرلمان محلى، وحكومة محلية، ولهم موازنة خاصة يأخذونها من الموازنة العراقية، حتى إنهم يأخذون أكثر من المقرر لهم، وهذا ما يجعلنى أقول إن الصورة اختلفت.

■ ألا يمكن أن يكون الاستفتاء محاولة لاستغلال حالة الضعف التى يعانى منها الجسد العراقى بسبب الإرهاب؟

- المجتمع الكردى ساهم فى صناعة انتصارات العراق، وامتزجت دماء العراقيين جميعًا، سنة وشيعة، عربًا وكردًا وتركمانًا، مسلمين وغير مسلمين، إيزيدية، وصابئة، وجميعهم ساهموا فى تحقيق النصر، وأنا وصفت التجربة العراقية بأنها تجربة رائدة، لأنها جديرة بالدراسة عن كثب، حتى تخرج للعالم كنموذج، خصوصًا أن الإرهاب لم يبدأ بالعراق، وقد لا ينتهى بالعراق.

■ لماذا تصفون التجربة العراقية مع الإرهاب بأنها رائدة؟

- لأنه لم تمر على العالم موجات إرهاب بمثل هذه القوة والمتانة، فمن كان يتصور أن تتحرر مدن العراق بهذه السرعة من قبضة الإرهاب، ابتداءً من صلاح الدين، مرورًا بالأنبار، وانتهاءً بالموصل، فالكل ساهم فى هذه الحرب، وكان شريكًا فى الانتصار، لكن ذلك لا يمنع أن تخرج بعض وجهات النظر، التى تهدد وتلوح بمسألة الانفصال.

■ فى تقديرك.. هل من الممكن أن يقع العراق فريسة لحرب أهلية حال الاستفتاء؟

- أبدًا.. العراق، إن شاء الله، عصىّ على ذلك، وسيبقى موحدًا، والحقيقة تؤكد أن تجربة العراق رائدة بامتياز فى هذه النقطة، لأننا مجتمعات متجانسة، ومتفاعلة، ومنسجمة مع بعضها البعض، والتاريخ خير دليل، أليست أمريكا أكبر دولة فى العالم؟، ما الذى حدث عند محاولات استقلال الجنوب الزراعى عن الشمال التجارى والصناعى؟، لقد جرت حرب أهلية، وراح ضحيتها أكثر من ٦٠٠ ألف مواطن.

■ ألا يوجد تلويح كردى بالحرب حال عدم قبول الاستفتاء ونتائجه؟

- لا، فلا يشرف أحد أن يلوح بمسألة الحرب الأهلية، فالحرب الأهلية تعنى أن يقتتل الطلاب فيما بينهم فى المدرسة الواحدة، ويقتتل التجار فى السوق الواحدة، وهكذا، وهى أكثر تدنيًا حتى من الحرب الطائفية، التى تحاول فيها طائفة إقصاء أبناء الطوائف الأخرى، وأؤكد أن العراق سيخرج متعافيًا من الأزمة، لأن هذه الفكرة ليست موجودة لدينا.

■ لكن ألا توجد صراعات طائفية فى العراق؟

- الحقيقة أننى ما إن أسافر إلى الخارج حتى أواجه أسئلة عن «الحرب الطائفية التى لديكم»، ويكون ردى دائمًا عليها أن الحرب الطائفية المزعومة توجد فى عقولكم أنتم فقط، وهى غير قائمة لدينا، فالوفد الواحد الذى يخرج فى أى زيارة خارجية يوجد به الكردى، والسنى والشيعى، والمسيحى، وسفاراتنا بالعالم موجودة لمن يريد أن يشاهد ويتابع تشكيلها، فأين توجد هذه الحرب؟

■ هناك رؤى دولية تقول إن أوان «الدولة الكردية» قد حان وإن الأكراد أصبحوا قوة فى المنطقة.. فما تعليقكم؟

- الأكراد فى العراق أصبحوا قوة بالفعل، وهم يشاركون فى الدولة على أعلى المستويات، سواء فى رئاسة الجمهورية، أو فى الوزارات السيادية، كما أن لهم ثقلًا كبيرًا داخل البرلمان، وهذه هى قوة الأكراد، فالقوة لا تكون فى حدوث الانفصال، لأن هذا يعد ضعفًا فى ذاته.

العراق دولة لها تاريخ وسيادة، ويشرف من ينتمى إليه، فمثلًا لا يمكن أن نرى تنظيمًا إرهابيًا واحدًا فى الخارج يضم مجموعة عراقية، قد نجد أمريكيين، وكنديين، وآخرين من مختلف دول النادى الديمقراطى، باستثناء العراق، فما من مجموعة إرهابية عراقية تمارس القتل فى العالم، أو تفرضه ضد أى بلد.

■ لكن هناك مجموعات عراقية تمارس الإرهاب فى الداخل.. فكيف ترون هذا؟

- هذا صحيح، لكن هذا زرع جاءنا من الخارج، فأبومصعب الزرقاوى، وهو من أبرز الشخصيات التى جاءت للعراق وجاءت بالإرهاب معها، هل كان عراقيًا؟!، وحتى أسامة بن لادن، وأيمن الظواهرى، وغيرهما كثيرون، ونحن لا نختزل مصر فى الظواهرى، ولا السعودية فى بن لادن، ولا الأردن فى الزرقاوى، كما لا يمكن اختزال مكة بأبى لهب، وأبى جهل، فهذا غير معقول، لذا أقول إن العراق يشرف من ينتمى إليه بتاريخه وسيادته.

■ بعض القيادات الكردية تقول إن تاريخ ٢٥ سبتمبر أصبح أمرًا واقعًا.. فكيف ستتعاملون مع هذا الموقف؟

- نحن ننظر للقضية فى إطار حجم العراق العام، فهو بلد له تاريخه، وله ثرواته، ومساحته الديمغرافية، وسياسته ونظامه ودستوره، وعلى الطرف المقابل من يفكر فى هذه النقطة، هل الإجراءات التى يتخذها ستصب فى صالحه أم لا، ثم أين كان هؤلاء أثناء الفترات السابقة؟، وأثناء تقرير المصير؟، وماذا عن توقيعهم على الدستور؟.

ما أريد قوله إن الشعوب فى أول الطريق تأخذ بآراء القادة، وفى الأشواط اللاحقة تعيد النظر فى قراراتهم، ثم تحاسبهم، ويجب على هؤلاء القادة الذين وصلوا للقمة أن يصدقوا شعوبهم وأن يلتزموا بالحقيقة، فالشعب الكردى يريد العيش فى تآخٍ مع بقية المجتمعية العراقية غير الكردية، والشعب العراقى يتكون من مجتمعيات منوعة، ومختلفة، ويجب أن يحافظ على وحدته.

■ كيف ستكون آلية التعامل بينكم حال وقوع الانفصال عمليًا؟

- السؤال هنا هو: هل سيحدث الانفصال؟، الانفصال يحتاج إلى واقع يعتمده ويدعمه، لكننى لا أعتقد أن الواقع العراقى والكردى بشكله العام، ولا حتى الواقع الدولى والإقليمى يسمح بهذا.

■ ألا تخشى من تقسيم العراق وفقًا لمخططات الشرق الأوسط الجديد؟

- المحاولات لم تنقطع، فأعداء العراق، وأعداء الأمة العربية والإسلامية حريصون جدًا على تفتيت المنطقة، لكن العراق غير قابل أن يكون مادة لهذا.

■ كيف استقبل المجلس الوزارى بالجامعة العربية موقفكم من مسألة الانفصال؟

- اعتبر مجلس الجامعة العربية فى دورته أن هذه الخطوة تتنافى مع القانون والدستور، وأوصى بضرورة بذل الجهود، واعتماد آليات الحوار، كما أوصى الأمين العام أحمد أبوالغيط بمواصلة الجهد للتقريب بين الأطراف العراقية، واعتبروا أن هذه الخطوة تضر بالوطن.

■ قلتم سابقًا إن العراق مستعد للوساطة بين المملكة السعودية وإيران.. فلماذا توقفت المبادرة؟

- العراق على استعداد، بل تدخل بالفعل وبادر، والتقيت الشيخ حسن روحانى، رئيس الجمهورية الإيرانية، واستمعت إليه، والتقيت السعوديين واستمعت إليهم، والتقيت أيضًا عددًا من الأطراف التى يمكنها أن تؤثر فى الموضوع، لكن فى بعض الأحيان يكون أحد الأطراف غير مستعد.

■ ألا يمكن للعراق دفع الأمور ناحية الحوار؟

- بشكل عام، يستطيع أى طرف بمفرده أن يثير مشكلة، لكن لا يمكن أن نقدم حلًا إذا لم تتفق جميع الأطراف، وأحيانًا تحتاج المسألة وقتًا إضافيًا، لكن فى المقابل، الأمر يتطلب أن يقوم كل واحد منا بجهده، وهذا الجهد يظل متراكمًا، ثم يأتى ثانٍ وثالث يضيفون للبناء، وهكذا.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل