المحتوى الرئيسى

مواهب الإعلام فى حكايات 1000 خيبة وخيبة

09/14 18:57

( كان ياما كان.. كان فيه زمان.. خواجة مش غلبان.. اسمه ماسبيرو.. فرق كتير عن غيره.. حب يطور للإنسان.. فكر واخترع كمان.. صندوق صغير تشوف الدنيا منه - بس أبيض وأسود لسه مش ألوان.. وعدى الزمان وجه زمان وفوقيه زمان.. لكن كعادة الإنسان.. لازم يسيب بصمته.. بصمة يمين تطور.. وشمال ملهاش أمان.. جابت الحكاية الأرض ولسه 6 كمان.. فى زمن ماليه العجب من بعد الأبيض وأسود.. خلاها تفضل سودة- فى عز ما هى ألوان).

فقرة شارحة من كتاب "حكايات 1000 خيبة وخيبة" لمؤلفه الإعلام المصرى، والذى يتكون من مجموعة من الفصول "البايخة" ترصد تطور ونقلات الإعلام خاصة فى الـ 7 سنوات الأخيرة!

من بدايات عام 2010  والإعلام يعيش حالة من التخبط فى فكره وسياساته وتشكيله، فقد بدأ تدريجيا فى نسف كل القواعد المهنية وتغيير الخريطة الإعلامية وتحديد دوائر مغلقة يدور فيها بشكل ثابت ومنتظم، وفرض على المشاهد شكلا ومضمونا برؤية جديدة مرتبطة بتحكمات السوق، ضارب عرض الحائط بالمهنية والرسالة، وللأسف هذا السوق المتحكم هو السوق الإعلانى وليس الإعلامى!

بدأ "الإعلان" فى التسلل تدريجيا إلى جسد الإعلام مع زيادة بريق القنوات الفضائية، والتى أصبحت تغرد بعيدا عن القبضة الحكومية بسياسات وفكر إعلامى مستقل، ما كان ينبئ بانفتاح إعلامى وتطور فى الشكل والمضمون والهدف والرسالة، وبدأت القنوات الفضائية حديثة العهد فى زهوة الظهور تبحث عن تقديم كل ما هو جديد من نوعيات برامج ومقدميها، والبحث عن تكوين فريق إعلامى جديد يتناسب مع المرحلة، فقدمت وجوها جديدة تفاعل معها الجمهور، وبدأت تحقق نجاحا ملحوظا، ليبدأ الإعلان فى طلب الكلمة والبحث عن التواجد فى هذا النجاح بمنطق "فيد واستفيد"، وبعد فترات قصيرة تغزو الإعلانات القنوات الفضائية وتتغلغل فى محتواها من البرامج والأعمال الفنية ليصبح الإعلان هو العمود الفقرى للقنوات الفضائية.

ولأنها فضائيات خاصة فالأمر أولا وأخيرا "بيزنس"، وفطن الإعلان لنقطة ضعف الإعلام الجديد، فبدأ فى فرض سيطرته وأصبح له رؤية فى المحتوى ليزيد من إنعاش خزائن الفضائيات، وأمام هذه المغريات بدأت ترضخ وتعطيه مساحة للرأى تحولت لشروط ثم تحكم، حتى أحكم قبضته تماما وأصبح صاحب، القرار بل صانعه أحيانا، لتتحول الفضائيات لمجرد "فاترينة" لعرض ما تأمر به الوكالات الإعلانية والرعاة مقابل زيادة الرصيد البنكى الذى يفى بالتزاماتها ويحميها من التوقف ليتحول الإعلام إلى "إعلان".

فى ظل هذا "العك" الإعلانى أصبحت القنوات الفضائية تعتمد على وجوه إعلامية مميزة لكل منها، بل أن الوكالات الإعلانية قفزت لتختار من يظهر على الشاشة وتحدد أيضاً توقيت ظهوره تبعا لـ "كاريزمته الإعلانية" ورضاء أصحاب الإعلانات عنه خاصة برامج الـ "توك شو"، وبدأت وكالات الإعلان فى إعادة الصياغة الإعلامية بعد أن فرضت سيطرتها كاملة وأصبحت تتدخل فى المحتوى البرامجى، ثم تطورت لتحدد المحتوى نفسه حتى أنها تحدد الأعمال الفنية المعروضة على الشاشة من مسلسلات وأفلام، ليتقهقر المضمون خطوات إلى الخلف وتظل فى الصدارة "الفرقعة" التى تجذب الإعلانات، ويتصدر المشهد الوجوه الإعلامية التى أمنت نفسها بالظهير الإعلانى لتصبح قوتها ونفوذها مناطحة لأصحاب القنوات أنفسهم.

وفى فصل جديد من "حكايات 1000 خيبة وخيبة" يظهر الفكر "الحلزونى" للإعلام الإعلانى، فقد أصبح كرسى "مقدم البرامج" حكرا على أسماء بعينها أصبحت فرض عين على المشاهد.. مجموعة من الإعلاميين والصحفيين القافزين على كرسى "مقدم البرامج" يتنقلون بين القنوات الفضائية المختلفة كتنقل الطيور فى موسم الهجرة، فتشاهد فلان على إحدى القنوات لفترة ثم تفاجأ بمغادرته لأخرى ليأخذ مكان زميله الذى جاء هو ليحل محله فى القناة التى تركها، لنظل نشاهد هذا الـ "جيم" من لعبة الكراسى الموسيقية دون تواجد كوادر إعلامية جديدة من الشباب تستعد لقيادة المستقبل، لتنعدم فرصة ظهور جيل جديد من الإعلاميين فى وجود "شلة" ثابتة تشعرك أن نهاية الإعلام ستكون بنهاياتهم من تلك الشاشات!

فى هذا الفصل بالأخص تجد معاناة الموهوبين إعلاميا من الدارسين والطامحين بما يمتلكونه من إمكانيات مؤهلة، يشاهدون أماكنهم التى يستحقونها لا يستطيعون الوصول إليها فى ظل الفكر المتجمد لإدارات القنوات ورضوخهم للمطالب الإعلانية بالاعتماد على الوجوه المكررة، والتى يرونها "تبيع" بمجرد ذكر تواجدها فى القناة حتى قبل التعاقد الرسمى، ولا مانع من الاستعانة بمشاهير الفنانين، والأغرب لو من كل هؤلاء من لا يملك ثقافة أو عمق أو لا يملك أدواته أو المهنية، أو الكارثة فى من لا يصلح للظهور على الشاشة من الأساس، لتؤمن القنوات الفضائية نفسها بـ "اللعب فى المضمون" للحصول على مقابل الإعلانات دون النظر للمواهب التى تنتظر فرصتها، فقد أصبحت القاعدة أن تأتى بإعلاناتك لتخرج من هذه الدائرة المغلقة وبالطبع لن يقدر عليها خريجو الإعلام أو المواهب الإعلامية، وكذلك هى لعبة لا يجيدها كل الإعلاميين فهى ليست تخصصهم من الأساس ليتم فتح باباً خلفياً يمتهن منه الإعلام كل من لامهنة له وتصبح الشاشات مليئة بالمهازل والسقطات والكوارث فى ضربات متتالية وموجعة لسمعة الإعلام المصرى الذى أصابه "الهوس الإعلانى"!

 وبين هذا وذاك تظهر إعلانات الـ "تى فى شوب" والتى فتحت الباب على مصراعيه لهجوم من القنوات "الشمال" التى تعرض المواد الإعلامية المسروقة وبرامج الدجل والشعوذة والطب البديل والمسابقات الوهمية والمبتذلة فى غياب تام من الرقابة التى ضربتها "غيبوبة مزمنة" لدرجة أن يصل الحال من الفُجر ليتحول من ملاك قنوات تعرض الأفلام المسروقة إلى منتج سينمائى وينتج بدل الفيلم اثنان وثلاثة بغض النظر عن سقوطهم المدو وسرقتهم من قنوات "شمال" منافسة وهو شر البلية الذى يضحك إلا أن كل ذلك يحدث على مرأى ومسمع من الغيبوبة الرقابية!

فصل آخر من "حكايات 1000 خيبة وخيبة" يكشف فيه وجه آخر لمسلسل تدمير المواهب الذى احترفه "الإعلام الإعلانى" وهو برامج اكتشاف المواهب سواء مصرياً أو عربياً والتى يتعمد معظم أعضاء لجنة حكامها على استعراض عضلاتهم و"إيفيهاتهم" السخيفة على المواهب المتسابقة وجعل من آخرين "مُسخة" وإهانتهم بتصريح من إدارة البرنامج لصنع "شوو" يرفع نسبة المشاهدة لتفيد الراعى الإعلانى وتزيد من حصيلة الإعلانات على البرنامج فى شرح تفصيلى أقوى من المعجم لكلمة "مهزلة"!

اللافت أن هناك كيانات إعلامية جديدة بدأت تظهر مؤخراً فى الصورة تعلن عن تبنيها لسياسات إعلامية وأفكار مختلفة فى عملية "غربلة" للـ "سوق" الإعلامى يعتبرها شباب الإعلام والإعلاميون المتخصصون واللذين لا يحترفون الإعلان ملاذهم وملجأهم الأخير وإلا "قول على الدنيا السلام".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل