المحتوى الرئيسى

إيران أمام كارثة إقتصادية

09/14 15:16

تمضي العقوبات الدولية على ايران بالتوازي مع سياسات داخلية ذات توجه عسكري ونووي وتعبوي في التأثير على الوضع الاقتصادي الايراني بشكل جدي. غير إنّ القيادة الايرانية التي تتطلع الى ذلك الدور الاقليمي الفاعل المهدد للاستراتيجيات الدولية في الخليج والشرق الاوسط لا تصارح شعبها بالهوة الاقتصادية التي تقف البلاد على حافتها مع انسداد الأفق أمام المفاوضات النووية مع مجموعة خمسة زائداً واحد وسقوط حجة طهران في توسيع نفوذها للتصدي للجيش الامريكي الذي أتمَّ انسحابه من العراق منذ أكثر من عام.

الآن ايران. امام حقائق ذات ارقام مؤلمة لا يمكن تجاهلها تؤثر في مستويات الأداء العام للاقتصاد والدخل القومي وحياة الفرد والخطط الاستراتيجية الكبرى المتصلة بالملف النووي وتوسيع القاعدة الصناعية الحربية، حيث تزداد معدلات التضخم على نحو سريع وتقوم مؤسسة رئاسة الجمهورية بتوجيه واضح من الرئيس محمود احمدي نجاد يتجاهل هذه الحقيقة والالتفاف عليها في حين هناك تيار اصلاحي صغير يرى الحقائق واضحة ويتحدث عن نكوص اقتصادي مريع شهدته ايران في خلال السنتين الاخيرتين ولا تبدو اية مؤشرات على امكانية الخلاص منه. وحسب مصادر ايرانية حكومية لا تريد الكشف عن هويتها، فإنَّ الرئيس نجاد أصدر اوامره الى جميع المؤسسات الاقتصادية والسياسية المرتبطة به بالحفاظ على ما تمَّ الاعلان عنه سابقاً من معدلات تضخم ونشرت في الصحافة المحلية وكانت لا تزيد على ما نسبته ثلاثينيات في المائة كأعلى حد لمستوياتها، متجاهلا ما كان البنك المركزي الايراني قد أقر به وأعلنه في انَّ معدلات التضخم تصل الى سبعين في المائة، اي أكثر من ضعف المعدل المعلن.

لكن بعض الخبراء الاقتصاديين في طهران يذهبون الى ان معدلات التضخم في ايران بلغت ثلاثة أضعاف هذا المعدل. ويتحدثون بثقة عن نسبة تضخم مقدارها مائة في المائة أو يزيد أيضاً. وكانت العقوبات الأمريكية الجديدة التي دخلت حيز التطبيق في فبراير شباط الماضي تحظر على ايران تحويل عائدات تصدير النفط وسيكون مفعولها قائماً وقوياً مع نهاية شهر مارس آذار . حيث كانت صادرات النفط الايرانية قد انخفضت من مليونين ونصف المليون برميل عام 2011 الى مليون برميل يومياً في خلال 2012. وستكبح العقوبات الامريكية ذلك الارتفاع الطفيف الذي طرأ على الصادرات في الشهرين الأولين من العام 2013.

وبالمقابل لم يعد التهديد الايراني بإشعال أسواق النفط ذا أهمية كبيرة. فقد قالت وكالة الطاقة الدولية قبل يومين إنّ زيادة انتاج النفط في الولايات المتحدة ستمكن الدول المستهلكة من امتصاص معظم الصدمات الخاصة بإمدادات النفط بسبب أزمات الحروب الملوحة في مناطق وممرات عدّة منها الخليج العربي.

بعيداً عن الحسابات الحكومية الايرانية وامكانية المناورة بأوراق اقتصادية واستثمار الاحتياطي والافادة من خاصية التصدير عبر الحدود البرية بعيداً عن عيون الرقابة الأمريكية، فإنَّ للمواطن الايراني الذي بدأ يشعر بحرارة الخطر المعيشي مع استمرار قيمة العملة المحلية وانكسارها امام سلة العملات الأجنبية، سيكون ورقة صعبة في الميزان العام لايران التي تتحفز لاخراج التذمر من الصدور الحبيسة به إلى الشارع.

المواطن الإيراني بات يدرك بسهولة مدى فداحة المأزق الاقتصادي وكيف تتجه أحواله نحو السوء بسرعة كبيرة، لذلك بدأ يستثمر أمواله في شراء الذهب والعملة الصعبة، لا سيما الدولار الأمريكي. وهو خيار لا ينعكس ايجابياً على عموم الاقتصاد الايراني. ذلك إنَّ الحكومة الايرانية تدرس حالياً فرض قوانين تحدد ما يمكن أن يملكه الأفراد من العملات الصعبة لاسيما في أثناء السفر والتنقل والتعامل مع الصرّافين والبنوك المحلية. ويذهب بعض المتشددين في الحكومة إلى تشجيع اصدار قوانين تتيح للحكومة الايرانية الاستحواذ على ما يملكه الأفراد من عملة صعبة، وذلك بغية عرقلة الطلب المتزايد عليها في الأسواق المحلية التي تعاني أساساً من ضغط العقوبات على عموم البلاد، ومن أجل توفير مصادر عملات صعبة إلى البنك المركزي الإيراني الذي يواجه خطر العقوبات بخيارات محدودة وضعيفة. لكن المؤسسات الأمنية والسياسية للحكم الإيراني تستطيع أن تخضع كل نشاط فردي واجتماعي لمراقبة شديدة بحيث تسيطر على حركة العملات الصعبة غير المرئية بوضوح بين الأفراد في المدن الصغيرة.

ويتوقع الخبراء أن يتكرر ضخ عملات صعبة مزيفة في الشارع الإيراني من جهات عدة، لكنها في النهاية تصب في صالح عملية اختيار يسعى إليها البنك المركزي الإيراني لفحص مدى مقبولية تقبل الشارع التعامل بالعملات المزيفة داخلياً. ويؤكد الخبراء أن تلك العملات المزيفة ستزداد انتشاراً في عملية ايهامية تمارسها السلطات الإيرانية لرفع قيمة العملة الإيرانية المتدهورة.

وحسب المحللين فإنّ شحّة العملات الصعبة ستؤثر على المشاريع الاستخبارية والسياسية الإيرانية في الخارج لاسيما في ملفي دعم طهران لنظام الرئيس بشار الأسد في سوريا وحزب اللّه في لبنان. ويرى المحللون أنّ عين إيران تتجه نحو العراق لتعويض العملات الصعبة لاسيما عبر تصدير المشتقات النفطية كوقود الديزل المورد إلى العراق لتشغيل محطات الكهرباء.

نقلا عن صحيفة "الزمان" اللندنية

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل