المحتوى الرئيسى

اليوم العالمي للمرأة

09/14 15:16

يتيح لنا يوم المرأة العالمي فرصة الاحتفاء بإنجازات النساء، والتفكير بالقضايا الشائكة التي ما زلن يواجهنها. لقد شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال العامين الماضيين تغيراً هائلاً، وفي صميمه كانت مطالبة شعوب المنطقة بنيل كرامتهم وأن تكون أصواتهم مسموعة لدى صناع القرار، وأن تتوافر لهم الوظائف وينالوا الحقوق والفرص المتساوية.

ومن ميدان التحرير إلى تونس وطرابلس، لعبت النساء دوراً رئيساً إلى جانب الرجال في المطالبة بالتغيير.

وقد اتخذت خطوات مشهودة في مجال تعزيز مشاركة المواطن، ما أدى في بعض الحالات إلى إعطاء المرأة صوتاً أقوى في الحياة العامة. وفي الشهر الجاري عُينت 30 امرأة في مجلس الشورى السعودي، أي نسبة 20% من مجموع أعضاء المجلس، فكانت تلك لحظة مشهودة في تاريخ المملكة العربية السعودية.

وفي تونس فازت المرشحات لانتخابات الجمعية التأسيسية في أكتوبر 2011 بنسبة 23% من المقاعد. وإذا عرفنا أن نسبة فوز النساء بمقاعد في البرلمان البريطاني بلغت 22.2% فإن ذلك يذكرني بما علينا أن نبذله من جهود إضافية هنا أيضاً.

تقوم النساء في أنحاء المنطقة بدور أساسي في بناء مجتمعات أكثر انفتاحا وديمقراطية. وتقوم الصحافيات من النساء بتعزيز الوعي بقضايا حساسة من خلال طرح أسئلة صعبة ومحاسبة صناع القرار. لقد التقيت محاميات وضابطات شرطة ومربيات وقادة منظمات أهلية، ومن بينهن الكثيرات اللواتي يعملن في المشاريع التي ندعمها، ويلعبن دوراً حيوياً في بناء مستقبل بلدانهن من خلال السعي إلى التغيير أو التخطيط له.

ولقد كنت قد تحدثت في طرابلس في شهر ديسمبر جنباً إلى جنب مع ناشطة حقوق الإنسان عبير الحضيري في اليوم العالمي لحقوق الإنسان. كما قمت بزيارة لوحات فنية رسمتها النساء في الهواء الطلق على جدران المقر القديم للقذافي. حظي هذا المشروع بدعم اثنتين من منظمات المجتمع المدني المحلية، هما شعلة العاصمة وصوت النساء الليبيات.

ولقد تأثرت كثيرا حين شاهدت وتحدثت إلى النساء الليبيات اللواتي رسمن جدارياتهن التي طالبت بإنهاء العنف ضد النساء على الجدران ذاتها التي كانت رمزاً لاضطهادهن.

لقد كانت رؤية النساء وهن يقمن بأدوار حيوية كهذه في المجتمع المدني أمراً رائعاً وباعثاً على التفاؤل، غير أن ذلك يتناقض والخلفية المقلقة لاستمرار التمييز على الصعيد القضائي، وعدم توفر الحماية المناسبة من العنف الجنسي، وعدم إتاحة الفرص المتكافئة في مكان العمل. وإذ ألقي الضوء هنا على مثال واحد على ذلك، فإنني أظل أشعر بقلق شديد بسبب استمرار عدم وجود قوانين في المنطقة كلها تتعلق بحماية النساء من الاغتصاب الزوجي أو العنف المنزلي. وقد هالني بشكل خاص الزيادةُ في الاعتداءات العنيفة ضد النساء، بما في ذلك أثناء المتظاهرات في مصر.

إن العنف والتمييز ضد معشر النساء مشكلة لا تقتصر على هذه المنطقة وحدها، ولكننا من خلال عملنا مع الحكومات من أجل دعم جهودها لإقامة مجتمعات أكثر انفتاحاً وديمقراطية علينا ألا ننسى أهمية تمكين النساء من القيام بدور كامل ومتكافئ. وأعتقد أن أي مجتمع تحترم فيه حقوق النساء ويصغى فيه إلى أصواتهن هي السبيل الوحيدة لتحقيق ازدهار واستقرار دائمين. وتظل المساواة بين الجنسين وتمكين النساء في أنحاء العالم أولوية بالنسبة للمملكة المتحدة.

في العام الماضي دشن وزير الخارجية مبادرة القضاء على العنف الجنسي التي تهدف إلى القضاء على الحصانة الحالية التي تحيط باللجوء للعنف الجنسي في الحروب. ووفقاً لهذه المبادرة ساعد خبراء بريطانيون في تدريب أخصائيين صحيين محليين على طرق التعامل مع ما يرد إليهم عن العنف الجنسي على الحدود السورية.

كما أننا سندرس الطرق التي يمكن فيها للمملكة المتحدة أن تساعد ليبيا في مجال تحقيق العدالة وتقديم الدعم لمن تعرضوا للعنف الجنسي. وخلال رئاستنا لمجموعة الثماني سوف نسعى إلى بناء شراكة عالمية لمنع العنف الجنسي في الحروب، وتحسين القدرة العامة على التحقيق في اتهامات العنف الجنسي حتى يمكن تقديم مرتكبيه للعدالة.

ومن خلال رئاستنا لمجموعة الثمانية سنعمل أيضا مع الحكومات والمجتمع المدني من خلال شراكة دوفيل ومنتدى المستقبل في الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا لتعزيز الفرص الاقتصادية والسياسية المتاحة للنساء في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

يشتمل هذا على استضافتنا لمؤتمر سيدات أعمال الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شهر يونيو من أجل النظر في أفضل السبل لدعم مشاركة أكبر للنساء في الحياة الاقتصادية.

ولسوف نواصل استخدام برنامج التمويل من المملكة المتحدة لدعم تمكين النساء. ويعتبر هذا من المجالات التي تركز عليها مبادرة المشاركة العربية البريطانية تركيزا خاصا، وهي المبادرة التي سبق لنا وأن ساعدنا من خلالها في بناء قدرات النساء في مصر والمغرب وليبيا وتونس كي يشاركن في الحياة العامة، بما في ذلك تدريب ودعم البرلمانيات من بينهن. وفي هذه السنة نعمل أيضاً على تمويل التثقيف المدني في الريف من خلال المعهد الوطني الديمقراطي لتشجيع مشاركة نسائية سياسية أكبر في ليبيا.

أود أن أختم بالتأمل بقصة فتاة شابة تعمل في مشروع ندعمه نحن في الجزائر. تلك هي ليلى معروف التي ولدت بتشوه خلقي في الأطراف العلوية والسفلية. وبعد أن تركت المدرسة، التحقت ليلى في مشروع تدريب لدى مؤسسة المعاقين الدولية، وبذلت جهداً هائلاً من أجل اكتساب وإتقان مهارات فنية حتى أصبحت اليوم قادرة على تصميم الملابس وحياكة السجاد واستعمال الكمبيوتر. وإذ حصلت على هذه المهارات، بدأت تسعى لتأسيس عملها الخاص. تعتبر ليلى مثالاً واحدا وحسب على نساء كثيرات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ممن يناضلن ضد كل المعوقات لخلق فرص لأنفسهن والمساهمة في نهضة مجتمعاتهن. واليوم هو يوم استعراض إنجازاتهن المشهودة.

* مدونة بقلم أليستر بيرت

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل