المحتوى الرئيسى

زوجات الدواعش.. مذنبات أم ضحايا؟ | المصري اليوم

09/12 23:23

«أمي لا تعرف حتى أين أنا.... زوجى خدعنى قال لى: سنقضى عطلة أسبوع في تركيا، اشترى تذاكر الطائرة وحجز الفندق، لكن ما حدث أننا عبرنا من تركيا إلى سوريا ثم العراق، حيث انضم لـ(داعش) في العام الماضي.أشارت السيدة إلى رضيعتها وقالت: ولدت طفلتى الصغيرة منذ ثلاثة أشهر».وروت وهي تبكي كيف قُتل ابنها البالغ من العمر خمسة أعوام في يونيو الماضي أمام عينيها بصاروخ أثناء لعبه في الشارع. وقالت إن زوجها لقي حتفه خلال معارك في الموصل، وأضافت:«لا أفهم لماذا فعل بنا ذلك، سواء كان حيا أو ميتا لم يعد يعنيني أمره، حاولت الفرار منه في فبراير الماضى، لكنه عثر على ومنعنى من المغادرة».

هذه الشهادة لسيدة فرنسية من أصل جزائرى (27 سنة) رفضت ذكر اسمها، وهى واحدة ضمن 1400 زوجة لمقاتلى داعش تم احتجازهن في أحد المعسكرات، بعد تطهير الموصل من التنظيم الإرهابى وفرار مقاتليه.

أولئك النساء أجنبيات، معظمهن تركيات، ومن بينهن نساء من جمهوريات الاتحاد السوفيتى السابق: طاجيكستان وأذربيجان روسيا، وهناك آسيويات وقليلات من فرنسا وألمانيا، تحتجزهن السلطات العراقية في معسكر جنوب الموصل بعد أن طردت القوات العراقية «داعش» منها. عدد كبير من أولئك النساء ليست بحوزتهن وثائق تؤكد جنسياتهن، مسؤول في وزارة الداخلية العراقية صرح بأن بلاده ستتفاوض مع سفارات بلادهن في شأن عودتهن، ولقد أحصوا حتى الآن 13 جنسية. هناك قلق في الغرب من عودة المقاتلين وأقاربهم إلى بعد انهيار داعش. مسؤولون فرنسيون صرحوا بأنه ستتم محاكمة الفرنسيين الذين يثبت ارتباطهم بالتنظيم في العراق أما الأطفال وحدهم فسيستفيدون من الخدمات الاجتماعية في فرنسا.

نساء الدواعش، ماذا سيكون مصيرهن بعد عودتهن لأوطانهن؟ كيف ستكون نظرات المجتمع إليهن ومدى تقبله لهن، وهل سيندمجن في مجتمعاتهن من جديد ..أم سيظل معظمهن على هامش المجتمع مطاردات من عيون ترهبهن ولا تثق فيهن في المستقبل القريب؟.

ذكرتنى حالة نساء الدواعش بـ«نادية» زوجة أحد أمراء الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر، والتى كتبت قصتها الصحفية الجزائرية الراحلة بايا قاسمى بالفرنسية ونشرته في كتاب صدر في سبتمبرعام 1998 بعنوان: أنا نادية زوجة أمير الجماعة الإسلامية المسلحة، ونادية ليس اسمها الحقيقى، ولكنه اسم مستعار اختارته الكاتبة، ولقد قمت بترجمة الكتاب إلى العربية، ونشر فى سلسلة كتاب اليوم بنفس العنوان عام 1999. أتذكر أننى تأثرت كثيرا بحال هذه الشابة الجزائرية الريفية، وحظها العاثر الذي وضعها في طريق «أحمد»، شخصية شبيهة بشخصية البلطجى «عبده موته»، شعرت «نادية» تجاهه بجاذبية وحب رغم أنه سارق وخارج عن القانون، لكن بعد ذلك حدث له تحول جذرى، التحق بالجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر، وهى الجماعة المسؤولة عن المجازر الدموية التي شهدتها الجزائر في تسعينات القرن الماضى والتى تعرف اختصارا بـGIA، وأصبح من رجالها المهمين، وتم تنصيبه أميرا على المنطقة التي يعيش فيها، وعرض عليها الزواج وتم الزفاف سريعا، لكنها اكتشفت بعد ليلة زفافها أنه لم يعد أحمد الذي عرفته، لقد تحول ليصبح شخصا آخر، متشدد دينيا ..عنيفا ..يرهب كل من حوله ومستعد للقتل بدم بارد، وأصبح «أحمد» مستهدفا من قوات الأمن الحكومية، وكان عليها أن تهرب معه من قرية إلى أخرى، مصيرها ارتبط بمصيره المجهول، رغم أنها لا تفهم ماذا يحدث ولماذا يحدث ؟، حياتها معه كانت قصيرة، لا تزيد علي ثلاثة أشهر، لكنها مليئة بالأحداث المتلاحقة، انتهت حياة أحمد بتصفيته من جانب القوات الحكومية التي تركته جثة مقطوعة الرأس في وادى متيجة.

في هذا الكتاب الصغير، سردت نادية على «بايا قاسمى» كم من الفظائع والأهوال التي تعرض لها أهالى القرى الجزائرية من جراء عنف الجماعة الإرهابية وأيضا القوات الحكومية، فضحت كلا المعسكرين، وكيف أن الأهالى كانوا يعانون مرتين: مرة على يد الجماعة الإرهابية ومرة ثانية على يد القوات الحكومية، ولقد أجادت بايا في نقل هذه التفاصيل حتى إننى عشت ألم نادية وبكيت لحالها. حصلت نادية على لقب أرملة أسرع مما كانت تتخيل، ولكنها أرملة إرهابى، فهى في نظر الحكومة وأبناء القرية التي عاشت فيها شريكته في الجرائم التي اقترفها أو على الأقل تسترت عليه، لكنها في الحقيقة كانت أولى ضحاياه. عندما علمت بمقتل زوجها، انتابتها مشاعر متناقضة، كانت حزينة على موته كأى زوجة تحمل في رحمها طفلا سيأتى إلى الدنيا يتيما، ولكن في نفس الوقت كانت تشعر بارتياح، لأنها خرجت من الكابوس الذي عاشته وظنته لن ينتهى، نفس مشاعر السيدة الفرنسية التي كتبت شهاداتها ونقلته في أول المقال .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل