المحتوى الرئيسى

عندما ينتصر الإنسان! | المصري اليوم

09/12 23:14

لم يتوقف كثيرون أمام انتصار الإنسان على غضب الطبيعة خلال إعصار إرما.. ولم يتوقفوا أمام القصص الإنسانية المبهرة التى ظهرت فى وقت الكارثة.. وقد لا يعلم كثيرون أن الذى فاز فى المعركة هو «الإنسان»، وليس «الطبيعة».. فما حدث أن البيوت تهاوت، ولكن بقى الإنسان يبتسم.. الدولة أيضاً انتصرت.. التعليمات صدرت والإجلاء تم بهدوء.. لكن العرب انشغلوا بالشماتة، ولم يستوعبوا الدرس!

والذين يشمتون فى الأمريكان يفسِّرون الغضب على هواهم فقط.. إن كان للغرب فهو انتقام، وإن كان للعرب والمسلمين فهو ابتلاء.. فمن قال هذا؟.. كانت الفيضانات تصيبنا زمان، فهل كانت غضباً؟.. والزلازل تصيب اليابان، فهل هى غضب؟.. هل اليابانيون يعتدون على أحد؟.. هل لديهم وقت أصلاً للعدوان؟.. لكنهم تعاملوا معها وانتصروا عليها.. الفكرة هى انتصار «الإنسان» بالعلم.. قصة نجاح بشرية!

فالإنسان لا ينتصر بالفهلوة كما يحدث عندنا.. إنما ينتصر بالعلم والنظام.. ولا تستغرب حين أقول إن إعصار إرما كان يحمل الخير.. جدَّد «فكرة الإنسانية».. كان ينشر الرحمة والتكافل والتضامن.. رأينا القيم الإنسانية الموجودة فى الإسلام ولا يطبِّقها المسلمون.. لأنهم يفتشون فى ضمائر غيرهم.. رأينا عجوزاً أمريكياً يحمل كلباً أو قطة.. فمن منكم حمل كلبه أو طفله الرضيع حين ضربنا الزلزال عام 92؟!

ومن مظاهر انتصار الإنسان أنهم لم يستسلموا لغدر الطبيعة.. وبقيت الخسائر مادية فقط.. كانت المشكلة أن يهجروا أرض الذكريات والصبا والأحلام.. وليس أرض العفش والغسالة والثلاجة.. كان أحرى بنا أن نتعلم من درس الإعصار أولاً.. كيف تم الاستعداد له؟.. وكيف تم تقليل مخاطره؟.. كيف تم إجلاء قرابة 6 ملايين مواطن؟.. كيف دار دولاب الدولة بلا سرقة أو نهب، وبلا ابتزاز وغش وجشع تجار؟!

نحن مثلاً فى إجازة عيد الأضحى، لم يكن عندنا إعصار ولا زلزال.. لم يكن عندنا أى كوارث طبيعية، ولكننا كنا نشترى رغيف الخبز بضعف السعر.. فلا توجد حكومة.. ولا وزارة تموين.. لا توجد أجهزة أمن.. ولا يوجد أى استعداد لإجازة عادية متوقعة من قبلها بسنة.. الفرق أنهم استعدوا لكارثة طبيعية مفاجئة.. استعدوا بالتموين اللازم والخيام.. لم يظهر تاجر غشاش.. لأن «الحاكم» كان فى الميدان!

وبالتأكيد كان الإعصار اختباراً لصلابة الإنسان.. وكان اختباراً حقيقياً لصلابة أجهزة الحكم المحلية من جهة، والدولة من جهة أخرى.. ونجحوا جميعاً فى الاختبار.. وسقطنا نحن فى الاختبار الأخلاقى.. شمتنا فى الإنسان.. تصوَّرنا أن الأعاصير عندهم «غضب من الله»، بينما الزلازل عندنا نوع من «الزغزغة الإلهية».. هم انتصروا، والتحدى الأكبر الآن أن تعود فلوريدا أفضل مما كانت قبل الإعصار المدمر!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل