من الخطابات الرسمية إلى هروب المتهمين .. أسباب تصفية المحاكمات بأكاديمية الشرطة

قبل عدة أيام أصدر المستشار حسام عبدالرحيم، وزير العدل، قرارًا بنقل القضايا التي تنظرها الدوائر ١١ و١٥و ١٧ إرهاب، برئاسة المستشارين محمد شيرين فهمي، وشعبان الشامي، وحمادة شكري، التي تُعقد بأكاديمية الشرطة إلى معهد أمناء الشرطة بطرة، وتم تنفيذ القرار بداية من الأسبوع الجاري، فيما لم يوضح القرار الكثير من الكواليس التى قيل إنها لدواعٍ أمنية، وهو ما نسلط عليه الضوء فى السطور التالية.

ويعد تحديد مكان انعقاد المحاكمة حقًا لوزارة العدل، لكن أيضًا للمتهم ودفاعه فى معرفة الأسباب لماذا النقل من هذا المكان إلى ذلك، وهو ما كشف غموضه المستشار محمد شرين فهمي، بإعلان التفاصيل الرسمية فى جلسة المحاكمة العلانية لـ48 متهمًا بأحداث عين شمس، والمعروفة إعلاميًا بقضية مقتل الصحفية ميادة أشرف.

الخطابات الرسمية بين وزارتى العدل والداخلية

بعيدًا عن اللغط والأقاويل أشار رئيس المحكمة إلى كتاب مساعد وزير لقطاع أمن القاهرة، المؤرخ بتاريخ 4 سبتمبر، مرسل منه إلى رئيس محكمة استئناف القاهرة، ويتضمن: "أنه في إطار ما يتم تأمينه يوميًا من الأعداد الكبيرة من المأموريات لترحيل المتهمين للعرض على المحاكم و النيابات، ومن بينها محكمة أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة، وما يستلزمه ذلك من ضرور اتخاذ إجراءات أمنية مشددة، وأعداد كبيرة من القوات، بالإضافة لما يمثله ذلك من خطورة أثناء تأمين المأموريات لطول مسافات خط السير من سجون طرة إلى محكمة أكاديمية الشرطة، فإننا نطلب نقل المحاكمة من محكمة أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة إلى المحكمة التي تنعقد بمعهد أمناء الشرطة بطرة".

وأعلن "شرين فهمي" أن الخطاب الرسمي مذيل بتوقيع لواء مساعد وزير الداخلية لقطاع أمن القاهرة، وأشر عليه رئيس محكمة استئناف القاهرة، وتم إرساله إلى وزير العدل، الذي أصدر قرارًا الذي نص في مادته الأولى على نقل مقر انعقاد جلسات الدائرة الحادية عشر جنابات جنوب القاهرة، إلى مقر المحاكمات المخصص بمعهد أمناء الشرطة بطرة بدلاً من مقرها  الحالي، وينفذ القرار بالنسبة للقضية الماثلة اعتبارا من جلسات 9 سبتمبر 2017، وأشرت المحكمة على صورة القرار الوزاري و مرفقاته بما يفيد النظر و الإرفاق بالقضية المعروضة عليها.

وهكذا من نص الخطاب المعلن صراحتًا يتضح أنه تم نقل الغالبية العظمى من المحاكمات بأكاديمية الشرطة إلى معهد الأمناء بطرة، بناء على طلب أمني، ولأسباب أمنية كالأعداد الكبيرة من القوات اللازمة لتأمين تلك المأموريات، علاوة على طول المسافة من منطقة مجمع السجون بطرة إلى أكاديمية الشرطة التى تقع بمنطقة التجمع الأول بالقاهرة الجديدة.

ومن واقع الحال وحسبما أفادت مصادر قضائية للتحرير، إن قرار النقل كان حتميًا خاصة بعد واقعة محاولة هروب 8 متهمين بقضية كتائب حلوان الإرهابية، أواخر شهر أغسطس الماضي، إذ نجح اثنين منهم فى الفرار خلال نقلهم على الطريق الدائرى من الأكاديمية إلى مجمع السجون.

وكشف المتهمون الستة الذين لم يفلحوا فى الهروب أن أحدهم تحصل على «دبوس» واحتفظ به لفتح «الكلبشات»، كما تمكنوا من فك قطعة حديدية من أحد المقاعد المتواجدة بالقفص الحديدى بأكاديمية الشرطة لمساعدتهم فى كسر نافذة سيارة الترحيلات وفك لحام بابها للهرب، وخططوا لتنفيذ عملية الهروب قبل الواقعة بثلاث أشهر، حتى استقلوا سيارة الترحيلات من سجن طره فى طريقهم إلى أكاديمية الشرطة وخلال سيرهم فى الطريق قاموا بالطرق على الشبكة الحديدية المتواجدة فى شباك السيارة لكسرها ونجحوا فى ذلك لكنهم فشلوا فى فتح الباب بعد قيامهم بإدخال أحد المتهمين من خلال الشباك نظرا لضآلة جسده لكنه فشل فى فتح القفل وبعد وصولهم إلى أكاديمية الشرطة وانتهاء الجلسة وتأجيلها اتفقوا على تأخير خروجهم من القفص حتى يستقلوا سيارة الترحيلات مع بعضهم البعض فى آخر سيارة ترحيلات حيث تكون الحراسة عليها ضعيفة.

وتابع المتهمون أنهم بعد استقلال السيارة فى اتجاه سجن طرة قاموا بفك الكلبشات وقاموا بالهتاف والتكبير حتى لا يسمع أفراد الحراسة صوت الطرق على الحديد وقاموا بفك اللحام الخاص بصاج حديد حتى تم نزعه وقام المتهم عبدالوهاب نصر بالتسلق وكسر القفل الخاص بباب الطوارئ وقاموا بتغيير ملابسهم، وكانت المفاجأة قول المتهمين أنهم استفادوا من تجربة هروب المتهم عادل حبارة المتهم بقتل الجنود برفح الذى هرب من سيارة الترحيلات.

ولا تعد واقعة هروب متهمي كتائب حلوان الوحيدة فى دروس أزمات محاولات هروب المساجين خلال نقلهم من وإلى أكاديمية الشرطة على الطريق الدائرى، إذ كانت أخطرها على الإطلاق واقعة ھروب المتھم عادل حبارة، فى شھر یونیو لعام 2014 ،قبل أن تھرول قوات الأمن للتفتیش عنھ وضبطه، لاستكمال محاكمته حتى تنفیذ حكم الإعدام فیه نھایة عام 2016، لإدانته بالانضمام لتنظیم القاعدة الإرھابي الدولى، وقیادة مجزرة مجندین رفح الثانیة، التى أودت بحیاة 25 مجندا.

وفى واقعة هروب "حبارة" كانت قوات الأمن وقت الھروب تقل حبارة و9 متھمین آخرین، من أكادیمیة الشرطة إلى سجن طرة، بعد انتھاء جلسة محاكمتھم فى قضیة "قتل مجندي رفح"، واصطدمت سیارة الترحیلات التى كانت تقلھم بسیارة أخرى على الطریق الدائري، وترك حارسي السیارة أماكنھما، لیستكشفا الحادث المروي، لكن المتھمین استھانا بقوة باب سیارة الترحیلات، وكسروا بأیدیھم المفصلات الخاصة بباب عربة الترحیلات، وھربوا وتمت السیطرة على 7 منھم، بینما ھرب حبارة ومتھم آخر وبسبب خطورة حادث الھروب انتقلت قوات الأمن رأسًا على عقب، وجرت مداھمة وتفتیش المساكن المتاخمة لمكان الھروب على الطریق الدائرى، حتى تم ضبطه مختبئًا بإحداھا، وتم استئناف محاكمته التى انتھت بحكم نھائي بالإعدامه وتم تنفیذه.

تكدس المحاكمات فى معهد أمناء الشرطة

وبينما جاء القرار للأهمية الأمنية، إلا أنه يمكن رصد عقبة واحدة سلبية له، تتمثل فى تكدس المحاكمات فى معهد أمناء الشرطة، وانتظار الدوائر لغيرها من نظر جلساتها حتى تبدأ نظر قضاياها، فبينما يوجد فى أكاديمية الشرطة قاعتي محاكمة، يوجد فى معهد الأمناء قاعة واحدة فقط لاستقبال المحاكمات، وهو ما يتعذر معه انعقادها إلا تباعًا قضية بعد الأخرى، دون انعقاد أكثر من قضية فى توقيت متزامن.

فبالأمس انتظرت محكمة جنايات القاهرة الدائرة 11 إرهاب برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، إخلاء قاعة المحكمة ليس فقط من انتهاء انعقاد قضية "أنصارأبيت المقدس" التى يحاكم فيها213متهمًا وتنظرها محكمة الجنايات برئاسة المستشار حسن فريد، ولكن كذلك لانتظار إخلاء القاعة من أهالى المتهمين الذين سمحت لهم المحكمة بزيارة ذويهم داخل قفص الاتهام طبقا التعليمات، لتبدأ متأخرًا الدائرة 11 إرهاب فى نظر محاكمة 48 متهما من بينهم 36 محبوسا من لجان العمليات النوعية بتنظيم الإخوان  الإرهابي في قضية "أحداث عين شمس" والتي أسفرت عن مقتل الصحفية ميادة أشرف والمواطنة ماري جورج والطفل شريف عبد الرؤوف.

الدوائر الباقية فى أكاديمية الشرطة

وبقرار وزير العدل الأخير تكون أغلب القضايا المنعقدة فى أكاديمية الشرطة تم نقلها خارجها، فقضايا الدائرة ١١، برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، تتضمن إعادة محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي و٢٦ آخرين في قضية اقتحام السجون، إضافة إلى محاكمته مع آخرين في قضية التخابر مع حماس، ومحاكمة ٤٨ متهمًا بقتل الصحفية ميادة أشرف، ومحاكمة ٢٣ متهمًا بخلية أنصار الشريعة، وإعادة محاكمة المتهمين بخلية المتفجرات.