المحتوى الرئيسى

لونا تستحق «11»

09/12 18:05

مقابر لونا "السلام الدائم والأبدي موجود فقط في المقبرة" (إيمانويل كانط)

الشمس تشرق اليوم على غير العادة، شئ لا يصدقه عقل، فمنذ قدومي لونا، ولم أرَ الشمس تشرق إلا في النشرة الجوية، لست وحدي من فرح بشروق الشمس، لونا بأكملها في الشوارع، وعلى المقاهي، عفوا على المقهى، فلم أرَ في لونا حتى الآن سوى مقهىً وحيد، وربما لهذا السبب آراه مزدحما، إلى أين أذهب الآن؟

 تركت قدماي تقوداني حيث تشاء، فلا هدف عندي اليوم سوى الاستمتاع بالشمس، درجة الحرارة الآن أربعة عشرة درجة، نعمة سأظل أشكر الله عليها، فقد ظننت أن الشمس لا تشرق في لونا، ولكن خاب ظني الآن، وها هي الشمس تشرق، وها أنا أقف أمام باب مفتوح لسور مرتفع، مكتوب عليه "مقابر مدينة لونا".

تراني جئت "لونا" كي أدخل مقابرها؟ وماذا في الأمر؟ أُدخل إليها اليوم راضيا قبل أن تدخلها غدا مجبرا! هذه مقابر المسيحين وأنا مسلم، ترى هل عليّ إثم لو دخلت الآن؟ وماذا سأردد من أدعية، أم أنني لن أدعو هنا! لقد نهى الله نبيه إبراهيم أن يستغفر لأبيه الكافر، وكذلك نهى الله رسوله محمد أن يستغفر للمشركين، أوَ ليس الدعاء للميت استغفارا له! أوَ لم يقف الرسول صلى الله عليه وسلم احتراما لمرور جنازة يهودي، ولما سئل عن ذلك أجاب: أوَ ليست نفسا؟ يا إلهي! كم أنا في حيرة كبيرة؟ وحتى لو تجاوزت تلك المتناقضات ورددت دعاء المقابر فماذا عساي أن أقول؟ هل أقول "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية" كما جاء بحديث مسلم؟  إنهم ليسوا بمؤمنين ولا مسلمين، يقينا فقد ماتوا على غير الإسلام!

الدعاء من عدمه ليس بقضية الآن، القضية تكمن في هل سيُسمح لي بالدخول أم أن الحارس سيسأل عن هويتي؟ لا يوجد حارس هنا، البوابة من دون باب، والناس يدخلون ويخرجون من دون أن يهتم  بهم أحد، سأدخل معهم.

عزيزي القارئ أقسم لك بأنني لو لم أرى شواهد القبور أمامي الآن رأي العين، لظننت أنني في حديقة للنباتات والزهور، أشم روائح عطرة، والزهور والأشجار تقف في تناسق بديع، نظام ونظافة وحسن ترتيب لا تجده في أفضل الحدائق المصرية، هل في مصر حدائق؟!

كثيرا ما انحنيت هنا ألمس بأناملي باقات الورود الموضوعة بعناية فوق القبور، أتحسسها، دائما ما يخيب ظني، كلها ورود طبيعية، غالية الأثمان، تراني دخلت مقبرة أغنياء لونا؟!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل