المحتوى الرئيسى

«المستبصرة الضريرة».. تعلمت العبرية وعزفت على القانون وتساعد أطفال سوريا

09/12 16:20

قرة العين هي الضوء الذي نسير به، من دونه نحن لا شىء، في ظلام دامس لن تعرف ما حولك إلا بصوت يميز الأشياء، في الظلام حيث لا لون ولا حياة إلا من المشاعر التي تتلمسها بالأنامل.. هكذا هي الحياة التي كسرت صِعابها نهى عبد الرازق، لتصل إلى مُرادها بعد أن فقدت لذة النظر ونعمة الإبصار، ولكنها استطاعت بذكائها وبطريقة حديثها اللبقة أن تتواصل مع جميع الجهات في سوريا، بعدما وصل إلى أسماعها كم المجازر التي لحقت بالدولة الشقيقة، فظهرت رغبتها في الوصول إلى المعلومات الحقيقية.. إلى الحقيقة التي تذوقت مرارتها.

"نهى" فتاة مصرية، تبلغ من العمر 37 عامًا، ترفض أن يُصنفها الأشخاص بـ"ذوي الاحتياجات الخاصة"، فهي تمتلك قُدرات أكبر ممن يمتلكها المُبصرون.

تقول "نهى": "في عام 1998 تحصلت على ليسانس الآداب قسم اللغة العبرية بتقدير جيد جدًا، وعملت في أحد مراكز الترجمة، ولكنني لم أستمر بسبب رفض بعض الأشخاص بداخل المركز عملي معهم وامتنعوا عن التعامل معي بسبب ظروفي وحرماني من نعمة الإبصار".

"هنتعامل معاكي إزاي؟".. إنه أكثر سؤال صادم قابلته "نهى" أثناء تقدمها لأكثر من عمل، ولكن مع تصميمها أثبتت جدارتها في العمل، ومثاليتها وتفوقها، فقامت بالعديد من الترجمات الخاصة بالصحف العبرية بمساعدة بعض المقربين لها.

تقول "نهى": "تخلى عني العمل بعد فترة، بدعوى احنا هنتعامل معاكي ازاي؟ بالرغم من أنهم تعاملوا معي بالفعل وأثبت لهم أنني ذات كفاءة في العمل".

"كانت أمي تحلم أن أتعلم العزف على الباينو ولكني أحببت العزف على القانون، وهي "موهبة من عند الله أن أتقنها خلال 3 أشهر، بالرغم من صعوبة الآلة"، هكذا تتحدث نهى عن أحلامها ومواهبها، وهكذا استمرت الأحلام، لم تقف عند حد ما، لم يُعطلها مشاعر الآخرين تجاهها، وكان التصادم مع المُجتمع هو أكثر ما حرض روحها الجميلة على الصمود في وجه كل من حاول أن يُحبط عزيمتها، تلك العزيمة التي استمدت قوتها من الرصاصة في قلب ظالم، والرُمح في يد المقاتل، ومن هذا الصقر ذى العيون الجامحة الذي يقتل بنظرته كل مُرتعد جبان، كل تلك المشاعر أمدت "نهى" بالطاقة لكي تصل إلى ما لا يستطيع المُبصر أن يفعله.

لم يتوقف الأمر داخل مصر، وذلك بعد أن رفض المجتمع التعامل معها.. حاولت "نهى" الخروج والسفر لاستكمال دراستها وعملها، تقول: "طلبت إحدى الجامعات الهولندية خريجين ليسانس لغة عبرية للعمل لديها، ونجحت في الاختبارات الخاصة بهم بعد استيفاء الشروط لدى السفارة الهولندية، وسافرت إلى أمستردام، وسكنت لمدة أسبوع فى بيت طالبات، وكانت أختي معي وملازمة لي، بعد فترة سافرت أختي إلى مصر وتعايشت، ورافقتني إحدى الفتيات وتدعى (جوليا) كُنا نتجول سويًا في شوارع أمستردام".

بعد فترة خاطبت الجامعة "نهى" على أنها لن تستطيع الموافقة على طلبها بخصوص العمل بدعوى أنهم لم يعلموا مسبقًا بأنها "ضريرة" إذ سيكون من الصعوبة التعامل معها، دُهشت "نهى" من ذلك القرار الغريب، بالرغم من نجاحها في الاختبارات، وكان عليها العودة إلى مصر.

سوريا.. "محطة أهوال" تحاول المُستبصرة إنقاذ أبنائها

سنوات عديدة تمر على "نهى" لم تفقد فيها الأمل، كانت شعلة حيويتها هي سبب الانطلاق، تعلمت وهي في منزلها، وبدأت في وضع بعض البرامج على جهاز الحاسوب لكي ينطق باسم الأحرف عند الضغط على الأزرار، وهكذا بدأت في عالمها الآخر الكبير ووصلت منه إلى جميع الجهات في سوريا بالداخل والخارج، بعد أن تحركت المشاعر بداخلها لمعرفة الحقيقة، فقط الحقيقة.

تقول "أنا متابعة جيدة جدا للشأن السوري، أعرف أحوال الجالية السورية في مصر، كما أنني متواصلة مع معظم النشطاء السوريين بداخل مصر وخارجها".

تحاول "نُهى" مُساعدة السوريين في مشاكلهم التي يتعرضون لها بإيصال أصواتهم للخارج ومُساعدتهم إعلاميًا: "بزعل لما أشوف الأطفال والكبار والنساء وهما بيموتوا بسبب الحرب الكيميائية، ولا ذنب لهم سوى أنهم اعترضوا فقد أصبحت الكلمة بمثابة الرصاصة التي تقتل صاحبها، بحاول إنقاذهم بقدر الإمكان بإيصال مُساعدات بربط بعض الأشخاص معهم من الخارج، كل عملي عن طريق الإنترنت".

تسعى "نهى" جاهدة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. تتواصل مع بعض الجماعات المسلحة للتفاوض على منع الاقتتال، كل أعمالهم عبر الفضاء الإلكتروني، ولكنها تستطيع فعل ذلك أفضل من أي دبلوماسي في وزارة الخارجية.

«المستبصرة الضريرة».. تعلمت العبرية وعزفت على القانون وتساعد أطفال سوريا

«المستبصرة الضريرة».. تعلمت العبرية وعزفت على القانون وتساعد أطفال سوريا

«المستبصرة الضريرة».. تعلمت العبرية وعزفت على القانون وتساعد أطفال سوريا

«المستبصرة الضريرة».. تعلمت العبرية وعزفت على القانون وتساعد أطفال سوريا

«المستبصرة الضريرة».. تعلمت العبرية وعزفت على القانون وتساعد أطفال سوريا

«المستبصرة الضريرة».. تعلمت العبرية وعزفت على القانون وتساعد أطفال سوريا

قرة العين هي الضوء الذي نسير به، من دونه نحن لا شىء، في ظلام دامس لن تعرف ما حولك إلا بصوت يميز الأشياء، في الظلام حيث لا لون ولا حياة إلا من المشاعر التي تتلمسها بالأنامل.. هكذا هي الحياة التي كسرت ...

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل