المحتوى الرئيسى

«اليوم الجديد» يفتح ملف المزارات الدينية غير المدرجة على قوائم السياحة

09/12 13:58

أضرحة وأديرة منسية.. خوف من الفتنة الطائفية أم جهل بالتاريخ؟

دير «القديسة دميانة» فى بلقاس.. مسار العائلة المقدسة بأسيوط وسيناء.. وكنيسة من العهد اليونانى بالمنيا

سوريا استفادت من رواية تاريخية عن قبر «سيدنا يحيى» بدمشق.. ومصر تجاهلت أوراقًا تشير إلى وجوده بوادى النطرون

كثير من المناطق الأثرية التى لها دلالة دينية لم تجد من الحكومات المصرية المتعاقبة إلا الإهمال، وكأن المسؤولين تبنوا لعشرات السنوات سياسة تهدف لإخفاء أو بمعنى أوضح عدم الإعلان عن كثير من المزارات الدينية، كانت كفيلة بنقل مصر نقلة كبيرة فيما يخص السياحة على مستوى العالم، لكنها ليست على قوائم وزارة الآثار أو قوائم السياحة.

السبب فى ذلك مختلف عليه ما بين خشية الحكومة من إثارة مشاعر دينية لدى البعض، أو أنه مجرد جهل بهذه الآثار وإهمال لها، والغريب أن الأمر وصل فى كثير من الأحيان إلى هدم آثار لتوسيع الشوارع والطرق أو تركها للإهمال لتتساقط من تلقاء نفسها.

«اليوم الجديد» تفتح ملف هذه المزارات المجهولة والمنسية بفعل الإهمال والجهل والخوف، ونكشف الكثير منها لعل المسؤولين يلتفنوا لهذه الكنوز الأثرية.

فى قرية بلقاس بالدقهلية يوجد دير القديسة دميانة وهى تتمتع بمكانة دينية كبيرة عند الأقباط ومدفون معها 40 من تلميذاتها العزارى، وهناك أديرة مرتبطة بمسار العائلة المقدسة بأسيوط وطريق العذراء والمسيح بسيناء، كذلك جبل الطور الذى تجلى فيه الخالق لسيدنا موسى عليه السلام، وفى أسوان توجد كاتدرائية الأقباط بوسط البلد بالمدينة ومكانها مناسب ومع ذلك غير موجودة على قائمة المزارات، وهناك أيضًا دير الأنبا سمعان «سان سيمون» ولا يعلم أحد عن كل هذا شيئًا.

وفى أحد البرامج التليفزيونية خرج مسئول دير وادى النطرون وفجر مفاجأة كبيرة حين قال إنه أثناء عمليات الترميم لأديرة وادى النطرون عثر على حائط عليه كتابات ونقوش ومجموعة من الأوراق تحدثت عن أن هذا المكان دفن فيه سيدنا يحيى عليه السلام أو كما يطلق عليه يوحنا المعمدان.

الغريب أن وزارة الآثار لم تبحث وراء هذا الكشف الذى كان سيثقل خريطة مصر الأثرية بشكل كبير وسيجذب ملايين السياح لزيارة قبر سيدنا يحيى الذى حتى الآن لا يعلم أحد أين دفن وكان أغلب الظن بأنه مدفون فى الجامع الأموى بدمشق بسوريا، فعلى الرغم من أنه لم يكن هناك دليل على ذلك سوى رواية بأنه أثناء بناء المسجد عثر على مغارة بداخلها صندق عند فتحه وجدوا رأس سليم الجلد مكتوب عليه اسم سيدنا يحيى فأمر الوليد بن عبد الملك بترك الصندوق على حاله ووضع عامودا فوق المغارة كعلامة مميزة وكتب عليه قبر النبى يحيى ابن زكريا، لمجرد هذه الرواية صنعت سوريا من المسجد الأموى مزارًا سياحيًا وجعلت من قبر سيدنا يحيى وجهة للعالم أجمع، فى حين تتجاهل وزارة الآثار لدينا الأضرحة ولا تعلن عنها شيئًا وتتركها مرتعًا للإهمال.

بدوره، يقول السعيد حلمى، مسئول الآثار الإسلامية والقبطية بالوزارة، أنه شخصيًا لا يعلم شيئًا عن وجود قبر للنبى يحيى بمصر أن آخر ما اكتشفته الآثار بوادى النطرون كان إيقونات شرقية تحمل رموز قبطية تم العثور عليها منذ شهرين أثناء ترميم دير الأنبا بيشوى.

إضافة إلى ذلك هناك معلومات حول وجود قبر سيدنا هارون شقيق سيدنا موسى بأرض التيه بصحراء سيناء، وأقاويل حول المكان الأول الذى دفن فيه سيدنا يوسف بمصر فبالرغم من انتشار أساطير حول نقل رفاته إلى فلسطين إلا أن الراجح أنه لا يزال مدفونًا فى مصر، وجميعها معلومات لم يتم النظر لأهميتها الأثرية أو البحث وراء حقيقتها.

وبالتوجه إلى منطقة وادى النطرون سنجد أنها بخلاف معلومة وجود قبر سيدنا يحيى عليه السلام، فهى تعج بالشواهد التاريخية والحضارية القبطية ممثلة فى عدد من الأديرة حيث زارها السيد المسيح والسيدة العذراء وبين القرنين الرابع والسابع أقيم العديد من الأديرة للرهبان الأجانب من الروم والأرمن والسريان والأحباش. وتزخر المنطقة بأعداد كبيرة من الأديرة والقلالى بلغت نحو 100 ديرولكن أحداث الزمان وعواصف الرمال والحروب المتعاقبة أبادت معظم أديرة الوادى فلم يتبق منها سوى أربعة: هى دير البراموس ودير أبا مقار ودير الأنبا بيشوى ودير السريان المعروف بدير «السيدة العذراء»، فى حين اختفت باقى الأديرة التى كان من بينها دير يوحنا القصير ودير الأرمن ودير إيليا «للأحباش» ودير أبانوب.

وتعرض عدد كبير من الأديرة والكنائس فى مناطق أخرى للإهمال منها دير القديس يوحنا أبو الدرج بمنطقة رأس أبو الدرج فى جبل الجلالة البحرى الذى يبعد مسافة 5 كم عن بورتو السخنة ويرجع تاريخه إلى القرن الثالث الميلادى، حيث كان مقرًا لأكبر تجمع رهبانى حتى القرن الثالث عشر الميلادى، وورد ذكره فى كتابات الرحالة الذين مروا على هذه المنطقة فى الفترة ما بين 1600 وعام 1964، إلا أنه تعرض مؤخرًا لحالة من الإهمال خاصة بعد قيام المستثمرين بالبناء فى مناطق قريبة من الدير وإدخال اللودرات والمعدات الثقيلة مما تسبب فى حدوث شروخ ببعض أحجاره.

وفى المنيا تم إهمال كنيسة العهد اليونانى بقرية بهنسيا، حيث انتشرت الروايات والأساطير بالقرية حول وجود ما يقرب من 360 كنيسة مدفونة بقلب بهنسيا وظلت هذه الروايات مجرد أساطير حتى تم الكشف عن كنيسة أثرية على مسافة 300 متر من قبر أبناء عمومة وصحابة الرسول بمصر عام 1993 وكان لهذا الاكتشاف صدى كبير وأهمية بالغة لكونه تأكيدًا للروايات التى تحكى عن هذه القرية من جهة ولكون اكتشاف الكنيسة بالقرب من مقابر بعض الصحابة يعزز دلالة الوحدة الوطنية من جهة أخرى إلا أنها أهملت وتحولت إلى مرتع للقمامة والحيوانات الضالة حتى تهدمت العديد من قبابها وجدرانها.

وفى مفاجأة من العيار الثقيل صرح الأثرى سامح الزهار، المعنى بشئون الآثار الإسلامية، أن منطقة المقطم تضم ما يزيد على الألف ضريح من بينها ضريح ومسجد الشاعر ابن الفارض الملقب بسلطان العاشقين أحد أهم أقطاب الصوفية الذى لا يعرف كثيرون أنه مدفون فى مصر من الأساس وأغلب الظنون تشير إلى أنه مدفون فى مكة لأنه زارها ومكث بها لفترة ليست بالقليلة إلا أن الحقيقة أنه دفن فى مصر بجوار شيخه أبو الحسن البقال وبناءً على طلبه بعد أن رفض عرض السلطان الكامل ببناء ضريح ومسجد فخم باسمه وفضل الدفن بجوار شيخه.

ويرى الدكتور حجاج إبراهيم، أستاذ الآثار والترميم والفنون، أن إهمال مناطق أثرية معينة هو أمر غير متعمد لا علاقة له بالمخاوف الطائفية وإنما يدل عن جهل المسئولين بالآثار وبالتاريخ.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل